![]() |
ما الذي يمنع الخطيب من الإبداع ؟
للخطابة منزلة كبيرة عند العرب قديماً , ثم جاء الإسلام فصارت شريعة من شرائعه , لها مكانها المعلوم في الدين ( يوم الجمعة , والعيدان , والاستسقاء ) .
وكان الخطيب قديماً يعتمد في خطابته على ما وهبه الله من الفصاحة والبلاغة , وقوة الحجة , وسلامة اللغة , وجودة البيان . ثم تقهقرت همة الناس , وبعُدت عليهم الشقة من لسان العرب , فأصبح الخطيب المصقع عملة نادرة لا يكاد يوجد إلا بشق الأنفس , ومع الانفتاح التعليمي والمعرفي ظهرت خطابة جديدة لم تكن معروفة من قبل على المستوى العربي , وخاصة في هذه البلاد , وهي الخطابة المقروءة , التي يقوم فيها الخطيب بقراءة ورقة على الناس , ثم ينزل بعد أن يُسمعهم غثا من الكلام , لا يستقيمُ لسانُه , ولا يرتفِعُ بَيَانُه , ولا يسمو خِطابُه , بل تجد الخطبة محشوةً بما يُصِمُّ الآذان من اللحن الظاهر الجلي , قبل الباطن الخفي , ومن سقيم التكرار , وحشو القول ما يجعل السامع يتململ لعل الخطبة تنتهي . كل هذا والخطبة بين يديه يقرؤها كما يقرأ الصبي كتابه في الإذاعة المدرسية , فليت شعري , كيف سيكون الأداء لو كان يرتجل الخطبة ارتجالاً ؟ إنك لو أعطيت طفلا في العاشرة من عمره ورقة من عيون الأخبار أو البيان والتبيين , وقلتَ له : إنك ستقرؤها أمام زملائك بعد يومين أو ثلاثة فاستعدَّ لذلك , فإني أجزم يقيناً أنه سيؤديها كما كتبها مؤلفها , سليمة نقية , فكيف بمن يعتلي منابر المسلمين وقد أمهر اسمه بلقب الدكتور أو الأستاذ أو الشيخ أو المعلم أو الداعية , أو غيرهم من الألقاب التي يغتر بها هذا الخطيب أو ذاك , وهو لا يحسن أن يقرأ خطبة مكتوبة معه قراءة سليمة !! سؤال يتردد في داخلي كثيراً : ما الذي يمنع الخطيبَ من الإبداع لغة وأسلوباً , واختصاراً وترتيبا ؟ أليس يقرؤها من ورقة أمامه معدة مسبقاً ؟ ألا يستطيع ضبطها بالشكل كاملة كي يتوقى اللحن ؟ إن كان لا يستطيع الضبط فليُعْطِها من يستطيع , فالأرحام لم تعقم بعد من أناس منّ الله عليهم بمعرفة العربية , وإجادتها . ألا يستطيع الخطيب قراءة الخطبة أكثر من مرة تلافياً للأخطاء ؟ ألا يستطيع ترتيب أفكارها , وتسلسل عناصرها ؟ ألا يستطيع حشد الأدلة قدر الإمكان بشكل موجز ؟ ألا يستطيع تلافي التكرار المخل لبعض الجمل , والفواصل , كي لا يكون عَيِيّاً , وهو يزعم الفصاحة ؟ إنك لتسمع الخطيب , وتُعجب بِجَهارة صوته , وقوة بيانه , وحسن لفظه , ثم لا يلبث أن يسقط من عينك حين تسمع منه لحناً عظيما لا يُغتفَرُ من مثله , فالفاعل أصبح منصوباً , والمفعول غدا مرتفعاً , والمخفوض تخلى عن الخفض إلى الرفع , ناهيك عن اللحن بالجمع , والمصادر , والأفعال . لو كانت المسألة لحناً واحدا أو لحنين لاغتُفِرَ له ذلك , ولكنها منظومة متكاملة من اللحن لا تخفى على السامع , تتكرر كل جمعة , وكأنّ قواعد العربية نحوها وصرفها لا تعنيه من قريب أو بعيد . لقد سافرت إلى أرض الكنانة ( مصر ) فصليت الجمعة هناك , فذهلت مما أرى من قدرة الخطيب على طرح الموضوع بكل فصاحة وبلاغة , ولا تكاد تجد عليه لحناً إلا تحلة القسم , علماً أنه يخطب مرتجلاً دون أن يستتر خلف ورقة مكتوبة يقرؤها أمام الناس . فاصلة : ولم أرَ في عيوب الناس عيباً ## كنقص القادرين على التمام |
أشكرك أخي أبا محمد على الرد الجميل , وحديثي أعلاه لا يعني عدم وجود شموع مضيئة من الخطباء المبدعين الذين نفع الله بهم , وأجادوا في الخطابة أيما إجادة .
