![]() |
خواطر في الصيام
لازال الناس يبحثون عن السعاده فمن الناس من ظن السعاده في الشهوات والرغبات ومنهم من ظن السعاده في المال ومنهم من ظن السعاده في الجاه والشهره والمنصب ولكن الصيام يبطل ذالك كله لان الصيام حرب على الشهوات الاكل والشرب والجنس والصيام فيه انفاق المال بالصدقه في رمضان وفي صدقه الفطر والصيام عبادة سريه ليس فيها شهره ولا جاه ماذا نتعلم من الصيام ان السعاده في الروح وتنميه الوزع الديني .. وتقوية النفس البشريه وجعل العاطفه الدنينيه هي المتحكمه في النفس البشريه ان الصيام يقول لنا ان الاستعلاء على الشهوات والرغبات هو سبب السعاده والقوه الحقيقه ان القوه الحقيقه ان تسيطر على نفسك ولا يسطير عليك الاخرون ان القوه الحقيقه في تقوية ارادتك |
الناس في استقبال الشهر الكريم ثلاث انواع الاول من يتضايق من هذا الشهر .. لانه يقطعه عن عاداته وزياراته الثاني من يستقبله ببرود وكأن شي لم يكن .. وقصارى الامر عنده ان مواعيد الدوام والطعام تغيرت في هذا الشهر الكريم الثالث من يستقبل هذا الشهر بالفرح والجد والتوبه والعزيمه الصادقه على الاعمال الصالحه وهذا هو المغبون السعيد الذي اكرم الشهر حق اكرامه وقد ضرب للشهر الكريم مثال لو نزل بك ضيف اما ان تكره مجيئه اليك .. فأنت بخيل او لا تبالي بالضيف وتطعمه من نفس طعامك .. فأنت ليئم او تبادر الى اكرامه والقيام به .. فأنت كريم ونحن نقول هل نستقبل الشهر بالحب والموده .. ام نستقبله بالبغض والكره |
قالرسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مَن صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبِه))؛ متفق عليه
والمراد بالإيمان: التصديق بوجوب صومه، والاعتقاد بحق فرضيته، وبالاحتساب: طلب الثواب من الله - تعالى - قال الخطابي - رحمه الله - في معنى الاحتساب: هو أن يصومه على معنى الرغبة في ثوابه، طيبةً نفسه بذلك، غير مُستثقِل لصيامه، ولا مستطيل لأيامه؛ |
في صوم شهر رمضان خمس فضائل
الاولي ان من صامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ايمانا بفرضه .. واحتساب لثواب اجره الثاني ان الشياطين فيه تصفد وتسلسل حتى لا يقول العبد لا اقدر على ترك المعصيه وفعل الطاعه .. فكأن رسالة التصفيد للمسلم تقول له (( ما بقى عليك الا نفسك ..)) فلا شيطان ولا اغواء الثالث ان من قام رمضان ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه الرابع أن ابواب الجنه تفتح وابواب النار تغلق لان الله يغفر فيها لاهل الايمان .. ويتوب على اهل العصيان ومن سلم من الذنب دخل الجنه .. الخامس ان فيه ليلة القدر خير من الف شهر وفي الصوم خمس فضائل الاولي ان الله اضافه اليه (( الصوم لي وأنا اجزي به )) الثانيه ان من صام يوم بعد الله وجهه عن النار سبعين سنه الثالثه ان له باب في الجنه اسمه الريان الرابعه ان ثوابه مخفي عند الله الخامسه ان خلوف فم الصائم اطيب عند الله من ريح المسك |
لماذا كان رمضان ثلاثون يوما ؟؟
لانه بمثابة ثلاثين كبسوله تصلح النفوس وتقوى العزائم فربنا جعله شهر .. لان له تأثير عجيب على النفس البشريه وهو حرب للشهوات وتقوية للاراده وتدعيم للتحكم بالغزائز .. وقد قرأت في موقع الالوكه عن امرأة كاثوليكيه اسلمت بسبب انها صامت رمضان لانها كانت تعتقد ان الجوع لا يقرب من الله .. ولما صامت شعرب بصفاء في النفس وطيب في الخلق .. فعلمت ان الصيام فريضه ربانيه ويقول العارفون في النفس البشرية: إنَّ في مدة الشهر سرًّا خفيًّا، وهو أنّ الإنسان لا يصبر على شيء شهرًا كاملاً إلاَّ صار له سجية لعام، حتى يأتي رمضان الذي بعده، فيعيد التدريب، كما ذكر العلماء أنَّ العبد لا يصبر على شيء عامًا واحدًا، إلاَّ صار له سجيَّة بقية عمره، ولهذا كان عمر يضرب للتائب سنة، وفي عقوبة الزاني تغريب عام. |
قال الامام الغزالي
