بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة ، والأخوات ... .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ... وبعد

قليل ما نجد إنسان يستطيع كبح غروره أو ذاك الخفي منه .. فهو أي النظر إلى الذات يكون أحياناً مع شيء من الإعجاب بالنفس ... فمنا من يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ثم ينصرف بنفسه إلى منظرٌ آخر بعيدا عن محيط الذات ، وزخرفها .

والبعض من الناس عفاهم الله وهداهم من يبحث عن هذه النظرة لذاته بكل موضوع من مواضع الحياة ... فترى علامات الإعجاب ظاهرة على محياه وكأنه يقول " يا أرض اتهدي ما عليك قدي " !!

ففي بيته تجده جاثم على منهم فيه مضيق عليهم رحابته .. وأيضاً في مقر عمله تجده دائماً هايم بذاته فلا يرى الخير إلا فيه والكفاءة هو مصدرها ..!!

وفي السوق هو في زحام شديد ٌ مع نفسه ..!! فهو يعيش حال تذمر من كل ما هو حوله دون أن يستثني أحداً ..!!

فإن أخطى لا يتراجع ، وإن أصاب سفه من حوله وإن لم ينطق بكلمة ،ولكن تجد هذا في تلك النظرة المتعالية التي لا تزيده إلا حقارة وهون عند الناس ..!! والعياذ بالله .

أما الذي دعاني لكتابة هذه السطور هي قصة من عدة قصص للموعظة سمعتها بشريط للشيخ / أحمد القطان حفظه الله ... .

والتي عنونها بـ " سيرة الفاروق أمير المؤمنين " عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .

وهي كما فهمتها :" أنه في ذات يوم والفاروق خالياً مع نفسه ... أتاه هاجس يقول : إيه يا بن الخطاب تحكم من المشرق إلى المغرب ، ومن الشمال إلى الحنوب .. وكل أمر لك يجاب ، وكل حاجة هي لك تقضى ... فلماذا لا تغدق على نفسك كالقياصرة والملوك ... ؟

فما كان منه رضي الله عنه إلا أن أخذ الفأس والحبل وقد أعطى البغل والغلام راحة ذاك اليوم وخرج إلى خارج المدينة يحتطب فلما انتهى شد بذاك الحبل حطبه واتجه نحو بيته في المدينة ... فلم يسلك رضي الله عنه هذا الطريق أو ذاك مبتعداً عن الناس أو شعبه ولكن أتاهم من وسط المدينة " طريقها العام " .

فخاف عليه الناس ومنه وجميعهم يظن أن الفاروق قد جُن أو أصابه مكروه .. ولم يعلموا بذاك الحوار مع نفسه أو هاجسها إليه ... فتبعه أحد الصحابة رضي الله عنهم أجمعين ، وهو يردد ما بال أمير المؤمنين ..؟ ماذا أصابك أبا عبد الله ..؟

والفاروق يردد إليك عني إليك عني ..!!
فلما وصل الفاروق رضي الله إلى بيته والحطب لم ينزل من على رأسه الكريمة إلا حينما دخل بيته رضي الله عنه ..

فاستحلفه بالله هذا الصحابي أن يخبره عن حاله اليوم وما هذا الفعل منه بحاله .. فقال أمير المؤمنين : حدثتني نفسي بحديث سوء فأردت أن أؤدبها .

فهذه نفس أمير المؤمنين وهذا لجامها عنده وسياط تجلد منه حينما تميل إلى الدنيا وزخرفها .. فهل نفتل لأنفسنا شيءً من السياط كما فعل هو بنفسه رضوان الله عليه ..؟

هي دعوة عامة إلى التواضع وحب الخير للجميع لعل الله أن يقيم عثرتنا برضاه عنا .

هذا ما لدي وصل الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .