بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   مهلا.. مهلا قبل الإقلاع مع د. محمد عمارة ! (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=174186)

ناصرالكاتب 07-10-2009 04:14 PM

مهلا.. مهلا قبل الإقلاع مع د. محمد عمارة !
 
بسم الله الرحمن الرحيم


السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد؛

فهذه رسالة أبعثُ بها إلى من مال قلبُه إلى الطرحِ الفكري الذي قدَّمَه الدكتور –والمفكر الإسلامي-: محمد عمارة. أطلبُ فيها النظَر في العدة، وفحص المركبة.. قبل الإقلاع مع (المقلع) محمد عمارة!

طالعتنا قناةُ «دليل» الفضائيَّة يوم الثلاثاء (17/10/1430هـ) بلقاء في بابٍ خطير من الدين هو علمُ «مقاصد الشريعة»، وكان ضيفُ الحلقة الدكتور محمد عمارة مصطفى عمارة، وهو كاتبٌ ذائِعُ الصيت، لا تكاد تُطالع كتابا في نقض شبهات ورثة المعتزلة وكشفِ أدعياء التنوير، إلا وتجد اسمَه الشهير ويتبعه كلامٌ مثير! (يثير الحمية الإسلاميَّة حينا، والضحك أحيانا –اللهم لا شماتة!-، ولستَ تستطيع ردَّ الضحك دائما).

وحري بقناةٍ اختارت الدليل لها اسما أن تدلَّ على سبيل الرشاد، وتُظْهِرَ دلائل الحق. لا أن تدع من حكَّمَ العقل والهوى وترك الدليل: يُضِلُّ الناسَ عن السبيل –سبيلِ النجاة-. فإنَّ حقَّ صاحبِ الهوى أن يُحذَر ويُجانب، لا أن يُشهَر ذكْرُه، ويُنشَر فكرُه.
قال تعالى {وإنَّ كثيرًا ليُضِلُّونَ بأهوائِهم بغيرِ علمٍ} [الأنعام: 119] قال الشيخ السعدي رحمه الله: «فليحذر العبد من أمثال هؤلاء، وعلامتُهم –كما وصفَهم اللهُ لعبادِه- أنَّ دعوتَهم غيرُ مبنيَّة على برهان، ولا لهم حجة شرعيَّة، وإنما يوجد لهم شُبَه، بحسب أهوائهم الفاسدة وآرائهم القاصرة؛ فهؤلاء معتدون على شرع الله وعلى عباد الله، والله لا يحب المعتدين» [تيسير الكريم الرحمن: 271، تحقيق اللويحق].
فليتفطن القائمون على القناة فلا يأذنوا بالعدوان على شريعة الله تعالى، وعلى عباد الله عز وجل.

وليتبين المتلقي من أمرِه فلا يقبل العدوان على نفسِه، فإنَّ أولى ما يُحافظ عليه المرءُ أمر دينه.

وإنّ كثيرًا من الشباب تنجذب نفسُه إلى ما في نسج «المفكرين» من تسلس فكري، وربطٍ معرفي، وألفاظ ثقافية (ذات بريق)؛ فيميل عن الوحي إلى الرأي وقد يقع –أجارني الله وإياكم- في الورطة التي وقع فيها المفكر الإسلامي الشهير محمد عمارة؛ إذ نَظَر إلى الشريعة وفي الواقع، وهوى أصولا. فقسم الشريعة إلى «ثوابت» و«متغيرات» فضيَّق دائرة الثوابت، وقصَرَها على الغيبيات، والعبادات. ونزَع أمورا حكَمَت بها الشريعة وجعلها تحتَ محكمة «الواقع المتغيِّر»، وفسح المجال أمام أهل التخرص الفكري ليجتهدوا في العبث بها، فقال بعد سبك يسمى تأصيلا: «...لكن هناك ميادين أخرى في الفكر الإسلامي لا نعتقد بصواب منع «الاجتهاد» فيها حتى لو كانت قد رويت في موضوعاتها «نصوص» قطعيَّة الدلالة، قطعيَّة الثبوت»اهـ [ذكره الخراشي في كتاب: «محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة»: 469، 470، نقلا عن كتاب (الإسلام والمستقبل: 30)].