الصوم ثلاث درجات: صوم العموم، وصوم الخصوص، وصوم خصوص الخصوص. فأما صوم العموم: فهو كف البطن والفرج عن قضاء الشهوة. وأما صوم الخصوص: فهو كف السمع والبصر واللسان واليد والرجل وسائر الجوارح عن الآثام. وأما صوم خصوص الخصوص: فصوم القلب عن الهضم الدنية والأفكار الدنيوية وكفه عما سوى الله عز وجل بالكلية، وهذه رتبة الأنبياء والصديقين والمقربين |
يقول الشيخ محمد حسين يعقوب كلاما ما معناه
في الصوم اربع حكم الاولي تهذيب النفس وتدريبها على ترك الشهوات لله تعالي الثاني معرفة قيمة نعمه الاكل والشرب .. لان النعمه لا تعرف الا اذا فقدت الثالث ان يتفرغ قلبك وعقلك للذكر .. وتتخلص من الانشغال بالجسد الرابع ان تضيق مجاري الشيطان .. فيكون صومك حربا للشيطان وحرب لنفسك وتقوية للوازع الديني والشرعي |
لن تدرك سر الصوم .. حتى لاتعرف حقيقه الانسان
لان الصوم شرع لاجل الانسان ولاصلاح الانسان فما هو الانسان ؟؟ الانسان جسد وروح والجسد مثل البيت .. والروح مثل الساكن الجسد مثل السياره .. والروح مثل القائد فالروح ساكنه ومركوبه وعمل الناس اليوم .. انهم اهتمو بالسياره واهملوا القائده .. اهتموا البيت واهملوا ساكن البيت أي انهم اهتموا بالجسد على الروح لان طعام الجسد سفلي شهوات وطعام الروح علوي سماوي وهو الذكر والفكر اذن الانسان في الصوم يفرغ ويتخلص من جسده لتشرق روحه بالذكر والفكر لان الطعام مشغل للروح .. والشراب مشغل للروح .. والنكاح مشغل للروح .. حتى يتشبه بالملائكه الذين لايأكلون ولا يشربون ويعبدون الله دائما وابدا |
يري الدكتور جمال ابو العزائم ان الصوم بسبب للصحه النفسيه من اربعة اوجه
(( اشباع غزيزه التجمع .. اشباع حاجه الحب والعطف .. التصالح بين قوى النفس قوة الاقدام وقوة الاحجام والسلامه من الصراع النفسي .. الصحه الجسديه المسببه للصحه النفسيه )) اولا اشباع غريزه وحاجه التجمع لان الناس كلهم يجتمعون في استقبال الشهر وفي الصوم وفي قرأة القران .. وهذا يجعل الانسان لا يشعر الغربه ويعلم حب الاسلام والمسلمين ؟؟ كيف ؟؟ يقول الدكتور حب الجماعة وحب الوطن والوطن هنا هو الاسلام وحب الوطن من الايمان والجماعة هنا هم المسلمون الثاني اشباع حاجه الحب والعطف لان الاب يهتم بأبنائه ويجتمعون على مائده الافطار ويشتركون في العباده قال الدكتور فالأسرة المتوافقة المتحابة والتي يقوم فيها الأب والأم بأدوارهم الوظيفية من الرحمة والعطف والحنان والتربية والمصاحبة أسر سعيدة مطمئنة ولذا فشهر الصوم له أثره على ربط أفراد الأسرة بعضهم ببعض وما أجمل الثالث التحكم في الغرائز والدوافع يتحكم في غريزة الاكل والشرب والجنس .. وغريزه المقاتله .. فهو في اثناء الصوم لا يأكل ولا يشرب .. واذا سابه احد او قاتله قال اني صائم بحيث تتحكم عاطفة التدين في كل الدوافع الاوليه والثانويه وسعادة الانسان ان يسيطر عليه عاطفة التدين وتحكم حياته .. بحيث لايحصل عنده صراع ولا تردد ولا احباط .. لان له غاية واحده ومقصد واحد قال الدكتور حكم الانسان في دوافعه والاعتدال بها الى التوسط والبعد بها عن الأسراف مصداقا لقوله تعالى : وكلوا وأشربوا ولا تسرفوا أنه لا يحب المسرفين " هذا الترويض لهذه الدوافع يؤدي بها الى التصالح مع قوى النفس الانسانية . والانسان الذي تصطلح قوى وطاقات ضميره مع قوة وطاقات دوافعه يعيش بعيد عن الصراع الرابع قوة الجسد لان الجسم يتخلص من الفضلات ويتجدد دمه وخلاياه وتقوى اجهزته والصحة الجسمية عنوان على الصحة النفسية . العقل السليم في الجسم السليم . |
الصيام يعلمك ستة فوائد نفسيه وروحيه
