![]() |
مع بخلاء العصر مواقف ومشاهدات .
الكرم ومأأدراك مالكرم إنها مجموعة مترادفات تبدأ بالإيثار وتنتهي بأدبه . الكرم كقمة الجبل صعب المرتقى إليه ، سهل السقوط منه . إن أدنى الأشياء تجعل العطاء الجزل بخلا ، وتقلب البذل الوافر شحا . هذه مواقف مرت بي ووقفت على بعضها فحزنت على المكارم التي ألهب لها شعراء العرب مشاعرهم وشعرههم فيها وسموه ساتر العيوب . رأيت دعدعة للكرم !! ........ وجعجعة بالسخاء !!....... ولاتراه في ميزان العرب إلا بخلا !! وفي ميزان الدين شحا!! . فانكشفت العيوب كأقبح شئ تراه لما تهتك ستر الكرم . الموقف الأول : قلطنا عند رجال وقدم لنا مايعجز عنه من القهوة والشاهي والتمر بأنواعه ، والبسر بأشكاله ، ثم العشاء حدث ولاحرج ، ولكنه مقطوطب الجبين ، عابس الوجه ، يرمقنا بطرفه ، حتى اذعرنا ، وكأننا قد ذبحنا أحد أولاده أي والله ، لم نسمع ترحيبا ولو من حرفين أو ثلاثة ، ولانرى تبسما . فتذكرت قول حاتم : ومالزاد للأضياف أن يكثر القِرَى ## ولكن وجه الكريم خصيب . ولا أعد هذا الرجل إلا بخيلا أيجود بالزاد ويبخل بالكلام والتبسم والمباسطة للأضياف . يظن البعض أن الكرم بقدر كثرة الطعام والشراب . الموقف الثاني : كان رجل قد عزم مجموعة من الناس وكنت منهم . فلما حضر العشاء إذا هو قد سبق الضيوف فكان هو أول من جلس واأول من فك القصدير عن العشاء ، واول من مد يده ، شكله يحسبنا نلعب أيهم السابق . وهذا جشع وبخل فما هذا كرم ، واستنكر الجميع ذلك ، ولو ملأ الأرض ذبائح، فمن أين يتلقف البعض هذه الآداب؟ وتذكرت بيت الشنفرى الازدي الذي يقول فيه : وإنْ مُدتِ الأيدِي إلى الزادِ لمْ أكُنْ ## بأعجلِهِمْ إذ أجشعُ القومِ أعجلُ . الموقف الثالث : كرم بالتقسيط !! هذه تحصل لدى كثير من الناس وهي : أنك تقلط عند رجال فيأتي بالتمر وينتظر ثم تاتي القهوة بعد ما تبلغ القلوب الحناجر ، ثم بعد وقت يأتيك الشاهي وربما الفناجين والبيالات تقسط عليك. فيا لله ماهذا ؟ أي شئ هذا الأدب الذي يقلب الكرم إلى مهانة وإهانة . أما لو رآه بعض آبائنا وأجدادنا لكسر الفناجين على رأس صاحبها . وتجده ببعض المجالس يتبجح أنه ابن أكرم الاكرمين وما أورثت النار إلا رماد . الموقف الرابع : بعض الناس ينسى كرم النفس مع من أقرب الناس له فيعتقد انه من باب ( الألفة تسقط الكلفة ) فيتنازل عن أكثر الآداب الواجبات . حدث أنه قلط أحد الأصحاب عند أحدهم فبعد أن قدم القهوة والشاهي اتكئ على الجدار خلفه ومد رجليه في وجه صاحبه !! فلاهو الذي قهواه ! ولاهو الذي تأدب معه !! أحد الجاهليين لما لحق الناس الجراد وأقبل نحو بيته خرج إليهم بالسيف وقال : إنه احتمى بي فلايقربنه أحد مدام في حماي فلقب مجير الجراد . نقله الالوسي في (بلوغ الأرب في أحوال العرب ) الموقف الخامس : لاتصب القهوة حتى يكتمل الفريق !!.. وكاننا نلعب كورة . دعانا أحد الاخوة فلما جئنا وبعض المدعوين تأخروا و قد وجدنا القهوة موضوعة على طاولة في وسط المجلس بكامل عدتها كأحسن ما انت راء ، ولكن الويل لمن يقربها حتى يكتمل العدد .. أخذنا نفيض بالسواليف هنا وهناك حتى نشفت حلوقنا ... انتظرنا .... انتظرنا .... طرق الباب ... استبشرنا .... ولكن القادم شخص واحد ... القرار لم يتم بفتح أي زمزمية .. لانه بقي خالد وعلي .. بقينا بشر حال حتى ذهب أكثر الوقت فجاء الاثنان وصبت القهوة . إنها مواقف بخل يندى لها الجبين ، وطرق خاطئة في الضيافة والتعامل مع الضيوف . أنتظر آرائكم ، وعلى قدرها سأزيد بعض المواقف إن شاء الله . |
