في صباح ذلك اليوم الجميل , كنت ماشيا في مواقف الجامعة حين استوقفني ذلك الموقف الذي حظي باستغرابي لوهلات , حيث كان احد الزملاء في سيارته يستمع الى مقطوعة من اغنية طربية حينما مر زميل اخر بمحاذاته ومن باب المزح الموجه قال له بصوت عال ( ما تستحي على وجهك مطوع وتسمع أغاني ) ...
لا يخالجني شك بأن الاستماع إلى الأغاني محرم رغم الخلاف الشرعي في ذلك ولكن بيت القصيد أنني الاحظ أن هذه الظاهرة باتت ذات انتشار واسع النطاق بشتى الأساليب والكلمات فلو كنت من بني جلدة أخرى ورأيت ما رأيت لقلت في نفسي أن الغناء عندهم هو محرم على ذوي الالتزام والصلاح وهذه نقطة تخرج عن المنطق والصواب بلا شك ولكن ..
ما هو ضابط الالتزام لدينا ؟؟
هل ترك اللحى المأخوذ عن الرسول ( ص ) أصبح هو المعيار والضابط بدلاً من كونه جزئية ؟
أم أن الأعمال والتصرفات الحسنة منوطة بأولائك الأشخاص دون ما غيرهم ؟
حسب ما أرى ويرى الجميع ممن يوافقونني الرأي والفكرة بأن المجتمع الشاب في وقتنا الحاضر يتخذ أسلوباً وطريقةً غريبة ً في استباق الأحكام وهذا شيْ قد عايشته وتعاملت به بحكمي عضواً في المجتمع حيث أن الشخص حين ما تكون لديه خصلةٌ من عمل محظور فيستلزم ويتوجب ذلك أن يكون قد أتى على جميع المحظورات حتى لو لم يفعل ذلك فلا يلاقي أي معارضة أو استغراب من محيطه حين ما يفعل شيئاً من ذلك القبيل وعندها يطلق عليه بتلك الأثناء (( داشر )) على عكس ذلك الظاهر بالالتزام بالمعنى الصحيح المستقم أو بالمعنى الآخر (( مطوع )) الذي ترك لحيته فلا يسامح أبداً إلا في فعل الصواب وكأن المجتمع يتوقع منه أن يكون ملاكاً لا يخطئ أبداً مهما كانت الظروف والأحكام .. نعم , قد يكون هذا دافعاً عالي الأهمية لدى الملتزمين-نسأل الله ان نكون منهم- ولكنه يوقعنا على طرفي نقيض في ذات الآن واللحظة وسق على ذلك الكثير من الأمثلة .. فلا يمكن بحسب ما هو سائد لدى اغلبية الافراد أن تكون (زقرت او داشر ) كأن تحلق لحيتك ولا تستمع الى الاغاني فهنا تواجه بردة فعل باردة الشعور ومملوءه بالاستغراب الواضح كسؤال احد من الاصدقاء (اجل وش الفايده ) -اي من حلق اللحية - وفي اليد الاخرى لا يمكن ان تكون ملتزما وتستمع الى الاغاني على سبيل المثال , وهنا ايضا تواجه بنفس ردة الفعل عند مرورك على لسان احدهم فتنصدم بقوله ( فلان ..لا يهمك مطوع كلك )جدير بنا العودة الى الاصول والتمسك بها فنحن بنو دين وملة اوحدين ولسنا ذوي مذهب ملتزم واخر متساهل , هذا برأيي من الاخطاء الفادحة التي تظر بنا وبمعتقداتنا وحتى لو ادركنا نحن ذلك وكمنت لدينا القدرة على الفهم والادراك فهناك جيل قادم قد وعى على ذلك ولن يفرق بينه وبين الصواب والاصل الا من رحم ربي ومن وجهة نظري الخاصة أن هذه الامور ثابتة الوجود شرعا ولكنها باتت تشغلنا عن اكوام من الامور التي كان يجب ان تسلط عليها الاضواء ويبت في حلها ثم العودة والرجوع الى ما هو اقل اهمية بتقديري الا إن كان يرى البعض ان مجتمعنا يسير على خطا صحيحة نحو الكمال وانه لا ينقصنا الا حل تلك الامور فهذا ما يجانب الصواب ويميل الى الغلو والمكابرة حسب رأيي وتقديري فمجتمعنا الشاب مقبل على الاصطدام بثورة عنيفة وثقيلة الحمل على اصحاب الموقف فحال الشباب اليوم وانا منهم لا يرضيني كما لا يرضي الكثير , فهناك نقص في التطلعات والطموح ولكن المجال يظيق بي ها هنا للشرح والتفصيل ولي وقفة اخرى باذن الله مع هذا الموضوع لطرح ومناقشة ابعاده وتفاصيله ..

كل الود ..