.. تعينك على شق طريق الحياة وقد قيل ان من تخلق بشي شهر صار له خصله .. ومن تعلق بشي سنه صار له جبلة وطبعا وعاده وهذه الامور السته الو صبرنا عليها سنه .. سوف نكون من الاقوياء في شخصياتهم سوف يكون النحاج حليفا دائما الاول القدرة على ضبط الشهوات لان قوة الانسان في ضبطه لشهوته .. وكلما سيطر الانسان على شهوته صار اقوى .. ولذا قال نبينا عليه السلام (( ليس الشديد بالصرعه ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) لانه قوى على نفسه .. فهو مثل النخله قوتها في نفسها وثباتها للريح .. ومثل الجبل قوته في ثباته في نفسه .. ثانيا تقوية الإرادة والعزيمة لان الناس انما يتفاضلون بالارادات .. وكلما قويت الاراده صار النجاح حليف الانسان .. فالناس متساوون في القدارت تقريبا وانما الاختلاف بينهم في الهمم والعزائم فقوي العزيمه قوته مثل المسمار .. له قدره على النفوذ في الصخر والاسمنت .. بسبب قوته وصبره على المطرقه وعلى حفر الجدار الثالث التحكم في السلوك وقوة الانسان أن يتحرك بنفسه ولا يحركه الاخرون وقد قالو ان الذكاء العاطفي ان تحرك نفسك بنفسك .. والتحكم في السلوك ان يخضع عندك داعي الهوى والشهوه لداعي الدين والعقل .. فالانسان مثل الطائره النفاثه ... تحتاج الى قائد مهار والا دمرت نفسها ودمرت الاخرين .. الرابع الشعور بالمسؤولية ومعرفة قيمة الآخرين لانك في الصيام تحس بالفقراء .. الذين لايوجدون الطعام والشراب ..وقد قيل لن تعرفك مصيبة غيرك حتى تصاب بنفس مصيبه ..فالانسان غافل عن غيره ..لا يعلم حالهم الا اذا ذاق مثل ما ذاقوا وقبل ايام في صحيفه عاجل ملياردير باكستاني يعمل تحت اشعة الشمس لمدة شهر ويترك قصره وامواله حتى يعيش جو العمال ومصاعبهم الخامس تقوية الحس الداخلي وتنمية الضمير لانك تطيع الله وأنت لا تراه .. تطيعه لانك تحبه .. تقوى عندك الوازاع الداخلي .. وتفعل الخير بنفسك وبدون رقيب عليك وجمال الانسان ان يكون عمله بالخير طبعا واختيارا .. لا تكلفا وقهرا .. السادس القدرة على مواجهة الحالات النفسية المؤلمة لان الصيام يعلمك الصبر .. والصبر اعظم واقوى وقود في الحياة .. فلن تيعش بدون صبر .. فالصبر مثل الماء للحياة .. لاعيش بدون صبر .. |
هل للصيام اثر على المرض النفسي والصحه النفسيه ؟؟
اهم ما يميز شهر رمضان انه يساعد على ثلاثة امور تعتبر اساس في الصحه النفسيه والعلاج النفسي وهي (( المشاركه الاجتماعيه .. تقوية الاراده .. تقوية التحمل .)) فالمشاركه الاجتماعيه في الامتناع عن الاكل والشرب والاجتماع للصلاه والافطار ومعظم المشاكل النفسيه سببها العزله والاغتراب عن المجتمع وقوة الاراده لها اثر عظيم على الانسان .. ويؤكد العلاج النفسي ان معظم المرضى النفسيين يشتكون من ضعف الاراده .. وتقوية التحمل .. لان ارتفاع التحمل هو اساس الاستقرار النفسي .. وكلما قل الاحتمال كثر التعرض للمرض النفسي والاضطراب .. اثر الصيام على المرضى النفسيين 1 - الاكتئاب النفسي هو مرض العصر الحالي ، وتبلغ نسبة الإصابة به 7% من سكان العالم حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية ، وأهم أعراض الاكتئاب الشعور باليأس والعزلة وتراجع الإرادة والشعور بالذنب والتفكير في الانتحار ، والصوم بما يمنحه للصائم من أتمل في ثواب الله يجدد الرجاء لديه في الخروج من دائرة اليأس ، كما أن المشاركة مع الآخرين في الصيام والعبادات والأعمال الصالحة خلال رمضان يتضمن نهاية العزلة التي يفرضها الاكتئاب علي المريض ، وممارسة العبادات مثل الانتظام في ذكر الله وانتظار الصلاة بعد الصلاة في هذا الشهر تتضمن التوبة وتقاوم مشاعر الآثم وتبعد الأذهان عن التفكير في إيذاء النفس بعد أن يشعر الشخص بقبول النفس والتفاؤل والأمل في مواجهة أعراض الاكتئاب . 2 - القلق فإنه سمة من سمات عصرنا الحالي ، وتقدر حالات القلق المرضي بنسبة 30-40% في بعض المجتمعات ، والقلق ينشأ من الانشغال بهموم الحياة وتوقع الأسوأ والخوف على المال والأبناء والصحة ، وشعور الاطمئنان المصاحب لصيام رمضان ، وذكر الله بصورة متزايدة خلال رمضان فيه أيضاً راحة نفسية وطمأنينة تسهم في التخلص من مشاعر القلق والتوتر . 