بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   .:: [ سأتركها وأموت ] .. [ هذه اليد اللعينة ] .. [ قصة ] ::. (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=96402)

أبـو العبـــاس 06-11-2007 05:59 PM

.:: [ سأتركها وأموت ] .. [ هذه اليد اللعينة ] .. [ قصة ] ::.
 

.:: [ سأتركها وأموت ] .. [ هذه اليد اللعينة ] .. [ قصة ] ::.


شخبطها : أبو العباس


____________________


ذات مساء والقمر يلف بضوئه الأرض ومن عليها ، المكان ساكن لا حراك فيه ، لا تسمع إلا حفيف الشجر من هواءٍ ينساب بتردد فيكوّن نغمًا تطرب له الأنفس وتلذ الآذان ، مرّت الدقائق مثقلة بالوجوم والترقب ..
- لا شيء هنا ..
هتف بها وهو يلتفت يمنة ويسرة مخترقًا ببصره التلال المترامية البعيدة علّه يرى إنسانًا أو طيف جان !!
جوّاله المتعلّق بيده يهزه يمنة ويسرة وهو يهتف غاضبًا بصوت عال :
- جوّال لعين ، لعنك الله ولعن شركة الاتصالات معك ، ولعن ........ معكم !!

لم يوقف لعناته حتى أتى على كل من يظن أنهم سبب في منع أبراج الجوال في هذه المنطقة النائية ..


صعد التل المجاور لاهثًا ، وجلس في أعلاه وكأنه يعلن أنه أصبح سيّد المكان .. ضحك عاليًا حين خطرت له هذه الفكرة ، نعم أنا سيّدٌ هنا .. سيّد على الشجر ، والأعشاب ، وعلى تلك الطلحة البعيدة ، وعلى السيارة العالقة في الرمال ، بل وعلى نفسي !!


- على نفسي !!
صوّت بالعبارة ، فقطع حاجز الصمت المطبق على المكان ، وراح يردد ببلاهة :


- سيّد على نفسي !!


هل كنت يومًا ما سيدًا عليها ؟؟


أم هل خرجَتْ هي عن سيادتي يومًا ؟؟


أم هل سيادة النفس عليّ أولى ؟؟ أم سيادتي على نفسي ؟؟


وما الفرق بيني وبين نفسي ؟؟


ألست أنا نفسي ونفسي أنا !!


ضحك ببلاهة وهو ينظر إلى سيارته العالقة في رمال الصحراء وازداد ضحكه وهو يتمتم :
- ها قد بدأ درس الفلسفة هنا .. ولكن لا بأس فهو خير من التفكير في الموت !


قطّب جانبيه مفكرًا ..
أحقًا سأموت ؟؟
صاحبي حسن ، زميلي صالح ، خطيبتي نورة ، الحوش ، التحدي غدًا بالمقطوع ، العشاء يوم الأربعاء في مزرعة الـتركي بالضلفعة ، الخميس زواج عبد العزيز ولد جيراننا = كلها سأتركها وأموت ؟؟



الموت !!
والتفت فزعًا كأنما الموت بجانبه ..
- كلا لن أموت !!
صرخ بها وهو يقفز واقفًا ويجري من غير هدى صارخًا فزعًا كأنما تطارده ذئاب العالم كلها .. حتى إذا ما وصل إلى الطلحة أخذ في الصعود إلى أعلاها ، من بين الأغصان والشوك ، ويداه ترتجفان وعرقه يسيل وهو يلهث تعبا فما أن وصل أعلاها إلا وصاح بأعلى صوته :
- النجدااااه ..
- يااا ناااااس ..
- ووآآآآآآ أين أنتم ..



صاح حتى أعياه الصياح ، وضاع صوته في الصحراء الكبيرة ، وبقي على هذا إلى أن بُح صوته وسقط من الطلحة منهكًا متعبا مشتتا ..




- حسنًا لن ينقذني أحد ، ولن أنتظر رحمة أحد ، أهلا بالموت الآن ..




ونظر إلى سكينه التي التقطها من السيارة ، وتحسس ذؤابتها ، ثم وضعها فوق ثديه الأيسر ، وأمسك بالنصل بقوّة ..
- لا ، هكذا سأبقى أرتجف وأتعذب ..




أبعدها بسرعة ووضعها في رقبته عند وريده ، لا يدري لِم ارتجفت يده في تلك اللحظة ..
- هذه اليد اللعينة لا تنفع إذا احتيج إليها أبدًا ..

أمسك السكين بيده الأخرى ووضعها على وريده حتى إذا ما لامست جلده أحس بقشعريرة باردة ، وتصبب العرق على جبينه ، تذكّر ابن جيرانهم الصغير كيف أنه كان حييًّا فحين يُكلِّمه أحد يتفصد جبينه عرقًا .. قهقه في نفسه : كان هذا قبل أن أتعرّف عليه ، أمّا الآن فيكفي ضربُه لإمام المسجد الأسبوع الفائت ، ( إيييه الولد المزيون صار عربجي ! ) ..
نظر إلى يده الممسكة بالسكين وتذكّر أيّامه مع ابن جيرانهم فضحك ببلاهة وقال :
- ما لِيَدِي اليوم لا تقتل ؟ لقد أخذت حظي من الدنيا فلأقتل نفسي الآن ..

