بريدة ستي - «الإسلام» الذي شرعه الله لا «الإسلام» الذي تصنعه الأهواء!

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن سلك سبيلهم إلى يوم الدين، ثم أما بعد:
قال العرباض بن سارية –رضي الله عنه-: وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم موعظة دمعت منها الأعين ووجلت منها القلوب، فقلنا: يا رسول الله موعظة مودع فبما تعهد إلينا فقال: (قد تركتكم على البيضاء ليلها ونـهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك، ومن يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بما عرفتم من سنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإنّ كل محدثة ضلالة).

وفي هذا الحديث موعظة لمن صح قلبه وسلم من الهوى والأخلاط الفاسدة.

وقال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً} [الأحزاب:36].

قال الإمام اللاكائي –رحمه الله- بعد أن ذكر سبيل المتقين: «فمن أخذ في مثل هذه المحجة وداوم بهذه الحجج على منهاج الشريعة أمن في دينه التبعةَ في العاجلة والآجلة...

ومن أعرض عنها وابتغى في غيرها مما يهواه أو يروم سواها مما تعداه أخطأ في اختيار بغيته وأغواه، وسلكه سبيل الضلالة، وأرداه في مهاوي الهلكة فيما يعترض على كتاب الله وسنة رسوله بضرب الأمثال ودفعهما بأنواع المحال والحيدة عنهما بالقيل والقال مما لم ينزل الله به من سلطان ولا عرفه أهل التأويل (يعني: التفسير) واللسان ولا خطر على قلب عاقل بما يقتضيه من برهان ولا انشرح له صدر موحد عن فكر أو عيان فقد استحوذ عليه الشيطان وأحاط به الخذلان وأغواه بعصيان الرحمن حتى كابر نفسه بالزور والبهتان».

وقد صدق رحمه الله، فالإسلام تام كامل، وليس علينا أن نخترع فيه ونزيد بل علينا التسليم وحسن الاتباع.

وقد يُنعَتُ هذا الكلام بأنه «بدهي»، وأنْ لا طائل من تكراره على من اكتسب حصيلة من الثقافة الإسلامية؛ لكن من يمعن النظر في واقع طائفة من كبار المثقفين، و«المفكرين» الإسلاميين فضلا عن غيرهم فسيرى أنواعا من الاضطرابات في أصل الاتباع ومسلك الاعتقاد.