بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الفردوس المفقود ( سلسلة حلقات ) الحلقة السادسة : قِصَّةُ إِحْرَاقِ طَارقِ للسفن (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=118667)

فارس الأندلس 09-07-2008 07:14 PM

الفردوس المفقود ( سلسلة حلقات ) الحلقة السادسة : قِصَّةُ إِحْرَاقِ طَارقِ للسفن
 



هَلْ قِصَّةُ إِحْرَاقِ طَارقِ بنِ زِيادٍ لِلسُّفُنِ صَحِيحَةٌ ؟



أوَّلاً :القِصّةُ بِاخْتِصَار يُقَالُ : إِنّ طَارقَ بنَ زِيادٍ قَدْ أَحْرقَ السّفنَ التي أَقَلَّتْهُ عَبَرَ المضِيقِ ؛كَيْ يَقْطَعَ عَلَى الجيشِ كُلَّ أَمَلٍ في العَوْدَةِ إِلى أَفْريقِية ، وَلِيَدْفَعَهُم إِلى الاسْتِبْسَالِ في القِتالِ وَلِيَسْتَمِيتَهُمْ في الانْدِفَاعِ إِلى الأَمامِ .
ثَانِياً :صِحَّةُ القِصَّةِ مِن عَدَمِهَا : ـ
قال الشّيخُ محمودُ شاكر رحمه الله في رِسالتِهِ الموْسُومةِ بـ(( المنْطَلَقُ الأسَاسِيُّ في التَّارِيخِ الإِسلامِيِّ )) :ـ
( فَإِنّه أَيْ [طارقٌ ] لَمْ يَقُمْ بِإِحْراقِها أَي [ السُّفن ] أبداً ، لا يُمْكِنُ ذَلِكَ ، وَلَوْ فَعَلَ لَسُئِلَ وَحُوسِبَ وَعُوقِبَ ، فَإِنَّ عَمَلَهَا يُكَلِّفُ الكثِيرَ مِن المالِ ، ويَسْتغْرِقُ الكَثِيرَ مِن الوَقْتِ ، وَلَمْ يُعْرَفْ عَن المسْلِمِينَ الأَوَائِلِ إِهْدَار المالِ وَإِضَاعَة مَا قَدْ أَنْشَئُوهُ ، وهَذَا الأَسَاسُ بالموضُوعِ والعَمَلِيةِ ، وَمَعَ ذَلِكَ ، فَلْنُنَاقِشِ الموضُوعَ مَنْطِقِيّاً : ـ
أَوَّلاً :لَمْ يَقُلْ طَارِقٌ : إِنِّي أَحْرَقْتُ السُّفُنَ أَوْ أَمَرْتُ بِذَلِكَ ، وَإِنِّما فَهِمَ بَعْضُ المتَأَخِّرِينَ ذَلِكَ مِنْ خُطْبَتِهِ .[ عَلَى افْتِرَاضِ صِحَّتِها كَما سَوْفَ يَأََتي بعْدَ قَليلٍ إِنْ شَاءَ اللهُ ]
ثَانِياً :لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِن جُندِهِ أَوْ مُعَاصِرِيهِ عَنْ هَذَا شَيْئاً، وَإِنِّما قِيلَتْ بَعْدَهُ بِعِدِّةِ قُرُونٍ .
ثَالِثاً :السُّفُنُ لَيستْ ملْكاً لَه لِيَتَصَرَّفَ بِها كَيفَ يَشَاءُ ، فَهِيَ إِمَّا لـ( يُولْيَان ) الذِي قَدَّمَ لِلْمُسلمِينَ عَدَداً مِنْها لِنَقْلِهم إِلى العُدْوَةِ الأَنْدَلُسِيَّة لِفَتْحِهَا انْتِقَاماً لِنَفْسِه مِن مَلكِ القُوطِ ، وَإمَّا لِلْمُسلمِينَ فَيُحَاسَبُ على تَصَرُّفِه بِإِحْرَاقِها .
رَابِعاً : لَمْ يُحَاسِبْ طَارِقاً أَحَدٌ مِن قَادَتِهِ ، سَواءٌ أَكَانَ القَائِد العَامّ مُوسَى بن نُصَيْر ، أَمِ الخلِيفَة الوَلِيد بن عَبدِ الملِكِ .
خَامِساً :أَلا يُمْكِنُهُ أَنْ يَأْمُرَ بِالسّفُنِ فَتَعُودَ إِلى العُدْوَةِ المغْرِبِيَّة فَيَصِل إِلَى النَّتيجَةِ نَفْسِهَا .
سَادِساً :لا يُمْكِنُ لِقَائِدٍ وَاسِعِ النَّظَرِ أَمْثَال طَارِقٍ أَنْ لا يَنْظُرَ إِلَى المسْتَقْبِل فَيَتْرُك جَيْشَه الصَّغِيرَ في بِلادِ الأَنْدَلُسِ الوَاسِعَةِ ، والتِي مِن وَرَائِهَا أُورُبَّا تَدْعَمُها ، وبَيْنَ مَخَالِبِ دَولةِ القُوطِ الحاقِدَةِ المتَرَبصة بالمسْلمِينَ التي تَنْتَظِر الفُرْصَةَ لِتُعْمِلَ مَخَالِبَهَا فِيهِم .
سَابِعاً : أَلا يَتََوقَّعُ طَارِقٌ مَدَداً ؟ وَهَذَا مَا حَدَثَ ، فَعَلَى أَيِّ شَيْءٍ يَنْقُلُ المدَدَ ؟ لَقَدِ انْتَقَلَ عَلَى السُّفُنِ نَفْسِها .[[ ويُؤكِّد صِحّةَ ذلك ما جاءَ عِنْدَ ابْنِ عَذَارِي في ( البيانِ الْمُغْرِب ) أَنّ ( يُولْيَان ) كانَ يَحْمِلُ { أصْحابَ طارقٍ في مراكِبِ التّجّارِ التي تَخْتَلِف إلى الأَنْدَلُسِ ، ولا يَشْعُر أهلُ الأَنْدَلُسِ بذَلِكَ ، ويَظُنُّونَ أنّ المراكِبَ تَخْتَلِفُ بالتّجّارةِ ، فَحَمَلَ النّاسَ فوْجاً بعدَ فَوْجٍ إلى الأَنْدَلُسِ } وهذا النّصّ يَقْطَع ببطْلانِ حرْقَ طارقٍ لِلسُّفُنِ . فَتَأَمَّل ]].


