![]() |
حكم حلق العارضين والذقن
السؤال :
ما حكم حلق العارضين وترك الذقن؟ الجواب : اللحية عند أئمة اللغة هي ما نبت على الخدين والذقن. فلا يجوز للمسلم أن يأخذ شعر الخدين بل يجب توفر ذلك مع الذقن لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((قصوا الشوارب وأعفوا اللحى، خالفوا المشركين)) متفق عليه، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((قصوا الشوارب ووفروا اللحى، خالفوا المشركين)) رواه البخاري في الصحيح. وقال ابن عمر رضي الله عنه إن الرسول عليه الصلاة والسلام: (أمرنا بإحفاء الشوارب وإرخاء اللحى) متفق على صحته، وروى مسلم في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((جزوا الشوارب وأرخوا اللحى خالفوا المجوس)). فيجب على المؤمنين توفير اللحية وقص الشارب كما أمر بذلك نبينا وإمامنا محمد عليه الصلاة والسلام، وفي ذلك خير عظيم وإحياء للسنة مع التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم وامتثال أمره، وفي ذلك ترك مشابهة المشركين والبعد عن مشابهة النساء والواجب على المؤمن أن لا يغتر بكثرة الحالقين وألا يتأسى بهم لكونهم قد خالفوا الشرع المطهر، وخالفوا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم الذي بعثه الله هادياً ومبشراً ونذيراً، الذي قال فيه جل وعلا: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[1]، وقال فيه سبحانه: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ}[2]، وقال فيه عز وجل: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ}[3] في آيات كثيرات يحث فيها سبحانه على طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويحذر فيها من معصية الله سبحانه ومعصية رسوله صلى الله عليه وسلم. والله الموفق. |
طيب :
1- هل هناك خلاف في هذه المسألة ؟؟ 2- هل حلق اللحية من الكبائر أم من الصغائر؟؟!! وتقبل تحياتي 00 المتزن |
اقتباس:
قال ابن مفلح في الفروع : "وذكر ابن حزم الإجماع أن قص الشارب وإعفاء اللحية فرض" . وقال ابن عابدين من الحنفية : "الأخذ من اللحية دون القبضة - كما يفعله بعض المغاربة ومخنّثة الرجال - لم يُبِحْهُ أحد" . اقتباس:
1- في حديث ابن عمر عند البخاري ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "خالفوا المشركين ، وفِّروا اللحى ، وأحفوا الشوارب" ، وفي حديث أبي هريرة عند مسلم : "جزوا الشوارب ، وأرخوا اللحى ، خالفوا المجوس" ، فمخالف توفير وإرخاء اللحى موافقٌ للمجوس المشركين ، ومتشبِّهٌ بهم ، والتشبه كبيرة من كبائر الذنوب ، لأنه متوعَّدٌ على فعله بكونه منهم : "من تشبه بقوم فهو منهم" ، والمشابهة في الحال تسبب المشابهة في المصير . 2- معلومٌ أن الإصرار على الصغيرة يحوِّلها إلى كبيرة ، ولو سلّمنا أن حلق اللحية من الصغائر ، فإن الإصرار على حلقها - وهو ما يفعله جُلُّ من يحلقها - كبيرة من كبائر الذنوب . |
جزيت الخير عزيزي النادم ..
لدي إشكالان : * هل الإجماع الذي يذكره بعض الفقهاء هو نفسه دليل الإجماع بمعنى عدم وجود المخالف ؟ * هل كل تشبه يُعد من الكبائر ؟ وما ضابط الكبيرة عندك ؟ **** بالنسبة لي .. الذي تبين لي بعد البحث أن حلق اللحية صغيرة ، ولكنه لم يتبين لي الحكم مع الإصرار وإن كنت أميل إلى أنه كبيرة .. وثمرة الخلاف بين من قال بأن حلق اللحية كبيرة وبين من قال إنه صغيرة وتكون كبيرة بالإصرار عليها تظهر في حكم من حلق لحيته مرة واحدة أو مرتين لأي غرض من الأغراض ، وإلا فإن الغالب أن من يحلق لحيته فإنه يداوم على ذلك .. *** ولدي إشكال أيضاً : هل يسمى من يقصر لحيته على رقم 2 مثلاً حالقٌ لها ؟؟ تحياتي |
اقتباس:
http://www.islamtoday.net/pen/show_q...nt.cfm?id=3285 لاحظ قوله : " أما حكم الحلق فإنه يحرم على الصحيح من أقوال أهل العلم ، وحكاه بعضهم إجماعاً ..... لكن الصواب أنه قول الجمهور، وفي المسألة خلاف عند الشافعية وغيرهم . " إذن القول بالإجماع غير دقيق . ==== اقتباس:
1- لو كان المجوس والمشركون يعفون لحاهم في زمن من الأزمان , فهل إعفاء اللحية تشبه بهم ؟؟! 2- الرسول عليه الصلاة والسلام يقول : " غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد " فما حكم صبغ الشعر بغير السواد ؟؟ هل نقول إنه واجب أم مستحب ؟؟ وتقبل تحياتي 00 المتزن |
أخي المتزن شكلك حليق
سبحان الله تحب مخالفة الشرع في كل شئ لازم معارض مع المجاهدين أو حلق الحى أو ... أو ...الكثير التي لا تحصى نسئل الله الهداية لك وجميع شباب المسلمين في كل مكان . |
أخي ميمون..
وإياك . قلتَ: اقتباس:
قلتَ: اقتباس:
وذات التشبه بالمشركين كبيرة - كما ذكرتُ -، لأن قولَهُ - صلى الله عليه وسلم -: "من تشبه بقوم فهو منهم" وعيدٌ منه - صلى الله عليه وسلم - لمن تشبه بالمشركين أن يكون منهم، وما ترتب عليه وعيد فهو كبيرة. إلا أن الأعمال التي فيها تشبُّه متفاوتة، منها الكبيرة ومنها ما ليس كذلك. قال الشيخ عبد العزيز بن باز: "لا يجوز حلق اللحية لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعفائها وإرخائها في أحاديث صحيحة، وأخبر - صلى الله عليه وسلم -: أن في إعفائها وإرخائها مخالفة للمجوس والمشركين، وكان - صلى الله عليه وسلم - كث اللحية، وطاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - واجبة علينا، والتأسي به في أخلاقه وأفعاله من أفضل الأعمال لأن الله - تعالى - يقـول: ( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) [ الأحزاب 21 ]. وقال - تعالى -: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ) [ الحشر 7 ]، وقال - سبحانه -: ( فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ) [ النور 63 ]. والتشبه بالكفار من أعظم المنكرات، ومن أسباب الحشر معهم يوم القيامة لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) " ا.هـ. وحالق اللحية لم يرتكب التشبه بالكفار فحسب، بل مجموعةً من المنكرات، واجتماعها يقوِّي كون ذلك الفعل كبيرة، ومن ذلك: 1- تغيير خلق الله، 2- مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، 3- التشبه بالكفار، 4- التشبه بالنساء، قالت عائشة - رضي الله عنها -: "سبحان من زين الرجال باللحى والنساء بالذوائب"، 5- المجاهرة، وكلُّ الأمة معافى إلا المجاهرون، واجتماعها في حلق اللحية يعظِّم خطرَهُ، ويؤيِّد وجه كونه كبيرة. وأما ما توصّلتَ إليه من أن الحلق صغيرة، فربما وُوفقتَ عليه، إلا أن ثمرته التي ذكرت من النادر القليل، والضرورات تبيح المحظورات، وقد ذكرتُ وذكرتَ أن الصغيرة مع الإصرار تصير كبيرة. فالخلاصة: أن حلق اللحية كبيرة، إمَّا أصلاً، أو بالإصرار عليه إذا اعتُبر صغيرة. وأما قولك: اقتباس:
وقد سبق قول ابن عابدين في تحريم ( الأخذ من اللحية دون القبضة )، والتقصير على رقم 2= أخذٌ مما دون القبضة من اللحية. ولا يخفاك أن بعض العلماء حرم حتى أخذ ما زاد عن القبضة، وبعضهم أجازه، ومنه فهم لا يختلفون في حرمة الأخذ مما دون القبضة. الأخ ( المتزن ): قلتَ: اقتباس:
والذي نقل الإجماع ليس ابن حزم وحده، بل معه ابن عابدين كما ترى، ونُقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - أنه حكى الإجماع، لكني لم أجده في بحثي في بعض كتبه، إلا أنه - رحمه الله - لم يتعقب ابن حزم في حكايته الإجماع في كتابه ( مراتب الإجماع )، ومعلومٌ أن لابن تيمية مصنّف في تعقب كتاب ابن حزم ( مراتب الإجماع )، ولم يتعقبه في هذه المسألة. وأما كون مذهب الشافعية كراهة الحلق لا تحريمه، فإنه وجهٌ ضعيف في المذهب، لأمور: 1- نصَّ الشافعي - رحمه الله - في ( الأم ) على تحريم حلق اللحية، قال (6/88): "ولو حلقه حلاق فنبت شعره كما كان أو أجود لم يكن عليه شيء، والحلاق ليس بجناية، لأن فيه نسكًا في الرأس وليس فيه كثير ألم، وهو وإن كان في اللحية لا يجوز، فليس فيه كثير ألم ولا ذهاب شعر، لأنه يستخلف، ولو استخلف الشعر ناقصًا أو لم يستخلف كانت فيه حكومة" ا.هـ، ونقل الإمام ابن الرفعة أن الشافعي حرَّم حلق اللحية، 2- تتابع علماء الشافعية المتقدمون المحققون في المذهب العارفون به المختصون على نقل ما نقله ابن الرفعة، ولم يستنكروا ثبوته عن الشافعي، ولم يردُّوه، بل وقال أئمة من كبار الشافعية بحرمة حلق اللحية، كالقفال الكبير والحليمي وأبي شامة والأذرعي والزركشي، ولستُ بحاجة إلى بيان منزلتهم ومكانتهم في المذهب الشافعي. وكل هؤلاء فهموا من كلام الشافعي أنه يحرِّم حلق اللحية، ومشوا عليه، فلا يُحاكم مذهب الشافعي إلى فهم بعض المتأخرين الذين خالفوا متقدمي علماء الشافعية في فهم كلام الشافعي والأخذ به. ونصُّ الشافعي صريحٌ وواضح، ومن اختار الكراهة من الشافعية فإنه قد خالف الشافعي - والمذهب اختيار الشافعي لا اختيار غيره -، وكذلك فقد خالف قول المتقدمين من الشافعية، وهم أدرى بالشافعي ومذهبه. هذا على فرض ثبوت مخالفة بعض متأخري الشافعية في ذلك، فإن ما نقل عنهم هو فهم بعض العلماء لكلامهم، وقد يُخالف في ذلك الفهم. 