السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

بارك الله فيكم لطرح الموضوع ، وهو نابع - بلا شك - من حرصك على الرقي بهذه المحاضن .

بنظري أن المعايشة لهذه المحاضن تختلف كثيرًا عن النظرة العامة التي يصدر بها المرء من خلال بعض الكلام المتوارد من هنا وهناك ، ويتداوله الناس فيما بينهم ، وهذا يؤثر بدوره في الحكم على القضية ، ويجعل الحكم أكثر موضوعية وإنصاف .

دعني - إن سمحت لي - أن أتعرض لنقتطين :

الأولى : جزمك بأن " الفكرة التي يلقيها المعلم على طلابه هي هي كل سنة يكررها وهذا هو الغالب ففكر أكثر المعلمين في الدنيا يتجمد ولن يعطيك أكثر ومزيداً من الفكر والعلم بعد أربع سنوات من إنهمالك من دلوه ... الخ " .

والظاهر لي أن في هذا الكلام نظر ، ولولا أنك قلت أنها وجهة نظري ؛ لقلتُ أنك حوالت استقصاء الحلق حتى خرجت بهذه النتجية .
وأعتقد أن هذا مما يحتاج لإثبات ؛ إذ أن الكلام هنا عن مئـات من المدرسين ، وليس عن فئة محدودة ، ولا يعني كلامي بالضرورة عدم وجـود مثل ذلك ؛ لكن التعميم وجعل ذلك ظاهرة خطأ برأيي .

ولا يشترط - برأيي - أن يتنقل المتربي بين عدة مربين حتى يتشبع بما يـكفي ؛ بل إن المربي قد يكون مجـددًا لنفسه ؛ فأي ضرورة لنقل المتربي لغيره ؟
لا يعني هذا الكلام حجر المربي على من تحت يده ؛ وإنما المطلوب تعريف المتربين للقدوات في المجتمع حتى يستفيد منهم في بقية حياته .


الثانية : قولك - رعاك الله - : " وشاهد الواقع فمن دَرَسَ في حلقة أو مكتبة او مجموعة عند مدرس واحد طوال مكوثة عنده ففكرته ثابته وإدراكه محدد وضيّق ‘ ومن تغيّر مُعلمه وانتقل بين الحلق ترى اتساع فكره واختلاف مشارب علمه " .
وجدتُ خلال فترة عملي في هذه المحاضن ؛ أن الغالبية العظمى من الطلاب تكون عند مدرس واحد أغلب مراحل التربية ، وبهذا يظهر لي أن المتنقل من حلقة إلى أخرى قلة مقابل البقية الباقية ، وإذا تبين هذا ظهر لنا أن حكمك يعم أغلبة الطلبة ، فما رأيك ؟

أضف إلى هذا كون المتربي تنتفح مداركه بدخوله مرحلة المراهقة ، ويبدأ عمل التفكير الناقد لديـه ، ولا يعني ذلك انعدام تأثير المربي ؛ بل هو موجود ، ولكن يظل للإنسان مساحة كبيرة في التفكير الحر .

ختامًا : أنا أسعدُ كثيرًا بمثل هذه الموضوعات ؛ التي تشعر بوجود حركة ثقافية في المجتمع ؛ ولولا خشية الإطالة لأفضتُ في ذكر شيء من أحوال هذه المحاضن - بحكم عملي بها فترة طويلة - ، ولكن بإمكانك أن تسأل عن ذلك ؛ خصوصًا عن قضية الاكتفاء .

والله يرعاك .