في الشأن السعودي الجديد متوفر دائما , لاسيما على مستوى السجال الفكري , فما أن أنهيت إجازتي لأعود إلى المملكة وأنقب في خبايا الرسائل والإيميلات حتى علمت أن ثمة موجة عارمة من السجال احتدمت بين رؤى فكرية مختلفة عبر تبادل للتهم العامة التي ما انقطعت إلا لتعاود الظهور مرة أخرى؟
بالأمس صاغ مجموعه من الكتاب تهما خطيرة وبعيدة كل البعد عن مجريات الواقع تجاه الدور الخفي لجمعيات تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية في الإعداد لمعسكرات للتدريب على الجهاد وصلتها بالقاعدة , ولعل كل من انضم إلى هذه المؤسسات يوما يستطيع أن ينتقدها في كل شي , إلا أن يختلق أحداثا غير موجودة في الأساس وهذا ما لم نشاهده من كتاب نعرف أنهم كان لهم تجارب وانتماءات مع هذه المؤسسات , وبالرغم من انتقادهم الحاد لها اليوم فإنه لا يمكن أن يصل إلى التهم الطائرة التي ذكرتها , وعندما انبرى مجموعة من المعنيين بذلك الشأن والمطلعين, في الدفاع عنها وعن غيرها من الروايات قلنا ( اللي على رأسه بطحا يحسسها ) في محاولة لزرع نوع من الإرهاب الفكري تجاه هذه القضايا واليوم يعود السيناريو بصورة مختلفة بعض الشيء من خلال اتهام بعض الكتاب بالعمالة لدى جهات أجنبية يصعب تصديقه أو إثباته في قضايا واتهامات تجاوزت الحد المعقول , فالعمالة ليست تهمة فقط تلقى أو تقال , كما أن رفضها واستهجانها لا يبرر التطاول والاتهام بالكذب على رجال عرفوا بالعلم والصدق والحوار وإن اختلفنا معهم في وجهات النظر كفضيلة الشيخ صالح الفوزان , عندما تطاول عليه زميلنا حماد السالمي من خلال وصفه بصفات يرفض أن يصف بها نفسه !؟
أخشى ما أخشاه أن يتحول حراكنا الثقافي والفكري إلى سجالات وتراشق بالتهم بالعمالة يوما وبالتطرف والإرهاب أياما أخرى ما يفوت الفرصة الحقيقية لنشر الوعي بين أفراد المجتمع من خلال الانشغال بمعارك جانبية تزيد الخلاف والكراهية بين أطياف المجتمع, دون أن تقدم له فكرة ناضجة أو هدفا طموحاً, إن مهمة الكتاب لا تقل كثيرا عن مهمة العلماء ما يستلزم فيهم أن يكونوا على قدر كبير من الاعتدال وضبط النفس والسعي للمصلحة العامة بعيدا عن أي مكاسب ذاتية أو تصفيات حزبية تقام على أنقاض الإصلاح الاجتماعي والفكري في بلادنا .

http://www.alwatan.com.sa/daily/2006...writers09.html