أدب الـمنـاظـرة (2)
 

*ذكر مصطفى لطفي المنفلوطي في كتابه هذه القصة:

(( كان يقع بين ملك من الملوك ووزيره خلاف في مسائل كثيرة حتى يشتد النزاع بينهما
وحتى لا يُسلِسَ أحدهما لصاحبه في طرف مما يخالفه فيه، فحضر أحد الحكماء في
إحدى الليالي وهما يتناظران - أي الملك ووزيره - في المرأة يعلو بها الملك إلى مصاف
الملائكة، ويهبط بها الوزير إلى منزلة الشياطين،ويسرد كلٌ منهما على مذهبه أدلته، فلما
علا صوتهما واشتد لجاجهما خرج ذلك الحكيم وغاب عن المجلس ساعة، ثم عاد وبين
أثوابه لوح على أحد وجهيه صورة فتاةٍ حسناء، وعلى الآخر صورة عجوز شوهاء فقطع
عليهما حديثهما وقال لهما: أحب أن أعرض عليكما هذه الصورة ليعطيني كل منكما رأيه
فيها، ثم عرض على الملك صورة الفتاة الحسناء فامتدحها ورجع إلى مكان الوزير وقد
قلب اللوح خلسةً من حيث لا يشعر واحد منهما بما يفعل وعرض عليه صورة العجوز
الشمطاء فاستعاذ بالله من رؤيتها وأخذ يذمها ذماً قبيحاً، فهاج غيظ الملك على الوزير
وأخذ يرميه بالجهل وفساد الذوق وقد ظن أنه يذم الصورة التي رآها هو. فلما عادا
إلى مثل ماكانا عليه من الخلاف الشديد استوقفهما الحكيم وأراهما اللوح من جهتيه
فسكن ثائرهما وضحكا ضحكاً كثيراً، ثم قال لهما: هذا ما أنتم فيه منذ الليلة، وما
أحضرت إليكما هذا اللوح إلا لأضربه لكما مثلاً لتعلما أنكما متفقين في جميع ما كنتما
تختلفان فيه لو أنكما تنظران إلى المسائل التي تختلفان فيها من جهتيها، فشكرا له همته،
وأثنيا على فضله وحكمته وانتفعا بحيلته انتفاعاً كثيراً فما كانا يختلفان بعد ذلك
- أي الملك والوزير - إلا قليلاً... انتهت القصة))."*"

* يغفل الكثير منا - وأبدأ بنفسي أولاً - أن كثير من الموضوعات التي تطرح للنقاش
فيها أوجه اتفاق، وأوجه الاتفاق تساعد على أشياء كثيرة، سأذكر اثنين منها:

* الأول: أن أوجه الاتفاق في الموضوع المطروح تساعد في ( بعض الأحيان) على
الاتفاق في الأوجه المختلف عليها.

* الثاني: فإن لم يحصل الاتفاق في الأوجه المختلف عليها، فإن أوجه الاتفاق في
الموضوع المطروح لها دورها في حفظ الود والاحترام فيما بين المتناقشين.

* فإن لم يكن في الموضوع المطروح أوجه اتفاق، فأرجع إلى ما ذكرته في الجزء
الأول من أدب المناظرة وهو: أنه لابد لكل واحد منا أن يحترم من أمامه ولو خالفه
في الرأي.

* ولا تنسى عزيزي المُناظر أن تدعم نقاشك بالأدلة إن وجدت.

"*" المصدر الذي نقلتُ القصة منه هو: الأعمال الكاملة، لمصطفى لطفي المنفلوطي،
طباعة درا النموذجية صيدا - بيروت، صفحة (90 - 91)، والكتاب موجود في السوق.

* هذا هو الجزء الثاني والأخير من أدب المُناظرة، وإلى موضوعات قادمة بإذن الله.

* ودمتم بود.