ثَامِناً :مِنْ أَيْنَ جَاءَ مُوسَى بنُ نُصَيْرٍ بالسُّفُنِ التي انْتَقَلَ عَلَيْها إِلى الأَنْدَلُسِ مَعَ بَقَيَّةِ الجيشِ عِنْدَما خَافَ عَلَى المسْلمِينَ الذِينَ تَوَغَّلُوا بَعِيداً دَاخِلَ الأَنْدَلُسِ ؟ لَقَدِ انْتَقَلَ عَلَى السُّفُنِ نَفْسِها .
تَاسِعاً : لمْ تَكُنْ عَمَلِيَّةُ إِحْرَاقِ السُّفُنِ بالطَّرِيقَةِ التي تُلْقِي الحمَاسَةَ فِي نُفُوسِ المسْلمِينَ ، لَقَدْ عُرِفَ الموضُوعُ عِنْدَهُم بالتَّذْكِيرِ بِإِحْدَى الحُسْنَيَيْنِ [ النَّصْر أَوِ الشَّهَادَة ] فَلا شَيْءَ يَدْفَعُهُم مِثْلُ ذَلِكَ ، فَهُمْ مِنْ أَجْلِ هَذَا خَرَجُوا .
عَاشِراً : إِحْرَاقُ السُّفُنِ لايُفِيدُ عِنْدَمَا يَقَعُ الهَلَعُ في النُّفُوسِ ، وَقَدْ كانَ العَرَبُ في الجاهِلِيَّةِ وَرُبَّما بَعْضُ الأُمَمِ الأُخْرَى إِذا خَرَجُوا لِلْقتالِ أَخَذُوا مَعَهم النِّساءَ والذَّرَارِيَ مِنْ أَنْ تَقَعَ في السَّبْيِ ، وَلكنْ إِذا حَمِيَ الوَطِيسُ ، وَاحْمَرَّتِ الحَدَقُ ، وَوَقَعَ الرُّعْبُ في القُلوبِ ؛ فَرُّوا لايَلْوُونَ عَلى شَيْءٍ ، وَما غَزْوَةُ حُنَيْنٍٍ بِخَافِيَةٍ عَلى أَحَدٍ ، إِذْ وَقَعَتْ نساءُ وَذَرَارِي هَوَازِن في السَّبْيِ حَتى أَخْلَى سَبيلَهم رَسُولُ الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّم بَعْدَ أَنْ جَاءَ أَهْلُوهُم أَذِلاءَ رَاجِينَ العَفْوَ.


