بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   روح وريـحان (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=142643)

الكامل 03-03-2009 04:38 PM

روح وريـحان
 



قد اعتادتْ نفوسنا أن ألا تُبصر شيئاً قط إلا من قِبل مساوئه ، وتلك عادة ذميمة في تركها مئونة شديدة ، علينا أن نجبن عن فعلها.
كيف وبعض الناس قد نصب نفسه إماماً للعالمين ، يزدري من يشاء ، ويذمّ كيف يشاء ، إليه العقاب ، وإلى مَن أساء الثواب ،
فهذا لونه آدم ، وذاك ملبسه غير رتيبٍ ، وتلك كلامها ركيك ... حتى تجاوز بعضهم إلى ذمّ الصانع لا المصنوع ! فإن الله هو الصّانع ،
ثم يأتي غِرّ يستصغر رجلاً لخلْقته ، لا يصرف نظره إليه من شدّة ضحكه على تقاسيم وجهه ، و دمامته.
فليتقّ الله مَن كان في قلبه مثقال ذرّة إيمان بأن هذا خلق الله لا خلقه ، فإنْ يأمَن عقوبة ذلك المخلوق ، فأينه من خالقه.

ذكرتُ ذلك إذ كنتُ مع صاحب لي ، رأيتُ معه قمر يسير ، قد أُوتي شطر الجمال ، فوقع في نفسي أن أبتلي أباه ، والرّجال بذلك يميزون.
فقلتُ له: ما رأيتُ يوماً قط أحسن من ابنك هذا!.
فقال متضاحكاً : فكيف إن رأيتَ أمه؟.
فاستحييتُ ، وعددتُ ذلك من فساد طبعه ، وقلة مروءته.
فقالَ وقد بدا عليه الجِدّ: إني أكره الجمال! ، وربّة هذا الصبي أقبح النساء في أنظار الناس ، ولكنها كانت لي أحبّهم.
فبقيتُ كالمشدوه من عجيب ما أسمع وتكذيب ما أرى منه ، ثم قال: أنا من الناس الذي يرى الجمال بعينه لا بشكله ،
على حين أنّ الجمال الظاهر يدعو إلى فساد الباطن فأتركه لأهله.
فقلتُ: إنك تُغالي في قولك ، وتخالف طبائع نفسك.
فقال: لا والله – وقد اصطفيتُ من قبلها ، امرأة جميلة مليحة ، فبالغتْ في ضرّها بقدر جمالها ، وجحدتْ ما أسبغتُ عليها من نعم ،
حتى كان منها هذا الصّبي. وإنّ لي فيه خبر عجيب.

يقول: كنتُ أنزل من صلاة العشي ، فإذا بشيخ كبير يعترض طريقي ، ويدعوني إلى بيته ، فاستجبتُ له حباً وكرامة في لطفه ،
فلما ولجتُ باب بيته المتهالك ، أشفقتُ من حياته البائسة ، فإنك لا تجد مكاناً تقعدُ فيه إلا وقد سبقك الهوام إليه.
فسألني على حين غفلة: لو أنّ لك بنتاً دميمة شوهاء ، لا غنى لك عنها ، قد تأبتْ على نفسها الزواج ، ما كنت تصنع بها؟
فحرتُ الجواب ، فبادرني قوله: ليس هو سؤال أسألك إيّاه ، وأنما هو حال بنيّتي التي كُتب عليها الشقاء لأجلي ،
فآلتْ على نفسها أن تدع الزواج ما دمتُ حياً ، وقد أبطأت روحي عليها ، ولو أني أملك نفسي لتوفيتها من أمد بعيد.

يتبع – بإذن الله.




روح تحتضر 03-03-2009 05:29 PM

رائع جدا

ننتظر البقية بكامل الشوق

هايين 04-03-2009 07:11 AM

ننتظر

رياضيه دلع 04-03-2009 05:42 PM

متـــــاابــــعــــــــه
.
دمــت بــــخـــير

الكامل 05-03-2009 05:47 AM



روح تحتضر / هايين / رياضيه دلع

سلّمكم الله وأسعدكم ولا حرمني دوام لقياكم.


الكامل 06-03-2009 02:00 PM



يقول صاحبي: وافقتْ روح الشيخ هواه ففارقته ، حتى إذا توسّد رأسه التراب ، دُفن معه ذِكره ، وانقضتْ بعده أعوام كما قضَتْ عليه ،
وإذ بي أُبصر بنته التي حضنته هرماً وآوته معدوماً ، بين جنبيّ في حلُم رهيب ، وأبوها يُنادي من مكان بعيد ، ويهتف: باركَ الله لكما وبارك عليكما !.

