![]() |
( العقيدة ، والفضيلة ) ؛ بين الحراس والديوثين !
بسم الله الرحمن الرحيم
يأبى أهلُ الشرف والمروءة أن يمس شرفهم وشرف قومهم ، وأرضهم ، أدنى عدوان ، وأقلُّ لوثة تقدح بشرفهم أو تكاد . وسفكُ الدماء أهون على النفس الأبيَّة من ذلك المساس والعدوان . ولا يرضى الأبيُّ أن يرى ثغرةً تُكشف لأهلِ العدوان ، ولا دخيلاً يفتُّ من عضد أهل الحمى . فبالله ثم بالأباة والحماة الأمناء ، تأمن الديار ، ويُحفَظُ الشرَفُ ، وتُحمى العقيدة . وإن غفل الحماة ، وخان المستأمَنون ، وتسلَّط الأعداء ، ضاعت الأمانة ، وضُيِّعت الحمى . وأيُّ حمى أعظم من حِمى الإسلام ؟ والإسلام بلا فضيلة خداج ، وهو بلا عقيدة بوار . فالفضيلة أوتاد خيمة الإسلام ، والعقيدة ركنها . ولخيمة الإسلام حماة ، يردُّون عنها كيد الأعداء ، ويحمونها من تخريب الدخلاء . فهؤلاء قد أدّوا الأمانة ، وأرضوا ربهم ، ودفعوا الشرّ عنهم وعن دينهم وعن أمتهم . عرفوا الداء فأحسنوا اختيار الدواء . أولئك هم خير الأنماط . {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه} [آل عمران: من الآية110]. لكنَّ أناساً يبصرون نبالَ الشرّ تقذِفُ ثغورَهم ، فلا تتحرَّك نفوسهم فضلاً عن أقلامهم ، وألسنتهم ! وصدق الله : {فَإِنَّهَا لا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ} [الحج: من الآية46]. وأنا هنا لا أريد الحديث عمّن حجبت الغفلةُ عقولَهم فزعموا أنَّ حراسةَ الدِّين حملٌ مسؤولٌ عنه غيرهم ، وظنّوا أن ليس عليهم تبعة تضييعه . ولا عمَّن أقعدهم الكسلُ فركنوا إلى الدنيا ، ونسوا أمر الله تعالى . لكنْ أريد الإشارةَ إلى من رأوا في نبال الشَّر لمعاناً فاغتروا به ، وزعموا أنَّ من الممكن أن نتعايش مع النيران لأنها وإن كانت تحرق إلا أنها تشعُّ أنواراً ! ولذا فهم يضعون من القواعد والأفكار ما يجعل العيش مع الدخلاء ـ وما يحملون ـ سائغاًً . وأثرُ هؤلاء المقعِّدين أنكى من أثر أولئك القاعدين . ولئن نشط القاعدون ففي الخير غالباً ، أمَّا هؤلاء ففي الشَّر . دخلت على المسلمين أفكارٌ وعقائد حملها مفكِّرون لامعون (!) ، فتهافت إليهم كثير من المسلمين كما يتهافت الفراش في نور القنديل . فأصبحنا نرى الكثير من شبابنا يحمل أفكاراً دخيلة ، وعقائدَ ملوَّثة ! فهذه فكرة قوميَّة ، وتلك عقلانية متحررة ـ من الدين ـ ، وأخرى ثورية تستباحُ بها الدماءُ المحرَّمة . وهذه رؤية جديدة للإسلام ، وتلك مواجهة عصرية للأحداث ، وذلك خطاب دعوي جديد . وتحت هذه الأسماء عقارب وثعابين . لكنَّ من يعجبهم كلّ بريق ؛ اندفعوا يجمعون ما هبَّ ودبَّ من هذه الأفكار ، ويحسنونها للناس ، ليصوغوا منها مزيجاً شاملاً لما يرونه خادماً للفكر الإسلامي ـ والصحيح أنه خادمٌ لأهوائهم ـ. {فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ} [قّ: من الآية5]. والعجيب أن نرى بعضَ من نشأوا على العقيدة الصافية قد انخدع بأفكار أولئك المقعِّدين المخلِّطين ! فما فتئ يروِّجُ لكثيرٍ مما يروِّجون ، حتى رأى أنَّ الفجوة التي بينه وبينهم قد سُدَّت ! فرفع عقيرتَه أنْ أنصفوا منارات الفكر ، وأوسعوا دائرتَكم الظالمة المظلمة ! . بارت سوقه وخسر ! انحدر من قمة الجبل ، فقعد في منتصف الطريق ، فلا صعد ولا نزل ، وظنَّ أنه من أهل الوسَط !. 13 /2/ 1424 هـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ [ هذه مقالة نال بها الكاتب على إحدى جوائز مسابقة « المقالة الأدبية » التي أقامتها جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة لعام : 1424هـ ، وكانت بعنوان : (صفاءُ الدِّين أم زخارف الأقوال ؟!) ]. |
الله يعطيك العافية أخوي ناصر الكاتب ..
موضوع رائع جدا جدا جدا .. أتحفنا بالمزيد .. |
بارك الله فيك .
|
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
حق لصاحب هذه المقالة أن تنال أحد الجوائز المقدمة فهي بحق مقالة جميلة |
الساعة الآن +4: 11:09 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.