ومجرد هجمة أخرى الضحية فيها هذه المرة هو فضيلة الشيخ العلامة صالح اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء ورئيس مجلس القضاء الأعلى وعضو رابطة العالم الإسلامي، لم أستغربها ولن أستغربها لأنني أعلم يقينا أننا أمام مجموعة من المنافقين، ليس شرطا أن يكون تعريفهم بمباشرة تعريف (إبطان الكفر وإظهار الإسلام)، وإنما أعتقد متيقنا أنهم يبطنون أفكارا تجعل الإسلام مادة هلامية لا تفرق فيها بين المسلم والأمريكي –مثلا- لإن الإسلام عندهم هوية ليس لها المقتضيات الظاهرة والواضحة التي عرفناها من آيات الله –تعالى- وأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم، يقيني هذا لأنهم بدؤوا يظهرون مالديهم منذ هجمات سبتمبر.. وماخفي سيظهر إذا استمر الوضع على ماهو عليه.

إن اختلافهم معنا على أمور أبعد وأعمق، خلاف حول [ الفضيلة ] خلاف حول [ العقيدة الإسلامية السلفية ] خلاف حول [ التاريخ الإسلامي ] لأنني سمعت أكثر من واحد من كتاب الصحف يقول: أن التاريخ الإسلامي أسود. حتى من اتصف بصفات أبو صابر يفهم مدى البعد بيننا وبينهم من هذه الجملة فقط، لذلك تجد في كتاباتهم من يسعد ويكاد يذوب رقة حين يذكر بلاد الغرب وتاريخها ورجالاتها، أما بلاد العرب والمسلمين فهم يخجلون منها ومن رموزها وعلى رأسهم محمد صلى الله عليه وسلم الذي لم يكتب بعض هؤلاء عنه كلمة واحدة في أزمة الرسوم والكتابات والتصريحات التي انطلقت من الغرب ضد نبي أمتنا –عليه الصلاة والسلام-.. لأن الغرب إلههم الذي انحرفوا إليه فسجدت عقولهم وقلوبهم وأرواحهم له، وقد أخبرنا القرآن أن من الناس من يتخذ إلهه هواه.. والهوى غربي عند هؤلاء الذين لو كان الأمر بيدهم لنفونا إلى أفريقيا وأبدلونا بشعب هوليود والحلم الأمريكي، أما الذي يظهرونه فهو بحسب الأجواء من حولهم يقطرون فسقهم قطرة قطرة.. فإن اتسعت الهوة زادوا من القطرات، والحمدلله أن هذه البلاد قد حُصِّنت قبل هذا السيل الذي حذرنا منه كبار الدعاة الذين قدموا في المملكة بعد أن انجرفت دولهم أمام التغريب الفاحش في القرن الماضي كعلي الطنطاوي –رحمة الله عليه- وغيره.

إذن هل ستصدقونني أننا وإياهم نتفق على أن المشكلة ليست في صالح اللحيدان.. لو هاجموه.. ودافعنا عنه؟!

لأوضح لكم.. دعوني أعدد لكم مراحلهم في الهجوم على كل ما يمثل (شريعة مجتمعنا الإسلامية)، مدوا أيديكم إلي لأعقد لكم أصابعكم كي نعدّ مع بعضنا: المعاهد العلمية، جامعة الإمام، المسجد والجوامع، حلقات تحفيظ القرآن، المراكز الصيفية، الهيئة طبعا، مكاتب الدعوة والإرشاد، منابر الجمعة، ابن تيمية تاريخه ومؤلفاته، الشيخ صالح الفوزان، الشيخ سلمان العودة، الشيخ عائض القرني، الشيخ ناصر العمر، الشيخ محمد العريفي، الشيخ عبدالله الجبرين، الشيخ سفر الحوالي، الشيخ عبدالمحسن التركي.. وغيرهم من طلبة العلم، التسجيلات الإسلامية، المنشدين الإسلاميين..، أمممم.. لحظة شوي.. بَعَدْ بَعَد.. إيه صح: المخيمات الترفيهية الصيفية، والمهرجانات الصيفية كذلك، أيضًا –وصدقوا أو لا تصدقوا- هاجموا الموت والبرزخ، وصدقوا أو لا تصدقوا أيضا هاجموا الرسول صلى الله عليه وسلم لأنه قال "أكثروا من ذكر هادم اللذات" وسخروا من أحاديثه، ومن كرههم للموت قال قائلهم في برنامج إذاعي: سيجد العلم طريقا لعلاج الموت، يحّول.. كسر خاطري صراحة، أيضًا هاجموا اللحية بذاتها، وهاجموا الثوب القصير، ودعموا المواقع التي تسب الله جهارا نهارا، وتسب النبي صلى الله عليه وسلم سبا مباشرا صريحا، وكتبوا عنها المقالات لرفع الحجب عنها..... وغيرها كثير، ولولا خشية الإطالة لذكرت غيرها.