3- نقل الإجماع ابن حزم وابن عابدين على تحريم حلق اللحية، وهما من هما في الفقه والمعرفة في المذاهب والآراء، ولو كان هناك وجهٌ عن الشافعي أو غيره في عدم التحريم لبيّناه، أو لَمَا نقلا الإجماع. وأما مذهب المالكية، فهو على التحريم، وتمسك بعضهم بقول للقاضي عياض، وذلك القول يفسر بعضُهُ بعضًا، وأن المقصود الكراهة التحريمية، وحتى لو قصد الكراهة فحسب، فإن الإجماع محكيٌّ قبل القاضي عياض، فيكون قوله مخالفًا للإجماع، فيُطَّرح. فالصحيح أن مذهب الشافعي - رحمه الله -: تحريم حلق اللحية - بنصِّهِ نفسِهِ -، ومذهب مالك - رحمه الله - كذلك، ويبقى الإجماع صحيحًا لم يُعارَض بما يقدح فيه. ثم على فرض أن المسألة لا يصح فيها إجماع، فإن عندنا من الأدلة الشرعية ما يكفي عن الإجماع، قال الشيخ محمد بن عثيمين - رحمه الله -: "ولكن هل كل حكم يلزمنا لا بد أن يكون مُجْمَعًا عليه؟؟ لا إذا كان فيه نزاع فمرجعنا إلى شيئين فقط: الكتاب والسنة، لقوله تعالى: ( فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول )، وأما ما وقع فيه بعض أهل الأهواء الذين إذا جاءت المسألة فيها خلاف قال: هذي مسألة فيها خلاف. حتى الربا، الآن يستجيزونه، يقولون: ما فيه بأس ؛ لأنه فيه خلاف! الأغاني والمعازف، إذا قلنا: هذي حرام، قال: هذا فيه خلاف! حلق اللحية، قال: هذا فيه خلاف! هذا ( موب ) صحيح، ولن ينفع الإنسان يوم القيامة عند الله هذا العذر، لأن الله حدد ماذا يُسأل عنه الإنسان: ( ويوم يناديهم فيقول ماذا أجبتم المرسلين )، ولو أننا ذهبنا نحلل كل مسألة فيها خلاف تبعًا لأهوائنا، انفلتنا من الدين" ا.هـ. استمع كلامه النفيس - رحمه الله - على هـذا الرابط، الدقيقة 9.56 إلى 11.14، وفيه النفي المذكور للإجماع. اقتباس:
والحكم الذي نُصَّ عليه مع علته لا ينتفي بانتفائها، لأنه ثبت بالنصّ لا بالقياس، وقول العلماء: ( الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا ) إنما هو في الأحكام الثابتة بالقياس، لا الثابتة بالنصوص، ومثله الرَّمَلُ في الطواف، فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اعتمر عمرة القضاء قال المشركون: ( إنه يقدم عليكم وفد وهنتهم حمى يثرب )، فأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يرملوا الأشواط الثلاثة، ليرى المشركون قوَّتهم. ولما حجَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كانت هذه العلة قد انتفت، ومع ذلك رمل النبي - صلى الله عليه وسلم -، فدلَّ على أن الحكم يبقى ولو انتفت علته ما دام ثبت بنصٍّ لا بقياس. وحتى لو سلمنا بأن الحكم ينتفي بانتفاء هذه العلة، فإن لإعفاء اللحية علةً أخرى منصوصًا عليها، ولم تنتفِ، ولا تنتفي، قال الشيخ عبد العزيز بن باز: "إن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد علل قص الشوارب وإعفاء اللحى بعلتين: إحداهما: أن ذلك من الفطرة، كما في صحيح مسلم من حديث عائشة - رضي الله عنها - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "عشر من الفطرة" فذكر منها قص الشارب وإعفاء اللحية، والعلة الثانية: أن إطالة الشوارب وحلق اللحى فيهما مشابهة للمجوس والمشركين، وهذه العلة لم تنفك عن الأمر بل لا تزال معتبرة إلى يوم القيامة ؛ لأن الشارع - عليه الصلاة والسلام - قد أمر أمرًا مطلقًا بمخالفة المشركين في زيهم وأخلاقهم وشعائر دينهم، ولم يحدد ذلك بزمن معلوم ولم يجعل له نهاية معلومة، فوجب أن يكون ذلك أمرًا مطلوبًا من المسلمين إلى يوم القيامة" ا.هـ. اقتباس:
وسلم - قال: "إن اليهود والنصارى لا يصبغون، فخالفوهم" )، وفيه أيضًا عن أحمد قوله: ( ما أحبُّ لأحد إلا أن يغير الشيب، ولا يتشبه بأهل الكتاب، بقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "غيروا الشيب، ولا تشبهوا بأهل الكتاب" )، وفيه أيضًا عنه قوله لرجل: ( يا أبا هاشم، اخضب ولو مرة واحدة، أُحبُّ لك أن تخضب، ولا تشبه باليهود ). وعلى فرض أن الراجح في الصبغ بغير السواد عدم الوجوب، فإن ذلك الأمر أصلاً كان واجبًا بدلالة الحديث المذكور، لكنه صُرف عن الوجوب بصارفٍ شرعي، وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يصبغ لا بسوادٍ ولا بغيره، ولم يصبغ كذلك بعض الصحابة، فانصرف الأمر عن الوجوب، ولو لم يجئ هذا الصارف لبقي ظاهر الحديث المذكور موجبًا الصبغ. ولكن في إعفاء اللحية أين الصارف المعتَبَرُ عن الوجوب؟! لا صارفَ معتبرًا، والله أعلم. أخي ( قمردين ).. بارك الله فيك على غيرتك، وأرى أن الهجوم على المخالف لا يزيدُهُ إلا نفرةً، وللشِّدَّة أحوالها، فلننتبه. أعتذر عن الإطالة، وقد اقتضاها المقام. |
اقتباس:
تعيش الاخلاق |
أحسنت عزيزي النادم ..
لاخلاف بأن الإجماع حجة .. ولكن الإجماعات التي يذكرها الفقهاء كالنووي وابن عبد البر وابن حزم وغيرهم ليست حقيقة بعنى عدم وجود المخالف .. ومنها هذا الإجماع .. وحسب ظني فإن الإجماعات الحقيقية نادرة جداً .. إذا استثنينا ماثبت بنص صريح صحيح متواتر وماعلم من الدين بالضرورة .. *** وأما النقطة الثانية وهي في التشبه ، فلاشك أن التشبه خطير وعظيم ، ولعلك إن قرأت اقضاء الصراط المستقيم ستعرف عنه أشيا أعظم وأكبر ، ولكن قصدي هو أنه لايمكن الجزم قطعاً بأن كل تشبه كبيرة فمنه ماليس كذلك فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : فصل مابين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة السحر .. وكذلك في قوله صلى الله عليه وسلم : حفوا الشوارب ووفروا اللحى خالفوا المشركين .. ونحو ذلك مما في معناه .. فهل ترك السحور كبيرة بما أنه تشبه ؟؟ وهل توفير الشارب وعدم حفه كبيرة ؟؟ أعرف أن بعض العلماء ذكر وجوب حف الشارب ولكن لا أعرف أن أحداً منهم ذكر بأن توفيره كبيرة حيث ورد حفه وإعفاء اللحية في حديث واحد وسياق واحد ، فإذا قلنا بأن حلق اللحية تشبه فلابد من القول بأن توفير الشارب تشبه أيضاً ، وبناء على ذلك فكلاهما كبيرة على قولك !!! *** النقطة الأخيرة .. أقصد بها أن رقم 2 يُعد تقصيراً ولايسمى حلقاً ، ولذلك لايمكن أن يعطى نفس الحرمة التي يأخذها حلق اللحية بالكامل ، وأحسب أنك إذا اعتمرت فإنك سـ(تحلق) رأسك على الموس ولن (تقصره) على رقم 2 أو 3 لتنال الأفضلية في قوله صلى الله عليه وسلم : اللهم ارحم المحلقين "ثلاثاً" ثم قال والمقصرين .. ولاأظن أنك في ذلك الموقف ستعد رقم 2 حلقاً .. أليس كذلك ؟؟ أتمنى أن يكون قد اتضح لك مقصودي .. دمت بخير وعافية .. وتقبل تحياتي وتقديري .. |
أخي (قمردين) قلت لأخيك(متزن)::شكلك حليق.
أقول/ دع الذوات فإنه أسلم لصدر أخيك وأقرب لقبول الحق |
أهلاً بك أستاذي ميمون ..
اقتباس:
فأنت ترى أنه جعل في المرتبة الثانية من أقوى الإجماعات : النطقي المنقول آحادًا ، وهو نفسُهُ ما ينقله ابن المنذر وابن حزم وابن عبد البر والنووي وغيرهم ، فإنهم آحاد ينقلون إجماعات نطقية للعلماء على قولٍ معيّن . ثم قال الطوفي : "اعلم أن العلماء اختلفوا في ثبوت الإجماع بخبر الواحد : قال الآمدي : فأجازه الحنابلة وبعض الشافعية وبعض الحنفية ، وأنكره الباقون . وقال القرافي : الإجماع المروي بأخبار الآحاد حجة - يعني عند مالك - خلافًا لأكثر الناس" . ثم ذكر حجج من منع الاحتجاج بالإجماع المروي آحادًا ، وردَّها . فالإجماع الذي ينقله الآحاد حجة عند الأصوليين كما ترى . وأما قولك : اقتباس:
بل الذي يظهر من تصرفات العلماء أنهم إذا اختاروا قولاً واحتجوا له وذكروا أدلته ، يذكرون ضمن حججهم : الإجماع ، ويقولون : نقل الإجماع فلان وفلان . ووجود الخلاف فحسب لا اعتبار له ، وليس كل خلاف في مسألة فيها إجماع ينقض هذا الإجماع ، إنما الاعتبار للخلاف المؤثر في الإجماع ، وتُراجَعُ كتب الأصول . وبناء على قولك ، فإننا سننسف الكتب المؤلفة في الإجماع ، وما تكاثر الأئمة على نقله من الإجماعات ، لأنها ليست حقيقيّةً ، وفيها مخالف !! وسنحتج بالإجماع في النادر القليل منها ، وهو ما تسميه بالإجماع الحقيقي ! وليُعلم أن الإمام حين ينقل الإجماع لا ينقله هكذا عبثًا ، أو بناء على تصوّرات ذهنية ، أو غير ذلك ، فهم أورع من أن يفعلوا ذلك، ويعلمون أن نقلهم الإجماع سيحتج به أقوام من بعدهم ، فيأخذون حيطتهم ويركزون تحرِّيهم . اقتباس:
فالذي يفعل الفعل يقصد التشبه ، فهو في الحقيقة فعل ذات التشبه ، ووقع في الكبيرة ، أما أن يفعل فعلاً فيه تشبُّهٌ غير قاصد التشبه، فهذا يتفاوت من فعلٍ لآخر . اقتباس:
وهذا كلامه بتمامه : "وصرَّح في النهاية بوجوب قطع ما زاد على القبضة بالضم، ومقتضاه الإثم بتركه إلا أن يحمل الوجوب على الثبوت، وأما الأخذ منها وهي دون ذلك كما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد، وأخذ كلها فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم" ، فبيَّن أن المشروع تطويل اللحية إلى حد القبضة ، وبيَّن تحريم الأخذ منها إذا كانت دون ذلك ( أي : دون القبضة ) ، ويدخل في ذلك تقصيرها ، ثم بيَّن أن أخذ كلِّها ( وهو حلقها ) فعل يهود الهند ومجوس الأعاجم ، والله أعلم . الأخ ( meto ) .. إذا صار لك فهم لكلام العلماء ، ستعلم هل يمكنك أن تتكلم بمثل ما تكلمت به أو لا . |
أهلاً بك أخي الكريم ..