3 الوساوس القهرية يعاني منها عدد كبير من الناس علي عكس الانطباع بأنها حالات فردية نادرة ، فالنسبة التي تقدرها الإحصائيات لحالات الوسواس القهري تصل إلى 3% مما يعني ملايين الحالات في المجتمع ، وتكون الوساوس في صورة تكرار بعض الأفعال بدافع الشك المرضي مثل وسواس النظافة الذي يتضمن تكرار الاغتسال للتخلص من وهم القذارة والتلوث ، وهناك الأفكار الوسواسية حول أمور دينية أو جنسية أو أفكار سخيفة تتسلط علي المرضي ولا يكون بوسعهم التخلص منها ، ويسهم الصوم في تقوية إرادة هؤلاء المرضى ، واستبدال اهتمامهم بهذه الأوهام ليحل محلها الانشغال بالعبادات وممارسة طقوس الصيام والصلوات والذكر مما يعطي دفعة داخلية تساعد المريض علي التغلب علي تسلط الوساوس المرضية . . الصيام والحالة النفسية : القاعدة الطبية المعروفة التي تؤكد أن الوقاية أفضل وأجدى من العلاج تنطبق تماماً في حالة الأمراض النفسية ، فقد ثبت لنا من خلال الملاحظة والبحث في مجال الطب النفسي أن الأشخاص الذين يتمتعون بشخصية متزنة ولديهم وازع ديني قوى ، ويلتزمون بأداء العبادات وروح الدين في تعاملهم هم غالباً اقل إصابة بالاضطرابات النفسية ، وهم أكثر تحسناً واستجابة للعلاج عند الإصابة بأي مرض نفسي ، والغريب في ذلك أن بعض هذه الدراسات تم اجراؤها في الغرب حيث ذكرت نتائج هذه الأبحاث أن الإيمان القوى بالله والانتظام في العبادات لدى بعض المرضي النفسيين كان عاملاً مساعداً علي سرعة شفائهم واستجابتهم للعلاج بصورة أفضل من مرضي آخرين يعانون من حالات مشابهة ، والأغرب من ذلك أن دراسات أجريت لمقارنة نتائج العلاج في مرضى القلب والسرطان والأمراض المزمنة أفادت نتائجها بأن التحسن في المرضي الملتزمين بتعاليم الدين الذين يتمتعون بإيمان قوى بالله كان ملحوظاً بنسبة تفوق غيرهم ، وقد ذكرت هذه الأبحاث أن شعور الطمأنينة النفسية المصاحب للإيمان بالله له علاقة بقوة جهاز المناعة الداخلي الذي يقوم بدور حاسم في مقاومة الأمراض ... |
يقول الدكتور مجدي حامد
في الصيام يشعر الإنسان ببعض الضعف الجسدي والوهن نتيجة انخفاض السكر بالدم مما يجعله في حالة فتور وسكينة فيكون أكثر قابلية للإيحاء والخشوع والتوجه إلى الله والشعور بالتعاطف مع مشاعر الفقراء مما يؤدي إلى نمو أخلاق التراحم والتكافل الاجتماعي بين القادر والمحتاج وفي ذلك تعزيز لإيمانه بعقيدته ومبادئ دينه. وكلمة إني صائم في مواجهة الغضب والوقوع في المعاصي خلال هذا الشهر تجسد مدى تأثير هذه الفريضة في تحكم الصائم بانفعالاته وتقوية الإرادة. وفي هذا الشهر يزداد قرب الصائم من ربه وهذا يدعم في النفس شعورا بالثقة والقوة ورضا النفس بأداء فرائض دينها وطاعتها لله وذلك بسبب إحساسه أنه في معية الله فهل يوجد ما هو أعظم من ذلك، |
قال صاحب المنار
( لعلكم تتقون ) هذا تعليل لكتابة الصيام ببيان فائدته الكبرى و حكمته العليا ، وهو أنه يعد نفس الصائم لتقوى الله تعالى بترك شهواته الطبيعية المباحة الميسورة امتثالا لأمره واحتسابا للأجر عنده ، فتتربى بذلك إرادته على ملكة ترك الشهوات المحرمة والصبر عنها فيكون اجتنابها أيسر عليه ، ، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ( الصيام نصف الصبر ) ) رواه ابن ماجه وصححه في الجامع الصغير قلت لاحظ ان الصوم اصلاح للنفس .. بأن تتربي فها ملكه المراقبه .. وتحيا فيها ملكه احتساب الاجر .. وترك محبوب النفس من اجل محبوب الرب .. قال شيخنا : إن الوثنيين كانوا يصومون لتسكين غضب آلهتهم إذا عملوا ما يغضبها ، أو لإرضائها واستمالتها إلى مساعدتهم في بعض الشئون والأغراض ، وكانوا يعتقدون أن إرضاء الآلهة والتزلف إليها يكون بتعذيب النفس وإماتة حظوظ الجسد ، التعليق قلت شعار الصوم عند اهل الكتاب والوثنيين .. عذب نفسك حتى يرضى ربك .. وفي الاسلام هذب نفسك حتى يرضي ربك ( ثم قال صاحب المنار ما معناه مبسوطا ) قلنا : إن معنى ( ( لعل ) ) الإعداد والتهيئة ، وإعداد الصيام نفوس الصائمين لتقوى الله تعالى يظهر من وجوه كثيرة أعظمها شأنا ، وأنصعها برهانا وأظهرها أثرا ، وأعلاها خطرا - شرفا - أنه أمر موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه فيه إلا الله تعالى ، وسر