بغض النظر عن كونهم يكذبون ويتعبدون أهواءهم بالكذب الصريح، فحين يقول الشيخ صالح اللحيدان: ( + )، يصرخ صارخهم: انظروا لهذا الإرهابي فقد قال: ( - ) ! يعني كذب عيني عينك، والمرء على دين خليله، وخليلهم كل شيء سوى دين الفضائل كما شرع لمحمد صلى الله عليه وسلم وللصحابة، أقول: بغض النظر عن كون المهاجَم هو الشيخ صالح اللحيدان، فإن هؤلاء يختلفون معكم في تدينكم، وفي حفظ أعراضكم وفي عفة رجالكم ونسائكم، يختلفون معكم حول (الفضيلة)، ويختلفون معكم حول كونكم تستحقون المواطنة، ولو كان الأمر بيدهم لرأيتم حالكم كما هي حال بعض المواطنين في دول خليجية مجاورة إذ صارت نسبتهم في عواصم بلدانهم 5 – 7% فقط كما يذكر الدكتور عبدالله النفيسي، والعزة فيها للخواجات ومن "خاوجهم" من هؤلاء، أما الشعب فـ "يغور" و"يسطفل" و"يروح في ستين داهية" فهم مجموعة من البدو يستحقون الرجوع إلى بداوتهم، هذا هو رأيهم الذي يظهر شيئا منه في لقاءاتهم.. وقد ظهر صراحة بعد فوز الإسلاميين في الانتخابات البلدية قبل سنوات، وحتى أن بعضهم لم يصبر للجلوس في هذه الديار المباركة في هذا الشهر المبارك بل تجده يتسكع في دول أمريكا وأوروبا ويكتب من هناك، وعلى ذكر من "خاوجهم" فإن كل مطلع يشهد أن هؤلاء قد تغلغلوا داخل مراكز صنع القرار في هذه الدولة حتى صار الإعلام ومنابره من وسائلهم، فما هي حال الدولة اقتصاديا (من وجهة نظر الشعب) وسياسيا منذ أربع سنوات وإلى هذا الوقت؟! أنا أعتقد أن الجواب تجدونه في ردود أفعال المواطنين من منابرهم التي تتيحها مواقع الصحف الرسمية وفي المنتديات التي تهتم بهذا الشأن.

قلت في مقال سابق بعنوان [ أبعد الصورة وردد: لست بالخبء ولا الخبء يخدعني ] بعد ظهور تقرير راند الذي أقر وأيد وشجع على الدعم الأمريكي لهؤلاء الكتاب وأصحاب التقارير الصحفية ورؤساء بعض القنوات: أما أنا فسأحرق بتقارير راند، ثم أنظر إلى صورة هذا الإعلام بعد أن أبعدها قليلا؛ لأبصر المشهد من أوله إلى آخره، وأحكم على طريقة (اقرأ التاريخ إذ فيه العِبَر)، ولتفعل ذلك قارئي العزيز؛ قم بعمل ZOOM لإبعاد الصورة، ثم أمعن في النظر والتفكير والربط والتأمل؛ وقبل الحكم اسأل نفسك: منذ هجمات سبتمبر –وربما قبلها بقليل– ماهو المسلسل الذي يتكرر علينا من حين لآخر في صحفنا وقنواتنا؟! سأجيب أنا هنا -ولكلٍّ جوابه-: هو إيراد تقرير أو خبر صحفي من قبل أسماء معينة ومعروفة على مدى أيام، ثم يدخل معها في الخط مقالات صحفية هنا وهناك من قبل أسماء مكررة ومعروفة.. وعلى مدى أيام كذلك حتى تغلي الطبخة، ثم تدخل البرامج الفضائية في ذات الخط كذلك، فإذا الباب قد فتح للعناوين الكبيرة، واللقاءات المثيرة، والتحقيقات المطولة.. طبخة إعلامية !

وما المشكلة في هذا؟ يوجه أحدهم هذا السؤال نحوي، وإجابتي هي: لا مشكلة بتاتا في الطبخ الذي يرعاه رؤساء التحرير، ويتبعهم صغارهم -من غير الأحرار-، فليطبخوا وليعجنوا وليخبزوا.. لِيرتزقوا يا جماعة! لا مشكلة لدي هنا، لكنني أرى -ومنذ أكثر من خمس سنوات- هجومًا إعلاميًّا قذرًا على أمور عدة، لها علاقة مباشرة أو غير مباشرة مع ما يسمونه هؤلاء المرتزقة بـ(التيار الإسلامي) والذي هو في الحقيقة يمثل (مجتمعنا المحافظ)، نعم.. إنه مجتمعنا.

لا أهتم بنوايا المشاركين في هذا الهجوم، ولا بالغطاء الذي يُلْبِسونه هذا الهجوم، فأنا قد أبعدت الصورة بعد سنوات من النظر إليها وهي قريبة، فعلمت أن الأمر لا يتعلق بحجةِ تافهٍ في عموده، ولا كاذب مرتزق مغسول الوجه في تقاريره، ولا سارق في (كاريكاتير)، ولاجاهل رويبضة، ولا صادق أخطأ الطريق، ولا خبيث يتآمر، إننا أمام (عقل جمعي)، و(اتفاق مبطن)، يتجه تماما بسلاح الطبخة الإعلامية وقد وُجِّه للهجوم -قدر الممكن- على كل (ما) و(من) يمثل دين أهل السنة والجماعة في العبادات والمعاملات والأخلاق والأحوال الشخصية والحدود.. .

والعاقبة للمتقين.


المقال في مدونة [ الثائر الأحمر ] /
http://pen2rebel.jeeran.com/archive/2008/9/680873.html