أسعدني رؤية ردك جعلك الله سعيداً في حياتك ومماتك وحشرك .. أما النقطة الأولى / فأظن أنها من البديهيات ، ولابد أنك فهمت مقصدي خطأ ، أو لم يتبين لك الأمر .. الإجماعات التي يذكرها الفقهاء قطعاً ليست هي دليل الإجماع المعروف الذي لاتجوز مخالفته ، وكان الأولى بنا أن نعرف الإجماع منذ البداية وهو / اتفاق المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم بعد وفاته في أمر من الأمور على حكم شرعي ، واشترطوا أن تكون المسألة اجتهادية مما يسع الخلاف فيه .. ولامشكلة عندي في أنواع الإجماعات التي ذكرتها ولافي طريقة نقلها فكلها حجة على الراجح ، أعني أنه لامشكلة عندي أن يكون ناقل الإجماع هو النووي مثلاً فقط ولكن كلامي هو على المسائل التي يذكر أنها مجمع عليها وليس الأمر كذلك حيث إن الفقهاء رحمهم الله توسعوا في ذلك كثيراً وأصبح هذا الأمر معروفاً وبديهياً عند طلاب العلم ، فبعض العلماء يحكي الإجماع وهو يقصد الجمهور ، أو إجماع علماء المذهب ، أو إجماع من يحفظ عنه .. ونحو ذلك.. وليس عندي كثير وقت لأستقصي تلك الكتب ولكني أخذت كتاب الروض المربع وتصفحت عدداً من الصفحات خلال خمس دقائق فخرجت لك بأربعة أمثلة على ما أقول وذلك بناء على طلبك : 1* الروض 6/237: وقال ابن القطان المالكي : أجمعوا على أنه يحرم النظر إلى غير الملتحي لقصد التلذذ بالنظر إليه وإمتاع حاسة البصر بمحاسنه ، وأجمعوا على جواز النظر إليه بغير قصد اللذة ، والناظر مع ذلك آمن من الفتنة . وقال النووي : نص الشافعي وحذاق أصحابه على حرمة النظر إلى الغلام الحسن ، ولو بغير شهوة ، وإن أمن من الفتنة ، وربما كان المنع فيه أحرى من المرأة ، ويحرم النظر ممن ذكر بشهوة إجماعاً ، ومن استحله كفر إجماعاً ، قاله الشيخ .... هل رأيت ياعزيزي التناقض ؟؟ أحدهم ينقل الإجماع على الجواز ، والآخر نص على الحرمة .. فلو كان إجماعاً لم يستطع أحد مخالفته ، ولذلك ترى أن شيخ الإسلام ذكر أن مستحل النظر إلى الأمرد بشهوة إذا لم يأمن الفتنة فإنه يكفر وذلك لأن الإجماع في هذه المسألة حقيقي ، وأما الإجماع الأول فليس كذلك .. 2* الروض 6/495 : وحكى ابن رشد : إجماع علماء الأمصار على أن الطلاق بلفظ الثلاث حكمه حكم الطلقة الثالثة .. وبالتأكيد أنك تعرف الخلاف الكبير في هذه المسألة .. فلو كان هذا القول إجماعاً لقلنا إن شيخ الإسلام وابن باز وغيرهم من علماء الإسلام قد خرقوا الإجماع واتبعوا غير سبيل المؤمنين .. وستجد في نفس الصفحة أن من المخالفين في هذه المسألة التي عدها ابن رشد إجماعاً : علي وابن مسعود وابن عباس وأصحابه ، وبعض أصحاب مالك وأبي حنيفة وأحمد ... وغيرهم !!! 3* الروض 6/496 : قال الوزير وغيره اتفقوا على أن الطلاق في الحيض بمدخول بها وفي الطهر المجامع فيه محرم إلا أنه يقع ، وقال ابن المنذر : لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال ... وهذا كما ترى نقل للإجماع من عالمين جليلين وإثبات أنه لم يخالف في ذلك إلا أهل البدع والضلال .. هل تعرف ياعزيزي من هم المخالفون ؟؟ حسناً .. سجل عندك : بعض اصحاب أبي حنيفة وبعض أصحاب أحمد ، والظاهرية وطاووس وعكرمة وابن المسيب وشيخ الإسلام وابن القيم وابن الوزير وغيرهم .. فهل كان لهؤلاء أن يخالفوا لولا أن المسألة خلافية وغير مجمع عليها ؟؟ 4* الروض 6/500 : وحكى غير واحد اتفاق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به ... قال ابن القيم : يقع عند الجمهور .. وهذا تفسير من ابن القيم لهذا الاتفاق المنقول ، حيث لايعدو أن يكون قول الجمهور فقط .. أتمنى أن يكون قد اتضح لك مقصودي من خلال الكلام ، فلست أقول بأنه لايُعد إجماعاً لأنه لم ينقله إلا واحد ولكني أقول إنه ليس بإجماع لأنه لم يوجد إجماع صحيح بالمعنى الذي ذكره العلماء ، وأتمنى قبل أن ترد على هذه النقطة إن لم تقتنع بكلامي أن تسأل من تثق بعلمه وتفيدني معك .. وأما نقل العلماء لها على أنها إجماع فلايعني عدم قبولنا لها من هذا الوجه أن ننسفها ولا نلقي لها بالاً ، بل يحتج بها في الإجماعات التي لامخالف فيها ، وتعامل بقية الإجماعات على أنها قول للجمهور فقط .. تقول : إنه ليس كل خلاف ينقض الإجماع ، وأنا أقول : إنه لايسوغ الخلاف ولايصح بعد صحة الإجماع ، فمتى وُجد الإجماع الصحيح فلايجوز أن يقع بعده خلافه ، وسترى بعد البحث أن أكثر المسائل التي حُكي فيها الإجماع قد وقع فيها الخلاف سابقاً قبل أن يولد حاكي الإجماع وبناء على ذلك أيضاً فلايصح الإجماع الذي نقله .. وأما النقطة الثانية فارجع إلى كلامي السابق مرة أخرى وأخبرني في حكم من حلق لحيته للتجمل وليس بقصد التشبه ، وحكم من أبقى شاربه بقصد التشبه ؟؟ أما النقطة الثالثة / فيبدو لي أنك لم تفهم قصدي فيها ، فأنا لا أناقش عن الحل والحرمة ، لأن الواضح لي حرمة ذلك ، ولكني أقول بأن ذلك تقصير وليس حلق ، فلايمكن جعل الحكم الوارد في الحلق هو نفسه للتقصير ، فليسا بسواء .. أتمنى أن أكون قد استطعت بيان مرادي ،،، وأرجو المعذرة على الإطالة وركاكة الأسلوب وكثرة الأخطاء .. تقبل تحياتي .. |
للشيخ أبي عمر دبيان بن محمد الدبيان كلام نفيس في هذا الموضوع في كتابه ( في سنن الفطرة ) وهو من ضمن سلسلة موسوعة أحكام الطهارة في الفقه المقارن من إصدار مكتبة الرشد وتباع الأجزاء متفرقة لمن يريد
وأذكر أنه قد أحدث هذا الموضوع ضجة في ذلك الوقت بين طلبة العلم مع أن الشيخ ـ وفقه الله ـ أخذ بقبضة اليد وفعله هو بنفسه. الأخ (قمردين) أسلوووبك رائع؟؟؟؟!!!!!! |
أرى أن الحوار تركز حول : هل هناك إجماع على تحريم حلق اللحية أم لا ؟؟
وبرأيي أن مجرد وجود خلاف بين العلماء على وجود إجماع في مسألة ما من عدمه , هو في الحقيقة يلغي وجود هذا الإجماع . ثم إن النافي لوجود الإجماع أقرب إلى الصواب من المثبت , لأن المثبت قد يكون لا يعلم بوجود مخالف فيعتقد أن هناك إجماع بينما النافي لوجود الإجماع يعلم يقيناً بوجود الخلاف .. ومعلوم أن عدم العلم بالشيء ليس علماً بالعدم كما يقول الأصوليون . وأتساءل : لماذا كل هذا الإصرار على القول بأن هناك إجماع في هذه المسألة ؟؟!! ==== نأتي الآن إلى النقطة الثانية وهي : هل حلق اللحية من الكبائر ؟؟! بصراحة قرأتُ قول أو نقل أخينا النادم فلم أجد فيه ما يقوّي القول بأن حلق اللحية من الكبائر . إذ أن معظم الاستشهادات التي تحاول التأكيد على أن حلق اللحية كبيرة استشهادات ليست قوية . لأنه ليس بالضرورة أن يكون الذي يحلق لحيته يقصد التشبه .. يعني من يحلق لحيته فهو مخالف لأمر النبي عليه السلام بالتأكيد ولكنه قد تكون نيته التشبه وقد لا تكون , فإن لم تكن نيته التشبه فلا أعتقد أن أحداً سيقول إن حلقه للحيته كبيرة من الكبائر . وهنا أتساءل : لماذا التشديد من إخواننا على مسألة حلق اللحية أكبر بكثير من التشديد على مسألة عدم حلق الشارب ؟؟؟!!! مع أن الأمرين سيان بل أستطيع أن أقول إن الأمر بقص الشارب ورد أكثر من الأمر بإعفاء اللحية وبصيغة أقوى . كما جاء عند الترمذي عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال : " من لم يأخذ من شاربه فليس منا " وكما ورد عنه عليه السلام أنه وقـّت قص الشارب بألا يـُترك أكثر من أربعين يوماً . أخيراً : دعونا نركز حديثنا على كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم أكثر من تركيزنا على كلام غير المعصومين . وتقبلوا تحياتي 00 المتزن |
غفر الله لك أخي ميمون..