البخيل أشد الناس عناء وشقاء، يكدح في جمع المال والثراء، ولا يستمتع به، وسرعان ما يخلفه للوارث . في الدنيا يعيش عيش الفقراء , وفي الأخرة يحاسب حساب الأغنياء . وماعلم أن المال يروح ويجيء ؛ وأن الذي يبقى السمعة الطيبة , والصيت الحسن . ومن قرأ كتاب البخلاء [للجاحظ] لرأى العجب العجاب من قصص البخل , ولكن موضوع أخي تأبط رأياً أفضل من ذلك الكتاب بكثير بكثير . . . ولإن كاتب هذا الموضوع على منهج أهل السنة والجماعة , وأيضًا يحكي لنا من القصص المعاصرة , (بعكس ذلك الكتاب تمامًا ) بل هو أفضل من ذلك الكتاب كما قلت سالفا . أكمل بارك الله فيك فنحن متابعون (: . |
مرحباً بأستاذنا [ تأبط رأياً ] الكرم طبع لا تطبـّـع ، وعلى ذلك فمدعي الكرم ممـّـن ليس أهله لا يلبث أن يبين معدنه مهما وضع من ولائم وتضحيات ، والكرم الحقيقي ــ برأيي ــ هو التعامل اللبق البشوش والذي يـُـحسس المتلقي بأريحية وصدق مقابـِـله . قبل فترة ذكرت في أحد المواضيع ــ المسروقة ــ المثل المصري الذي يقول : [ لاقيني ولا تغديني ] ، وهو مثل جداً جميل إذ أن المقابلة الحسنة والتي يتخللها التحفي والفرح وبعض الكلمات الشافية للغليل أهم وأفضل من أن يقوم مستضيفك بإطعامك حتى إشباعك . عندي نظر بسيط لبعض مواقفك المذكورة وخصوصاً الأخير منها إذ قد يكون الباقيان [ محمد وعلي ] ممـّـن لهما ثقلهما ولأجلهما أقيمت الجمعة والوليمة فمن الأدب معهما فعل ذلك . قد يكون لي عودة لأن موضوعك ذو شجون ، فقط أنتظر إكمالك لسلسلة موضوعك ، والذي أتمنى فيه أن يكون آخر عهد بإنقطاع [ تأبط رأياً ] عن منتداه وإخوته :) . |
,, تأبَّط رأياً راق لي موضوعك كثيراً .. وللأسف هذا ما نراه عند البعض .. بوركت أخي ,, |
ما شاء الله ، بارك الله فيك أيها الكريم على هذه الدرر ..
ونحن بحاجة ماسة إلى مثل هذه الأمور ، ولكن قد ينازع في بعض الأمور التي يظن أنها من البخل عند مجتمع وهي ليست كذلك عند آخرين فالعرف له دور كبير في هذا . ومما يتعلق بهذا مسألة ( استخدام الضيف ) فقد جاء في البداية والنهاية لابن كثير رحمه الله في سيرة أمير المؤمنين عمر بن عبدالعزيز رحمه الله 12 / 703 : " وقال رجاء بن حيوة : سمرت عند عمر بن عبد العزيز ذات ليلة فعشِىَ السراج فقلتُ : ألا أنبه هذا الغلام يصلحه ؟ فقال : لا ، دعه ينام . فقلت : أفلا أقوم أصلحه ؟ فقال : لا ، ليس من مروءة الرجل استخدام ضيفه . ثم قام بنفسه فأصلحه ، وصب فيه زيتا ، ثم جاء وقال : قمت وأنا عمر بن عبد العزيز وجئت وأنا عمر بن عبد العزيز . " وفي مصدر آخر : " ليس من الكرم استخدام الضيف " ولذا تجد بعضهم يجعل ضيفه يساعده في صب القهوة أو إحضار العشاء ونحو ذلك فهذا ليس من الكرم كما تقدم والله أعلم . |
أبو ريان :
اقتباس:
البخل على الأهل والعيال لون آخر من ألوان البخل القاتمة . وأعرف من ذلك شجون والله المستعان عسى أن يفرج عن زرجته وعياله . أخي الكريم أشكر لك اهتمامك وورطتني أمام الاخوة أخشى ألا يكون ذا بال . على كل حال سأكمل على مافيه . أخي المسفهل : اقتباس:
وفعلا الكرم طبع ولكن قد يأتي بالتطبع ، والطبع آدابه دقيقه ، كالورقة البيضاء أي نقطة تفسده. اقتباس:
1ـ أن هذه قهوة وأمرها سهل في تحضيرها وإصلاحها فهي ليست مثل العشاء. 2ـ أنه إذا تاخر جدا من له الوليمة فالتقصير من جهته وليست من جهة صاحب الوليمة . شاكرا لك اهتمامك . |
نبوخ الفكر :
اقتباس:
|
أبا عمر القصيمي :
اقتباس:
قولك درر كبيييييييرة لكن هو كلام في أدب إسلامي وعربي عريق حصل فيه خطأ وخلط وادعاء وجعجعة . رعاك ربي : مايحصل من أخطاء لدى بعض التصرفات في الإكرام منقسم قسمين : 1ـ أحدها فيه نص . 2ـ والآخر ماكان من قبيل العرف . والنقد منصب على من عرفهم كعرفنا لا فرق. وقصة عمر ابن عبدالعزيز في محلها فهي كالدرة في العقد. |
