بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   الإيمان باليوم الآخر رؤية حضارية !! (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=128487)

ثائر بن ثائر 06-10-2008 10:16 PM

الإيمان باليوم الآخر رؤية حضارية !!
 
لم يكن العلم الشرعي كجزء من أخص وأهم أجزاء الموروث المحمدي (= العلماء ورثة الأنبياء ) ورِث ليكون على هيئة تصورات عقلية محضة بعيدة عن عالم الواقع وصناعة الحياة ، فترى بعض من اشتغل بتحصيل العلم يحمل نفسة كلفة ومشقة بحفظ متون عديدة في فنون وسائلية ويجهد عقله وفكره في الغوص بجزئيات من المسائل العويصة التي هي إلى الألغاز أقرب ، وهو على هذا مهمل لمقصود العلم الشرعي المحمود في كونه أتى لصناعة حضارة الأمة عن طريق تجسيد المقولات التصورية بأفعال لها حقيقتها في الواقع تشكل بمجموعها حضارة شمولية تقوم بصناعة الحياة على نور إلهي يضيء للبشرية طريقها ويتمكن المسلمون بتحقيق الوعد الرباني بالاستخلاف والتمكين !!

وبالنظر الآني لواقع الحياة نرى احتداماً وتدافع على المستوى الحضاري قد دالت به الأيام لصالح الأمة الغربية بعد رحلة شاقة ومضنية على مستوى التصورات والنظر إلى الكون والإنسان والإله جعل نهاية مطافها إلى علمانية شاملة تندس المقدس وتؤله الطبيعة والإنسان (= كاتجاهين مختلفين سائدين في الغرب ) وتقضي بموت الإله المتخفي في سراديب الماوراء ، فنظرتها إلى الكون والحياة والإنسان محصورة على نطاق ما تدركه بحواسها كنتيجة لأعمال تجاربية أقيمت على مادة جامدة خامدة من الشعور والإرادة ؛ فانحطت بالكائن الإنساني الراقي بكلمة من الله وتكريمه له إلى مستوى مادي مصلحي مهول ، فأصبحت تنظر إليه (كذات) بمعايير دنيوية بحتة لا تتجاوز عالم الحواس مما جعله يكون كأي سلعه مادية خالية من التراكيب المعقدة ، وتنظر إلى علاقته بجنسه من منظور دارويني بحت يؤصل الصراع في العلاقة مع الآخر في حين لم تتحقق المصالح الدنيوية المادية كنظرة براجماتية تلغي القيم والمبادئ الإنسانية التي اكتسبها من تكريم الله ومن إيمانه بمصدر هذه القيم المتجاوز لعالم الحواس .

وفي هذا السياق تأتي حضارة هذه الأمة الخالدة من إيمانها باليوم الآخر المتجاوز للنطاق الدنيوي المادي الذي أكسب الإنسان تكريما إلهيا مغروسا في الفطرة (( ولقد كرمنا بني آدم ...)) فسرت فيه الحياة بروح من الله ترفعه إلى عالم سماوي نال فيه شرف الإنسانية بعيدا الدنيا وشهواتها ، ومن إيمانه بوحي من الله أكسبه قيما راسخة ومتجذرة ترفع من قيمته وتعلي منزلته وتجعل النظر إلى الذات الإنسانية وإلى علاقته مع غيره محكومة بوحي ومبادئ وفطر تجاوزت مصدريتها النطاق البشري المادي المصلحي إلى نطاق غيبي يرضخ فيه الإنسان ويسلم ، فعاش هذا المخلوق في ظل حضارة هذه الأمة مكرما ينظر إليه من منظار شرف الإنسانية ورقيها في حال توافق وانسجام بين الدنيا والآخرة ، وكان موجب ذلك هو الإيمان باليوم الآخر متى جسد واقعا في الحياة .