اقتباس:
اقتباس:
إلا أن قولك: اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
لكننا لا نرد إجماعًا نقله عالم من العلماء، وعضدَهُ عالمٌ آخر فنقله أيضًا = بأن العلماء يتوسعون في نقل الإجماع، أو أنه ربما المقصود الجمهور، أو إجماع علماء المذهب، أو إجماع من يحفظ عنه...، فهذا لا يكفي دليلاً بذاته، بل لا بد أن يقوم على ذلك دليلٌ صحيح، ولنأخذ أمثلةً مما أوردتَ ( مما عزوتَهُ للروض المربع، وهو من حاشيته لابن قاسم ): الأول: لا يصح الإجماع، لأنه ثبت عن الإمام الشافعي وغيره أنهم خالفوا في ذلك، وعندئذٍ نقول: إن المقصود بالإجماع ليس الإجماع المعروف الذي ذكرتَ - بارك الله فيك - تعريفَه. الثاني: لا يصح الإجماع لأنه ثبت أن بعض الصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين خالفوا فيه. الثالث: لا يصح الإجماع، لأن مخالفة المذكورين ثابتة. الرابع: ابن القيم - رحمه الله - لم يكن يفسر الإجماع، ولننقل العبارة كاملة: قال ابن قاسم: "وحكى غير واحد اتفاق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان البالغ العاقل فإنه مؤاخذ به، وإن قال: كنتُ هازلاً، قال ابن القيم: يقع عند الجمهور"، فقول ابن القيم إنما هو في طلاق الهازل، وقد نقله ابن قاسم من أعلام الموقعين، حيث يقول ابن القيم فيه (3/124): "فصل عقود الهازل واختلاف الفقهاء في نفاذها: فأما طلاق الهازل فيقع عند الجمهور...". فمقصودي: أن الإجماع لا يمكن أن يُنفى إلا بثبوت الخلاف المؤثر قبل وقوع الإجماع، كما سبق في الإجماعات التي نقلت أنها لم تثبت، وأما وقوع الخلاف بعد الإجماع: - فإن كان مستندًا إلى خلاف قبل الإجماع، فينظر إلى صحة هذا الاستناد، فإن صح أُلحق بثبوت الخلاف قبل الإجماع، وإن لم يصح بقي الإجماع على صحته، - وإن كان الخلاف بعد الإجماع من أحد العلماء ابتداءً، فإنه خلافَهُ يحاكم إلى الإجماع الذي ثبت قبل خلافه، ولا يحاكم الإجماع إلى خلافِهِ الطارئ، لأن احتمال أنه لم يبلغه الإجماع قائم، واحتمال ذهوله عن الإجماع قائم، واحتمال كونه لا يحتج بالإجماع قائم، والاحتمالات كثيرة، وحتى لو لم يصح منها احتمال، فما دمنا نحتج بالإجماع، ونجعله دليلاً من الأدلة الشرعية، فإن مخالفة الإجماع مثل مخالفة أي دليل شرعي. وبالعودة إلى الإجماع على تحريم حلق اللحية، فأنت ترى أنه نقله اثنان، والخلاف فيه جاء بعد نقل الإجماع (النووي بعد ابن حزم) مستندًا على خلاف قبل الإجماع، ولم يصح هذا الاستناد - كما سبق بيانه -، فيبقى الإجماع على صحته ما لم يثبت أنه مخالفٌ قبل إثباته. وردُّ الإجماع ليس بالأمر الهيِّن، وهو ردٌّ لدليل شرعي يحتج به، وتقوم الأحكام عليه، فلا بد من التثبت والتروي عند ردِّه. اقتباس:
اقتباس:
والحالة الثانية: الحكم أنه كبيرة من كبائر الذنوب، لأنه وقع في التشبه وكان يقصده، وما دام يقصد التشبه فهو واقع في الكبيرة مهما كان الفعل الذي جعله وسيلة للوصول إلى التشبه. دعني أقل لك: في ضمن المنكرات التي يقع فيها من حلق لحيته: اقتباس:
وجميع المعاصي مخالفةٌ لأمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومع ذلك لا يحكم أحدٌ بأن كلَّ معصية كبيرة لأن فيها مخالفة أمر النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومثل ذلك التشبه، فهو كبيرة، بنص الحديث، وليس كلُّ معصية فيها تشبُّهٌ كبيرة. أرجو أن يكون المقصود واضحًا. اقتباس:
اقتباس:
أو تعني أن كليهما حرام، وحكمهما - في الوقت نفسه - مختلف؟!! إن كانت الأولى؛ فالأمر هيِّن - في نظري -، وإن كانت الأخرى؛ فظاهر الكلام الاضطراب، ولعلي لم أفهم جيِّدًا. اقتباس:
الأخ ( بهدوء وعقلانية ).. الكلام ليس على الأخذ مما زاد عن القبضة من اللحية. الأخ ( المتزن ).. ربما تكون لي عودة - بإذن الله -، مع أني لا أحب تطويل الكلام والنقاشات وكثرة الأخذ والرد، ما دامت المواقف واضحة. |
أهلا بك عزيزي ..
الحمد لله أنك فهمت مقصودي .. ولو لم تقتنع به .. أما الإجماعات فبالطبع ليس كلها ولكن الغالبية فيها ليست حقيقية .. اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
وأما الإجماع فهو حجة أكيدة ، ولكن قل لي كيف يقع ؟؟ الإجماع الصحيح هو الذي لايوجد له مخالف ويكفر الإنسان باستحلاله ماحُرّم به أو تحريم ما أبيح به لأنه أقوى الأدلة بعد الوحيين كما أن مستحل ما حرم بالسنة الصحيحة المتواترة يكفر ، وليس كذلك من خالف حديث آحاد مثلاً لوجود الخلاف فيه .. اقتباس:
ولا أعرف قصدك بصحة استناد الخلاف الواقع بعد الإجماع إلى خلاف قبله ، فبالنسبة لي إذا صح الخلاف قبل (حكاية) الإجماع فليس بإجماع صحيح ، وإلا ما فائدة قول النبي صلى الله عليه وسلم : لاتجتمع أمتي على ضلالة .. ؟؟ وما دمت تُقر بوجود الخلاف قبل الحكاية وبعدها فأعتقد أن زيادة النقاش بعد ذلك (في هذه المسألة) إضاعة للوقت ومن طبعك الكريم حسب مافهمت أنك لاتحب التطويل فيما لافائدة منه .. اقتباس:
ومنها هذا الخلاف ، ولو قلتُ لك بأن الإجماع ثابت وصحيح وقطعي للزمني أن أقول بأن مستحل حلق اللحية كافر ، وهذا مالايمكن قوله - ولن أُلزمك به - .. اقتباس:
وأما النقطة الثانية فلا أوافقك فيها .. هو محرم ولكن اعتباره من الكبائر للأمور التي ذكرت فيها نظر كبير .. وأذكر أنه قبل مايقرب من الشهر حدث بيني وبين أحد الأقارب نقاش حول هذه المسألة بالذات ، يقول بأنها كبيرة ، وأنا أقول : لا .. وهو يحتج بأنه يذكر أن الشيخ ابن باز يقول ذلك ، فأنكرت ذلك وقلت بأني أظن بأن الشيخ محمد يقول عكس ذلك إن أردنا الاستدلال بأقوالهم ، فاتصل أحد الموجودين بالشيخ فهد التركي فقال بأنها صغيرة ، وسأله عن رأي الشيخ محمد فقال هو كذلك ، وسأله عن رأي الشيخ ابن باز فقال بأنه لا يعلم أنه قال بأنها كبيرة ، وحين رجعت إلى البيت بحثت في فتاوى الشيخ فوجدت فتوى صدرت من اللجنة برئاسته وفيها يقول ما معناه : إنه حلق اللحية محرم ... ثم قال : والإصرار على حلقها من الكبائر ... فمهومه أنه يرى أن حلقها صغيرة .. ولعل المشايخ المذكورين لايخفى عليهم ماذكرت .. ولكنهم رأوه استدلالاً في غير محله .. اقتباس:
اقتباس:
أشكر لك سعة صدرك .. وتقبل تحياتي .. |
أسجل إعجابي بالمتحاورون ..
.. لا حرمكم الله الأجر والمثوبة .. اقتباس:
:41 .. كنت سأقول نفس كلامك .. |
إضافة لما سبق , أود أن أنبه على عبارة ذكرها أخونا النادم - ربما نقلاً عن الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى - واستشهد بها للدلالة على أن حلق اللحية من الكبائر , وهي :
أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة !! هذه العبارة لا أعلم لها دليلاً , بل هي عبارة يضعفها ما يلي : أن معنى هذه العبارة ألا تبقى صغيرة من الصغائر إلا وصارت كبيرة , لأن الصغائر تتكرر عند الكثير من الناس .. كما أننا لا نعلم الحد الذي تصبح فيه الصغيرة كبيرة , فالأمر غير منضبط .. بل لو سلمنا جدلاً بعلمنا للحد الذي تصبح فيه الصغيرة كبيرة , فلازم هذا القول أن ارتكاب الصغيرة بعد تجاوز هذا الحد يجعلها بحد ذاتها كبيرة جديدة !! والله أعلى وأعلم . وتقبلوا تحياتي 00 المتزن |
رأيت في أحد المواضيع كلاماً حول وجود الإجماع على حرمة حلق اللحية فرفعت الموضوع للفائدة ..
|
بما أن الموضوع رُفع من عزيزي ميمون ، فأحب أن أضيف ما سمعته اليوم
على إحدى برامج إذاعة القرآن الكريم مع الشيخ أبن باز حول هل حلق اللحية من الكبائر أم من الصغائر .؟ فأجاب الشيخ رحمه الله بأنه لا يعلم دليل يدل على أن حلق اللحية من الكبائر و يرى الشيخ -حسب فهمي- أنها من الصغائر ، و وجهة رحمه الله بأهمية الإبتعاد عن صغائر و كبائر الذنوب . شكراً لكم ، و دمتم بخير |
8
8 8 8 والصغائر إذا أستمر الإنسان بعملها وهو عالم بحكمها قد تتحول إلى كبيرة .. |
مرحبا / خوي السرور
اقتباس:
عبارتك السابقة تحمل صيغة الإحتمال و هذا لا يكفي لخلق فتوى ، أتمنى تأصيل العبارة السابقة شرعياً للفائدة ،سواء منك أو من الساده الأعضاء ، لأني شاهدت أحد ردود الأخ المتزن يعارض هذه القاعدة و علل بعدم وجود تأصيل شرعي لها فأتمنى إثراء هذه النقطة الأساسية و الهامة ، و لكم جزيل الشكر دمتم بخير . |
بما رأيت من الواقع لاحظت ان الحليقين لا يكتفون بالحلق فقط فبدايتها تحليق اللحية ثم شيئا فشيئا حتى يقع بأمور ومعاصي لا تحمد عقباها فتكون بابا للشر .. فلماذا لا نأخذ بالقاعدة المعمول بها ( سد الذرائع ) ..
