بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   [ سوق الأفكار ].. تأملٌ قبل السبات! (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=101145)

الثائر الأحمر 05-01-2008 02:56 PM

[ سوق الأفكار ].. تأملٌ قبل السبات!
 
كتبت في بياض الصباح.. أو في صباح البياض:

أفكر لأنام، ولا أنام إن فكرت..!

وكم من أمنيات طرقت الفكر في مرحلة ما قبل النوم، وهمومٍ أطالت هذه المرحلة ساعات.. حتى أرِقت بسببها، وضِقتُ بقيدها!

أنا تاجر منذ طفولتي في (سوق الأفكار)، متى ما وضعت رأسي على وسائدي حتى تجدني مستغرقًا في التفكير، غارقا في التأمل، ويا لجمال التفكير في ظلمة الغرفة المغلقة، بين نفخ المكيف البارد بعينه الضيّقةِ المضيئةِ بلونها الأحمر أو الأزرق أو الأخضر.. في الصيف، و لفح الهواء القارص حين تفتح النوافذ.. في الشتاء، أو نفخ المكيف الحار.

لا تعجب إن ذابت ابتسامة في شفتيك، أو نزلت دمعة من مقلتيك، فأنت في (سوق الأفكار).

اضطجع وتعمق في ماضيك، وتفكر في مستقبلك، وعالج أحداث حاضرك؛ فإن حزنت فلتبكي.. ولتأخذ الدمعة بطرف أختها، حتى تبل الوسادة، ثم لتتنفس عميقا.. عميقا، لتخرج كل آهة كادت أن تفتك سمومها بصدرك.. وسَم الله لتنام، فما بعد نزول الدمع، والتطهر من سموم الآهات من همٍّ إلا همّ الحاضر، وهو بذرة من واقع حياتنا، تسقى بتفكيرنا لترسخ جذورها في قلوبنا؛ فإن شئت فاجعل من هذه الحبة قبة، وإن شئت فاستحضر بعض المعاني الراقية كالصبر والاستسلام لقضاء الله وقدره مع السعي في معالجة هذا الحاضر.

يا لله كم ضيّقت قيود هَمّ الحاضر على جموعٍ أرّقتهم.. وأطارت النوم من جفونهم، وأحالتهم إلى مساكين يتباكون في ظلمات الليالي، ويناجون الليل.. والقمر.. والنجوم.. وكل جماد في هذا الكون، وقد غفلوا عن النهار الذي فيه اجتثاث همومهم، وقطع غمومهم؛ إن قدروه حق قدره (وجعلنا النهار معاشا)، ولْيَعلموا أنهم إن ركنوا إلى الإنقطاع عن عمل النهار، والرغبة في عزلة الليالي الهادئة، فلن يفيض على قلوبهم إلا اليأس، ولن يغمر أرواحهم إلا الإحباط والكآبة.

وسادتي..!
كم بللتك الدموع، وكم جعَلْتُكِ كاتمةً لضَحِكي وابتسامتي، غير أن الذي كان يضحكني بالأمس البعيد، يختلف عما كان يضحكني بالأمس القريب، يختلف عما يضحكني في حاضري، وكذلك في البكاء.. غير أن من ثوابته:

رب يوم بكيت منه فلما ***** صرت في غيره بكيت عليه

بكيت على وسادتي يومًا من أيام طفولتي لأن والدتي قطعت كهرباء جهاز البلايستيشن الأول وأنا في المرحلة الأخيرة في لعبة قضيت فيها ست ساعات حتى وصلت إلى مرحلتها الأخيرة!، وبكيت يومًا لأن عمي –رحمة الله عليه- قد توفي فجأة، وبكيت يومًا آخر لأن والدي رفض أن يعطيني ثمن المجلة الشهرية (إجازة مع ميكي)، وبكيت يومًا لوفاة أحد أصدقاء الطفولة.. وهكذا، تباين كبير وتنوع بين مواقف جمعت بينها دموع تبل وسادتي.

بين أمر تافه جدا، وآخر تدفعني صدمته إلى البكاء؛ بكيت في طفولتي، وبكيت في سن المراهقة، وبكيت في سن الجامعة، تعددت الأسباب والدمع واحد، غير أنه بكاء لم يطّلع عليه أحد إلا وسادتي.. حيث أنها بطاقة دخولي إلى (سوق الأفكار).

وعلى وسادتي ضحكت وابتسمت، موقفٌ مضحك صنعه أحد الأخوة فأضحك منه مستحضرا أني أحب ذلك الأخ، مواقف لخلٍّ صالح نأت بيني وبينه الديار؛ وأحرص على تذكر تلك المواقف لكي أكون قريبا من روحه التي تغذي تلك المواقف بصفائها ونقائها.. ومشاغبتها كذلك، مواقف أضحكتني حصلت في حاضري القريب، متذكرا أنه بدأ يبعد ويلتهمه الماضي.

آآآه..!

عذرا أيها المتصفح إن أطلت.. وقد فعلت!

استحضرت ما كتبت في لحظات تفكير على الوسادة؛ لعلي أن أنام قليلا لمدة ساعة حتى تبدأ محاضرتي، لكنني وجدتني أكتب نتاج وسوستي، والنعاس قد تفرق عني، والمحاضرة بقي عليها ثلث ساعة..!

