::: [ قَـــــــوَ ا لِـــبُ الأَ فْــكَــــــــارِ ] :::
 

في هذه الحياة يتعلم الناس ، و هم في أخذ العلم و نيله ما بين مُقِلٍ و مستكثر و محروم ، و بعد مدة يأتي حصاد هذا العلم و أداء زكاته ، من خلال نشره و ترويجه ، و بذل القناعات التي يتمتع بهذا هذا الشخص الذي تعلم ما شاء الله لهُ من العلومات ، و أصبح يمتلك عقلاً قادراً على التحليل و المناقشة و النقد و الحكم .

تتفاوت درجات الناس في العلم ، و بناء على هذا التفاوت فمن الطبيعي أن ترى تفاوت آرائهم و أفكارهم من حيث قوَّتها أو رخاوتها ، و هذا الذي جعل بعض الأشخاص يُشكلون قياداتٍ فكرية لها أتباعها و مؤيدوها ، و ظواهر حضارية بأفرادهم لما لهم من التأثير بقوة علمهم و ثراء إنتاجهم الفكري ووصوله إلى الناس .

و عند التأمل نجد النجباء من أولئك يعتنون بأمر آخر في التأثير على الناس ، و يجعلونه يسير في خط موازٍ مع مالديهم من الأفكار الثرية ، و هذا الأمر هو القالب الذي من خلاله يُقدمون إنتاجهم الفكري ، و حينما نتحدث عن هذا القالب فإننا في الحقيقة نتحدث عن مجموعة من المهارات و الفنون و الأساليب التي تحكمها ظروف المقام لمن يُريد إبداء رأيه لإقناع الناس به أو إثبات وجوده .

التفاصيل في ذكر هذه المهارات يطول كما أن ضرورة تواجدها كلها في كل خطاب ليس من الملائم ، إذ أن الخطيب مثلاً يستعين بقوالب مهارية يقدم فيها فكرته ، لكنها ليست بالضرورة أن تكون موجودة في مقالة يكتبها ؛ لأن مهارات الإلقاء مغايرة لمهارات الكتابة .

ربما تكون تفاصيل هذه الأمور معقدة تحتم الإطالة ، و لكن أحب هنا أن أضيء إضاءة و أترك لمن رام الفائدة أن يكمل المشوار ، أنا هنا أبين أن قالب الفكرة الجميل الجذاب قد يكون سببًا لقبولها و لو لم تكن صحيحة ، كما أن قالب الفكرة السيء أو المعدوم قد يكون سببًا في رفضها ، ولو كانت صحيحة .

و لهذا أمر الله تعالى بالدعوة إلى سبيله بالحكمة و الموعظة الحسنة ، و أمر موسى عليه السلام بأن يقول لفرعون قولاً لينًا ، و هذه قوالب ، كما أن الكاتب يحتاج إلى قوالب جميلة ليُقدم فيها إنتاج عقله و ثمرة جهده ، و كذلك الناقد ، و كذلك الناصح ، و كذلك السائل .

يؤسفنا أن هناك من يشوّه الخطاب الإسلامي باستخدام قوالب رديئة ، و انتحال أساليب يصد من خلالها عن هذا الدين الرائع ، فيشوهه بقالبه المُنفّر ، ثم يأتي أهل الباطل ببطِالِهم يحملون القوالبَ التي تجلب الأنظار و تأخذ الألباب ، لتجد الناس يسيرون وراءها و يظنونها الأفضل و هي على خلاف ذلك .

القالب : هو طريقة العرض .. و المضمون : هو ذات الفكرة .. و الناس في تقديم أفكارهم بقوالبها بين أنواع :

من يُقدم الفكرة الجميلة بقالب جميل .
من يقدم الفكرة الجميلة بقالب سيئ .
من يُقدم الفكرة السيئة بقالب جميل .
من يقدم الفكرة السيئة بقالب سيء .

أما الأول : فهو الذي يستحق أن يُنشر فكره ، و يتناقله الناس ، و يتأثروا بخطابه لأنه جمعَ بينَ الحُسنيين..
و أما الثاني : هو الذي يصد الناسَ عن الأفكار الجميلة ، و ينفرهم منه و من خطابه - وإن كان صحيحًا-
و أما الثالث : فهو الذي يُلبسُ على الناس و يخدعهم ، و لا يعرف حاله إلا العقلاء و أصحاب الثقافة .
و أما الرابع : فهو الذي جمع بين الحشف و سوء الكيل وهو بلا شك لا يستحق أن ينظر إليه من أي فئة .

رائع أبا عبد العزيز، وبارك الله فيك وجزاك الله خيراً،


هناك من الناس من لديه فكرة جميلة ولكن التقديم سيء - كما ذكرت أنت في موضوعك - وهذا من الأفضل
ألا يطرح الفكرة حتى يكون جاهزاً للتقديم الجميل، كبعض مندوبي المبيعات بضاعته جيدة ولكن طريقته في
العرض سيئة مما يجعل المستفيد يرفض البضاعة، ويُلحق المندوب بنفسه الضرر، والصحيح أن يتعلم
طريقة العرض الجيدة حتى تلقى قبولاً عند الآخرين،، وشكراً لك.



[ تميز+ تثبيت ].

