جاءني خبر تعييني فكدت أطير من الفرح , ولم تكد رجلاي تحملاني من السعادة , لكنني لم أكن أعلم أنني سوف أواجه طلابًا هم أجهل من حمير أهاليهم :029: !! بل ربما كان حمار الحكيم الذي اشتهر بقوله :

قال حمــار الحكيــم يومــا...
لو أنـصــف الدهـر كـنــــت أركـــبْ
لأنني جــاهـــلٌ بسيــــــــطٌ ...
وصـــــــاحبي جـــاهـــلٌ مركـــبْ!!


أقول : ربما كان حمار الحكيم عندما غرد بهذا البيت من الشعر , فإنه – والله أعلم -كان يقصد طلابي الذين سأحدثكم عنهم :mad: , بل إني أجزم أن هذا الحمار الحكيم كان يلمح إلى أولئك المعلمين – من أهل تلك البلدة – والذين عرفتهم أو للأسف عملت بزمالتهم في هاتيك الديار!!

^
^
^

(لاتستعجلوا عليَ باللوم)

هاكم قصتي


عزمت على المسيرمن بريدة فجر يوم الخميس , ولما جاء الموعد المحدد انطلقت بسيارتي المتواضعة , وقد كان المسير يحتاج يومًا كاملاً ,
ذلك أن المنطقة التي عينت بها تبعد عن بريدة ما يقرب من 1500 كم ,

أثناء سيري كنت منهمكًا في التفكير , وكان شغلي الشاغل هم أولئك الطلاب ,


كنت أتساءل في نفسي :

كيف سأواجه أولئك الطلاب الأفذاذ؟؟!

كيف بي إذا سألوني عن مسألةٍ عويصةٍ؟؟

أم كيف بك إن هم سألوك عن قولٍ من الأقوال

أو خلافٍ أو راجحٍ أو مرجوحٍ في هذه المسألة أو تلك ؟؟!



أسئلةٌ عديدةٌ كانت تدور في ذهني , كادت تقتلع رأسي من مكانه!!


كنت أقول في نفسي : يا لها من مأساةٍ !! سوف أصبح أضحوكةً بين الطلاب! ولسوف يهزؤون من ضحالة علمي وسطحية تفكيري , وسوف وسوف وسوف ...الخ



لكنني ...

كم كنت واهمًا حين اعتقدت أنني ذاهبٌ إلى طلاب جامعة ((كمبردج)) البريطانية!!

أو على أقل الأحوال قلت : إنهم بمستوى طلاب ((السربون)) الباريسية العريقة ,

ولقد ظننت أقلهم مستوًى أحد طلاب كلية ((دار العلوم)) القاهرية!!



ونسيت

أو

تناسيت


أنني ذاهبٌ إلى كومةٍٍ من البدو الأقحاح!! الذين لا يعرف الواحد منهم كيف يكتب اسمه فضلاً عن أن يناقش أو يجادل !

بعد يومٍ كاملٍ من المسير والعناء , وصلت إلى تلك المنطقة , وفي يوم السبت تم توجيهي إلى مدرستي بمحافظة (( اللي راح ما رقعش:eek5 !! ))

انطلقت مباشرةً إلى تلك المحافظة (( إن صحت تسميتها محافظة!! )) التي سوف أعمل على تدريس أبنائها الأفذاذ !!



وأثناء سيري , كنت متحمسًا لاستلام عملي حتى إني كنت أقود سيارتي بسرعةٍ جنونيةٍ تتجاوز 60 كم في الساعة!! :D

وفي محاولةٍ انتحاريةٍ حاولت تجاوز هذه السرعة!! لكني لم أفعل , ليس لأن الطريق مراقبٌ بالرادار , ولكن مخافة أن ينفتح علي الغطاء الأمامي للسيارة:090:



كانت الفرحة تغمرني , وكنت أتخيل كيف سيكون مبني المدرسة ؟!

فهو بالتأكيد سوف يكون حكوميًا

وسيكون من ستة طوابق على الأقل

ولا شك أنه يحمل بين جنباته الفخامة والأناقة وروعة التصميم ... الخ!