بين العبد وربه لا يشرف عليه أحد غيره سبحانه ، فإذا ترك الإنسان شهواته ولذاته التي تعرض له في عامة الأوقات لمجرد الامتثال لأمر ربه والخضوع لإرشاد دينه مدة شهر كامل في السنة ، ملاحظا عند عروض كل رغيبة له - من أكل نفيس ، وشراب عذب ، وفاكهة يانعة ، وغير ذلك كزينة زوجة أو جمالها الداعي إلى ملابستها - أنه لولا اطلاع الله تعالى عليه ومراقبته له لما صبر عن تناولها وهو في أشد التوق لها ، لا جرم أنه يحصل له من تكرار هذه الملاحظة المصاحبة للعمل ملكة المراقبة لله تعالى والحياء منه سبحانه أن يراه حيث نهاه ، وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله تعالى والاستغراق في تعظيمه وتقديسه أكبر معد للنفوس ومؤهل لها لضبط النفس ونزاهتها في الدنيا ، ولسعادتها في الآخرة . وكما تؤهل هذه المراقبة النفوس المتحلية بها لسعادة الآخرة تؤهلها لسعادة الدنيا أيضا ، انظر هل يقدم من تلابس هذه المراقبة قلبه على غش الناس ومخادعتهم ؟ هل يسهل عليه أن يراه الله آكلا لأموالهم بالباطل ؟ هل يحتال على الله تعالى في منع الزكاة وهدم هذا الركن الركين من أركان دينه ؟ هل يحتال على أكل الربا ؟ هل يقترف المنكرات جهارا ؟ هل يجترح السيئات ويسدل بينه وبين الله ستارا ؟ كلا . إن صاحب هذه المراقبة لا يسترسل [ ص: 118 ] في المعاصي ; إذ لا يطول أمد غفلته عن الله تعالى ، وإذا نسي وألم بشيء منها يكون سريع التذكر قريب الفيء والرجوع بالتوبة الصحيحة ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) ( 7 : 201 ) فالصيام أعظم مرب للإرادة ، وكابح لجماح الأهواء ، فأجدر بالصائم أن يكون حرا يعمل ما يعتقد أنه خير ، لا عبدا للشهوات . إنما روح الصوم وسره في هذا القصد والملاحظة التي تحدث هذه المراقبة ، وهذا هو معنى كون العمل لوجه الله تعالى ، وقد لاحظه من أوجب من الأئمة تبييت النية في كل ليلة ، ويؤيد هذا ما ورد من الأحاديث المتفق عليها كقوله - صلى الله عليه وسلم - : ( ( من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ) ) رواه أحمد والشيخان وأصحاب السنن - قالوا : أي من الصغائر ، وقد يكون الغفران للكبائر مع التوبة منها ; لأن الصائم احتسابا وإيمانا على ما بينا يكون من التائبين عما اقترفه فيما قبل الصوم ، وقوله في الحديث القدسي : ( ( كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به ) ) وفي حديث آخر ( ( يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي ) ) رواهما البخاري وغيره . التعليق قلت لاحظ ان الشيخ ذكر هنا ان تدريب النفس على مراقبة الله شهر كامل في السنه .. نشغل فيه الوازع الذتي بحيث نسير انفسنا بأنفسنا .. ونترك محبوبنا برغبتنا لمدة شهر كامل .. هذا الترك يولد في النفس المراقبة الذاتيه التى يصلح بها الدين والدنياء .. . ثم قال ما مثاله : وهاهنا شيء ذكره بعضهم ويشمئز الإنسان من شرحه وبيانه ، وهو أن الصوم يكسر الشهوة بطبعه فتضعف النفوس ويعجز الإنسان عن الشهوات والمعاصي . وفيه من معنى العقوبة والإعنات ما كان يفهمه الكثير من جميع مطالب الدين وراثة عن آبائهم الأولين من أهل الديانات الأخرى ، وإذا طبقنا هذا القول على ما نعهده وجودا ووقوعا لا نجده واقعا ; منهم في عامة السنة ، فما سبب هذا وما مثاره ؟ أليس هو الضراوة بالشهوات ؟ بلى . ولا ينافي ما ذكره الأستاذ الإمام تشبيه النبي - صلى الله عليه وسلم - الصوم بالوجاء في كسر سورة الشهوة ; لأن المراد أن تأثيره في تربية النفس وتقوية الإيمان يجعل صاحبه مالكا لنفسه يصرفها حسب الشرع لا حسب الشهوه التعليق قلت لاحظ أن الشيخ هنا يقرر ان الصوم ليست غايته ان يقهر سلطان الشهوه بأضعاف البدن .. لان الواقع ان الناس اكثر شرها بالطعام في اوقات الصيام .. ولان هذه الفكره مأخوذه من الاديان السابقه التى ترى ان الصوم هدفه تعذيب النفس .. لان غايتة الصوم اصلاح النفس .. لا تعذيب النفس ولا قهرها واضعافها .. [ ص: 119 ] هذا ما كتبته ونشر في الطبعة الأولى ورآه شيخنا ثم بدا لي فيه ; فالحديث رواه الشيخان عن ابن مسعود ولفظه ( ( يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء ) ) والوجاء - بالكسر - رض الأنثيين وهو يضعف الشهوة الزوجية إن لم يذهب بها كالخصاء ، والصيام يضعف هذه الشهوة إذا طال واقتصر الصائم في الليل على قليل من الطعام ، قال الحافظ في شرحه - واستشكل - بأن الصوم يزيد في تهييج الحرارة وذلك مما يثير الشهوة ، لكن ذلك إنما يقع في مبدأ الأمر ، فإذا تمادى عليه واعتاده سكن ذلك والله أعلم ا هـ التعليق قلت هو يرى ان حديث الامر بالصيام ليس لاضعاف البدن .. بل لتقوية الاراده والعزيمه .. بحيث يتدرب على ترك شهوته لاجل الله .. لان الصيام احيانا يقوى الغريزه كما قرره شراح الحديث .. الا لمن اقتصر على القليل من الطعام .. قال الشيخ من وجوه إعداد الصوم للتقوى أن الصائم عندما يجوع يتذكر من لا يجد قوتا فيحمله التذكر على الرأفة والرحمة الداعيتين إلى البذل والصدقة ، وقد وصف الله تعالى نبيه بأنه رءوف رحيم ، ويرتضي لعباده المؤمنين ما ارتضاه لنبيه - صلى الله عليه وسلم - ; ولذلك أمرهم بالتأسي به ووصفهم بقوله : ( رحماء بينهم ) ( 48 : 29 ) . ومن فوائد عبادة الصيام الاجتماعية المساواة فيه بين الأغنياء والفقراء والملوك والسوقة ، ومنها تعليم الأمة النظام في المعيشة ، فجميع المسلمين يفطرون في وقت واحد لا يتقدم أحد على آخر دقيقة واحدة وقلما يتأخر عنه دقيقة واحدة التعليق قلت هذه الفائده هي الشعور بالاخرين .. وموساة الاخرين .. ومن فوائده الصحية أنه يفني المواد الراسبة في البدن ولا سيما أبدان المترفين أولي النهم وقليلي العمل ، ويجفف الرطوبات الضارة ، ويطهر الأمعاء من فساد الذرب والسموم التي تحدثها البطنة ، ويذيب الشحم أو يحول دون كثرته في الجوف وهي شديدة الخطر على القلب ، فهو كتضمير الخيل الذي يزيدها قوة على الكر والفر . قال - صلى الله عليه وسلم - : ( ( صوموا تصحوا ) ) رواه ابن السني وأبو نعيم في الطب عن أبي هريرة وأشار في الجامع الصغير إلى حسنه ويؤيده ( ( اغزوا تغتنموا وصوموا تصحوا وسافروا تستغنوا ) ) رواه الطبراني في الأوسط عنه . وقال بعض أطباء الإفرنج : إن صيام شهر واحد في السنة يذهب بالفضلات الميتة في البدن مدة سنة . وأعظم فوائده كلها الفائدة الروحية التعبدية المقصودة بالذات ، وهي أن يصوم لوجه الله تعالى كما هو الملاحظ في النية على ما قدمنا ، ومن صام لأجل الصحة فقط فهو غير عابد لله في صيامه ، فإذا نوى الصحة مع التعبد كان مثابا كمن ينوي التجارة مع الحج ، فإنه لولا العبادة لاكتفى بالجوع والحمية ، وآية الصيام بهذه النية والملاحظة التحلي بتقوى الله تعالى وما يتبعها من أحاسن الصفات والخلال ، وفضائل الأعمال التعليق قلت نية الصيام لها اثر على الصيام .. لان الغاية لها اثر على السلوك كما يقرر علماء النفس .. فمن كان همة ارضاء ربه .. فهو المنتفع بالصيام .. ومن كان همه جسده او موافقة الناس على ماهو عليه فلن ينتفع بالصيام . وقال الأستاذ : لا أشك في أن من يصوم على هذا الوجه يكون راضيا مرضيا ، مطمئنا بحيث لا يجد في نفسه اضطرابا ولا انزعاجا . نعم ; ربما يوجد عنده شيء من الفتور [ ص: 120 ] الجسماني ، وأما الروحاني فلا ، وأعرف رجلا لا يغضب في رمضان مما يغضب له في غيره ، ولا يمل من حديث الناس ما كان يمله في أيام الفطر ; وذلك لأنه صائم لوجه الله تعالى : ( والظاهر أنه يعني نفسه ) ويؤيد قوله ما ورد في علامات الصائم من ترك المعاصي والمآتم ، ومنها حديث أبي هريرة عند أحمد والبخاري وأصحاب السنن إلا النسائي مرفوعا ( ( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ) ) التعليق قلت لانه صام لوجه الله تعالي .. فصار صومه اخلاقيا .. اما من صام لان الناس صامو .. فصومه غير اخلاقي .. يكثر فيه السخط واللعن والسباب والشتام والمعاصي والفجور قال الشيخ أين هذا كله من الصوم