حقي ما جاني، أحد قال لي أعطي وسادتي وجه!

قال إيش! قال: تأمل قبل السبات.. يالله روح افرنقع يا شيخ، وخل فلسفاتك تنفعك إذا أخذ رأسك يتدلى لوحده في المحاضرة من النعاس!

رموز 05-01-2008 04:16 PM

يـــــــــا لسوق الأفكــار .. !!

ليتني أكون تــــاجرة في ذلك السوق ولو لمرة واحدة .. فما أنا إلا متبضعة أجول بين زواياها .. ومن أقصاها إلى أقصها ..
فتجدني تارة أنفض غبار المــاضي ، وأبحث عن حلقة مفقودة في سلسلة الذكريات ..
و أتفحص حــــــال " حاضر" أمــــا أكون فرحة به ، أو غضبى منه ، أو ... أو .." وهلم جرا من تلك المشاعر و الأحاسيس"
و في أحايين أخرى تجدني و قد خططت لمستقبــل ، قل من خطط بمثله ..!


آخ منها تلكـ الأفكــــــار .. تسوقك بعيدا لتجرفكـ من محيط حياتك الخاصة لتنطلق إلى رحـــــاب أوسع

فكم من مفكــر و متأمل قد وصل به الحـــــال إلى مرحلة أنه أخذ بفكـ التشابكـ بين أيدي "كوندليزا رايز " و " هوقو تشافيز" ..!
<< أظنه زاد من جرعة تفكيره اليومي

و للمتأملون مذاهب و طرائق ..!


أستاذي الفاضل / الثائر الأحــمر

بعد قراءتي ، لمقالكـ أخذت بفتح صفحات للبحث عن " الجيش الأحمر " وبعد ذلك بحثت عن صور للمبعدين إلى "مرج زهور"
و بعد ذلك أستحضرت موقف حصل لي بعد وفاة المناضل العظيم " أحمد ياسين " في 22 /3 / 2004


الأفكـــــــار حلقات متصلة ، يوجد ما يثيرها ، ويحفزها على التكاثر ..!
في أحايين كثيرة نحن من يسعى إليها ، بل قد نضحي لأجلها ، لنترنم بعد ذلك بنغمات من التأفف الطويل تعبيرا عن غضبنا و ندمنا لإرتيادنا لسوق الأفكــــار
فكثيرا ما يؤول بنا الحـال بأن تتدلى رؤوسنا من النعاس ، أو بخسارة محاضرة في النحو أو الصرف لعجزنا عن الحضور ، بسبب الأرق الذي غزانا من التفكير .. !

كل الشكــر لكـ أستاذي القدير على المقال الماتع ..

دمت في حفظ المولى

فنتاستكـ 05-01-2008 04:29 PM

بالله لفظك هذا سـال من عسل ** ام قد صببت على افواهنا العسلا

ألف شكراً لكلماتك الرائعة أستاذنا القدير ..

الأعمش 05-01-2008 05:05 PM


[ سوق الأفكار ].. تأملٌ قبل السبات!

مقال رائع

اسمح لي أن أخبرك بأن روايات وقصصك وخرابيشك تشدني كثيراً

لا عدمناك


أخوك
.:: سليمان بن مهران ::.

الثائر الأحمر 06-01-2008 08:31 AM

رموز’ أعتقد أن من ينفض الغبار عن الماضي، ويبحث عن حلقات مفقودة في سلسلة الذكريات، ويتفحص في حاضره، ويخطط لمستقبله في فكره؛ لن يكون مجرد متبضع في زوايا السوق؛ بل هو من كبار تجاره.

والأفكار -كما تفضلت- تنطلق إلى رحاب أوسع قد تفصل -حينها- بين تحليق الفكر في ذلك الفضاء والجنون شعرة، بل وأحيانا قد تتعمق في التفكير حتى يتحرك لسانك أو يدك، أو تكاد.. لتتعوذ بعدها من الشيطان، ومن التفكير العميق العميق، وتهرب منه إلى واقعك حله ومرّه.

وهذا السوق مهما ندمنا على دخوله؛ فإننا لن ننقطع عنه، ونعوذ بالله من الفتن.

شكر الله طيب مرورك ووفقك.

الثائر الأحمر 06-01-2008 05:25 PM

فنتاستك’ حياك الله أخي الفاضل، جزاك الله خيرا ووفقك.

أبوفارس الخالدي 06-01-2008 06:35 PM

الثائر الأحمر ..

يبدو لي أنك شمالي :)

سوق الأفكار تعني أما أفكار السوق تقصد ؟..

كل إناء بما فيه ينضح وكل مخ بما فيه يسرح ..

سوق الأفكار نعيم وذلك لإنه ينمي مهارة التفكير ويوقظك من القرارات المتعجلة ..

وأفكار السوق (التجارة) عذاب إما وإما نعيم فيوم خسارة ويوم ربح فبالله عليك متى يكون الصبح قريب ؟!..


شكراً لظل غمامك وبل نداك وغيث سحابك الأحرفي ..

تقبل تحيات من سوق الأفكار وأفكار السوق يرافقانه في منامه بفرح تارة وترح تارات ..

الثائر الأحمر 08-01-2008 03:39 AM

الأعمش’ حياك الله أخي الفاضل، وشكر الله لك طيب مرورك وحسن ظنك.


الساعة الآن +4: 12:20 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.