ومنهجه هذا في الاجتهاد والنظر في الشريعة فتح عليه وعلى غيره أبوابا من غرائب الأقوال في دين الله عز وجل، وإنَّ الناظر في تأصيلاته واستدلالاته في «الولاء والبراء» و«التعددية الدينية» و«التعايش» و«الحكم بما أنزل الله» و«الجهاد» يصل إلى نتيجة مؤسفة وهي: أنَّ ضيفَ برنامج «مقاصد الشريعة» المذكور يلعبُ في شريعة الله تعالى!

ومن أراد أن يقف على شيء من واقع فكرِه ودعوتِه فلينظر إلى ما كتبه أصحاب المؤلفات التالية:
1-غزو من الداخل، لجمال سلطان، وفيه على صِغَر حجمه عجائب!
2- محمد عمارة في ميزان أهل السنة والجماعة، لسليمان الخراشي.
3- العصرانيون بين مزاعم التجديد ومزاعم التغريب، لمحمد الناصر.
4- الاتجاهات العقلانية الحديثة، لـ أ.د. ناصر العقل.
5- العقلانيون أفراخ المعتزلة العصريون، لعلي حسن.
وغيرها من الكتب التي ألِّفَت في كشف أدعياء التنوير، ولا يخلو بعضها من أمور تستحق التعقيب.

وأحبُّ أن أقف مع شيءٍ مما ادعاه ضيف ذلك البرنامج في تلك الحلقة، فقد زعم –بجرأتِه المعروفة- أنَّ كُتبَ الفقه الإسلامي قد كُتِبَتْ في ظل ظروف حروب وعداوات مع غير المسلمين، جعل تلك الكتابات تتخذ «التشدُّدَ» سمةً لها، ومن هنا -في رأيه- درجوا على إهمال قضية «التعايش» -بتقريره هو-! كان ذلك جوابا على سؤالٍ ألقاه المقدم (الذي يكاد يكتفي بقوله: نختلف مع الدكتور... وقد لا نوافق الدكتور!) في هذا الشأن!

ولا غرابة في جواب الدكتور الذي ألَّف الكتب والمقالات العديدة لتقريره مذهبه في «التعايش» و«الولاء والبراء» ثم لم يجد الفقهاء قد أشبعوا نهمَه الفكري!

والناظر في كتب أهل الفقه في الدين يعلم أنهم شرحوا ما يجب على المسلم مع الكافرين؛ من موقفٍ قلبي، ومعاملات، وأحكام المعاهدات والجزية، والحرب والسلم، وغيرها؛ لكنهم لم يقرروا ما يريده محمد عمارة وأشباهه!

فلمحمد عمارة مذهب في (الآخر الكافر) فهو لا يحب التقسيم إلى «مسلم» و«كافر» ويزعم أنَّ الفكرَ المستنير قد «طوى صفحةً للتاريخ الذي يقسم الناس إلى مؤمنين وكفار؛ ليبسط مكانَها صفحة الحضارة الحديثة التي تميز بين الأمم والشعوب على أساس من التحضر والخشونة والبداوة». [«الاتجاهات العقلانية» للدكتور ناصر العقل: 413، نقلا عن: (الإسلام والوحدة الوطنيَّة: 23)].

علَّق الدكتور ناصر العقل على هذا الكلام بقوله: «أما علِمَ هذا الجاهل أنَّ الذي قسم العباد إلى مؤمن وكافر هو الله تعالى؟ كما قال سبحانَه: {هُوَ الذي خَلَقَكُم فمنكم كافِرٌ ومنكم مؤمن} [التغابن: 2].اهـ[السابق: 413].

