أيها السعوديون ...هل استعددتم لهذه التطورات أم لاتزالون متفرقين ؟؟؟
 

كثيرا ما ألجأ للتفكير الواقعي وأبتعد عن إتخاذ ردة الفعل في حال حصول الحدث وأكون موفقا إن توقعت عدة أشياء ثم أعددت لها التصرف الصحيح وحين حدوث أي فعل منها أكون قد فكرت بروية من قبل للتصرف المناسب فيه ............إنطلاقا من الإيمان بالقضاء والقدر وأن من كمال التوكل الأخذ بالأسباب .........
هذه الأحداث التي تجري حولنا ........سياسية واقتصادية واجتماعية ودينية .......وغيرها .....تتابع بسرعة البرق أمامنا ولا نكاد نستوعب حدث حتى يأتي أكبر منه ......

ولا شك أن من أهم الأحداث هو إنفتاح العالم على نفسه والتحول إلى قرية صغيرة ...............ولحبي للأمثال في سياق الكلام فأرجو أن تتحملوني في ضرب بعضها لتوضيح الصورة التي أعني ........

تخيل أنه على الأرض مربعات غرف صغيرة كل غرفة مقاسها 30سم × 30سم ..........وبعدد عشرون غرفة تقريبا ويفصل بين الغرف حوائط خشبية .........وعليها أغطية .........وداخل هذه الغرف بشر بأحجام صغيرة جدا ...........وكل غرفة لا تعلم عما في داخل الغرفة الأخرى إلا القلة القليلة من هؤلاء ......ثم......قمت بنزع هذه الأغطية نهائيا ووضع مرآة زجاجية معلقة فوق الغرف بحيث يستطيع كل من في هذه الغرف أن يروا مافي الغرف الأخرى ويروا أنفسهم ويكتشفوا الفروق بينهم وبين الآخرين .....بل ويسمعون بعضهم ويمكنهم مناقشة بعضهم البعض.....

ماحدث للعالم هو بنفس الصورة تقريبا ...........وبدأ الامتزاج فعليا فكريا بينما الأجسام في أماكنها ............

ونتيجة لهذا الاندماج حدثت المصادمات الفكرية والاستنكارات والتساؤلات ..........فحدث التباعد وحدث التقارب وحدث النفور وحدث الاعجاب بحسب تفكير كل شخص .....

واتضح أن الفارق بيننا حضاريا وعلميا وعسكريا وبين دول الغرب هو فرق ( نوعي ) وليس ( كمي ) وهذه حقيقة مؤلمة أيما إيلام ..........و القبول بها مؤلم أيضا .........لكن الأشد إيلاما هو .......إنكار هذا الفرق والقفز عليه في إتخاذ الخطوات الواجبة وتجاهله ....لتزداد المصيبة على المصيبة

ليست المصيبة خاصة بالسعودية وحدها .......وإنما بالعالم العربي أجمع .....ولكن الحديث سيكون حول السعودية لأنها بلدي أولا ولأنها تمتلك زمام الأمور والصدارة في جوانب عدة مثل الاقتصاد والدين والسياسة .............

إن المثال السابق لا يصف حالنا مع خارج السعودية فقط .........وإنما يصف حالنا مع بعضنا البعض .......فوجدنا فروقات وظهرت أصواتنا عاليا لمناقشة مشاكلنا ومحاسبة بعضنا البعض .........

وفي خضم هذا الحدث..........كانت الآلية المناسبة للتعامل معه هي ((( الحوار )))

فالحوار ليس موضة جديدة أو بدعة حديثة أو أمر طاريء ..............بل هو أرقى من هذا كله ....والحوار سيكون ((( وسيلة ))) لصياغة (مجتمع جديد ) قادم بقوة ....ووسيلة لنشر أفكار منها جديدة ومنها تصحيحية لأخطاء سابقة

لا أريد التوسع في هذا الجانب لأنه ليس لب الموضوع .........وإنما ما أردته ....هو شدة الاستنكار التي تظهر على البعض تجاه كل تغيير .........وكأننا قوم في وادي وداهمهم السيل فأصبح البعض يرده بيديه والبعض يتفرج ويتكفي بالنقد وربما الشتم والبعض تمسك بحجر كبير ......فلا هو رد السيل ولا هو مشى معه وسايره لضمان سلامته .........

فإن المفاهيم لابد أن تتغير حتى نستطيع أن نواكب الأحداث ونعترف بعيوبنا ونحاول إصلاحها ..........لأن المد أقوى منا كمجتمع ......بل أقوى منا كدولة

وحتى أزيل علامة الاستفهام التي قد تخرج عما أقصده في المفاهيم فإنني أقصد في الحياة المدنية والاجتماعية تحديدا ...دون التعرض (( للثوابت الشرعية المتفق عليها ))

مثل ماذا ؟ ..........

مثل نظرتنا للأعمال والمهن التي كان من ( سخف ) القدماء أنهم ينبذون بعض أصحاب المهن رغم أنها عمل شريف لمجرد أنه عمل بها ( كالحدادة مثلا ) ( أو بيع المستعمل كالحراج ) ( أو رب الدلال قديما ) .......

ومثل نظرتنا لأنفسنا بالتميز والعلو على الآخرين ليس لشيء سوى للانتماء الإقليمي أو اللون أو الطبقية أو العرقية ...فهذا حجازي وذاك خضيري وهذا فقير وذاك أسود..........رغم أننا سعوديين جميعا ....

ومثل تقديسنا لبعض العادات القديمة رغم وضوح خطئها وضررها كالزيارات المفاجئة أو تأتي في أوقات غير مناسبة أو مثل مايحدث في المآتم في جنوب المملكة وما يتحمله أقارب الميت من تكاليف تزيد مصيبتهم شدة وبلاء

وغيرها كثير من الأمثلة على الأمراض الشائعة في مجتمعنا .............ولم أتطرق للجانب الديني عمدا لأنه يحتاج إلى نقاش مستقل ومخصص

فالمجتمع مقبل على التغيير .............رضينا أم أبينا ...........والمطلوب منا هو إستثمار هذا التغيير لصالحنا ولتطورنا ..........وليس الغوص في هذا التغيير ومناقشته والتفكير في التعايش معه أو رده ورفضه رغم أنه سيصبح واقعا لامحالة

ومن المسائل المهمة التي يجب علينا الاستعداد لها ............هي الدخول في الانتخابات وقوانينها وكيفية المشاركة فيها وما إلى ذلك من متعلقات بها .........وستحدث في وقت قريب وستبدأ بالتدريج .........فربما تبدأ بمجالس المناطق ثم بمجلس الشورى الذي قد يتحول إلى برلمان تشريعي فيما بعد ........

وكذلك علينا الاهتمام بجانب تعلم الحصول على حقوقنا المدنية والاستفادة من نظام المحاماة الجديد ....ومعرفة مالنا وما علينا ..........

كل هذه يجب علينا كمجتمع أن نعيها و وندركها ...........قبل أن يقتحمنا الطوفان

ونحن لا نزال ..................نأكل في بعضنا ونكيد لبعضنا البعض

وتحياتي للجميع