الذي عليه أكثر الناس ، وهو ما تراهم متفقين عليه من إثارته لسرعة السخط والحمق وشدة الغضب لأدنى سبب ، واشتهر هذا بينهم وأخذوه بالتسليم حتى صاروا يعتقدون أنه أثر طبيعي للصوم ، فهم إذا أفحش أحدهم قال الآخر : لا عتب عليه فإنه صائم . وهو وهم استحوذ على النفوس فحل منها محل الحقيقة وكان له أثرها ، ومتى رسخ الوهم في النفس يصعب انتزاعه على العقلاء الذين يتعاهدون أنفسهم بالتربية الحقيقية دائما ، التعليق قلت كلام جميل جدا .. وهم اعتقدو ان الصيام سبب لسؤ الاخلاق .. قال الشيخ فكيف حال الغافلين عن أنفسهم ، المنحدرين في تيار العادات والتقاليد الشائعة ، لا يتفكرون في مصيرهم ، ولا يشعرون في أي لجة يقذفون ، فتأثير الصوم في أنفسهم مناف للتقوى التي شرع لأجلها ، ومخالف للأحاديث النبوية التي وصف بها أهلها ، ومن أشهرها حديث ( ( الصيام جنة ) ) وهي - بضم الجيم - الوقاية والستر ، فهو يقي صاحبه من المعاصي والآثام ، ومن عقابها وغايته دخول النار ، وللحديث ألفاظ وفيه زيادة في الصحاح والسنن . وذكر الحافظ في شرحه من الفتح لفظ أبي عبيدة ( رضي الله عنه ) عند أحمد ( ( الصيام جنة ما لم يخرقها ) ) زاد الدارمي ( ( بالغيبة ) ) وقال في هذه الزيادة : إن الغيبة تضر بالصيام ، وحكى عن عائشة وبه قال الأوزاعي : إن الغيبة تفطر الصائم وتوجب قضاء ذلك اليوم ، وأفرط ابن حزم فقال يبطله كل معصية من متعمد لها ذاكر لصومه إلخ . وقال الغزالي فيمن يعصي الله وهو صائم : إنه كمن يبني قصرا ويهدم مصرا . قال الأستاذ الإمام : إن أكثر الناس يلاحظون في صومهم حفظ رسم الدين الظاهر وموافقة الناس فيما هم فيه ، حتى إن الحائض تصوم وترى الفطر في نهار رمضان عارا ومأثما ، ولا بأس بهذا الصوم من غير الحائض لحفظ ظاهر الإسلام ، وإقامة هيكل شعائره ، ولكنه لا يفيد الأفراد شيئا في دينهم ولا في دنياهم لخلوه من الروح الذي يعدهم للتقوى ، ويؤهلهم لسعادة الآخرة والدنيا ، وذكر في الدرس ما عليه الناس من الاستعداد لمآكل رمضان وشرابه بحيث ينفقون فيه على ذلك ما يكاد يساوي نفقة سائر السنة . حتى كأنه موسم أكل ، وكأن الإمساك عن الطعام في النهار إنما هو لأجل الاستكثار منه في الليل ، |
قال الشيخ محمد الغزالي رحمه الله
صيام عبادة مستغربة أو منكورة في جوِّ الحضارة المادية التي تسود العالم. إنَّها حضارة تؤمن بالجسد، ولا تؤمن بالروح، وتؤمن بالحياة العاجلة، ولا تكترث باليوم الآخر! ومن ثمَّ فهي تكره عبادةً تُقيِّد الشهوات ولو إلى حين، وتؤدِّب هذا البدن المدلَّل، وتلزمه مثلاً أعلى. : هل يتعامل الناس مع أجسامهم على أسلوب معقول يحترم الحقائق وحدها؟ يقول علماء التغذية: إنَّ للطعام وظيفتين، الأولى: إمداد الجسم بالحرارة التي تعينه على الحركة، والتقلُّب على ظهر الأرض، والأخرى: تجديد ما يستهلك من خلاياه، وإقداره على النموِّ في مراحل الطفولة والشباب. الطعام وقود، لابدَّ منه للآلة البشرية، والفرق بين الآلات المصنوعة والإنسان الحي واضح. فخزان السيارة مصنوع من الصلب؛ ليسع مقداراً معيناً من النفط يستحيل أن يزيد عليه، حسناً، هل نأكل لسدِّ هاتين الحاجتين وحسب، إنَّ أولئك العلماء يقولون: يحتاج الجسم إلى مقدار كذا وكذا من (السُّعر الحراري) كي يعيش، والواقع أنَّه إذا كان المطلوب مائة سُعر، فإنَّ الآكل لا يتناول أقل من 300 سعر، وقد يبلغ الألف!! أما المعدة فمصنوعة من نسيج قابل للامتداد والانتفاخ يسع أضعاف ما يحتاج المرء إليه. الرغبة القاتلة: وخزان السيارة يمدُّها بالوقود إلى آخر قطرة فيه إلى أن يجيء مدد آخر. أمَّا المعدة فهي تسدُّ الحاجة ثم يتحوَّل الزائد إلى شحوم تبطن الجوف، وتُضاعف الوزن، وذاك ما تعجِز السيارة عنه، إنَّها لا تقدر على أخذ (فائض)، ولو افترضنا فإنها لا تقدر على تحويله إلى لدائن تضاف إلى الهيكل النحيف، فيكبر، أو إلى الإطارات الأربعة فتسمن!! الإنسان كائن عجيب، يتطلَّع أبداً إلى أكثر مما يكفي، وقد يقاتل من أجل