فجأةً:eek: قطع تفكيري صوت المذياع المزعج , مددت يدي لأطفئه

آه ... لقد تذكرت! ليس هذا صوت المذياع ! بل هو صوت قرشعة سيارتي المتهالكة :D , والتي أحمل لها بين جوانحي كل حبٍ وحنان ,



لقد كانت قرشعة سيارتي الحنون تنبهني إلى أنني اقتربت من المدرسة !

بدأت أبحث عن المدرسة , وأثناء بحثي , شاهدت لوحةً صغيرةً تشير إلى أن اتجاه المدرسة يمر عبر ذلك الطريق الصحراوي المخيف !!:confused:

ساءني ما رأيت :oo ,

فهذا الطريق يمر على مفازةٍ مهلكة !!
وبالتأكيد لم أك لأتمنى أن تكون نهايتي مثل نهاية أي سحليةٍ برية :eek5 !! غريبًا بعيدًا عن دياري .. فـــأنا وإن فارقت بريدة إلا أنني لازلت احنَ إليها :


كم منزلٍ في الأرض يألفه الفتى...
وحنيــــــــــنه أبدًا لأول منـــــــزل


بدأت الأفكار تراودني بالرجوع إلى مسقط رأسي في القصيم

ولما أن هممت بالرجوع تذكرت أن أصدقائي كانوا يلقبونني بالبطل المغوار !! والمقدام الذي لا يشق له غبار , رغم ضآلة جسمي , (يعني موهقينن:D )

فقلت في نفسي التي طارت شعاعًا :


تـــرى الـرجــل النحيــل فــتزدريــه
وفي أثــــوابـه أســـــدٌ هصـــور..

نعم !! أنا الأسد الهصور


ثم استجمعت قواي , وقرأت أورادي , واقتحمت هذا الطريق الصحراوي المخيف على بركة الله .

وأثناء سيري كنت ألتفت يمنةً ويسرةً من الخوف :bad , ثم أنظر خلفي في المرآة , لأرى الغبار يتطاير من خلفي , فأترحم على موظفي البلدية الذين مهمتهم رش الأحياء !!:090:

^
^
^
^

وبعد أن أضناني المسير وسط الصحراء , بحثت عمن أساله عن المدرسة

فرأيت سيارةً من بعيدٍ , حاولت اللحاق بها , وعندما اقتربت منها , لاحظت أنها توقفت عند أحد الأحواش المريبة !!:confused:

نزل منها شخصٌ مخيف المنظر , إحدى عينيه عوراء , والأخرى حمراء !! إذا رأيته شككت في أن يكون هو المسيح الدجال..!!:090:

^
^
^
^


دخل هذا الرجل المخيف ذلك المكان الموحش

بدأ الرعب يدب في نفسي , وتيقنت أن هذا الحوش هو وكرٌ من أوكار الخمور!! ثم قلت : لا : بل هو لترويج المخدرات!!

هممت بالهرب إلى مدرستي مخافة أن يخرج علي أحد المجرمين من هذا المكان المرعب !! ولكن لم يكن بيدي من حيلةٍ أحتالها , فلا بد من السؤال عن المدرسة وأين تقع ..



استجمعت قواي ونزلت من السيارة , وطرقت باب ذلك الحوش بكل أدبٍ واحترامٍ , مع أن الباب كان مفتوحًا

وبعد أن أزعجت الموجودين بكثرة الطرق , سمعت صوت أحدهم مقبلاً , فبدأت قدماي ترتجفان , وبدأت أسناني تصطك!!


^
^
^


ثم خرج ذلك الرجل الذي أرعبني منظره!!


سلمت عليه , وسألته عن حاله وأحوال أبيه وأمه وأعمامه وأخواله ..:eek5

ثم قال والشرر يتطاير من عينيه : ماذا تريد؟ لقد أزعجتنا بطرق الباب! :(

أجبته : أريد مدرسة (( ..... المتوسطة )) :eek5



فأجابني إجابة نزلت على رأسي نزول الصاعقة :

^
^
^


أهلاً بك في مدرستك الجديدة يا زميلنا الجديد !:eek:

^
^
^
^
^
^
^
^
^
^

نعم ! لقد كان ذلك المكان المخيف هو مدرستي التي تصورتها (( خمس نجوم)):029: !!


... يتبع ...



تنبيه هامٌ جدًا : أخوكم المصدوم بحاجةٍ إلى إعادة تأهيلٍ لنفسيته المنهارة , لا تبخلوا علينا بالتشجيع