وعمارة هذا يجعل من اتفاقِ الأنبياء على التوحيد، وتنوُّعِ شرائعهم دليلا على أمرين يدعو إليهما –بحماس-:
1- أن المسلمين وأهل الكتاب يلتقون تحت جامع الدين، الذي به تكون: النجاة. (فلا داع إذن إلى تكفير اليهود والنصارى!)
2- شرعيَّة التوع الديني والتعددية الفكرية.
(يظهر رأيه هذا من خلال العديد من كتاباته ومنها رسالة بعنوان «التعددية»).
قال د. العقل بعد أن نقل رأي هذا الرجل –وأشباهه- في هذه المسألة:
«وأنا أتساءل (بجد): هل هؤلاء مسلمون؟ وهل يُعقَل أن يجهل كل واحد منهم أنَّ الإسلام ألغى اليهوديَّة والنصرانيَّة فضلا عن غيرهما وأنه نسخ الديانات السابقة، وأنَّ الله تعالى لا يقبل من العباد غيرَ هذا الدين، وأنَّ اليهود والنصارى كفار مشركون بحكم الله تعالى لا بحكمنا» [الاتجاهات العقلانية: 413].

ولا يعجبْ الناظر في كتابات عمارة وأشباهه إذا وجد قولا يناقض آخر؛ فالتناقض سمة من سمات من تركَ الدليل وضلَّ السبيل، أجارني الله وإياك أخي القارئ الكريم من مضلات الفتن!

ومن غرائب ما ألقاه محمد عمارة في قناة «دليل» تفسيره للشروط التي قررها أميرُ المؤمنين عمر بن الخطاب -رضوان الله عليه- على الذميين، فقد قلب د. عمارة المعنى فجعل المراد من تلك الشروط هو ألا يتزيا أولئك الكتابيون بالزي العسكري! فالمسلمون لما وصلوا إلى الأرض التي فتحوها كانوا عساكر، ومن العدل أن لا نجعل أهل الذمة يلبسون لبس العساكر!!

قال شيخ الإسلام ابن تيميَّة رحمه الله بعد أن أورد تلك الشروط: «ما مقصوده (يعني: عمر): التمييز عن المسلمين، في الشعور واللباس والأسماء والمراكب والكلام، ونحوها؛ ليتميز المسلم عن الكافر، ولا يتشبه أحدهما بالآخر في الظاهر» [اقتضاء الصراط المستقيم، تحقيق: د.العقل: 1/ 365].
فالهدي الظاهر يقود إلى الهدي الباطن كما قرر شيخ الإسلام.

وقال رحمه الله بعد ذلك: «وذلك يقتضي (يعني اتفاق الصحابة على الشروط، وشهرتها عند الأئمة بعدهم): إجماع المسلمين على التمييز عن الكفار ظاهرا، وترك التشبه بهم، ولقد كان أمراء الهدى مثل العُمرَيْن (يعني: ابن الخطاب، وابن عبد العزيز)، وغيرهما، يبالغون في تحقيق ذلك بما يتم به المقصود» [السابق: 365].
وذكر رحمه الله بعدَ ذلك ما يثبتُ مقصود عمر رضي الله عنه من تلك الشروط؛ بأدلة ساطعة، رحمه الله، لا بتعليلات عليلة وتأولات سخيفة!!

وبعد، أيها القارئ الكريم، فإنَّك إن طلبتَ النور فلن تجده إلا في الكتاب المنير والسنة الشريفة، بفهم السلف الصالح؛ فانهل من هذا النور ما يدلك على جادة الحق وصالح العمل، وجنِّبْ عقلَك تحريفات المتلاعبين بشرع رب العالمين. جعلني الله وإياك من المهتدين الناجين يومَ الدين! صلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين لهم بإحسان، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ناصر الكاتب
18 / 10 / 1430هـ

بوشيخة 07-10-2009 07:11 PM

بارك الله فيك على التبصير والتنوير ...
رفع الله قدرك فالدنيا قبل الاخره .

ناصرالكاتب 08-10-2009 02:23 PM

حياك الله أخي الكريم، وغفر لي ولك.


الساعة الآن +4: 03:38 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.