![]() |
(2) إطلالة على حائطي جدي هما حائطان ، شرق وغربي ، نسبة إلى البيت المحتضن بين النخيل كصبي أبى مفارقة حجر أمه . لا تزال النخيل تحكي لثمارها كل سنة قصة الطفولة البريئة ، فتسمعها أحواض الماء وسواقيه ، وطيور الحمام واليمام ، وتنقلها العصافير في البكور إلى كل من تاقت نفسه لنسائم الأنس ، وحفيف (العسبان) ، وعبير الزرع ، وعبق الثمار . الحائط الغربي أو (القبلي) -كما هو المتعارف- محاط بشوارع أربعة في قلب تلك الحارة . له خصوصيته الطفولية ، (العنبة) ولقيا العجائز والنساء ، ومشروع (الكراث) و (الزنجبيل) ، أثناء حروب (سجالية) بين الصبية . وله هيبته ، لأن علاقته مع البيت والحائط الشرقي قطعها طريق عشعشت فيه (السعلو) ، وعسكر في مقدمته (حصان القايلة) . أما الحائط الشرقي ، فهو بالبيت لصيق ، وللصبية نعم الصديق ، يمرحون فيه ويرتعون . حظيرة الأغنام في طرفه الغربي جهة البيت العظيم . وبالقرب منها -بين النخل الوارفة كغيد في موكب عرس- (الساقي) المفضل ، (السبحانية) و (البيوت الطينية) من قصص وخيالات بريئة إلى تشييد للبيوت بطريقة خاصة فذة لا أستطيع تقليدها الآن . حيث يجتمع الأطفال كلٌّ و(محفره) المملوء بالطين والماء ، وتبدأ مهارة البناء ، بين اللبنات الصغيرة والكبيرة . لا زلت أذكر إبداع (البنات) في القصص وإلقائها ، خيال بريء ، ونغمة خاصة لكل موقف ، يصحبها تفوق في الرسم والتخطيط على صفحة (الساقي) الذي كان يزهو بسماعهن . أما (العيال) فدورهم الاستماع فقط ، إذ ليس لديهم الشعورية الكافية لابتكار وحبك المواقف المثيرة . وعندما تنتهي قصصهن نطالب بالمزيد ، ومن ترفض عقابها عدم المرافقة إلى (ساسكو) أو (بقالة التويجري) ، عندها تأتي السيمفونية المعهودة للتسكيت ((بوه أم وابو اوولدهم والبنت وشغالتهم والسواق و ... و ... وجمسهم ...إلخ ...)) كان خيالاً (قروي) الأصل (مدني) النشأة ، يقطعه صوت الجد الحنون : ((الله يصلحكم .. وراكم هدّيتو التسلاّت)) . لم أنس لعبة (المغبا) ومغامرات الاختباء ، بين النخيل القصيرة ، فوق (الطاية) ، وبين الأغنام يختبئ صاحب القلب الجسور . مرح بريء ، ولذة أودّ مزاولتها ، واستمتاع لا ينقطع إلا عند خروج (التيس الأحمر) من الحظيرة يصول ويجول بين النخيل ، لا نملك حينها إلا الجري نحو البيت ((يمّه يمّه .. التيس طلع)) . وأما البيت فله من عجيب الأسرار ، وطريف المواقف ، وخصوصية البناء ، ما يجعل ذكراه تطول وتطول . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (3) البيت وآله الخمسة ...... ... . |
الأستاذ كرمع: أكون تلميذاً أمام حرفك المتسم بالدقة ، وقدم العهد ، وبُعد الخبوبية لشخصكم الكريم.. اقتباس:
يبدو أن (الزكمة) لا تزال تعاودك من وقت لآخر وبشدة .. اقتباس:
وقد تذهب الحضارة تلك الصور الجميلة من رؤوس طلابها إن لم يكونوا باقين على العهد ولو طال المدى .. . . . لك التحية كرمع .. . . |
اقتباس:
ولكن الفرق : أستاذية حرف كرمع لحرفي التلميذ .. بخلاف المذكورين . . . لك التحية النداء الخالد . . . |
إلى الأمام ....
