![]() |
فتنٌ تشتَعِلُ وتخبو ، ونفوسٌ تثورُ وتهدأ
بسم الله الرحمن الرحيم [align=right]ضمَّني مجلسٌ جرى فيه حديثٌ عن هموم الأمَّة المسلمة، عن خوَرِها وعن آمالها، عن طغيان أعدائها وعن أَمارات سقوطِهم... وحديثٌ من هذا الجنسِ ذو شجون. وما كنتُ أطمئنُّ إلى كل ما يقال، فنحنُ وإن كنّا مشتركين في تلك الهموم إلا أنَّنا نختلفُ في طريق علاجها. وهذه حالٌ عامة في المتحدثين في أمرِ هذا الدين ومشكلات الأمة السياسية؛ فهم مشتركون في هذا الهم –وإن كانوا على درجات تتفاوت بين فرد وآخر-؛ لكنَّهم يختلفون في طريقة علاجه. وقد يصادمُ علاجٌ غيرَه، فيتهم أحد الطرفين صاحبَه بالانسلاخ من الهمِّ الإسلامي. والشرع المطَهَّر هو المرجع في حلِّ هذا الخلاف، وتجلية مرتبة الوسطِ بين طرفي الغلو والجفاء. قال تعالى: {فإنْ تنازَعْتُم في شيءٍ فَرُدُّه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تُؤْمِنونَ بالله واليوم الآخر} [النساء: 59]. وفي صدري كلامٌ ذو صلة بما سبق؛ فإني أرى مسلكاً في علاج ذلك الواقع لم ينبني على بصيرة في الدين؛ بل قائد صاحبِهِ هو (الحماس) وحسب، فيرمى نفسَه في ميدان ((الشعارات))، وينظر في نصوص الشرع بمنظار لا يُريه إلا ما وافق حماساته. وكان من نتائج ذلك: الغلو في التكفير، والخروج على علماء السنة، والتفجير في بلاد المسلمين. وقد يفتر المتحمس الثائر عن حماسه، ويستصعب طريقَه الشائك، فيرمي نفسَه في التميع، والنظر إلى الدين بمنظار سياسي. وهذا واقع مشهود، فأصحاب الحماسات الموسمية، والعواطف الغير منظبطة كثيرا ما يقودهم ذلك إلى أحدِ طريقين: إما الانفجار، أو الذبول. وفي عام (1414هـ) كتب الأستاذ محمد شقرة مقالا جاء فيه وصفٌ لحالة تلك الدعوة فهي كما يقول: ((لا تعدو أن تكونَ حماسةً عاطفيَّةً ملتهبةً، سُرْعانَ ما تخمُد، ولا يبقى لها إلا ما يبقى من أثرِ نار الهشيم))اهـ، وقد صدق. فالحماسُ دون بصيرة ليس سبيلا لعلاج واقعنا الأليم؛ بل السبيل هو في الحكمة، والتفكُّر في مآلات الأمور، وليس أحكم من شرع الحكيم الخبير –جل شأنه-. وحين كان لبعض أهل العلم أقوال صدرت عن علمٍ وحكمة، أو على الأقل عن اجتهاد في إرادة الخير لهذه الأمة، سمعنا ما تلوكه ألسنة المتحمسين في أعراض أهل العلم؛ فهذا يصفهم بالنفاق والعمالة، وذاك بالجهل بالواقع. وتجاوِزُ الأمةُ أزمةً من أزماتها فتهدأ نفوس بعض المتحمسين ويحسُن رأيهم –قليلا- في أولئك العلماء، ثم تثور أزمة وتعود التهم. وفتوى العلامة ابن باز –رحمه الله- في الصلح مع اليهود مثال واحد على ما أشرتُ إليه. فهو ما أفتى بذلك إلا عن علم وبصيرة، وهو حتى إن كان مخطئاً لم يرد غير الخير لهذه الأمة –كما نحسبه والله حسيبه-، ومع ذلك لم يسلم من ألسنة الطاعنين كما لم يسلم غيره من العلماء. دعونا نقف عند شيء من مصالح تلك الفتوى المفترضة –حتى وإن كانت خاطئة-: 1- حقن كثير من دماء المسلمين، ولو لزمن قليل. 2- محاولة لأن تأخذ الأمة زمنا كافيا لإعداد العدة حتى يكون دفع المعتدي أقوى من وضعه الحالي. وأمور يعلمها أهل العلم، تجعل العاقل يدرك مدى إجحاف بعض المتحمسين حين يصفون هذا العالم وغيره بالعمالة أو النفاق بسبب مثل هذه الفتوى. والصور تتكرر. ونحن لن نستطيع النجاة إلا باتباع السنة. والحديثُ ذو شجون، وهو ذو أشواك! وحبذا أن نكون صريحين في نقاش مسائلِه، دون تشنُّج أو تعدٍّ. وقد أعود لإتمام بعض ما يتصل به.[/CENTER] |
أخي ناصر الكاتب موضوعك جمييل لكن أرجوا أن لا يثير نقاش خارج عنه فإن كنت تقصد بالحماس هو التكفير وسب أهل العلم فهذا جمييل لكن أرجوا أن لا تقصد أن الحماس الذي تمقته هو الجهاد في سبيل الله ونصر المسلمين المستظعفين بكل مكان . أرجو التوضييح بالكلام. |
معاذ الله أخي الكريم أن أمقت الجهاد في سبيل الله ونصرة المستضعفين.
أخي الكريم، (الحماس) شيءٌ نفسي. وأنا هنا أتحدث عن آثار الحماس الغير منضبط، والذي من نتائجه ما ذكرتُه في المقال حيث أقول: ((وكان من نتائج ذلك: الغلو في التكفير، والخروج على علماء السنة، والتفجير في بلاد المسلمين)). |
أخي ناصر الكاتب كلامك جميل جداً وأنا أردت منك التوضيح ليس اتهاماً لقصدك فقط لكي نتفق على الأمور وليتضح لنا الكلام . أشـكرك على الموضوع وكذلك الرد الجمييل . ولك مني الشكر. مـحـبـك |
شكرا لك، ولست أرى في كلامي غموضاً، ثم إن المسلم لا يمقت شيئاً من الدين؛ لكن يا أخي قد يكون لمسلم موقف من قضية تتعلق بمسائل الجهاد الدقيقة، فيتهمه من لا يدقق ببغض الجهاد، ومن ثم بالنفاق.
وهذا يحصل كثيرا. |
رائع ..
وهل .. ستكمل يا أستاذ ؟ |
عذرا، وقع خطأ في الآية غير مقصود.
وهذا تصحيحها: قال تعالى: {فإنْ تنازَعْتُم في شيءٍ فَرُدُّوه إلى اللهِ والرسولِ إن كنتم تُؤْمِنونَ بالله واليوم الآخر} [النساء: 59]. |
الأخ (أبو محمد النجدي)، أشكر لك تعليقَك، والمهم أن لا تخرج بنا العاطفة عن دائرة السنة.
الأخوة (سعيد ومبارك) -وبقية العائلة-، شكرا لكم، وإن بدا لي أن أتم ما كتبت ويسر الله ذلك، فعلت بإذن الله. |
الساعة الآن +4: 11:21 PM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.