...
يامآقي الليل في أشجاني ..
بسم الله الرحمن الرحيم
.. في غسَقِ الدُّجى ، وفي بُحورهِ المُظلِمة ، وبين أمواجهِ المتلاطمة ..
يَرْتَحِلُ ” عبدالله ” قارب الصَّبرِ ، مُمْسِكَاً بحبال قَلمِهِ ، شَادَّاً بخِطَامِ حروفِهِ الذَّاوية
علَّه يكتب ويُعَبِّر عمَّا يدور في خُلدِهِ ليوصلها لساحل الإيمان بالقضاء والقدر ..
إلا أنَّ حروفهُ تخذله ..
فتذوبُ كَمَدَاً ، وتنصهرُ ألماً ، وتلتهبُ مشاعرهُ حُرقةً لفقدِ فلذتي كَبِدهِ ،!
جوري
عبدالإله
لطالما انتظر ” عبد الله
” مجيئ ذلك اليوم الذي سَيُرْسِلُ فيهِ إلى عَيْنَيْهِمَا شُعَاع الحُبِّ و العطفِ و الدِّفءِ .. ولطالما انتظر ذلك اليوم
الذي سيكونُ بهِ معنى الفرحِ و الأنسِ و الحبور !
آنذاك .. سَيُسْمِعُ طفليهِ أصقاع العالمِ أجراس قدومهما للدنيا ، وليُسْمِعَا أُذُنَاه كلمة ( بابا
) ، وليكونا في حضنه وحضنِ والدتهما !
حَلُمَ بذلك كثيراً كثيراً ..
فتحقق له ما كان يرجو ! ، ولم تسع الدنيا آنذاك فرحتهُ الكبيرة بمقدمهما ،
رَسَمَ الدُّنْيا فَرْحَةً ، ولوَّنهَا بهجَةً ، وتقلَّبَ في ذلكَ الأنس أياماً ، وسرعان ما أفل نجم الإنتظار بزيارةِ هادم الَّلذَّات ،
فتحولت معزوفة التهاني إلى لحن عزاء !
يا مآقي الليلِ في أشجانِ تيهِ ** أيُّ دمعٍ مدنفٍ قدْ أَرْتَجِيهِ ؟
ارْتَمَى قَلْبِي كَسِيرًا فَاسْعِفِيهِ ** بدِّدِي حُزْنِي .. ووجدي كفكفِيهِ
ألجمي البُؤْسَ طَوِيلاً أَبْعِدِيهِ ** واجْعَلِي الحُلمَ حَقِيقَاً .. اجْعَلِيهِ
وَارْمُقي الشَّوْقَ بِقَلْبي واسألِيهِ ** عَنْ سُبَاتِ الطَّفلِ فِي حِضْنِ أَبِيهِ
وارْحَمِي قَلْباً قَضى في حُلمهِ ** وارسمِي الفَرْحَةَ كَوْناً وانسُجِيهِ
كمْ هَمَى المُزْنُ بِبُشرى زانها ** عَسْجَدٌ يُضْفِي جَمَالاً فَدَعِيهِ
يا ل (جُورِي) إذ تهادى حسنها ** في نشيدِ البِشْرِ .. حبًا ردِّدِيهِ
بعدها (عبدالإله) أغيدٌ ** صيَّرَ السَّعْدَ رِدَاءً أكتسيهِ
عمقُ إحساسٍ وديعٍ وانطوى ** مثلما طيفٍ كسيرٍ فانظريهِ
موتهم هدَّ كياني فهوى ** في مآقي اليلِ .. في أشجانِ تيهِ
ربنا فالطف بنا في كربنا ** واجعل الصبرَ وشاحاً نرتديهِ
واجمع الشملَ بفردوسِ الهنا ** ولتُقِرَّ السعدِ والأفراحَ فيهِ