هل نكذِبُ على أنفُسنا أو نستغفِلُ مَن حولنا عندما نُمسِكُ قلماً و ورقة ونكتُب بها
بِضع كلمات , ونردد آهات , ونُسجِلَ إسماً لنا في آخر الصفحات حفاظاً على الحقوق
والممتلكات , ونهمِسُ بأنها بـوح لما في داخلنا من خلجات ؟ ؟
أم أنها فعلاً هذه هي أقصى المحاولات .. التي دفعنا إليها ما أطلقنا عليه
مسمى البـوح ولم نستطِع تجاوز المحظورات ..

لَقَد جَعَلتِِ فَرع من فُروع الكِتابَةِ الأدبية كَذباً .. وهذا أختي الكريمة من الخطأ .. أن نرى مايفعله الآخر كذباً .. أو كما قلتِ في المعنى الثاني لحديثكِ .. وهو أن أقصى محاولة يفيض بها خاطر المتأوه كما تفضلتِ .. ثم تقولين أنه لم يستطع تجاوز المحظور .. !! ، وماهو المحظور في نظركِ أختي الفاضلة .. ! وإن أردتِ الإجابة بالكلمات الأدبية سأقول لكِ :

هل تسمّى صَرخات قيس لليلى كذباً .. ؟! ، وهل تسمى بيوت الشعر الحزينة والتي تنبعث من الخَاطِر من نَسج العظماء في التاريخ كذباً .. ؟! ، لقد اعتلت أسماء في حياتنا من الكتاب والأدباء والشعراء .. فهل يكون علوهم ذلك كذباً وإستغفالاً ؟! ، وهل يُسمى ما كتبته في بعض مواضيعي الأدبية الحزينة كذباً .. ؟! ، أتكون كتاباتي لقصيدة شعرية حزينة .. رَثيتُ بها والدي كذباً ؟! ، فهي من الخاطر ومن بوح الأعماق ومن أنين الأوجاع ومن آلام الفراق ، إن المُحترق بلهيب النار لا نشعر بآلامه مادمنا ننظر إليه ونبتسم ..! ، لأن النار لا تُحرق إلا من ذاق حرارتها .

يختلف البوح أختي الفاضلة .. من قلبٍ لآخر .. ومن إنسانٍ لآخر .. ومن فكرٍ لآخر ، فليس كل بوح يسمى أدباً .. وليس كل أدب يسمى بوحاً .. وليس كل ماخرج من الكتابات التي ترينها تدخل في إطار الخاطرة والأدب .. فالأدب كله له قوانينه وشروطه وأساسياته الشفهيةِ التي يراها الكاتب ولا يراها الآخرون .. فكل ماتكتبينه واكتبه ويكتبه العضو هنا أو في مكانٍ آخر مِن الخاطر .. ولكن الإختلاف في نوع المكتوب ، ثم إن حفظ الممتلكات الأدبية من حق المتحدث ، مارأيك لو أمسكت بأحرفك التي كتبتيها ليست أدباً ولا شعراً بل هي من باب النقاش وأضفتها في منتديات أخُر باسمي وكأني أنا المتحدث .. ماقولك في ذلك ؟ ، لقد سرقت كتابات وأشعار من قلمي البسيط ونسبت للناقلين وقمت بالكشف عن اسمي الصريح حفاظاً على ذلك .. لم تكن هذه مشكلة حتى نجابهها . بل المشكلة العظيمة هو أن يستغل ذلك البوح في شباك شيطانية إما من النساء أو من الرجال ، أو أن يكون ذلك الكلام الخارج من القلب ماهو إلا كذباً وإستعطاف للقلوب .. ومانراه من جُمل خادشة للحياء وهي الكشف الصريح عما يوده القلب ويهواه الجسد ، ولا يعني حديثي أن الخواطر جميعها حقيقة وأنك ضدّها لا .. ولكن أقصد أن كلها من الخواطر والإختلاف فيما أوضحتهُ لكِ .

نرتقِبُ لحظة ً يتفجرُ فيها بركانُ بـوح ٍ من نـوع ٍ آخـر ,
ذلك البوح الخجول الذي يغِيّرُ بجروحه إلى أقصى نياط القلب حتى لايراهُ أحداً
ولا يشعُر به غيرك فيصعُب عليك مع تماديهِ بالإغاره أن تُضمِد جرحك وتُلملِم مُصابَك .
هذا البوح الغريب فهو الأكثر خجلاً أمام الملأ . . . ولكنه الأكثر غطرسة ً وتكبراً
وظلماً لك ,, لأنه لم يسمح لك يوماً أن تبوح به في إحدى الصفحات أو تُسمِعَهُ لأحد ما
فما زال ساكناً في قلبكَ ولم يرفع يده ليمسح دمعة ً جرت على خدك بسببه .

مارأيك بما تحته خط ؟ ، أيكون البوح كله قِلةٌ في الحياءِ .. ؟! ، وأن ماحُفِظَ في داخل القلب هو الحياء كله .. ؟! .
لا أملك تعليقاً على المقطع الثاني من حديثك أختي .. لأنه من رأيك الشخصي ولكل إنسان رأيه ولكل عين نظرتها .. وأنتِ ترين الكُتمان عن ما يُخالج الإنسان .. والبعض يرى البوح بهِ .

( كلما زادت الجروح عمقاً كلما زاد البوح ُ خجلاً )

وأنا أقول : كُلما زادت الجروح والتوت الأضلاع ، كلما كان البوح مُتنفساً وحِملاً يُترجمه المجروح جُملةً يٌخفف بها .

كَان التعليق هنا أختي الفاضلة .. لأني أحد أولئك .. الذين يرسمون الكلمة حُزناً .. وتنبعث بوحاً .. ثم يراها الآخر كذبة وإستغفالاً .


تقديري ووُدّي ..

الإختلاف في الرأي ، لا يُفسد للودِّ قضية .