بريدة ستي

بريدة ستي (http://www.buraydahcity.net/vb/index.php)
-   ســاحـة مــفــتــوحـــة (http://www.buraydahcity.net/vb/forumdisplay.php?f=2)
-   -   حول الرؤية والترائي، تلبية لطلب أخينا برق . (http://www.buraydahcity.net/vb/showthread.php?t=218238)

يرموك 05-08-2010 09:49 AM

حول الرؤية والترائي، تلبية لطلب أخينا برق .
 
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

جرى النقاش في مداخلة سالفة حول رؤية الهلال، فكان أن اجتررتُ معي كلامًا لأبي العباس ابن تيمية، فرغب إلي أخونا الكبير: برق، وضعه مستقلاً للإفادة منه، فلم يكن بدٌّ من إجابة هذا الطلب، وألتمس العذر على التأخير.



ولي حول هذا الموضوع وقفات:
  • أولاً: ليُعلم أن الله -عز وجل- لم يكلف أمة محمد -صلى الله عليه وسلم- ما لا تطيق، وهذا أمر عام في سائر الإحكام، ويختص في ما نحن بصدده برؤية الهلال، فجعل الشارع الحكيم دخول الشهر مُنَاطًا برؤية الهلال؛ لأنه أمر يدركه كل أحد؛ حتى الراعي في مرعاه.
ومن ثمَّ فإن العدول عن هذا المنهج محادة لله ورسوله، ويتضح هذا بالعمل بالحساب والإعراض عما قرره الشارع.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، وهذا النص لا مناص من الاحتكام إليه في إثبات دخول الشهر .
ومن ها هنا يقال: إثبات دخول الشهر يكون بأمرين: الأول: رؤية الهلال، الثاني: إكمال العدة ثلاثين.
وحينما نقارن بينهما لبحث أي الأمرين أكثر يقينًا في دخول الشهر؛ نجد أن الثاني هو الأكثر يقينًا؛ ويأتي دونه رؤية الهلال ومع ذلك يقدم عليه في الأخذ؛ لأن النص قدّمه في حال رؤيته.
قال النبي -صلى الله عليه وسلم- : نحن أمية لا نقرأ ولا نحسب، الشهر هكذا وهكذا وهكذا ...
وفي هذا إشارة إلى نفي الحساب، والاعتماد على على الرؤية أو إكمال العدة، لأن الحساب كان موجودًا-كما سيأتي أدناه-.
  • فأما الحساب: فلا يعرف عن أحد من الصحابة ولا تابعيهم ولا أتباعهم ولا الأئمة الأربعة الأخذ به، مع أنه كان موجودًا في الجاهلية والإسلام، على نحو دقيق يشبه ما يعرفه الفليكون اليوم.
وإنما روي الأخذ به عن آحاد من السلف لا يثبت عنهم ذلك، قال أبو عمر ابن عبدالبر: "ولم يتعلق أحد من فقهاء المسلمين فيما علمت باعتبار المنازل في ذلك، وإنما هو شيء روي عن مطرف بن الشخير وليس بصحيح عنه والله أعلم، ولو صح ما وجب اتباعه عليه لشذوذه ولمخالفة الحجة له، وقد تأول بعض فقهاء البصرة في معنى قوله في الحديث: (فاقدروا له) نحو ذلك، والقول فيه واحد. وقال ابن قتيبة في قوله (فاقدروا له): أي فقدروا السير والمنازل، وهو قول قد ذكرنا شذوذه ومخالفة أهل العلم له وليس هذا من شأن ابن قتيبة، ولا هو ممن يعرج عليه في هذا الباب" التمهيد (14/352).

  • ولذا؛ فقد حكي الإجماع على هذا، قال ابن تيمية: "ولا ريب أنه ثبت بالسنة الصحيحية واتفاق الصحابة أنه لا يجوز الاعتماد على حساب النجوم، كما ثبت عنه في الصحيحين أنه قال: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)"مجموع الفتاوى (25/207).
ومن هاهنا ينبغي للمؤمن الموحد أن لا يعبأ بدعاوى الصد عما شرعه الله، ويجب على الموحد الاستسلام لأمر الله وحكمه، وأن لا يكون كما حكى الله -عز وجل- عن أهل الكتاب (سمعنا وعصينا)، فـ(يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم).