كنتُ أعزب قد طلقتُ أمّ هذا الصّبي ، فوددتُ أن أعرف لبنت الشيخ الهالك حالها ، فمشيتُ إليها ، وطرقتُ بابهم ثلاثاً ، فلم يُجبني أحد ،
حتى إذا ظننتُ أنها تركتْ بيتها ، فتحتْ الباب وفي يدها ورقة مكتوب عليها (إلى فلان قدْ زوجتك بنتي بما معك من القرآن).
وبلا بصيرة قادتني رجلاي إلى المأذون ، والبنت تسير في أثري ، وكان المأذون حاضراً ، فأخبرته الخبر ، فقال: على رِسلك ،
فانظرْ من نفسك فيها ... ، فقاطعته قائلاً: الآن تقرن بيننا !.
فحار المأذون وفعل ما أمرته بهِ ، حتى إذا انقضى المجلس وتمّ عقد النكاح ، تناهضتُ وأمسكتُ بيد الفتاة مباركاً لي ولها ،
حيث لم يكن لي من فعل ذلك بدّ ، وتذكرت قول الله تعالى : (وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شرّ لكم والله يعلم وأنتم لا تعلمون).

لقد كانتْ دميمة شوهاء -كوصف أبيها من قبل ، ولكني كذبتُ وصفه ، ورأيتُ بنفسي جمالها في كريم أخلاقها ، وحسْن طباعها ،
فصارتْ ملكة في رأي العين والنفس ، لم تر عيني قط أحسن منها ، وها أنا ذا معها سنوناً لم أر عيباً يصمها ، أو سوء خلق يشينها ،
بل إن في صورتها القبيحة ، أسرارًا كامنة ، وأنوارًا محجوبة ، وسراديب مدسوسة في أنفس عطرة ، كان في زواجي منها أنْ جعلتُ كل ذلك مبثوث.
فبعد رقّ تلك المليحة ، ملْك هذه القبيحة ، فانتفى قبحها مع حلو كلامها ، ورقيق عاطفتها ، حتى ملكتْ قلبي ملكاً لا يصلُ إليه أحد بعدها ،
وجعلتُها حظّي من الدنيا ، أُحسن إليها ، وأؤثرها على نفسي ، حتى ضربتُ الحجاب على نفسي فلا أنظر إلى أنثى غيرها.


قلتُ له: إنّ المرأة في الإسلام لا قبح في صورتها ، وكلمة (حسناء) يجعل منها حباً على طريقة البهائم ، فلا يراها إلاّ كما يقدر لشهوته.
وكم من مبصر أجرى مساوئ زوجته قبل أن يُجري عليها محاسنها ، فلم يدر أنّ الليث يُؤخذ منه بسالته ، ومن الحمار صبره ، ومن الخنزير حرصه ،
ومن الغراب بكوره ، ومن الثعلب روغانه ، ومن السنّور ضرعه ، ومن القرد حكايته ، ومن الكلب نصرته ، فليتَ قومي يعلمون.




هواء بارد 07-03-2009 04:23 PM

جزاك الله خير

روح تحتضر 07-03-2009 06:04 PM

جدا رائعه...يعطيك العافية

رياضيه دلع 08-03-2009 11:41 AM

جــــزااكــ اللــــه خيــــــر

نديم الشجن 08-03-2009 02:49 PM

.








ألا ليت كتاب هذا المنتدى يغارون من جميل كتابتك وحسن كلامك ..
فيصبح هذا المنتدى مأرزاً لجميل الكلام وبديع الصناعة ..








شكرا لفكرك الوقاد ..





.:نديم:.

الكامل 09-03-2009 07:11 PM

اقتباس:

المشاركة الأساسية كتبها هواء بارد (المشاركة 1388340)
جزاك الله خير



وإيّاك

الكامل 09-03-2009 07:15 PM

اقتباس:

المشاركة الأساسية كتبها روح تحتضر (المشاركة 1388466)
جدا رائعه...يعطيك العافية



بوركت . وشكرًا لك مرّة أخرى.


الكامل 09-03-2009 07:18 PM

اقتباس:

المشاركة الأساسية كتبها رياضيه دلع (المشاركة 1389563)
جــــزااكــ اللــــه خيــــــر



وإيّاك ، ولكِ مني الشكر الجزيل.


الكامل 09-03-2009 07:20 PM

اقتباس:

المشاركة الأساسية كتبها نديم الشجن (المشاركة 1389761)
.


ألا ليت كتاب هذا المنتدى يغارون من جميل كتابتك وحسن كلامك ..
فيصبح هذا المنتدى مأرزاً لجميل الكلام وبديع الصناعة ..

شكرا لفكرك الوقاد ..
.:نديم:.



الأجمل من المقال تشريفكم بقراءته.

أشكر لك فضلك ، ونبْلك .


الساعة الآن +4: 06:43 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.