اقتباس:
ساسكو معروفة الي سكروه الحين لكن (بقالة التويجري) وين مكانه يبدوا أنك تقصد (بسطة التويجري) والسلام عليكم ... |
اقتباس:
أو كـَـــــــــــــــــــــــــــذا . . .[/center] |
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (3) البيت وآله الخمسة لا أدري من أين أبدأ ، من الحدب الحنون ، أم من المرحومة الغالية ، أعشقهما كعشقهما لـ(الفلاحة). لا بل من البيت الشعبي حاضنهما واثنتين بمنزلة الأم وآخر رفيقنا إلى (ساسكو) على (الكرسيدا) . هم خمسة ، والبيت سادسهم لك أن تراهم يفطرون تحت (العريش) ، أو ترقبهم عند الغداء في غرفة الجلوس أمام (الكنديشن) ، أو تتحلق معهم على (السفيفة) وصحفة من طعام العشاء . المهم أن تعيش معهم بساطتهم الهانئة ، حتى لو أخذت قسطاً من الراحة معهم وقت القيلولة تحت صرير (المروحة) وخيوط الشمس مرسلة من ثقب الباب وفتحات النافذة ، بشرط أن تسمر عيناك على السقف الخشبي . حينما تولي (البركة) ظهرك تجد قبالتك الباب الأخضر كخضرة النخلة التي بجانبه ، لابد أن تمتلك قوة لا بأس بها لفتحه ، تدلف من خلاله لتجد نفسك داخل فناء بديع تحوطه الغرف بأبوابها العشبية تتقدمها (السرحة) بأعمدتها الحجرية الراسية . تتأمله فإذا هو تمثال حب وسلام ، ومَعلَم ثبات وقوة كساكنيه . وانتبه لخطوك وطريقك حتى لا تفسد على الأطفال لعبة (الخطة) ، كان بودهم أن يضعوا عند الباب لوحة (الزم اليسار) لكنها لا تجدي لعدم وجود القارئ . غرفة (أمي حصة) في الطرف الأقصى من الفناء ، لم يكن أثاثها من (البصيلي) أو (غصن البان) ولا حتى من (حراج المقاصيص) ، ما يميزها (الكمدينة) بكرسيها الأحمر المواكب للتطور فقط لأنه دوار . أجمل ما فيها الرائحة المميزة الناتجة من (الحلتيتة والفكس) وما شاكلهما . هناك المطبخ والمستودع وغرفة أخرى صغيرة متلصصة في طرف الدار كمن ركبها الحياء خاصة بـ(أبوي عبدالله) لا يفتحها إلا هو ولا نعلم مابها ، فكان حظها من الصبية نسج الأساطير والخيالات حولها ، فهي الكنز والبنك المملوءة بالدراهم والدنانير . الفناء الأوسط ، فيه غرفة (اللولو والهلي) وغرفة الجلوس بـ(كنديشتها) المجاورة لـ(البرادة) ، هذا الفناء هو مكان النوم في ليالي الصيف لسعته و(نفاهته) . بقي (وجهة الرجال) حظها من الحضور قليل ، فناء بـ(سرحته) ومجلس الضيوف وغرفة (أحمد راعي الكرسيدا) . أجمل مافي البيت (طايته) ، يتبادل الصبية الإشارات بينهم إلى الأعلى وفي غمضة العين تبدأ بطولة (الطاية) أولى (أشواطها) ركضات طفولية ، وحجز للأماكن : ((هذا مكاني لاتجي .. من الجدار ذاك إلى آخر شي كله لك .. أنت وش دخلك .. أنا ومحمد اصدقأ)). يرتفع الشجار بدافع الامتلاك الفطري وحب السيطرة ، يقطعه صوت الجد الحنون وهو على رأس نخلة قريبة : ((حولوا .. الله يصلحكم .. بلأ)) ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (4) أيام العيد ...... ... . |
الساعة الآن +4: 01:55 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.