كذلك عندما يختلف فيها فلماذا اذهب للرخص واختار ما يصلح لي منها ومن تتبع الرخص فقد تزندق منهجي ثابت وان اختلف فيه بمسائل دقيقه وخلاف طويل يصعب علي الخروج بقول راجح فسآخذ بمذهبي لأتجنب الخطأ .. والله أعلـــــــــــــــــــــــم |
لعلي ابحث في المسألة .. أوردتها بصيغة الإحتمال لعدم إلمامي بها .. ولعلي أعود ومعي مايفيد ..
|
بارك الله فيك أخي ميمون على طرحك ورفعك للموضوع .
أما مسألة أن الإصرار على الصغيرة يصيرها كبيرة , فلا دليل عليها لا من القرآن ولا من السنة حسب علمي .. بل قد ذكرتُ لكم عدم انضباطها - نقلاً من كلام لأحد طلبة العلم سابقاً - وهذا كافٍ لعدم اعتبارها . وتقبلوا تحياتي 00 المتزن |
قال شيخنا محمد المنجد حفظه الله
( مع زحمة الأفكار وكثرة الأطروحات المخالفة لمنهج سلف الأمة إعجاب كل ذي رأي برأيه والانفلات من الضوابط الشرعية والتساهلات والتنازلات لابد للمسلم ان يعيش مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم [ إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضو عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور .. |
قال شيخنا محمد المنجد حفظه الله
( مع زحمة الأفكار وكثرة الأطروحات المخالفة لمنهج سلف الأمة إعجاب كل ذي رأي برأيه والانفلات من الضوابط الشرعية والتساهلات والتنازلات لابد للمسلم ان يعيش مع حديث النبي صلى الله عليه وسلم [ إنه من يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين تمسكوا بها وعضو عليها بالنواجد وإياكم ومحدثات الأمور .. |
الإنسان عدو ما جهل . :)
وتقبلوا تحياتي 00 المتزن |
هنا بعض مابحثته عن مسألة الإصرار على الصغائر هل يحولها إلى كبائر ؟
اقتباس:
http://www.al-eman.com/muslamat/details.asp?ID=6023 اقتباس:
http://www.h-alali.net/f_open.php?id...a-0010dc91cf69 وتلاحظون كلمة قد .. اقتباس:
اقتباس:
اقتباس:
من كتاب الدرر الملتقطة ص80 كلام جميل للشيخ عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين حفظه الله .. http://ibn-jebreen.com/book.php?cat=...7594&page=6670 وهنا كلام جميل للشيخ سفر الحوالي حفظه الله .. http://www.alhawali.com/index.cfm?me...*******ID=1670 .. |
ملخص لكتاب
الانصاف فيما جاء بالأخذ من اللحية وتغيير الشيب بالسواد من الخلاف للشيخ دبيان محمد الدبيان أحرر رأي أولاً حتى يتبين للقارئ الكريم: أرى أن من ترك لحيته بمقدار القبضة، فقد أعفى لحيته، وامتثل الأمر الشرعي بإعفاء اللحية. وأنه يباح للإنسان أن يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة. وليس الأخذ واجباً وإن قيل به، ولا مستحباً وإنما هو مباح فقط. وأنه يحرم أخذ ما دون القبضة وإن قيل بجوازه. وأن القول بتحريم الأخذ من اللحية مطلقاً لا يجوز؛ لأنه قول لم يقل به أحد فيما أعلم، وفوق كل ذي علم عليم. وعندما أقول لم يقل به أحد أقصد من السلف؛ لا من المعاصرين؛ لأن المعاصر إنما هو متبع لا مبتدع، ومن حرم هذا من المعاصرين فإني أطلب أن يذكر لي إمامه في هذه المسألة. ولا أحتاج أن يقول لي أحد: إن إمامي الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إمام الجميع، وهذا القائل في الحقيقة جعل إمامه فهمه لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم جعل يلوم من جعل إمامه فهم السلف لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم. لقد احتج علينا الإخوة بقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " أعفوا اللحي ، أرخوا اللحى" ثانياً: فعل ابن عمر لا حجة فيه في كونه يأخذ ما زاد على القبضة، ففعله مخالف للسنة، وقد أنكر عليه الصحابة وخالفوه. ثالثاً: لم يثبت عن الصحابة غير ابن عمر أنه كان يأخذ من لحيته في النسك. رابعاً: لم يثبت الأخذ خارج النسك. هذه أدلة الإخوة باختصار، وسوف يتبين الجواب عليها من خلال الحديث عن أدلة القائلين بجواز أخذ ما زاد على القبضة. الدليل الأول: فهم السلف أن كلمة " أعفوا اللحى " المقصود منه تكثير اللحية، ولو أخذ منها ما زاد على القبضة، كقوله تعالى: } حتى عفوا { أي حتى كثروا. ومنه عفا القوم: إذا كثروا، وعفى النبت والشعر وغيره يعفو فهو عاف: إذا كثر وطال. وفي الأثر: إذا دخل صفر وعفا الوبر: أي كثر وبر الإبل. وفي الأثر أيضاً: لا أَعْفَى من قتل بعد أخذ الدية: أي لا كثر ماله، ولا استغنى. قال ابن الأثير في النهاية (3/266): ومنه الأمر بإعفاء اللحى: أن يوفر شعرها، ولا يقص كالشوارب، من عفا الشيء إذا كثر وزاد. اهـ فجعل ابن الأثير أعفوا بمعنى التكثير، وليس بمعنى الترك، ونهى عن قصها كالشارب، وليس عن الأخذ منها مطلقاً حتى ولو زادت عن القبضة. ولا أعلم أن أحداً من السلف فهم من قوله صلى الله عليه وسلم " أعفوا اللحى " بمعنى الترك المطلق، بل فهموا أن أعفوا بمعنى التكثير كما سيأتي عنهم إن شاء الله تعالى. فمن وقف على أن السلف فهموا أن الإعفاء بمعنى الترك فليثبته لنا وله الشكر، ولم أقف عليه بحدود علمي. وليس النقاش أن أعفوا تأتي في اللغة بمعنى الترك، فهذا أمر مسلم فيه، فإن أعفوا له معان كثيرة منها الترك ، ومنها التكثير ومنها معان أخرى لم أذكرها وهي في كتب أهل اللغة، فإذا قصد بالأمر الشرعي أحد معانيه اللغوية، وفهم السلف هذا الفهم فلا يحتج علينا باللغة، لأننا نقول: هل كان السلف لا يعرفون اللغة اللعربية عندما أجازوا أخذ ما زاد على القبضة. وهل كان تفسير الإعفاء بالتكثير معنى منتحلاً ومزوراً، أو هو موجود في كتب اللغة أيضاً. فمن قال: إن الإعفاء يعني الترك فليأت به من كلام أهل الفقه، ومن فهم السلف. الدليل الثاني: ثبت عن ابن عمر أنه كان يأخذ من لحيته ما زاد على القبضة، وهو في البخاري والسؤال: فعل ابن عمر هذا إما أن يكون موافقاً للسنة، أو مخالفاً لها. فإن كان موافقاً لها فذاك. وإن كان مخالفاً لها، وكان الأخذ من اللحية فعل يظهر لجميع الصحابة، خاصة أنه يتعلق باللحية، ومكان اللحية في الوجه فلا يمكن أن يخفى فعله على الصحابة رضوان الله عليهم، فليس كالقول ريما يسمع في مكان، ولا يسمع في مجلس آخر. فيقال: إما أن يكون الصحابة قد أنكروا على ابن عمر مخالفته للسنة، أو لم ينكروا عليه. فإن قلت: قد أنكر الصحابة على ابن عمر مخالفته لسنة الرسول r، فأين النقل عنهم، أين قولهم لابن عمر: لا يحل لك هذا الفعل، وأين قولهم لابن عمر: إن هذا مخالف للسنة، أليس كل خير في الناس فللصحابة رضوان الله عليهم فيه صفة الكمال، فهم نصحة لله ولرسوله، وهم خير من طبق أمر الرسول r: " من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه " وكانوا من أشجع الناس في هذا الأمر عاهدوا رسول الله صلى الله عليه على أن لا يخافوا في الله لومة لائم، فلماذا لا يأتينا إخواننا بنقل عنهم يثبت لنا فيه نصح الصحابة لابن عمر، ويثبتوا لنا فيه أنهم قد خالفوه وبالتالي نكون في راحة من أمرنا، ونسلم لهم دعواهم إنني أطالب كل من يدعي بأن الصحابة قد أنكروا على ابن عمر مخالفته للسنة أطالبهم في توثيق هذه الدعوى من كتب السنة، وإلا كان هذا القول مجرد دعوى لا تغني من الحق شيئاً. وإن قالوا: لم ينقل أنهم أنكروا عليه، ولم ينقل أنهم نصحوه بامتثال السنة: كان هذا إما موافقة لهم على فعل ابن عمر، فيكون فعل ابن عمر ليس رأياً له وحده وهذا ما يليق بالصحابة رضوان الله عليهم، أو يكون هذا تقصيراً منهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويكون الإخوة أكثر غيرة من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا قدح في صحابة رسول الله r لا يليق بأهل السنة أن يظنوه بواحد من الصحابة فيكف يظن هذا بالصحابة كلهم. فإن قيل: لعلهم رأوا أن المسألة اجتهادية، وأن الخلاف فيها سائغ. قلنا: ألا يسع الإخوة ما وسع صحابة رسول الله r، ويرون أن الخلاف في المسألة سائغ، فهل يريدون أن أقول: لا وسع الله على من لم يسعه ما وسع صحابة محمد r. أليس إجماعهم على عدم الإنكار على ابن عمر يلزم المخالف أن يمتثل لما فعلوا، ولا ينكر على من رأى هذا الرأي. وإن قال: لعلهم أنكروا عليه ولم ينقل. قيل: لو أنكروا عليه لحفظ ونقل، كما حفظ فعل ابن عمر ونقل إلينا، بل الظن فيهم أن الإنكار لن يقتصر على براءة الذمة، فلن يكون إنكارهم مرة أو مرتين، بل سيراجعونه