وفيما يلي أسوق ما يتيسر من كلام ابن تيمية حول الرؤية وما يتعلق بها، والله الموفق.

يرموك 05-08-2010 10:24 AM

هذه الممقتطفات من كلام أبي العباس موجودة في المجلد الخامس والعشرين من الفتاوى، وسأحيل عليها بعد كل مقولة -بإذن الله تعالى-.

1/ قال -رحمه الله- : "كان مقتضي تقدم هذه (المقدمة) أني رأيت الناس في شهر صومهم، وفي غيره أيضا منهم من يصغي إلى ما يقوله بعض جهال أهل الحساب: من أن الهلال يرى، أو لا يرى، ويبني على ذلك إما في باطنه، وإما في باطنه وظاهره، حتى بلغني أن من القضاة من كان يرد شهادة العدد من العدول لقول الحاسب الجاهل الكاذب: إنه يرى، أو لا يرى، فيكون ممن كذب بالحق لما جاءه، وربما أجاز شهادة غير المرضي لقوله، فيكون هذا الحاكم من السماعين للكذب، فإن الآية تتناول حكام السوء..." مجموع الفتاوى (25/131).
2/وقال: "إنا نعلم بالاضطرار من دين الإسلام أن العمل في رؤية هلال الصوم أو الحج أو العدة أو الإيلاء أو غير ذلك من الأحكام المعلقة بالهلال بخبر الحاسب أنه يري أو لا يري لا يجوز.
والنصوص المستفيضة عن النبي صلى الله عليه وسلم بذلك كثيرة، وقد أجمع المسلمون عليه، ولا يعرف فيه خلاف قديم أصلا، ولا خلاف حديث؛ إلا أن بعض المتأخرين من المتفقهة الحادثين بعد المائة الثالثة زعم أنه إذا غم الهلال؛ جاز للحاسب أن يعمل في حق نفسه بالحساب، فإن كان الحساب دل على الرؤية صام وإلا فلا.


وهذا القول وإن كان مقيدا بالإغمام ومختصا بالحاسب فهو شاذ، مسبوق بالإجماع على خلافه، فأما اتباع ذلك في الصحو، أو تعليق عموم الحكم العام به؛ فما قاله مسلم" (25/132، 133).
3/وقال: "وقد بلغني أن الشرائع قبلنا أيضا إنما علقت الأحكام بالأهلة، وإنما بدل من بدل من أتباعهم، كما يفعله اليهود في اجتماع القرصين، وفي جعل بعض أعيادها بحساب السنة الشمسية، وكما تفعله النصارى... وما جاءت به الشريعة هو أكمل الأمور وأحسنها وأبينها وأصحها وأبعدها من الاضطراب، وذلك أن الهلال أمر مشهود مرئي بالأبصار، ومن أصح المعلومات ما شوهد بالأبصار؛ ولهذا سموه هلالا؛ لأن هذه المادة تدل على الظهور والبيان، إما سمعا وإما بصرا" (25/135، 136).
4/وقال: "فالمقصود أن المواقيت حددت بأمر ظاهر بين يشترك فيه الناس، ولا يشرك الهلال في ذلك شيء، فإن اجتماع الشمس والقمر الذي هو تحاذيهما الكائن قبل الهلال أمر خفي لا يعرف إلا بحساب ينفرد به بعض الناس، مع تعب وتضييع زمان كثير، واشتغال عما يعني الناس، وما لابد له منه، وربما وقع فيه الغلط والاختلاف.
كذلك كون الشمس حاذت البرج الفلاني، أو الفلاني، هذا أمر لا يدرك بالأبصار، وإنما يدرك بالحساب الخفي الخاص المشكل الذي قد يغلط فيه، وإنما يعلم ذلك بالإحساس تقريبا..." (25/136، 137).
5/"فالذي جاءت به شريعتنا أكمل الأمور؛ لأنه وقت الشهر بأمر طبيعي ظاهر عام يدرك بالأبصار، فلا يضل أحد عن دينه، ولا يشغله مراعاته عن شيء من مصالحه، ولا يدخل بسببه فيما لا يعنيه، ولا يكون طريقا إلى التلبيس في دين الله كما يفعل بعض علماء أهل الملل بمللهم" (25/139).