شكرا أخي الكريم على هذا الطرح ولدي تساؤل لماذا أذا لا يتفق العرب في أغلب قضاياهم ونقشاتهم

اقتباس من مشاركة روسانا:

العفو أختي.
لأسباب كثيرة سأذكر واحد منها فقط ، ألا وهو أن كل واحد من هؤلاء يأتي وهو واضع
في ذهنه إما أن تقبل رأيي وإلا فلا نقاش، لذلك وضع العرب قاعدة لأنفسهم وهي:
اتفق العرب على ألا يتفقوا.

أخي روسانا أشكرك على مرورك.

ودمت بود.

للفائدة.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته---------استاذي الفاضل من الضروري ان نعلم بل ونؤمن ان كل قضية اوفكرة اوموضوع معين ---له اختلافاته وتعدد وجهات النظرفيه-------حتى في قضية الاحكام الشرعية الامانزل فيهادليل قاطع من القران او السنة-------لكن دعنانتكلم عن قضايانا الحياتية ---لابدللشخص الذي يلقي الفكرة ان يضع في باله انه سوف ياتي من يخالف فكرته اوينتقده --هذااولا ---الشي الثاني على الشخص الايتحمس لفكره كثيراوانه مثلا لازم يقنع الاخرين بفكرته حتى ولوكانت خاطئه في اغلب الاحيان بدليل انه قبل مايلقي فكرته يقول ادري انها خاطئة اوانكم تبي تنتقدوني بس انا ابقوله وخلاص --اوانه مثلا شايفها من زاوية واحدة -ولاعنده استعداديشوفها من الزاوية الثانية-وهذابسب اولا الجهل وثانيا والطامة الكبرى اصراره على الجهل -امالسبب اولاخر-فيتحجرعقله وتنتكس حاله -----استاذي الكريم-لقدذكرتني القصة التي ذكرتها في بداية حديثك بالكاس الذي في نصفه ماء-الشخص المتفائل يقول الكاس مملوء الانصفه ---والشخص المتشائم والذي ينظرالى سيئات الناس وينظرالى الحياة نظرة سوداوية وزاوية ضيقة --كنظرة الوزير الى المراة بانها شيطان مادري عجوزقبيحة =حسبي الله عليه=ينظر الى الكاس ويقول هذا الكاس فارغ الانصفه --------اخي الفاضل موضوعك ادب المناظرة شيق وجميل ومتشعب لقدوفقت في طرحه-----لكن من الادب اني لابدان اخرج لاني اطلت في الكلام --فعذرا ثم عذرا--------بارك الله فيك اخي الفاضل ----تقبل مروري بصدررحب

اقتباس من مشاركة عنفوان انثى:
وأنت كذلك أختي.

أختي عنفوان انثى أشكركِ على مرورك.

* ودمتِ بود.

اقتباس من مشاركة العفالقي:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

كلام سليم.
------- وهذه هي سنة الحياة

أنصح من كانت هذه طريقته أن يوفر على نفسه الكلام، وقد قلت هذا الكلام في الجزء الأول من أدب المناظرة
اسمح لي أن أخالفك الرأي، فليس كل قضية يطرحها من يريد المناقشة تكون خاطئة، قد
تحتمل الصحة وقد تحتمل الخطأ

من الخطأ أن يقول المرء أريد أن أقول الذي عندي وكفى، ولايقبل المناقشة وهذا يدخل تحت
ما قلت بأن على المرء ألا يضع في ذهنه إما أن تقبل فكرتي وإلا فلن أناقشك. وهذا شيء مهم يغفل عنه كثير من الناس بأن لكل موضوع أكثر من زاوية، فيجب الانتباه لهذا الشيء
ولينتبه كل مرء بأن لاينحرف مسار كل نقاش إلى سب وتعداد عيوب من تناقش
بالعكس أخي العفالقي، ردك كان شيقاً وممتعاً وأحسنت الرد.

العفالقي الغالي أشكرك على مرورك الرائع والمميز.

* ودمت بود.