|
ذكرياتي مع سُهيل !
خرجت قبل قليل من صلاة الصبح فحانت مني التفاتة إلى الجنوب , فلمحت نجماً يومِضُ ببريقٍ خافت على مُحَيّاه , يُلْقِي التحيةَ على مُبْصِريه , فعرفتُ أنه النجم المحبوب لدى أهل نجد , المعروف مكانُه وزمانُه , إنه النجمُ سُهَيلٌ اليمانيُّ الذي يلوح في الأفق جنوباً أواخر فصل الصيف , وبداية فصل الخريف مُعِلناً – بإذن ربِّه – انتهاء حرارة الجو الحارقة , وبداية البرودة العليلة في الأجواء . فهيَّجَ هذا النجم شوقي إلى ماضٍ جميلٍ كنتُ فيه فتى يافعاً أدرج إلى مرحلة الشباب حين تعرفتُ على هذا النجم الجميل , حين كان يُمْسِك بيدي ذلكم الشيخُ الجليل ( أبو صالح ) في سطح منزلنا الشعبي بحي الفاخرية ليُرِيَنِي هذا النجم بعد صلاة الفجر , ويخبرني بمزاياه وأهميته لدى أهل نجد ومُزَارِعيها , ويخبرني بالأمثال المشتهرة على ألسنتهم : إذا طلع سهيل لا تأمن السيل ! وإذا طلع سهيل تلقَّط التمر بالليل !. وطلع هنا ليس معناه انتهى كما يفهم كثير من الناس , وإنما ظهر وبدا في السماء كما قال فتية من الصحابة : طلعَ البدرُ علينا . وإنما كانوا يتحدثون عن التمر بطلوع سهيل لأن التمر عندهم آنذاك ليس إلا الشقراء التي يتأخر بدوُّها وصلاحها , فلا تطيب – غالباً – إلا بعد طلوع سهيل ! رحمك الله يا والدي رحمة واسعة , وأسكَنكَ فسيح جناته , فقد كنتَ تقياً نقياً ومربياً عظيماً . ذكَّرَني هذا النجم الجميل ببدايات محبتي وتعلقي بعلمِ النحو الكبير , حيثُ الدراسة في المعهد العلمي , وحفظ ألفية ابن مالك , ودراسة شرحها الكبير لابن عقيل , على يد معلمِنا القدير ( أبي سُهيل ) عبد الله السهلي في الصف الأول ثانوي , وما زلتُ أشكر له حرصَه على أن نحفظ الألفية , ويشدد على ذلك جزاه الله خيرا . ثم ذكّرَني بأبي سهيل آخر التقيته في دراستي الجامعية فكان نِعمَ الأستاذ والمربي والصديق لي ولجميع من عرفه وصادقَه . ذكَّرني ( سُهيلٌ ) بما أخبرنا به ابن مالك رحمه الله من أن ( حيثُ ) لا تضاف إلا إلى الجمل : وألزموا إضافة إلى الجمل ,, حيثُ وإذْ ... ولكن الشارح أفاد بأن حيث قد تضاف للمفرد عند بعض العرب كقول الشاعر : أما ترى حيثُ سُهيلٍ طالعاً نجماً يضيء كالشهاب لامعاً فأضاف ( حيثُ ) إلى المفرد ( سهيل ) . وكان أستاذ المادة آنذاك ( في ثاني ثانوي ) : الشيخ عبد العزيز الزايد وفقه الله وحفظه يُمْتِعُنا بترديد البيت بفصاحته المعهودة , وتلقائيته الجميلة , فحفظته مع كثير من الشواهد الأخرى عن ظهر قلب . ذكَّرني هذا النجم بتلك القصة الأدبية الرائعة التي قرأتها في كتاب الكامل للمبرد أيامَ الثانوية حين خطب الشاعر الأموي عمرُ بن أبي ربيعة فتاةً تُسمى الثريا من بني أمية , فرفضَ أبوها تزوجَه بحجة مجون الشاعر , وزوّجَها فتى من قريش يقال له : سُهيل بن عبد الرحمن بن عوف . فأنشد عمر بن أبي ربيعة بيتين بهذه المناسبة : أيُّها الْمُنْكِحُ الثُّريّا سُهَيلا ,,, عَمْرَكَ الله , كيف يلتقيانِ ؟ هي شاميّةٌ إذا ما استقلّت ,,, وسُهيلٌ إذا استقَلَّ يـَمانِي في إشارة لطيفة إلى النجمين المشهورين : الثريا التي تظهر في شمال الأفق , وسهيل اليماني الذي يظهر جنوباً . دارت بي هذه الذكريات الجميلة بلمح البصر حين رأيته , .فأدركَني نشاطٌ غريب لتدوينها , وإمتاع القراء بها إن كان فيها مُتعة لِمُستمتِع .. علي الحامد 12/1/1432 |