يرموك 05-08-2010 10:33 AM

6/ "ومن عرف ما دخل على أهل الكتابين والصابئين والمجوس، وغيرهم في أعيادهم وعباداتهم وتواريخهم وغير ذلك من أمورهم من الاضطراب والحرج، وغير ذلك من المفاسد؛ ازداد شكره على نعمة الإسلام،مع اتفاقهم أن الأنبياء لم يشرعوا شيئا من ذلك، وإنما دخل عليه م ذلك من جهة المتفلسفة الصابئة الذين أدخلوا في ملتهم، وشرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله .
فلهذا ذكرنا ما ذكرناه حفظا لهذا الدين عن إدخال المفسدين، فإن هذا مما يخاف تغييره" (25/140).

7/"قوله : (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) هو خبر تضمن نهيًا، فإنه أخبر أن الأمة التي اتبعته هي الأمة الوسط، أمية لا تكتب ولا تحسب، فمن كتب أو حسب لم يكن من هذه الأمة في هذا الحكم، بل يكون قد اتبع غير سبيل المؤمنين الذين هم هذه الأمة، فيكون قد فعل ما ليس من دينها، والخروج عنها محرم منهي عنه، فيكون الكتاب والحساب المذكوران محرمين منهيا عنهما" (25/164، 165).

8/"وقد قدمنا فيما تقدم أن النفي وإن كان على إطلاقه يكون عاما، فإذا كان في سياق الكلام ما يبين المقصود علم به المقصود أخاص هو، أم عام، فلما قرن ذلك بقوله : (الشهر ثلاثون) و (الشهر تسعة وعشرون) بين أن المراد به: إنا لا نحتاج في أمر الهلال إلى كتاب ولا حساب، إذ هو تارة كذلك، وتارة كذلك، والفارق بينهما هو الرؤية فقط، ليس بينهما فرق آخر من كتاب ولا حساب -كما سنبينه-، فإن أرباب الكتاب والحساب لا يقدرون على أن يضبطوا الرؤية بضبط مستمر، وإنما يقربوا ذلك، فيصيبون تارة، ويخطئون أخرى.
وظهر بذلك أن الأمية المذكورة هنا صفة مدح وكمال من وجوه: من جهة الاستغناء عن الكتاب والحساب، بما هو أبين منه وأظهر، وهو الهلال، ومن جهة أن الكتاب والحساب هنا يدخلهما غلط، ومن جهة أن فيهما تعبا كثيرا بلا فائدة، فإن ذلك شغل عن المصالح؛ إذ هذا مقصود لغيره لا لنفسه، وإذا كان نفي الكتاب والحساب عنهم للاستغناء عنه بخير منه، وللمفسدة التي فيه؛ كان الكتاب والحساب في ذلك نقصا وعيبا، بل سيئة وذنبا، فمن دخل فيه فقد خرج عن الأمة الأمية فيما هو من الكمال والفضل السالم عن المفسدة، ودخل في أمر ناقص يؤديه إلى الفساد والاضطراب" (25/173، 174).

لعلي أكتفي -الآن- بهذا، وأرجو أن ينسأ في الأجل لإكمال ما تبقى، والحمد لله.



الـصـمـصـام 09-08-2010 08:38 AM

بارك الله في هذا الجمع أخي الحبيب يرموك ..

صمت الحزين 09-08-2010 08:42 AM

بارك الله فيك أخوي اليرموك

مخاوي الصمت 09-08-2010 01:34 PM

موضوع كريم من أخٍ كريم

جزاك المولى خيراً أستاذي يرموك

عزوز0 09-08-2010 11:32 PM

لا اله الا الله محمد رسول الله

الصباخ 10-08-2010 09:59 AM

نقاط جميلة فقد أفدتنا بها، واليوم إن شاء الله سيتحرى الناس هلال شهر رمضان.
بوركت.


الساعة الآن +4: 04:37 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.