وَالخلاصَةُ :لَمْ يُحْرِقْ طَارِقٌ السُّفُنَ ، وَبَقِيَتْ لَدَى المسْلمِينَ ، وانْتَقَلَ المَدَدُ إِلى الأَنْدَلُسِ عَلَيْها ، وَانْتَقَلَ قَائِدُهم مَعَ بَقِيَّةِ الجيْشِ إِلى الأَنْدَلُسِ عَلَيْها ، وَقَضِيَّةُ إِحْرَاقِ السُّفُنِ فِرْيَةٌ وَضَعَهَا بَعْضُهُمْ لإِبْرَازِ فِكْرَةِ التَّضْحِيَةِ والإِقْدَامِ عِنْدَ طَارِقٍ ، وَرَوَّجَها أَوْ أَسْهَمَ في وَضْعِهَا الذِينَ لَهُمْ أَهْدَافٌ بَعِيدَةٌ في تَشْجِيعِ
المسْلمِينَ عَلَى مُخَالَفَةِ الإِسلامِ ، والقِيامِ بِمِثْلِ هَذهِ الأَعْمالِ الانْتِحَارِيَّةِ ، وَحِرْمَانِ المسْلمِينَ مِن بَعْضِ وَسَائلِ الحرْبِ لَدَيْهِم بِالتَّفْرِيطِ فِيها وَإِضَاعَتِها ) أ هـ .
وَمَعَ ذَلِكَ : فَإِنَّ المصَادِرَ الأَنْدَلُسِيَّةَ المتَقَدِّمةَ لاتُشيرُ إِلى هَذهِ القِصَّةِ الْبَتَّة ، وَتَكادُ المصَادرُ الأُخْرَى تَخْلُوا مِنْ أَيَّةِ مَعْلُوماتٍ عَنْهَا فِيمَا عَدَا الشَّرِيف الإِدْرِيسِيّ الذِي كَتَبَ جُغْرَافِيَّتَهُ سَنَةَ ( 549 ) هـ فَقَدْ قَالَ : ( ... لَمَّا جَازَ أَيْ ( طَارِقٌ ) بِمَنْ مَعَهُ مِن البَحْرِ ، وَتَحَصَّنُوا بِهَذَا الجبَلِ وَأَحَسَّ في نَفْسِهِ أَنَّ العَرَبَ لاتَثِقُ بِه ، فَأَرَادَ أَنْ يُزِيحَ ذَلِكَ عَنْهُ ، فَأَمَرَ بِإِحْراقِ المرَاكِبِ التي جَازَ فِيهَا ، فَتَبَرَّأَ بِذَلِكَ عَمَّ اتُّهِمَ بِه ) ....
وَلاحِظْأَنّ فَتْحَ الأَنْدَلُسِ سَنَةَ (92)هـ والإِدْرِيسِيّ ذَكَرَها سَنَةَ ( 549 )هـ أَيْ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلاثَةِ قُرُونٍ .


نقلاً من كتاب ( قَصص لاتَثْبُت ) للشيخِ أبي عُبَيْدَةَ مَشْهور حسَن آل سلْمَان ، فقد ذّكَر قِصَّة إِحْرَاقِ طَارقِ بنِ زِيادٍ لِلسُّفُنِ ،. [ الجزْء الثالث ، صفحة 95 ] .
وللاستزادة انظر ( الأندلس ، التاريخ المصوَّر ) للدكتور طارق السويدان .ص ( 37 ) .
وانظر كذلك كتاب ( تاريخ المغرب والأندلس ) ص ( 60 ) .




في الحلقة القادمة إن شاء الله يكون الحديث عن :



هل خطبة طارق بن زياد صحيحة أم لا ؟




nhk933 09-07-2008 07:18 PM

مشكوررررررررررررررررررر

**الــكــونــتــ** 09-07-2008 08:22 PM

جزاااااااك الله خير اخوي.؟..

ابو ايوب 10-07-2008 01:09 PM

شكرا.


الساعة الآن +4: 07:20 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.