عافاكم الله ونفع بكم .

على طاري عمران بن حطان ( مات سنة 89 هـ ) فهذا الشاعر الخارجي كان على مذهب أهل السنة والجماعة فتزوج امرأة من الخوارج حسنة جميلة فأحبها ، وكان هو دميم الشكل ، فأراد أن يردها إلى السنة فأبت ، فارتد معها إلى مذهبها عافانا الله وإياكم .
وقد كانت هناك امرأة من الخوارج اسمها ( غزالة ) زوجة شبيب بن يزيد الشيباني أمير الخوارج الذي حاربه الحجاج ، وغزالة هذه شجاعة شديدة البأس حتى كان الحجاج مع هيبته يخاف منها أشد الخوف وهرب منها في أحد الغزوات ، فقال فيه عمران بن حطان :
أسـد عـليّ وفـي الحـروب نعامة ** فتخاء تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى ** بل كان قلبك في جناحي طائر
بالمناسبة : عمران بن حطان هذا كان صدوقاً في الحديث وقد أخرج له البخاري .

فائدة : قال أبو نواس :
إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل ** خلوت ولكن قل علي رقيب
ولا تحسـبن الله يـغـفل ساعة ** ولا أن ما يخفى عليه يغيب
لهونا لـعَـمرُ الله حـتى تتابعت ** ذنـوب على آثـارهـن ذنوب
فيا ليت أن الله يغـفر ما مضى ** ويـأذن في توباتـنا فـنـتـوب

بالمناسبة : أطال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية في ترجمة أبي نُوَاس ( مات 195 هـ ) وأورد الكثير من القصائد الرائعة والحكم البليغة ، وعندما تقرأها لا تصدق ما كُـتب في تراجمه وما يُـنقـل عنه من الأبيات المظلمة والدنيئة ولكن لعله تاب في آخر عمره رحمه الله وغفر له .

ومن ظريف قصص أبي نواس ما أورده ابن كثير في تاريخه ( 14 / 73 ) ط التركي قال :
( قال أبو نواس : دعاني يوما بعض الحاكة وألح عليّ ليضيفني في منزله ، ولم يزل بي حتى أجبته فسار إلى منزله وسرت معه فإذا منزل لا بأس به ، وقد احتفل الحائك فلم يقصر ، فأكلنا وشربنا ثم قال : يا سيدي أشتهي أن تقول في جاريتي شيئا من الشعر ـ وكان مغرما بجارية له ـ قال أبو نواس : فقلت : أرنيها حتى أنظم على شكلها وحسنها . فكشف عنها الحجاب فإذا هي من أسمج خلق الله وأوحشهم ، سوداء شمطاء دندانية يسيل لعابها على صدرها ، فقلت لسيدها : ما اسمها ؟ فقال : تسنيم . فأنشأت أقول :
أسهر ليلى حب تسنيم * جارية في الحسن كالبوم
كأنما نكهتها كامخ * أو حزمة من حزم الثوم
ضرطت من حبي لها ضرطة * أفزعت منها ملك الروم
قال : فقام الحائك يرقص ويصفق سائر يومه ويقول : إنه شبهها والله بملك الروم .)