هذه الزيادة الضارة، ولا يرى حرجاً أن تكون بدانة في جسمه، فذاك عنده أفضل من أن تكون نماء في جسد طفل فقير، أو وقوداً في جسد عامل يجب أن يتحرك ويعرق!! كان لي صديق يكثر من التدخين، نظرت له يوماً في أسف، ثم سمعني وأنا أدعو الله له أن يعافيه من هذا البلاء، فقال- رحمه الله، فقد أدركته الوفاة – (اللهم لا تستجب ولا تحرمني من لذة "السيجارة"). ولم أكن أعرف أن للتدخين عند أصحابه هذه اللذة، فسكتُّ، وقد عقدت لساني دهشة. إن الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يعرف ما يضرُّه، ويقبل عليه برغبة... إنها الرغبة القاتلة!! على أن النفس التي تشتهي ما يؤذى يمكن أن تتأدَّب، وتقف عند حدود معقولة، كما قال الشاعر قديماً: والنفسُ راغبةٌ إذا رغَّبتها وإذا تُرَدُّ إلى قليلٍ تَقنعُ عندما نصوم حقًّا: وهنا يجيء أدب الصيام: إنَّه يردُّ النفس إلى القليل الكافي، ويصدُّها عن الكثير المؤذى! ذاك يوم نصوم حقًّا، ولا يكون الامتناع المؤقت وسيلة إلى التهام مقادير أكبر، كما يفعل سواد الناس!! لعلَّ أهم ثمرات الصوم إيتاء القدرة على الحياة مع الحرمان في صورة ما. كنت أرمق النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسأل أهل بيته في الصباح، أثمَّ ما يفطر به؟ فيقال: لا! فينوي الصيام، ويستقبل يومه كأنَّ شيئًا لم يحدث... ويذهب فيلقى الوفود ببشاشة، ويبتُّ في القضايا، وليس في صفاء نفسه غيمة واحدة، وينتظر بثقة تامة رزق ربه دونما ريبة، ولسان حاله: {فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح : 5 ، 6]. إنها لعظمة نفسية جديرة بالإكبار أن يواجه المرء البأساء والضراء مكتمل الرشد، باسم الثغر. والأفراد والجماعات تقدر على ذلك لو شاءت! وأعتقد أن من أسباب غلب العرب في الفتوح الأولى قلة الشهوات التي يخضعون لها، أو قلة العادات التي تعجز عن العمل إن لم تتوافر. يضع الواحد منهم تمرات في جيبه، وينطلق إلى الميدان، أما جنود فارس والروم فإنَّ العربات المشحونة بالأطعمة كانت وراءهم، وإلَّا توقَّفوا. شريعة الصوم فوق هذا وتجتاح الناس بين الحين والحين أزمات حادة، تقشعرُّ منها البلاد، ويجفُّ الزرع والضرع، ما عساهم يفعلون؟ إنهم يصبرون مرغمين، أو يصومون كارهين، وملء أفئدتهم السخط والضيق. وشريعة الصوم شيء فوق هذا، إنها حرمان الواجد، ابتغاء ما عند الله! إنها تحملٌ للمرء منه مندوحة- لو شاء- ولكنه يُخرس صياح بطنه، ويُرجئ إجابة رغبته، مدَّخِراً أجر صبره عند ربه، كيما يلقاه راحة ورضا في يوم عصيب.. {ذَلِكَ يَوْمٌ مَجْمُوعٌ لَهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَشْهُودٌ } [هود : 103]. وربط التعب بأجر الآخرة هو ما عناه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: ((من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)))! إن كلمتي (إيماناً واحتساباً) تعنيان جهداً لا يُستعجل أجره، ولا يُطلب اليوم ثمنه؛ لأنَّ باذله قرَّر حين بذله أن يُجعل ضمن مدخراته عند ربه.. نازلاً عند قوله: {ذَلِكَ الْيَوْمُ الْحَقُّ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ مَآبًا} [النبأ : 39] التعليق نستفيد من النص السابق ما يالي 1 - ان شريعة الصوم هدفها الاعتدال في الاكل بحيث تأكل بقدر حاجتك .. وعدم التهالك في الطعام والشراب 2- ان شريعة الصوم منكره عند الماديين الغربيين .. لان الجسد عندهم غاية وليس وسيلة .. 3 - الانسان هو الكائن الوحيد الذي يعرف ما يضره ويقدم عليه لان هواه يغلب عقله كما يقال .. 4 - ان النفس قابله للضبط وقابلة للانفلات .. حسب التدريب والصوم يدربنا على ضبط انفسنا .. 5 - انتصار الصحابه على الروم وفارس من اسبابه التخفف من المتاع .. وكونهم يرضون بالشي السير وقلوبهم لا ترضى الا بالشي الكبير .. فلهم همة قويه .. ونفس راضيه .. وجسد متخفف من الشهوات .. |
الساعة الآن +4: 02:24 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.