إن قيم هذا الدين الراسخة التي تتشكل في أذهاننا كأصول للدين وقواعد له ستظل حبيسة الكتب والأذهان متى باعدنا بينه وبين حياتنا الواقعية فأهملنا توظيفها توظيفا حضاريا يعيد لهذه الأمة عزتها وتمكينها على مستوى التصورات وعلى مستوى تجسيدها واقعا في الحياة تورث التمكين والاستخلاف (( وإذ قال ربك إني جاعل في الأرض خليفة ...))

Thegenius 07-10-2008 12:50 AM

حجز ..
حجز ..
حجز ..

الـصـمـصـام 07-10-2008 01:07 AM

..


الله أكبر ..

اليوم ننظر إلى العالِم بأنه من حوى المعلومات الجمة ، و استطاع أن يتشدق بعبارات رنانة قد لا تكون مثمرةً أحيانا ، و جهلنا ما كان يرفع العالم عند السلف ، حيث أنهم كانوا يعرفون العلم بالخشية ، بأقوالهم و أفعالهم ، و هذا من فقههم رحمهم الله ، فإن الله تعالى قال : { أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ } ، فقد بدأ بثمرة العلم وهي القنوت لله تعالى ، و خنوع القلب ، و هذا لب العلم ..

و أما الجزئية الأخرى التي أريد التأكيد عليها ، أننا نحمل في قلوبنا عقيدة حيوية ، لها ارتباط بالإنسان في كل أطواره و مراحله ، عقيدة وجهت الإنسان إلى مصالحه و مصالح غيره ، يوم أن عجزت الأنظمة و القوانين و الأديان أن تحكم الإنسان بهذا النسق الرائع الذي يكفل له و لغيرهـ السعادة في داريه ، حقيقة جهلها البعض فبادروا بنفيها أو بالبحث عن بدائل تتوفر فيها هذه المزايا ، فما أفلحوا ..

نقاط كثيرة حواها موضوعك الفذ ، فشكراً لك أستاذنا الكريم ..

محب الفضيلة 07-10-2008 01:44 AM

نفع الله بك

وحيد المعنى 07-10-2008 02:43 AM




شكرا ثائر ، ولكن هذه المرة طال انتظارنا كثيرا لقلمك .. فأرجوك لا تتأخر علينا ..


زعم أحد العقلانيين المعاصرين- بأن الجنة هي (المدنية الغربية)!! ويقابله من زعم أن الدجال الذي ثبتت به النصوص القطعية، هو الحضارة الغربية،وهذا أنموذج من تناقض أهل الأهواء وأدعياء العقلانية،ومنهم من ينكر الحياة البرزخية، أو ينكر بعث الأجساد، أو ينكر الشفاعة والرؤية أو ينكر الجنة والنار ... الخ


أخي ثائر كيف يتم التعامل مع مثل هؤلاء مع الاخذ بالاعتبار تأثر عامة الناس بكلامهم،وهم يكفيهم تشكيك الناس بهذا الركن العظيم ..؟





همام بن حارث 07-10-2008 03:55 AM

سطور رائعة ..

خلــ ابو ــيفة 07-10-2008 11:36 PM

:41مشكور اخوي على هذا الكلام الجميل الذي يجعل المجتمع يحس بنا الدين لايست لعبة بالفيها ناراو جنة والله اشكرك على هذة العبارة التي نتمنا ان تكون دئما وهذا انا احيك على هذا :41

خلــ ابو ــيفة 07-10-2008 11:38 PM

مشكور عـــــلى النصــــــــــــــــــيحـــــــــــــــــــــــة

اللهذام 08-10-2008 09:05 AM

جميــل جدا ،،

مقال رائع ،،

الضَمَـادَا ® 08-10-2008 09:18 AM

جزاك الله كل خير على هذا المقال الجميل

هايين 08-10-2008 12:41 PM

احسن الله اليك

ثائر بن ثائر 09-10-2008 03:54 PM



أخي الصمصام ....

أشكرك على تعليقك القيم والفذ ....


