بريدة ستي - مـِــــــن أخـــطــــــــائــــنــــــــــــا

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام عليكم أشرف الأنبياء والمرسلين ،، أما بعد :

من أخطائنا أننا نعشق الموت أكثر من الحياة بمعنى أنا نحبذ الفناء على البقاء ، فلو طلبت من السلمين مثلا أن يهدموا دارا للباطل لفعلوا . وهذا جميل ، لكنهم لا يبنون مصنعا أو معملا للإنتاج ، ولهذا تجد جل ما نستهلكه ليس مما عملته أيدينا ، فنحن عالة على غيرنا في الصناعة والزراعة والطب والهندسة وفي كثير من أسباب الحياة ، اننا مستعدون للموت في سبيل الله ، وهذا جميل ، ولكن كما نحب آخره طيبة ، فإننا نريد حياة جميلة كريمة فيها وعز وبناء وإنتاج وعمل . ومن أخطائنا اننا منهمكون في ذكر أمجادنا السابقة والتغني بفتوحاتنا وانتصاراتنا التي سلفت ، بينما نعيش الهزيمة في واقعنا فهل ينفعنا أمام أعدائنا اليوم ان نقول لهم اننا انتصرنا في حطين على الصليبيين ؟ كل أمة انتصرت أحيانا وانهزمت أحيانا ، فلماذا نفشل في حياتنا المعاصرة ثم نقول للناس اسمعوا وعوا نحن أبطال بدر وأحد واليرموك والقادسية.؟!
ما احقنا بقول الشاعر :
ألهى بني تغلب عن كل مكرمة **** قصيدة قالها عمرو ابن كلثوم

علينا أن نصلح واقعنا ولا ننسى تاريخنا ، أما أمس الذاهب فقد توالى بخيره وشره ، والناس لا ينظرون إلى الوراء ولا يهتمون بالغائب .
ومن أخطائنا قراءتنا للتاريخ للمتعة والتسلية وتزجية الأوقات ، ومع العلم أنه عبرة وعظة وتذكير ، فان فيه تطبيقا عمليا لسنن الله تعالى في الكون والحياة ، فهو مدرسة الحياة الكبرى وفيه تظهر الحك الربانية ، والأسرار الإلهية في الأمم والشعوب والأفراد وعاقبة الصلاح والفساد ، وقانون النمو والارتقاء والذبول والانحطاط ، وتؤخذ منه الدروس القيمة ، والعظات الحية ، اما أن نمر على أحداثه مروراً ، ونطالع قصصه لإشباع هواية النفس وارضاء الخاطر بحكايات الأولين ، فهو ضياع للعمر وتفويت للمقاصد .

الشيخ الدكتور عائض القرني .