![]() |
هنيئًا لك ياصديقي .
ركب معي في سيارتي وأمارات الحزن بادية على وجهه , قلت له : مابك ؟! سكت قليلاً وقال : لا لاشيء فألححت عليه حتى أخبرني فقال : معاملة والدتي لي تقلقني ,رغم بري الشديد بها , ألبي لها مطالبها , ولاشيء من المشاغل أقدمه عليها , جميـع من في البيت يرى طيب معاملتي لها , بل وأزيد على ذلك ؛ لطفي مع أخواتي فأنا ألاطفهن ؛ وأبحث عن أي شيءٍ يسعدهنَّ , بعكس أخي فلان , فهو دائما ما يناقض والدتي في أوامرها ويعاندها , وكل من البيت يجمع على كظاظة معشره وضيق نفسه , ومع ذلك فوالدتي تعامله بالرفق والليـن . وأما أنا فبمجرد أن أزل زلة بسيطة صبت جام غضبها علي ورفعت صوتها , وذات مرة حصل بيني وبين أخي سوء تفاهم واحتد النقاش بيننا فجاءت والدتي من بيننا وأسكتتني ؛ ودفعتني إلى الخلف , ثم تلفظت علي , ولم تقل لأخي أي كلمة , رغم أن الحق معي , والله العظيم !؟ هل تصورت هذا الموقف !؟ هل يعقل !؟ كل هذا البر والإحسان إليها , وتعاملني بتلك المعاملة !! إنني يا أباريان من جراء تلك المواقف أيقنت يقينًا أن والدتي لاتحبني !؟ نعم لاتحبني , وإلا كيف تعاملني بمثل هذه المعاملة . قلت له : إنني أبارك لك , وأهنئك , وأبشرك أن والدتك تحبك حبًا جما . ابتسم متعجبا وقال :كيف .. كيف ؟! قلت : حالها معك , هي شهادة تزكية لك ؛ لو كنت فظًا غليظًا لأنفضت من حولك , ولأن نفسها ترتاح وتسكن إليك عاملتك بتلك المعاملة , لو كنت فظًا غليظا لبحثت عن أي وسيلة تداريك بها , وتكف شرك عنها , في الغالب أن الوالدين يرفعون أصواتهم على من يحبون من أبنائهم, لأنهم يعلمون أن هذا الابن البار لن يتأثر , الوالدان لديهم أحزان ومضايق فهم يريدون أن يفرغوا تلك الشحنات من أنفسهم ولايجدون سبيلاً لذلك إلا برفع الصوت على من يحبون من أولادهم , إن سوء أخلاق أخيك مع أهلك لايمكن أن تدفعه والدتك إلا باللين والرفق معه , فتخيل لو أن والدتك رفعت صوتها على أخيك العاق , بالطبـع سيعاندها وسيزداد سوءً وتعنتًا , ولفر من المنزل , أنت ياصديقي ابنٌ بار ؛ لذا هم يثقلوك بالأوامر ؛ ويُتعبوك بالطلبات لأنهم يعلمون أن طيبة قلبك تجعلك تتحمل ذلك , ولاحظ إذا أصاب والدتك ضيقة إلى من تهرع إليك أم إلى أخيك ؟! بالتأكيد إليك , وهذا برهانٌ على أنها ترتاح لك . وتذكر أن لك من الأجور والحسنات بقدر مشقتك في برها .. قال تعالى ( فإن الله لايضيع أجر المحسنيـن ) . ثم ابتسمت وقلت له: لقد فتح الله لك بابًا من البر والإحسان أوصد عن غيرك فهنيئًا لك ياصديقي , هنيئًا لك . * لايلزم من الكلام السابق أن من عامله والداه برفق وليـن أنهم يدارونه وأنه عاق , وأن من عامله والده بقسوة أنه بار , بل هذا يعرف من حال الشخص معهما والقرائن التي تحف , والأصل أن الأباء والأمهات يحبون أولادهم فهو أمر جبلي من الله ؛ لكن يتفاوتون في التعامل وإظهار ذلك الحب ونقول لكل ابن كن باراً بوالديك أسواء عاملوك برفق أو بقسوة فالأجر لن يضيـع . |
قال صلى الله عليه وسلم: " اعدلوا بين أبنائكم ، اعدلوا بين أبنائكم ".
[ أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والبيهقي وغيرهم بسند صحيح، وصححه الألباني ] |
الساعة الآن +4: 08:41 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.