وقرّب السكين إلى حلقه ..
- لا ، لا تنفع الرحمة ، يجب عليّ أن أكون حازمًا وسريعًا في قراري ..




حازمًا وسريعًا !!
في حياته كلها لم يكن يومًا حازمًا وسريعًا ..
- ولكن اليوم غير ..

وإن قَدِمَ المنقذ غدًا ؟؟
- سأكون قد مت .




وما الفائدة ربما تستطيع أن تحيا .
- كلا ، لن يأتي أحد .
كان يحاول أن يداري شكه بالإنقاذ بإصراره على الموت ..




قرّب السكين في تردد وضعف ، فهاجس الإنقاذ قد هدّ عزمه ، لامست السكين جلده الغض واخترقته بيسر وسلاسة ، أحسّ بنار كاوية مسّته ، دمعت عيناه ، اصطكت اسنانه ، ارتعشت شفتاه ، وسال لعابه ، تردد نفسه وضاق صدره ، لم تصل السكين إلى اللحم بعد ، غرز السكين بأول طبقة من اللحم فانتفض جسده ألمًا وأحس في كل جزء منه شوكًا وإبرا ، تذكّر ملك الموت ، أيأتيه الآن ؟؟
تذكر أنه يأخذ الروح كالشوكة من الصوف ..
- نعم هاهو يأخذ روحي .. لا .. أنقذوووني .. لا أريد أن أموت الآن ..




صور كثيرة جدًا مرت أمام ناظريه ، مواقف كثيرة ، معاص لله كثيرة ، ارتجف لها جسده ، تذكّر الجنة ، وتذكر النار ، انتفضت يده وألقى السكين وجرحه الغائر ينزف دمًا ..




لا يدري لم دمعت عيناه سرورًا حين رأى الطلحة أمامه ..




قام مبتهجًا نحو السيارة ، وهو يزيح ثوبه عن ساعده ، كان منهك القوى ، ضعيف البدن ، سقط لاهثًا ، قام مرة أخرى فهوى لوجهه من شدّة الإعياء ، نظر إلى السيّارة ، وإلى قِربَة الماء عندها ، إنه يريد الوضوء ، نظر إليهما بحزن ، واسودّت الدنيا في وجهه ، وانطفأت أمنيته الأخيرة ..




ضرب الأرض بيديه ومسح بهما وجهه ، وجلس والدنيا تدور في عينيه ، ثم خرّ ساجدًا .. باكيــا ..



- ربّ اغفر لي .. رب ارحمني .. ياااارب تب عليّ وأنت التواب الرحيم .. يااارب تبت إليك وعدت إليك فاقبلني ..




وسقط على جنبه فاقدًا الوعي ، ودموعه ما تزال تنحدر ، وابتسامة وجهه تتسع ..



وتتسع ..



و تتسع ..










بلا مجاملة 06-11-2007 07:19 PM

أهذه هي نهاية القصة ؟

ياآآآآآآآآآه

لا أدري ، هل أفكر بلحظات القصة أم كيف انتهت ؟






أبو العباس العربي

لك مني تحية

فـالـكون 06-11-2007 07:41 PM




:eek5:eek5:eek5:eek5:eek5:eek5

سلمان البراهيم 06-11-2007 07:54 PM

مشكور ..

_العائد الأول_ 06-11-2007 11:37 PM

أهلا بالقاص
_يعجبني في هذه القصةالتساؤل الذي له دلالة عميقة
((- سيّد على نفسي !!هل كنت يومًا ما سيدًا عليها ؟؟ أم هل خرجَتْ هي
عن سيادتي يومًا ؟؟ أم هل سيادة النفس عليّ أولى ؟؟ أم سيادتي على نفسي

؟؟ وما الفرق بيني وبين نفسي ؟؟

ألست أنا نفسي ونفسي أنا !! ))

__كما أنك أبدعت في قضية خلق اللغز في أول القصة

ثم مع كل حدث أو حوار تنفتح لك بعض علامات الإستفهام حتى

تنتهي القصة وقد فتحت باب اللغز كله..

__كماأنك نجحت نجاحا لابأس به في تصوير الصراع مع النفس.

_بعض الناس يظن أن كتابة القصة بسيطة وماعلم أن أصعب فن في الفنون

الأدبية المعاصرة هو فن القصة وفي العصر الحديث احتلت الرواية مركز

الصدارة بدلا من الشعر:eek5:oo

_كماأن بعض الناس يظن أن الرواية هو أن يكون عندك أسلوبا أدبيا فقط

وهذا خطأ كبير...

إن الرواية والقصة المعاصرة لها منحى فلسفيا واجتماعيا ونفسيا

فهي ليست فنا أدبيا خالصا

والرواية تعتمد على ((الفكر والفلسفة_علم النفس والإجتماع_الأسلوب

الأدبي_معرفة قوانين الرواية مثل الحبكة وغيرها....))

ولذلك لانعجب من مؤسس الرواية نجيب محفوظ إذا علمنا أنه دكتورا في

الفلسفة وأن أكثر رواياته لها بعدا فكريا..

وممايحز في صدري أنه لايوجد روائيا إسلاميا عميقا مثل

نجيب محفوظ وغيره..

__وأنا أعرف بعض الإخوة الذين لهم اهتمام و تجارب مع الرواية والقصة

ومع ذلك لايقرأون في كتب نقد الرواية..

وأذكر أنني في فترة اهتمامي بفن الرواية بحثت في مكتبات بريدة

عن كتب في نقد القصة فماوجدت حتى ذهبت إلى النادي الأدبي فاستعرت

كثيرا من تلك الكتب..والآن ولله الحمد عندي كتب كثيرة في نقد الرواية

اشتريتها من الرياض والدمام وقرأت منها العشرات..
كماأنني لي محاولات في هذا الباب وقد كتبت قصة في20 صفحة

حقيقة 07-11-2007 01:39 AM

يالله ..
ما أجمالها .. من حروف .. خطتها يمينك ..

دمت مبدعاً .. أيها الصديق العزيز ..

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:09 AM

إلهي عفوك .أما لو علمت أن ما أكتبُ سيلاقِي هذا الترحيب لحسّنته وراجعته ، ولارتقى من ( الشخبطة ) إلى الكتابة . إنما هو خاطر خطر فسطرته في نصف ساعة أو تزيد قليلا .

أبو العباس

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:12 AM



الأخ الحبيب : بلا مجاملة

أشكر لك إطلالتك البهية . وتفضّلك بالرد .


محبك

أبو العبّاس

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:15 AM


الأخ : فالكون .

شكرًا لمرورك العَطِر .


أخوك

أبو العباس

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:16 AM



الأخ : سلمان إبراهيم .


مرورك سرّني ، وشكرك لطيف مثلك .



محبك

أبو العباس

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:19 AM



شيخي الغالي وصاحبي : أبوس .

أشكر لك ما تفضلت به من إطراء لا أستحق بعضه ، وبخصوص التنسيق أتراه أعجبك لأنه كتنسيقك ! ( ابتسامة )

محبك
أبو العباس

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:20 AM




الناقد الشاعر : ملك الصقور .


بعد أن قرأت ردّك ورد صاحبي أبوس رجعت لأقرأ القصّة من جديد ! . ترى أين ملامح الحسن التي قيلت ؟؟ . أم تراهم أرادوا الإطراء فحسب ؟ . أود أن أكون عند حسن الظن أحبتي .


أما نعتي بـ ( القاص ) فلا أعلم أمدحٌ هو أم ذم ؟


وأما الذي استحسنتَه فيبدو أنّك رجل فيلسوف ، أو محب للفلسفة . والفلسفة – برأيي – لا تجتمع مع الأدب إلا نادرًا . ولا أقصد هنا الحكمة الجبلّيّة ، بل الفلسفة بمعناها العلمي المدرسي .


أخي ملك : الحقُّ أنني استفدت منك هنا الشيء الكثير ، و استفدت من حوارك مع شيخي أبوس غاية الاستفادة ، فابق متصلا .


محبك
أبو العباس

أبـو العبـــاس 07-11-2007 02:23 AM






صاحبي : الوافي ( الوفي )

مرورك شرفٌ لي أيما شرف ..

دمت صاحبًا

أبو العباس

أبـو العبـــاس 12-11-2007 08:26 PM

......

الصباخ 13-11-2007 01:03 AM

لي عودة بإذن الله للتعليق على القصة .. إن لم أنسَ ذلك ..

أبـو العبـــاس 20-11-2007 02:36 AM



الصباخ ..

مرورك الكريم سعد لي ..

دمت محبوبا

أبو العباس

الصباخ 21-11-2007 02:54 PM

قرأت القصة، وقد أعجبتني كثيراً وبخاصة تصوير الصراع بين الشخص ونفسه.

أيضاً مما أعجبني هو خلو القصة من النهاية، وأنت بهذا تذكرني بالدكتور محمد الحضيف، فهو دائماً لا يضع نهاية واضحة للقصة.

دمت بود، ولا تقطع بنا.

(موحد) 21-11-2007 09:57 PM

من أروع القصص التي قرأت .
ومن أروع ما بها الحوار مع النفس وتوافد الخواطر عليها وشعال الخيال والتصور في القصة .
. . . . .
دمت بخير أخي / أبو العباس .

.

أبـو العبـــاس 06-01-2008 06:15 AM


( الصباخ ) أشكر لك مرةً أخرى .


( موحد ) مرورك الطيّب زاد من طيْب هذه البقعة .


أبو العباس

سوبر بريدة 25-01-2008 01:03 AM

القصة ممتازه (مع أني مافهمت شي ) لكن جزاك الله خير وجعله في موازين حسناتك


الساعة الآن +4: 09:31 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.