أهلاً أباعبدالعزيز .. هل تسمح لي أن أعلق على هذا الموضوع وسأطيل قليلاً ....
أشكر لك سماحتك !!


كم من فكرة بذل فيها الغالي والرخيص , ولكنها خرجت بقالب ردئ فكان حقها أن تدفن .. والعكس بذلك صحيح ..
أذكر قبل كم شهر كنت جالسًا مع أحد مندوبي مكاتب الدعوة وكنا نفكر في إصدار بعض المطويات والكتيبات وكان الهم الأكبر في ذلك الاجتماع أن تخرج تلك المطويات والكتيبات بقوالب ومواضيع جديدة غير مسبقة .. [كمطوية بندول الذنوب]


ثم أني أعقب على كلامك فأقول .
من أراد طرح فكرة معينة فكما بذل الجهد في خروج الفكرة أرى أن يبذل ضعف الجهد في طريقة طرحها ..
سواء كانت الفكرة دعوية أم دنيوية ..
فقوالب طرح الأفكار أرى أنها على نوعين
1/ قوالب بصرية
2/ وقوالب سمعية
ولكل فكرة مايناسبها من هذين القالبين .. فمثلاً .. (وأضرب مثالاً بالمبيعات المنتشرة في السوق)

لم أسمع يومًا من الأيام عبر أثير الراديو والمذياع دعاية لـ جمس يوكون 2009 أبداً أبداً.. لإن هذه البضاعة وطريقة تسويقها تتطلب قالبًا بصريًا يشاهد !!
ولم أردعاية في أحد الشاشات الكبرى عند أحد التقاطاعات المهمة في شوارع مدينتنا لشريط محمد أيوب تلاوة في المقام الحجازي.. ولإن هذه البضاعة تتطلب قالبًا سمعيًا إما عبر الراديو أو مسجل الصوت ..
فمعرفة غايات الفكرة والأهداف يعين كثيراً في تخيّر القالب المناسب لها ..
واضرب مثالاً أخر/ وبالتحديد في مدارسنا يخصص لمادة العلوم والكيمياء معمل مخبري خاص .. ولنفرض أن هناك درسًا عن الزئبق فلو بذل المدرس قصارى جهده في شرح الدرس لما استوعب الطلاب شكل الزئبق حتى يحضره لهم ويرونه عيانًا.. وهذا قالب بصري ..
وهناك أفكار تتطلب القالبين جميعًا .
أمر أخر ..
قد يخرج القالب بشكل جميل وبفكرة متميزة ومتعوب عليه .. لكن نجد في المقابل أنه لايناسب ولايتوافق مع أفكار المتلقين ..
يعني أنا عندي أطفال وأريد أن أشرح لهم درسًا معينًا... من الخطأ بمكان أن أجعل طريقة قالب الدرس متوافقه مع شباب أعمارهم تتجاوز الخمس والعشرين !!
( ثم إن منظر الملقي والهندام له أثر في تأثر المتلقين)

قبل كم سنة كنت في رحلة مع حلقة التحفيظ وكان البرنامج الثقافي عندي ؟
وأردت أن ألقي عليهم كلمة عن الأمر بالمعروف والأخطاء في ذلك ..
فخطرت في بالي فكرة ألا وهي إخراج هذا المقال بقالب مسرحي من الجمهور !!
يخرج شخصين ويمتثلان أمام الملأ بمشهدين أحدهما إنكار صحيح و إنكار خاطئ ..
ورأيت تأثر الكثير بالمسرح مع أنه صاحبه شيء من الضحك :d
إلا أن الفكرة وصلت تمامًا فكان خير لي أن أصعد على كرسي ومروحة السقف تشطف رأسي وأخطب كما الخطيب في المنابر :)


بالمناسبة فن التفاوض وفن الإقناع بالأيحاء يدخل تحت هذا السقف ..
فلو أردت أن أقنع شخص بفكرة معينة لابد أن أنظر أي القوالب تصلح له ..
هل القالب السمعي أم البصري وغيرهـا ..!!



ثم إن هذا الموضوع يستحق التميز والتثبيت بجدارة ..







.




شكر الله سعيك .. وأعتذر مرة أخرى !!

.
.

أشكرك على ثقتك العمياء المفرطة <==== خرفوش :113:
أحسنت في تفضيل الصمت لمن لا يجيد تقديم الجميل الذي لديه ..!
بوركت أستاذنا .

بارك الله فيك وجزاك الله خيراً،

اللهم إجمع أول يجتمع أول قالبين في القالب الاول
وأجمع بين القالبين الآخرين في القالب الأخير

فكم ذهب من خير كثير من أجل أصحاب القالب الثاني
وكم من فاسد كبير وصاحب هوى وبدعة أفسد على الخلق من أصحاب القالب الثالث

أبو عبدالعزيز
لا اخفيكـ لم أتمنى أن تتركـ الإشراف ولكن ...
منذ أن تركتَ الإشراف بدأتَ تنثرًُ درراً لم أجد وقتاً لرؤيتها والتمعن فيها ماشاء الله لا قوة إلا بالله

أحسن الله إليكـ أستاذي عبدالله

..كم أنت مبدع..
كـلـمـاتـ تـكتب بماء الذهــب..

لا عدمنا أبداعاتكـ

.