نكمل .. الموقف السادس : كنت يوم الاثنين الموافق 10/8/1429هـ في أحد مدن المملكة ولي أخ صاحب تجارة بالخيل وقال لي يوجد هنا في هذه المدينة حراج للخيل في مثل هذا اليوم .... المهم ............................... أقبللنا على أصحاب الخيل في تلك المدينة وإذا لهم دكة واسعة سلمنا عليهم...... ردوا علينا السلام ..... قالوا: تفضلوا ..قلطنا ... كل واحد استقر في مكانه. جلسنا ما يقارب أكثر من ساعة تجاذبنا فيها الحديث وغالبه في هذه البضاعة التي لا علم لي فيها إلا الحب فقط كان المعتاد لدى جميع العرب بل والمسلمين أن يقدم للضيف شئ ولو ماء خصوصا كحر تلك المدينة فما رأينا من ذلك شيئا وكأن القوم نشؤا في بلاد( مروا) الذي يقول عنهم الحموي في معجم البلدان أنهم مشهورون بالبخل أذن المغرب صلينا ثم تفرقنا وأنا أندب كل غريب سيطرقهم إن كانوا كما رأينا والله المستعان. إنه لايعني ذلك الولع بأكل وشرب في كل محضر بقدر مافي ذلك من تسليط الضوء على الخلل الذي يمارسه البخلاء في طعامهم وشرابهم والشح حتى بالماء . أي والله . الموقف السابع : عملت في التدريس في عدة مدن فلم أر أغرب ولا أعجب من ذلك البخل في ذلك الرجل . كانت المدرسة عبارة عن مجمع (ابتدائي ومتوسط وثانوي) وكان فيها مكتبة مليئة بالكتب ، وصاحبنا هو أمين المكتبة كنت أقضي أغلب وقت الفراغ بالمدرسة في هذه المكتبة وكنت كالابن لهذا الرجل ، ونتذاكر في كل شئ خصوصا في الكتب ، من أول الصباح حتى أخرج منها ، الغريب أنه يشرب زمزمية شاهي كاملة يوميا وأنا بجواره لا يفصل بيني وبينه إلا بعض أكوام الكتب ... ولم أشعر به إلا آخر السنة بطريق المصادفة. كيف يشربها ؟ كيف يحضرها ؟ هذا هو الغريب . الطريقة : أنه قد اتفق مع الخادم أن يحضر زمزميته الخاصة به ويضعها تحت طاولته كل يوم قبل الطابور . كيف علمت أنا ؟ في يوم من الأيام وأظنه في آخر السنة دخل علينا الخادم ومعه الشاهي الخاص بصاحبنا فقام بخفة إليه . وعاتبه ألا يكرر هذا العمل مرة أخرى ويتأخر به إلى هذا الوقت. فمنها علمتُ بكؤوس تحتسى يوميا هنا . لايعنيني ذلك بقدر مافيه من الجشع الإمساك . فبدأت أرقبه في بقية الأيام ... وإذا هو يلتف بكرسيه الدوار بكل خفة نحو الجدار أو للجهة المعاكسة لي. ثم يرتشف من ذلك الكأس بكل صمت وهدوء حتى لا أسمع ولا أرى. إنه بخل لم أر ولم اسمع بمثله إلا ما قاله جرير : قوم إذا أكلوا أخفوا كلامهم ## واستوثقوا من رتاج الباب والدار قوم إذا نبح الأضياف كلبهم ## قالوا لأمهم بولي على النار وقول الآخر : تراهم خشية الأضياف خرساً ## يصلون الصلاة بلا أذان. وإلى مواقف ومشاهدات أخرى نفضح بها بخلاء هذا العصر. |
جميلة ورائقة ، لكن كما قال الإخوة يصيبك بعض الضيوف بالغم بتأخره . وفعلاً أكرم الكرم أن تجد نفسك منبسطة في وجود أضيافك . |
.. لا خيل عندك تهديها ولا مالُ *** فليسعد النطق إلم تسعد الحالُ شكراً لك أستاذنا .. |
اسلوب رائع بارك الله فيك.. بانتظارك.. |
اقتباس:
أشكر الكاتب بأن جعل هذا يعقّب ، فشكراً لكما |
السمو
اقتباس:
أخي الغالي : إن بيت حاتم بيت شارد دقيق الوصف لما قال : ومالزاد للأضياف أن يكثر القِرَى ## ولكن وجه الكريم خصيب . همسة : استوقفني توقيعك ، واعجبتني فكرته وبساطته مع أنه دعوي .... وهكذا فلتكن التواقيع وإلا فالبياض أولى منها . الصمصام : اقتباس:
وصدقت : فليسعد النطق إلم تسعد الحالُ . بيت في محله . |
الساعة الآن +4: 02:26 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.