بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله

صور من مجالسنا ـ 5ـ

المتعلق بالقران ..

مجالسنا سجل حافل ومليء بالأحداث لأنواع من الحكايات والذكريات والتجارب الثرية ذات الأبعاد الرائعة ...
المجلس مزدحم بالمدعوين الذين أخذهم الصمت لجمال حديثه وروعته ، فبعض الناس يعطيه الله قدرة على نظم الكلام وترتيبه وروايته ، فبدأ يأتي بفنون الحديث التي راقت للمدعوين ، وهكذا هي مجالسنا هي العادة ، إما أحاديث جانبية ، أوان احدهم يتصدر المجلس فيثريه ، ويشد انتباه الجميع ، ومن روائع الحديث هذا الموقف ، الذي ذكره احد الجالسين ، عندما مروا على ذكر القران الكريم ، وفضل تلاوته والتعلق به .
فقال : اسكن في بيت بجوار إحدى مدارس البنات ، في حي الصفراء في مدينة بردة ، وكان لهذه المدرسة حارسان ، احدهم يقود السيارة والأخر لا يعرف القيادة ، فكان الذي يقود السيارة يتأخر في الملجئ قليلا ، لأنه يقضي أعمال المدرسة على سيارته ، والآخر يجلس يحرس باب المدرسة .
بعد الساعة الثامنة تتوقف الحركة عند المدرسة إلى قبيل الظهر ، إذا هناك وقت طويل يقضيه هذا الحارس لوحدة ، ولكن تأمل كيف كان يقضيه ، وهو رجل عامي لا يعرف القراءة ولا الكتابة ، كنت امر عليه كلما ذهبت إلى عملي ، وقد وضع له مجلسا مقابل باب المدرسة في وهج الشمس الرائعة في فصل الشتاء ، وقد بهرني صنيعه الذي داوم عليه ، حيث كان يجلس الساعات الطويلة وهو ممسك بالقران يتلوه ، فقد تعلم فقط قراءة القران برسم حروفه ، وقد استمر على ذلك فترة طويلة ، ما فقدته يوما ، إلا في ذلك اليوم الذي مررت ولم أجده في مكانه ، فأخذني الفضول لماذا لم يكن في مكانه اليوم ، فسألت زميله ، فلم يجبني ، بل سبقت دمعته جوابه ، فعرفت أن في الامرشئ ، قلت له : ما الأمر ..؟ أين زميلك .؟ فلم يجبني ، بل انخرط في نوبة بكاء ، ثم قال ، زميلي ليلة البارحة انتقل إلى رحمة الله .
إنها الآجال المكتوبة ، ولكن كيف نقضي الأوقات المكتوبة لنا قبل أن تحل آجالنا ؟ هذا الرجل الذي لم يتعلم القراءة ولا الكتابة ، استفاد من وقته ، كأكبر خبير في إدارة الوقت والاستفادة منه ، ترى كم من الأجر كتب له وهو في مجلسه ذلك .؟
كم يمضي علينا من الأوقات دون أن نستفيد منها ، كما فعل هذا الرجل ، يؤدي عمله ، وهو يزرع للآخرة ، دون أن يخل بعمله الدنيوي .؟
الذي حدثني في هذا المشهد هو زميلنا الأخ ، محمد بن عبد العزيز المقبل ، والذي انتقل الى رحمة الله قبل بضعة أيام ، وهو يعمل في هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في منطقة القصيم ، فرحمه الله رحمة واسعة ...
للحديث بقيه من صور أخرى.....



عبد الله العياده ..