ويناظرونه حتى يتبين له الحق، وبهذا سوف يشتهر عنهم، فلما لم ينقل من ذلك شيء، دل على أن دعوى أن الصحابة خالفوا ابن عمر دعوى متوهمة، لا وجود لها إلا عند من اعتقد قبل أن يستدل وقد نقل التابعون جملة من إنكار الصحابة رضي الله عنهم إذا رأوا ما يخالف السنة، وإليك بعض الأمثلة: روى البخاري في صحيحه أن قريباً لعبد الله بن مغفل خذف، قال: فنهاه وقال: إن رسول الله r نهى عن الخذف، وقال: إنها لا تصيد صيداً ولا تنكأ عدواً، ولكنها تكسر السن، وتفقأ العين. قال: فعاد، فقال: أحدثك أن رسول الله r نهى عنه ثم تخذف، لا أكلمك أبداً. ومنها ما رواه مسلم أيضاً من طريق سالم بن عبد الله، أن عبد الله بن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تمنعوا نساءكم المساجد إذا استأذنكم إليها. قال: فقال بلال بن عبد الله: والله لنمنعهن. قال: فأقبل عليه عبد الله فسبه سباً سيئاً ما سمعته سبه مثله قط. وقال: أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول: والله لنمنعهن( ). مع أن الحامل على هذا لم يكن معارضة السنة، وإنما هو شدة الغيرة، ومع ذلك سبه سباً ما سمع منه قط. وروى البخاري ومسلم أيضاً عن عبد الله قال: لعن الله الواشمات والموتشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فبلغ ذلك امرأة من بني أسد يقال لها أم يعقوب، فجاءت فقالت: إنه بلغني أنك لعنت كيت وكيت. فقال: ومالي لا ألعن من لعن رسول الله r، ومن هو في كتاب الله فقالت: لقد قرأت ما بين اللوحين، فما وجدت فيه ما تقول. قال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، أما قرأت { وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا}. قالت: بلى. قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: فاذهبي، فانظري فذهبت فنظرت، فلم ترى من حاجتها شيئاً. فقال: لو كانت كذلك ما جامعتنا. فانظر إلى هذه المرأة حين بلغها أن ابن مسعود أنكر أمراً لم تعرفه، أتت إليه منكرة، وحين أخبرها، قال لها: لو كان أهلي يفعلون المنكر ما جامعتنا. وروى مسلم في صحيحه من طريق ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير، أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال إن ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة يعرض برجل فناداه، فقال: إنك لجلف جاف، فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين -يريد رسول الله r - فقال له ابن الزبير: فجرب بنفسك فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك. وفي صحيح البخاري قال: لما أصيب عمر دخل صهيب يبكي يقول: وا أخاه وا صاحباه، فقال عمر رضي الله عنه: يا صهيب أتبكي علي وقد قال رسول الله r إن الميت يعذب ببعض بكاء أهله عليه ؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما: فلما مات عمر رضي الله عنه ذكرت ذلك لعائشة رضي الله عنها فقالت: رحم الله عمر والله ما حدث رسول الله r إن الله ليعذب المؤمن ببكاء أهله عليه، ولكن رسول الله r قال: إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه، وقالت: حسبكم القرآن ولا تزر وازرة وزر أخرى. ولست بصدد بيان الجمع بين اعتراض عائشة وبين ما ورد من السنة، وإنما الشاهد منه أن الصحابة إذا رأوا ما يعتقدون أنه خلاف السنة أو خلاف القرآن اعترضوا عليه. بل ربما امتحن بعضهم بعضاً فيما يشكون فيه: فقد روى البخاري في صحيحه عن عروة قال: حج علينا عبد الله بن عمرو فسمعته يقول: سمعت النبي r يقول إن الله لا ينزع العلم بعد أن أعطاكموه انتزاعا ولكن ينتزعه منهم مع قبض العلماء بعلمهم فيبقى ناس جهال يستفتون فيفتون برأيهم فيضلون ويضلون فحدثت به عائشة زوج النبي r ثم إن عبد الله بن عمرو حج بعد فقالت: يا ابن أختي انطلق إلى عبد الله فاستثبت لي منه الذي حدثتني عنه فجئته فسألته فحدثني به كنحو ما حدثني فأتيت عائشة فأخبرتها فعجبت فقالت والله لقد حفظ عبد الله بن عمرو. ولعل ما حمل عائشة على التثبت أن عبد الله وقعة في يده صحيفة إسرائيلية، وكان الرسول قد أذن أن يحدث عن بني إسرائيل، ولا حرج. فكان يُخْشَى أن يكون غلط فدخل عليه منها. ولو نقلت إنكار الصحابة بعضهم على بعض فيما يعتقدون أنه خالف السنة لجاء كتيباً لطيفاً في خلاف الصحابة في ما بينهم. فكيف يظن بالصحابة أنهم لم ينكروا على ابن عمر أخذه ما زاد على القبضة مع كونه مخالفاً للسنة ؟ فلما لم نقف على إنكار الصحابة على ابن عمر لم يبق إلا التسليم بأمرين لا ثالث لهما: الأول: بطلان دعوى أن الصحابة قد أنكروا على ابن عمر فعله، وسكوتهم عليه يدل على موافقة له على فعله، أو أقل الأحوال أن يكون الخلاف في المسألة سائغاً لا يجوز إنكاره اقتداء بالصحابة، فلا يجوز إنكاره من غيرهم امتثالاً لفعلهم. الثاني: أن فعل ابن عمر لم يخالف السنة، وإلا لما سكتوا عليه. فإن قيل: إن ابن عمر له أفعال لا يتابع عليه، فقد كان يدخل الماء في عينيه في الوضوء، وكان يتتبع آثار النبي صلى الله عليه وسلم التي لم يفعلها ليتابع عليها، وإنما فعلها اتفاقاً مثل وضوءه في موضع معين، وصبه الماء وصلاته في بعض المواضع التي تتفق له في سفره. فالجواب: إن هذا دليل على احتياط ابن عمر في اتباع المصطفى r، وليس فيه ما يدل على تساهله في السنة. ومن ذلك ما رواه البخاري في صحيحه عن الزبير بن عربي قال: سأل رجل ابن عمر رضي الله عنهما عن استلام الحجر فقال: رأيت رسول الله r يستلمه ويقبله. قال: قلت: أرأيت إن زحمت، أرأيت إن غلبت ؟ قال: اجعل أرأيت باليمن رأيت رسول الله r يستلمه ويقبله. فهذا يدل على أن ابن عمر كان شديد الحرص على اتباع الرسول r، فحين يأخذ ابن عمر ما زاد على القبضة فإنه بهذا يخالف نزعة ابن عمر في أخذه بالاحتياط واتباع الرسول r فلماذا هنا تساهل ابن عمر في ترك الاقتداء به، وخالف طبيعته، نعم لو كان ابن عمر لا يأخذ من لحيته، وكان غيره يأخذ منها، لقيل: هذا من احتياط ابن عمر، لكنه هنا خالف طبيعته في ترك الاحتياط، وأخذ من لحيته، فهل يترك حرصه على اتباع الرسول r إلا لدليل فهمه ابن عمر وجهله الناس. موقف الإمام أحمد رحمه الله من فعل ابن عمر. لقد كان الإمام أحمد رحمه الله إمام أهل السنة والفقه يأخذ برأي الصحابي ويعظمه، ويفتي به، فإذا خالف النص ترك قول الصحابي للنص، وكذا إذا عارض قول الصحابي ما هو أقوى منه من قول صحابي آخر. فلم يلتفت الإمام أحمد إلى خلاف عمر بن الخطاب في المبتوتة لحديث فاطمة بنت قيس، ولا إلى خلافه في استدامة المحرم الطيب الذي تطيب به بل صحح استدامته بعد إحرامه لصحة حديث عائشة في ذلك، ولا إلى خلافه في منع المفرد والقارن من الفسخ إلى التمتع لصحة أحاديث الفسخ. وكذلك لم يلتفت إلى قول علي وعثمان وطلحة وأَبِي أيوب وأُبَي بن كعب في ترك الغسل من الإكسال لصحة حديث عائشة أنها فعلته هي ورسول الله r فاغتسلا. ولم يلتفت إلى قول ابن عباس وإحدى الروايتين عن علي أن عدة الحامل المتوفى عنها أقصى الأجلين لصحة حديث سبيعة الإسلمية، ولم يلتفت إلى قول معاذ ومعاوية في توريث المسلم الكافر، لصحة الحديث المانع من التوارث بينهما، ولم يكن يقدم على الحديث الصحيح عملاً ولا رأياً ولا قياساً، وقد نقلت هذا الكلام من ابن القيم في إعلام الموقعين. ومع ذلك فالإمام أحمد أخذ بفعل ابن عمر رضي الله عنه في جواز الأخذ من اللحية بما زاد على القبضة، ولم يعتبره معارضاً لحديث ابن عمر وأبي هريرة أعفوا اللحى. ولم يعتبر الإمام أحمد أيضاً فعل ابن عمر قد خالفه صحابي آخر أقوى منه، فضلا أن يدعى أنه معارض من جميع الصحابة، وإلا لترك أحمد فعل ابن عمر إلى قول الصحابة، وحسبك بالإمام أحمد في معرفة آثار الصحابة، وعمل السلف، فإن هذا الباب كان يتميز به الإمام أحمد عن بقية أئمة أهل الحديث. أليس هذا فهماً من الإمام أحمد أن فعل ابن عمر لم يخالف نصاً، ولم يخالفه غيره من الصحابة، وقد سقت في ما سبق أقولاً للصحابة تركها أحمد لمخالفتها السنة، ولم يترك فعل ابن عمر، بل كان يفعله تديناً، وهو عكس ما فهمه الإخوة، من أن قول ابن عمر مخالف للسنة، مخالف لجميع الصحابة، فلم يثبت الأول كما لم يثبت الثاني. جاء في كتاب الوقوف والترجل للخلال (ص9): " أخبرني حرب، قال: سئل أحمد عن الأخذ من اللحية ؟ قال: كان ابن عمر يأخذ ما زاد عن القبضة. وكأنه ذهب إليه - قلت له: ما الإعفاء ؟ قال: يروى عن النبي r، قال: كأن هذا عنده الإعفاء. قلت: وعليه فالإمام أحمد يرى أن إعفاء اللحية، والأخذ ما زاد على القبضة لا يتنافيان، فليس المراد بالإعفاء إطالة اللحية بما يجاوز القبضة. ثم قال موصولاً بالكلام السابق: " أخبرني محمد بن هارون أن إسحاق حدثهم، قال: سألت أحمد عن الرجل يأخذ من عارضيه ؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت: فحديث النبي r أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى ؟ قال: يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه، ورأيت أبا عبد الله يأخذ من طولها، ومن تحت حلقه. وهذا النص في أحكام أهل الملل للخلال (ص: 11). وجاء في مسائل أحمد رواية ابن هانئ (2/151): " سألت أبا عبد الله عن الرجل يأخذ من عارضيه ؟؟ قال: يأخذ من اللحية ما فضل عن القبضة. قلت: فحديث النبي r: " أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى " قال: يأخذ من طولها ومن تحت حلقه، ورأيت أبا عبد الله يأخذ من عارضيه، ومن تحت حلقه. فإذا تركنا فهم الأخوة لفهم الصحابة ولفهم الإمام أحمد ألا يعذروننا، أليس فهم السلف ابن عمر وبعده الإمام أحمد أولى من فهم بعض المشايخ المتأخرين علماً وعملاً ووقتاً. } بل كذبوا بما لم يحيطوا بعلمه {( ). ولقد ابتلينا بأناس يرون مخالفتنا إياهم مخالفة للرسول r، وفهمهم للنص بمنزلة النص من الكتاب والسنة، وأن عليك ألا تتجاوز أفهامهم للنصوص وإلا ضللت، ولو كنت على هدى من فهم الصحابة والسلف الصالح، وأن من خالف رأيهم فقد ارتكب منكراً يجب إنكاره وإلا لحقهم الإثم. وبهذا التقرير يتبين لنا أن الصحيح بمعنى الإعفاء أنه بمعنى التكثير، وأن فعل ابن عمر لم يخالف النص، ولم يخالف صحابياً آخر. الدليل الثالث: لم يكن أخذ ما زاد من القبضة من فعل ابن عمر وحده، بل كان من فعل الصحابة رضوان الله عليهم ، وإليك إثبات ذلك من أكثر من وجه: الوجه الأول: سبق أن بينت أن سكوت الصحابة وعدم إنكارهم على ابن عمر في اللسان يدل على موافقتهم له، إلا إن كان أحد يدعي أنه وقف على إنكار الصحابة رضي الله عنهم على ابن عمر، وأن ابن عمر لم يأخذ برأيهم وتمسك برأيه، فهنا قد نعذره في دعواه. الوجه الثاني: لقد أثبت في كتاب الإنصاف آثاراً عن الصحابة تدل على أنهم يرون فعل ابن عمر، ومن ذلك: ما رواه ابن أبي شيبة بسند صحيح، عن ابن عباس قال: التفث: الرمي والذبح والحلق والتقصير والأخذ من الشارب والأظفار واللحية. [ سنده صحيح ] ( ) وقد فسر الآية بمثل ما فسرها ابن عباس تابعيان جليلان: مجاهد، ومحمد ابن كعب القرضي. أما تفسير مجاهد، فقد أخرجه الطبري، وسنده صحيح، عن مجاهد، ثم ليقضوا تفثهم. قال: حلق الرأس وحلق العانة وقص الأظفار وقص الشارب، ورمي الجمار، وقص اللحية ( ). وأما تفسير محمد القرظي، فهو عند الطبري أيضاً، قال: عن محمد بن كعب القرظي أنه كان يقول في هذه الآية: ثم ليقضوا تفثهم: رمي الجمار، وذبح الذبيحة، وأخذ من الشاربين واللحية، والأظفار، والطواف بالبيت وبالصفا والمروة ( ). ورجاله ثقات وروى ابن أبي شيبة، قال: حدثنا غندر، عن شعبة، عن منصور، قال: سمعت عطاء بن أبي رباح قال: كانوا يحبون أن يعفوا اللحية إلا في حج أو عمرة ( ). وهذا إسناد صحيح، بل في غاية الصحة، فإن غندر من أثبت أصحاب شعبة. وظاهره أنه يحكي فعل من شاهد من الصحابة وعطاء بن أبي رباح ولد في خلافة عثمان وأدرك من الصحابة خلقاً كثيراً، قال الدارقطني: قال خالد بن أبي نوف عن عطاء: أدركت مائتين من أصحاب رسول الله r. وفي طبقات ابن سعد: قال أسلم المنقري، عن أبي جعفر: ما بقي على ظهر الأرض أحد أعلم بالمناسك من عطاء، وقال عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه: ما أدركت أحداً أعلم بالحج من عطاء بن أبي رباح. وقال ابن أبي ليلى: كان عالماً بالحج، قد حج زيادة على سبعين حجة، وقال: كان يوم مات ابن نحو مائة سنة، وقد شهد عطاء أن الصحابة كانوا يأخذون من لحاهم في النسك، وهو مكي، وله الفتيا في مكة، ولم يكن يفتي برأيه، فقد قال أبو خيثمة، عن عبد العزيز بن رفيع: سئل عطاء عن شيء، فقال: لا أدري. فقيل له: ألا تقول فيها برأيك، قال: إني استحييى من الله أن يدان في الأرض برأيي( ). فهذا عطاء يشهد على الصحابة أنهم كانوا يأخذون من اللحية في النسك، والله لو شهد من التابعين من هو دون عطاء بن أبي رباح أنه شاهد الصحابة يأخذون من اللحية في النسك لقبلنا روايته، فلماذا لم يقبلها بعض الإخوة هنا أو يدفعها بسبب ظاهر واضح يعذر فيه ومنها ما رواه أبو داود، قال: بسند حسن، عن جابر قال: كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة ( ). [ إسناده حسن ] ( ). وهذا حكاية عن الصحابة يقول ابن حجر رحمه الله: أخرج أبو داود من حديث جابر بسند حسن: كنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة. قال ابن حجر، فأشار جابر إلى أنهم يقصرون من اللحية في النسك. فقوله : يقصرون. هل الفاعل مفرد، أو جمع ؟ هذا من كلام السلف أما من كلام المعاصرين، فقد نقل الألباني رحمه الله إجماع السلف على وجوب أخذ ما زاد على القبضة، وذكر أن ترك ما زاد على القبضة لم يجر العمل به عند السلف( )، ولم أذكر كلامه احتجاجاً، ولكنه ينقل لنا نقلاً عن السلف، وهو ثقة عند المسلمين. وإذا ثبت أن الصحابة يأخذون من اللحية في النسك، فإن هناك مقدمتين ونتيجة: المقدمة الأولى: هل كان الصحابة يجهلون الأمر بإعفاء اللحية، هذا الحكم الذي يعرفه آحاد المسلمين في بلادنا ؟ المقدمة الثانية: إذا كانوا لا يجهلون الأمر بإعفاء اللحية، فإن السؤال، هل كان الصحابة لا يعرفون لغة مدلول كلمة الإعفاء في الأمر النبوي، وهذا أيضاً لا يمكن أن يقال: إن الصحابة، وهم أهل اللسان، وبلغتهم نزل التشريع، لا يمكن أن يقال: لا يعرفون مدلول كلمة الإعفاء. فبقي أن نقول بعد التسليم بالمقدمتين: وهو كون الأمر بإعفاء اللحية معلوماً لدى الصحابة، ومعنى الإعفاء معلوم أيضاً، فيبقى التسليم لفهم الصحابة أولى من التسليم لفهم من دونهم. الدعوى الرابعة: أن الأخذ من اللحية في النسك خاصة. إن قيل: إن الصحابة لم يأخذوا إلا في النسك؟ قيل: ثبوته في النسك دليل على جوازه خارج النسك ؛ ولأن النسك قيد غير مؤثر، كما لو قرأ الرسول r سورة في صلاة، وكانت الصلاة في السفر، لايقال: إن ذكر السفر قيد في استحباب قراءة هذه السورة، والدليل على هذا: وإني أذهب إلى القول بتقييد الأخذ من اللحية بالنسك إذا أجاب الإخوة على هذه الأسئلة الثلاثة: السؤال الأول: هل اللحية لها تعلق لها بالنسك، أوأن النسك في شعر الرأس خاصة، ألم يبين الرسول r النسك من قوله، ومن فعله، وقال: خذوا عني مناسككم، فهل نقل عن الرسول r وهو يبين النسك في حجة الوداع ما يدل على أن اللحية لها تعلق بالنسك. هل مات الرسول صلى الله عليه وسلم والمناسك لم تبين في حجته حتى جاء من بعده فأكملها. السؤال الثاني: هل قال أحد من السلف إن الأخذ من اللحية خارج النسك حرام، أم أن السلف فهموا من فعل الصحابة داخل النسك، جواز هذا الفعل خارج النسك. قد يقول قائل أصحاب الشافعي رحمهم الله كرهوه خارج النسك، يقال: نعم ولم يحرموه، بل عبر بعضهم بالأولى كما هي عبارة العراقي. والمنقول عن إمامهم استحبابه داخل النسك، وقد سكت عنه خارج النسك فلم ينص على كراهته، وعلى كل فلم يحرموه خارج النسك، فحتى أجزم بتحريمه خارج النسك أحتاج إلى قائل يقول به من السلف، لا أن آتي به من كَيْسِي. السؤال الثالث: هل يقول أحد إن الصحابة الذين أخذوا من اللحية في النسك لم يعفوا لحاهم حينئذٍ، وقد تشبهوا في المشركين في ترك الإعفاء. لأن الأمر بالإعفاء قد ربط بمخالفة المشركين كما هو معلوم . هل تقول: إن التشبه بالمشركين داخل النسك مباح، وإذا كان خارج النسك كان محرماً، أم تقول: إن الصحابة، وإن أخذوا من لحاهم داخل النسك لم يخرجوا عن حد الإعفاء المأمور به، وإذا كانوا لم يخرجوا عنه داخل النسك، لم يخرجوا عنه خارج النسك. فإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين أن اللحية لا تعلق لها بالنسك، وأخذ الصحابة من اللحية في النسك دل على أن النسك قيد غير مؤثر، وأن الصحابة لم يخالفوا الأمر بإعفاء اللحية داخل النسك وخارجه، ولم يقل أحد بتحريمه خارج النسك، فهذا يدل على أن من اعتبر النسك قيداً مؤثراً قاله به من عنده. هل يوجد قول بتحريم الأخذ من اللحية؟ الجواب: لا أعلم أحداً من السلف قال: لا يجوز الأخذ من اللحية مطلقاً، ولا عبرة بقول المتأخر؛ لأن المتأخر إنما هو متبع لمن سلف، وابتداع قول جديد في مسألة فقهية قديمة لا يسوغ( ). وقد ذكر ابن عبد البر والقاضي عياض وغيرهما الأقوال في الأخذ من اللحية، ولم أجد من بينها القول بتحريم الأخذ منها مطلقاً، فهو قول محدث . قال ابن عبد البر: اختلف أهل العلم في الأخذ من اللحية، فكره ذلك قوم( )، وأجازه آخرون( ). وقال القاضي عياض في شرحه لصحيح مسلم: وأما الأخذ من طولها وعرضها فحسن، ويكره الشهرة في تعضيمها وتحليتها كما تكره في قصها وجزها، وقد اختلف السلف هل في ذلك حد؟ فمنهم من لم يحدد إلا أنه لم يتركها لحد الشهرة، ويأخذ منها، وكره مالك طولها جداً، ومنهم من حدد، فما زاد على القبضة فيزال، ومنهم من كره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة( )اهـ. وقال العيني في عمدة القارئ (22/46، 47): " قال الطبري: فإن قلت: ما وجه قوله: " أعفوا اللحى " وقد علمت أن الإعفاء الإكثار، وأن من الناس من إذا ترك شعر لحيته اتباعاً لظاهر قوله: " أعفوا " فيتفاحش طولاً وعرضاً ويسمج حتى يصير للناس حديثاً ومثلاً ؟ قيل: قد ثبتت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خصوص هذا الخبر، وأن اللحية محظور إعفاؤها وواجب قصها على اختلاف من السلف في قدر ذلك وحده ، فقال بعضهم: حد ذلك أن يزاد على قدر القبضة طولاً وأن ينتشر عرضاً فيقبح ذلك، وري عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه رأى رجلاً قد ترك لحيته حتى كبرت، فأخذ يجذبها، ثم قال: ائتوني بجلمتين، ثم أمر رجلاً فجز ما تحت يده، ثم قال: اذهب فأصلح شعرك أو أفسده، يترك أحدكم نفسه حتى كأنه سبع من السباع. ثم قال: وقال آخرون: يأخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش أخذه، ولم يحدوا في ذلك حداً .. ألخ كلامه رحمه الله". فهذا ابن جرير الطبري يرى وجوب الأخذ من اللحية، وينسب هذا إلى السلف وإنما اختلافهم في قدر ما يؤخذ من اللحية، لا في تحريم الأخذ حيث قال: قد ثبتت الحجة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خصوص هذا الخبر، وأن اللحية محظور إعفاؤها وواجب قصها على اختلاف من السلف في قدر ذلك وحده. وقوله: محظور إعفاؤها يقصد الإعفاء بمعنى الترك، وإلا الإعفاء بمعنى التكثير فهو واجب، وحد ذلك القبضة، فما زاد فهو مباح أخذه وتركه. وقال ابن حجر في الفتح (10/350): حكى الطبري اختلافاً فيما يؤخذ من اللحية هل له حد أم لا ؟ فأسند عن جماعة الاقتصار على أخذ الذي يزيد منها على قدر الكف، وعن الحسن البصري أنه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش. وعن عطاء نحوه. قال: وحمل هؤلاء النهي على منع ما كانت الأعاجم تفعله من قصها وتخفيفها. قال: وكره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة. وأسند عن جماعة واختار قول عطاء، وقال: إن الرجل لو ترك لحيته لا يتعرض لها حتى أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به. اهـ فهذا حصر الأقوال في المسألة، فأين تحريم الأخذ منها مطلقاً كما يعتقده من يعتقده عندنا فقط. وهذا الإجمال في حصر الأقوال، وأما التفصيل في أقوال السلف، فهاك ما وقفت عليه: اختلفوا في حكم الأخذ من اللحية من غير حلق، فقيل: يكره أن يأخذ منها في غير النسك، وهو مذهب الشافعية. وقيل: له الأخذ منها، وهو مذهب كثير من أصحاب النبي r( )، والحسن وابن سيرين، وقتادة، وعطاء، والشعبي، والقاسم بن محمد، وطاووس، وإبراهيم النخعي، ومذهب الحنفية والمالكية والحنابلة، واستحبه الشافعي في النسك، واختاره الطبري، ورجحه ابن عبد البر، والقاضي عياض، والغزالي من الشافعية، والحافظ ابن حجر، وغيرهم. والقائلون بالأخذ منها اختلفوا في المقدار على قولين: الأول: أنه لا حد لمقدار ما يؤخذ منها، إلا أنه لا يتركها لحد الشهرة، وهو مذهب المالكية. والقول الثاني: أنه يؤخذ منها ما زاد على القبضة، وهو فعل ابن عمر. ثم اختلفوا في حكم أخذ ما زاد على القبضة على خمسة أقوال: فقيل: يجب أخذ ما زاد على القبضة، وهو قول في مذهب الحنفية، واختاره الطبري رحمه الله. وقيل: إنه سنة، وهو المشهور من مذهب الحنفية، واستحسنه الشعبي وابن سيرين. وقيل: إنه بالخيار، فله أخذ ما زاد على القبضة وله تركه، نص عليه أحمد، وظاهر هذا القول أنه يرى أن الأخذ من اللحية وتركها على الإباحة. وقيل: الترك أولى، وهو قول في مذهب الحنابلة. وقيل: يكره الأخذ منها إلا في حج أو عمرة. وقد وثقت كل هذه النقول في كتابي الإنصاف ولا أحب أن أوثقها هنا حتى لا أثقل الكتاب. فأين القول بتحريم الأخذ من اللحية مطلقاً من جهة السلف، فلا في الصحابة عرف هذا القول، ولا في التابعين ولا في الأئمة الأربعة ولا في مجتهدي هذه الأمة. أعود لأعيد القول لكم، وأسألكم فأجيبوني هل قال أحد من السلف بتحريم الأخذ من اللحية مطلقاً أم لم يقل به أحد ؟ فإن زعم أحد أنه قول محفوظ، فليأت به، فإنني باحث عنه، متعطش له، ولم أقف عليه، وقد يكون لقصور أو تقصير، وفوق كل ذي علم عليم. فإن قلت: لم يقل به أحد. فيقال لك هل كان السلف غافلين عنه، وتنبهتم له أو جاهلين به أم ماذا؟ فإن قال: نعم، كانوا غافلين عنه جاهلين به، كان هذا دليلاً على جهل قائله، وخرقاً للإجماع، وقدحاً في السلف. وإن قال: كانوا عارفين له، غير غافلين عنه، فيقال: فما الذي حال بينهم وبين القول به، والعمل بمقتضاه، فلماذا ابن عمر وغيره من الصحابة وأئمة التابعين والأئمة الأربعة لا يعملون به، ولا يفتون بمقتضاه. هل لأنهم اجتمعوا فيه على الخطأ دونكم، أو أنهم علموا هذه المسألة وقصر فيها علمكم، فكل من جاءنا بما يخالف عمل السلف الصالح فهو رد على صاحبه. بقي جواب على سؤال أسمعه كثيراً، أن عمدة من يحرم الأخذ من المعاصرين أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يأخذ من لحيته، مع أن لحية الرسول صلى الله عليه وسلم كانت طويلة، وكان الصحابة يعرفون قراءة الرسول صلى الله عليه وسلم من اضطراب لحيته، وكان صلى الله عليه وسلم كث اللحية كثير شعر اللحية. فأثبت لنا أنه أخذ من لحيته، وحينئذ نسلم لك القول بالجواز. والجواب على هذا. كونه r كث اللحية لا يلزم منه أنها طويلة ؛ فقد فسر أهل اللغة من اللغويين والفقهاء أن كلمة كث تعني الشعر الكثير غير الطويل. جاء في تاج العروس: " كث اللحية وكثيثها، أراد كثرة أصولها وشعرها، وأنها ليست بدقيقة، ولا طويلة، ولكن فيها كثافة. وجاء في النهاية في غريب الحديث لابن الأثير، وهو من أهل اللغة والفقه، قال: كث اللحية: الكثاثة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة، ولكن فيها كثافة( ). فهذا تفسير رجلان من أهل اللغة والفقه: بأن لحية الرسول r كثيرة الشعر، ليست بالطويلة، وإذا لم تكن طويلة لم يستدل على كون الرسول r لم يأخذ من لحيته على تحريم الأخذ من اللحية الطويلة. وكذلك جاء في مسلم: " كان كثير شعر اللحية " لا يلزم منه أن تكون طويلة إلى حد تتجاوز القبضة، والله أعلم. أما اضطراب اللحية فإنه ليس نصاً صريحاً في الموضوع، ومن كانت لحيته دون القبضة فهي تضطرب عند القراءة، فما بالك بمن كانت لحيته بمقدار القبضة، وهي غالب لحى المسلمين اليوم ممن يعفون لحاهم، فالنص أنها تضطرب لفظ مجمل، يرد إلى اللفظ الصريح، وهو كونه كث اللحية: الشعر الكثير ليس بالطويل ولا بالقصير، ولا بد من الجمع بين النص على أنه كث اللحية أي كثير شعر اللحية من غير طول فيها، وبين النص أنها تضطرب عند القراءة، فيقال: إن فيها طولاً لا يتجاوز القبضة. هذا ما حاولت أن أختصره من كتاب الإنصاف ومن كتاب آخر سميته ( تعزيز الإنصاف) لم يطبع ، وأعترف أن الإختصار يخل ولا بد بكثير من المعاني التي يحرص الباحث إلى إيصالها إلى القارئ، ولكني حاولت قدر الإمكان أن آتي على أهم مقاصد الكتاب، والله يرعانا ويرعاكم، وأسأل الله لي وللإخوة التوفيق والسداد. |
|
حلق اللحى كبيرة من كبائر الذنوب لانه من الذنوب المجاهر بها
هذا والله أعلم |
لاإله إلا الله.
|
الساعة الآن +4: 12:23 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.