الذكرى الجميله تضل مخزونه في الذاكره وكلما تذكرناها استمتعنا بها واسلوبك في كتابتها زادها روعه بارك الله بك وبعلمك |
مااجمل..ان ندون اجمل ذكريات حياتنا.. لتبقى لنا محفوظه بعبقها....ولخلفنا فائده... يعجبني طرحك..المتشعب مع سهيل..مع وصفك ولغتك..الراقيه.. فقد طرحته شعرا وادبا..وذكرى..جميله.. فأتمنى ان تستمر بالطرح..ليتعلم الكل منك..أدبا وعلما.. زادك ربي من أنعمه.. |
كيف لآيكن بها متعة وقد خرجت بهذا الأسلوب الأديب
قرأت وأنا أمتلئ شوقًا للمزيد ولذاكرة الصفوف الدراسية نكهة أنهكنا الحنين لها , كما شدني ذكراك الجميلة لملعم النحو .. نغبطكم على ماتلقيتموه بين يديه , و قد أحسن العطاء فبارك الله لكم فيما وهبكم |
أسلوب جميل وراقي الله يوفقك
الشيبان يقولون لآجاء سهيل لآتأمن السيل |
أسلوب راقي ورائع راق لي كثيراً..
بل أعتبر كتابتك هذه من أفضل ماقرأت لك.. بارك الله فيك وزادك علماً وتقى.. هيضت أشجاننا بذكرى أبا صالح جمعنا الله به في جنته.. |
جزاك الله خيرا أبا سليمان على ذكرياتك لأستاذنا الأخ الحبيب صاحب اللغة والبر والتوثيق التاريخي معاً أبا سهيل السهلي ، وان كان درسنا أيام المعهد العلمي إلا انه لم يكن يدرسنا نحو فقد كان استاذنا في النحو النحوي القدير / أحمد بن ناصر العلوان حفظه الله |
اقتباس:
كيف تقولها ..!!! كيف لا نستمتع وأنت قائلها سيدي ..!! كبير والله بكلماتك وحتى لغتك وطريقة كتابتك..!! تحياتي لكم جميعا. |
. . ماشـاء الله حشـد هائل من الأمثلة والشـواهد في موضوع قلّت مظانه أهنئك أخي على هذا المخزون الثقافي الرائع وعلى تداعي تلك الأمثلة دون ترصد كما أعلم .. ابا سـهيل الجامعة هو الآن أباعبدالله .. بقي أن أقول أنه لم يبق من تلك الشـواهد التي لم تحضرها سهيل رفيق اقبال :) . . . . |
الأخوات الكريمات : نبرة شجن بعثرة حلم متصفحة شكرا لكن جميعا على إطلالتكُنّ القيمة ومروركنَّ الكريم . الأخ : أبو الخطاب شكرا لك على إطلالتك , وقد ذكرتُ المثال في النص أعلاه . الأخت : الإبداع القادم ,, شكرا لك على مرورك ,, ولكن , يبدو أن لك ذكرى مع أبي صالح لا أعلمها !! |
اقتباس:
ولأنك ذكرت الأستاذ القدير أحمد العلوان , فلم أشرفُ بدراسة النحو على يديه في المعهد , ولكنه درّسني مادة هامة في مضمونها بسيطة في محتواها , إنها مادة الإنشاء في ثاني ثانوي . وما زلت أذكر بعض المواقف الطريفة والجمية لتلك السحنة الوضاءة . |
اقتباس:
شكرا أخي قراقوش , ورفقا بأخيك فقد قطعتَ عنقَه بارك الله فيك . |
اقتباس:
إنني لأخجل أن أكتبَ عن سهيل وأمثاله بوجود قلمكم المعطاء هنا ,, ولكنه جهد المقل , وشغب القلم يسطو علي أحيانا . أشكرك كثيرا على إطلالتك . و أبو سهيل الجامعي هو أبو عبد الله الآن كما ذكرتَ , وهو الشيخ العلامة : عبد الكريم الخلف . وأما سهيل قناة المجد فلا علاقة لي به نهائيا , وأحترم وجوده وإطلالته , ولكني لستُ من متابعيه يوماً . |
اسلوب رائع وجميل ، الحمد لله على ماقضى ، مشكور أخوي . |
| الساعة الآن +4: 12:37 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.