ولكني أتحدث عن الأغلبية الذين آذوا أسماع المسلمين بسيء اللحن , وغثيث التكرار . وأوافقك على أن تقوم الأوقاف بعرض دورات لغوية للخطباء , وأتمنى أن يجد ذلك قبولاً وصدى لدى المسؤولين هناك . بارك الله فيك أخي العزيز , ونفع الله بك . |
سبحان الله .. كأنك تتحدث عن خطيب جامعنا ... !!! حقيقة وأنا لم أدرس اللغة إلا أنـّـي أعدّ له أخطاء عدّة في خطبته القصيرة ، والأخطاء لا تقتصر على اللحن وتحريف الحركات بوضعها في غير مواضعها ، إلا أنها تشمل بعض المقتطفات النصائحية التي توجـّـه لغير أهلها ومن ذلك نصيحته للأخوات المسلمات بالإلتزام بالحجاب وغيره علماً بأن من أمامه كلهم من الذكور فلا أعلم من يـُـخاطب ذلك الخطيب . وجود [ 10000 ] خطبة في الإنترنت كفيلة بنسخ وإلقاء ذلك الخطيب لما نسخه من دون مراعاة الإختيار الموفق لعنوان ومضمون الخطبة إضافة إلى اللحن الذي [ يحوّم التسبد ] . [ كبير المحايدين ] بورك فيك صديقي ، ولا زلت ممتناً لك ما أتحفتنا به يوماً من أيام رمضان الماضي ، لا أعلم أتذكر أم لا ... ؟؟؟ |
إنما العتب على وزارة الأوقاف في تعيين الخطباء يجب أن يكون هناك انتقاء كما قال الشيخ الطنطاوي رحمه الله فيما فحواه أن تجرى اختبارات و ينتقى الخطباء الأجدر بهذا المنبر الذي ورثوه عن الرسول ـ صلى الله عليه و سلم ـ فقد كان يعلم عليه الناس . صليت مع أحدهم فوجدته يلقي الخطبة و قد أعادها أكثر من مرة فبدأت أكمل بعض العبارت ـ العالقة في الذاكرة من كثر الإعادة ـ قبل أن يقرأها من تلك الورقة البالية و تتساءل .. أين من وكل إليهم هذا الأمر ؟ و ماذا عن المضمون ؟! . . أما حديثك عن اللحن و الفصاحة و البلاغة و مقارنته فيمن سبق أعتقد أنها مقارنة لا تصح .. فكيف نقارن برجل مذ أن خرج لهذه الحياة و من حوله يتحدث الفصحى و بين حالنا الآن و لكن بالنسبة لي شخصياً أفضل الخطيب الذي يتكلم و يصوغ العبارات دون تكلف فهذا أحب لي بكثير ممن يتكلف السجع أو اختيار المفردات .. ( يعجبني كثيراً الشيخ عبد الرحمن السديس إمام الحرم المكي ) بارك لله فيك كبير المحاييدين |
يعلم الله أيها الأخ المبارك أنني لا أستوي في جلستي عند هذا النوع المقصِّر من الخطباء ، و أعتقد أنهم يجنون على اللغة و على ألسنة المسلمين ، و يصكون آذاننا بأخطاء شنيعة في اللغة و في الأسلوب ، و يعجبني الذي يتقن خطبته و ينقحها و يصححها و يعرضها على أهل العلم و يحسب لها الحساب الكبير ، و هذا النوع من الخطباء هو الذي يقدر هذه الخطبة المشرّعة حق القدر و العناية ، و تجد خطبته تؤتي مقصدها و تخرج ثمرتها . و أذكر أن الشـيــخ مـحـمـد الـهـبـدان لـمـا كـان خـطـيـبـاً كـان يعرض خطبته على بعض أهل العلم و الدرايـــة لتوجيهه و إبداء الملاحظات ، و أنه يجتهد كي تخرج خطبته بالشكل اللائق ، و هناك توجيهات سديدة للخطباء في درس خطبة الجمعة المسجل في موقع المسلم للشيخ ناصر العمر - حفظه الله - أتمنى من الخطباء الاطلاع عليها لأنه عظيمة القدر . خطبة الجمعة موطن مهم للتذكير و الوصية و الإرشاد و التوجيه ؛ لأن المسلمين اليوم في غفلة في أعمالهم و تجاراتهم و شؤون حياتهم ، فتجد الأغلب لا يحضر محاضرات و لا دروس ، فلم يعد له إلا خطبة الجمعة ليتلقى فيها التوجيهات الشرعية ، و الوصايا الربانية . شكراً لكـ |
أشكرك أخي العزيز على تعليقك ومرورك الجميل .
اقتباس:
أشكرك على حسن ظنك وأريحيتك . |
أشكرك أخي اليراع على تعليقك الجميل , وأنا لم أركز على تكرار الخطب بقدر ما ركزت على جودة الخطبة وسلامتها لغويا وأسلوبياً .
اقتباس:
|
أخي القدير الصمصام , أشكرك على مشاركتك القيمة , وأعتقد أن الخطيب لو صدق في إخراج خطبته بالمظهر اللائق فلن يعدم وسيلة , ولكنها عدم المبالاة عند أكثرهم , والاستخفاف بالسامع , والله المستعان .
|
أبداً أخي الكريم كبير المحايدين رعاك الله بل هو مثال على ما ذكرت .. فأنا لست أكره السجع في الخطب و لكن أكره التكلف فيه و أحسب أن الشيخ عبد الرحمن السديس من خلال سماعي لخطبه أنه ليس من النوع الذي يتكلف فيه .. فبعضهم من السياق و مجمل مقاله تشعر بتكلف و بعضهم من إطلاعه و ثقافته و تبحره في اللغة يسجع و لا تشعر في كلامه تكلفاً |
الساعة الآن +4: 10:15 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.