وفي نظري أنه لابد من مراجعة شاملة لمفهوم العالم الشرعي والعلم الشرعي في زمننا المعاصر أي إعادة طرح سؤال مهم وجذري قد ينظر إليه البعض بسطحية وتفاهة القيمة متخيلا بساطة الجواب مع أنه معقد أشد التعقيد في نظري ألا وهو سؤال المفهوم ( من هو العالم الشرعي وماهو العلم الشرعي ؟؟؟)

كيف كان العلم والعالم في عهد الصحابة والتابعين في القرون المفضلة ؟؟

هل كان هناك إشكاليات في ذلك الزمن بين التنظير والتطبيق ؟؟

في أي زمن حدثت التحولات في هذين المفهومين ؟؟

هل كان للتحولات السياسية في التاريخ الإسلامي من الخلافة الراشدة إلى الملك العضوض أثر في تغير مفاهيم العالم والعلم الشرعي ؟؟؟؟

هل كان لعلم المنطق وإشاعة المختصرات وتجزئة العلم إلى فنون جزئية متباعدة أثر في تغير هذه المفاهيم من الشمولية إلى الاختزال ؟؟؟

وفي زمننا المعاصر هل نجحت العلمانية في التفريق بين الدين والدنيا مما أثر هذا على العالم والعلم الشرعي وجعله محصورا في نطاق الآخرة والجنوح عن الدنيا ؟؟؟؟


ما هو العلم الشرعي النافع ومن هو العالم الشرعي الرباني ؟؟؟؟

هل العلم الشرعي مسائل عويصة جزئية وافتراضات فقهية دقيقة بعضها لا يتصور في العقل فضلا عن حدوثه في الواقع ؟؟؟

أسئلةكثير ما زالت محيرة لدي وفي نظري انها تحتاج إلى مراجعات شاملة !!

في انتظاركم ....

ثائر بن ثائر 09-10-2008 04:07 PM




عفوا أخي الصمصام ....


ما ذكرته عن العقيدة الإسلامية غاية في الجمال ونحتاج كذلك في هذا المقام إلى مراجعات كثيرة واستغرب كثيرا ممن يقول ان علوم العقائد علوم غير معاصرة بل جامدة !!!

فلا أدري بما ذا تكون العودة إلى مجد الأمة وحضارتها إن لم تكن العقيدة هي المنطلق والشرارة بشرط أن تفعل في حياتنا وواقعنا وتربط بما نعايشه من قضايةجوهرية ومصيرية في تاريخ وحياة الأمة !!


وحيد المعنى ...

أشكرك وسأعود إلى تساؤلك قريبا بإذن الله ...

(((هايين $ الضمادا $ اللهذام خلــ ابو ــيفة همام بن حارث محب الفضيلة Thegenius)))

أشكركم من الأعماق على مروركم ...

ينبه إلى خطأ وقع في المقال في ذكر الآية وصوابها (( وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ))

ثائر بن ثائر 24-10-2008 10:51 PM

أخي وحيد المعنى


التعامل مع هؤلاء ممن ذكرت ممن يدعي العقلانية هو تعامل القران الكريم مع من ينكر ما يجري ويكون في اليوم الآخر ، فلو تأملت الطريقة القرانية لوجدتها من أروع الطرق الجامعة للبراهين والحجج العقلية مع المقاربة الحسية القريبة من واقعنا ( مثال حياة الأرض بالنبات ثم كونه هشيما ثم إحياؤه مرة أخرى )مع الترهيب الإيماني الذي يخاطب الضمائر بسياق الترغيب والترهيب !!

وعوام المسلمين قد لا يصلون إلى إنكار بل ولا التشكيك باليوم الآخر بل يصيبهم قدر من الران على قلوبهم يلهيهم في هذه الدنيا ويطل لهم الأمل ، ولعل الاكثار من ذكر هاذم اللذات علاج نبوي محكم .

أشكرك على تفاعلك ...


الساعة الآن +4: 09:19 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.