.
.
.
.
.
.
.
.
سألت الدار تخبرني .. عن الأحباب ما فعلوا..
فقالت لي .. أناخ القوم .. أياماً وقد رحلوا ..

رحلوا .. رحلوا .. رحلوا .. وسنرحل .. حتماً .. ولا جدال..
إلى أين ؟
إلى .. القبور .. تلك الدور التي انشغلنا
عن إعمارها .. بالفانية..
هناك .. حيث العجز التام عن معرفة ما يدور
في الضفة الأخرى ..

كم في المقابر .. من حبيب لنا أو قريب .. ودعناهم .. بالدموع..
وسنكون إلى جوارهم .. وسيودعنا من بقي لنا ..

هل تزور هؤلاء الأحبة ؟؟ .. وتسلم عليهم ؟..
وهل فكرت يوماً .. أن هؤلاء الأموات ..يعرفون زيارة الأحياء
وسلامهم عليهم ؟!..

نعم .. وقد أورد ابن القيم .. أدلة كثيرة منها أنه ذكر حديثاً لرسول الله
صلى الله عليه وسلم يقول فيه : (( ما من رجل يزور قبر أخيه ويجلس عنده
إلا استأنس به ورد عليه حتى يقوم ))

تصور أنك الآن .. في هذه اللحظة .. تستطيع .. أن تخفف وحدة .. أخيك
أو قريبك .. أو والدتك .. في قبورهم !! بمجرد أن تقوم بزيارتهم ..


يا ترى ! .. لماذا ننسى هؤلاء الموتى ؟؟ وهل لذلك علاقة .. بحب الإنسان
للحياة .. لذلك .. يكره أن يتذكر أي شيء يتصل بنهايتها ..؟


إنني وبعدما أموت .. أريد أن يتذكرني .. أهلي وأحبتي .. وأن يقوموا بزيارتي

يقول ابن القيم : إن أرواح الأحياء تلتقي بأرواح الأموات عبر المنام .. بل وتتحدث
معهم .. وتخبرهم بأمور الدنيا وضرب لنا قصة .. رائعة حيث قال:
(( إن عوف بن مالك ..والصعب بن جثامة .. كانا صديقين فاتفقا أيهما .. يموت أولاً
فإن استطاع أن يأتي الآخر في المنام فليفعل .. فمات صعب بن جثامة .. فرآه عوف
في المنام .. فسأله عوف : ما فُعل بك ؟ فقال : غُفر لنا ولله الحمد ..فرأى عوف
بقعة سوداء في عنق جثامة .. فقال: ما هذا؟ فقال: عشرة دنانير استلفتها من فلان يهودي
ستجدها في جعبة في بيتي .. وشرح له مكانها .. واعلم أخي أنه لم يحدث في أهلي
شيء بعد موتي إلا وقد لحق به خبره .. حتى هرة لنا ماتت منذ أيام ..!
فاستيقظ عوف من نومه متعجباً ... وقال في نفسه أن يذهب ليتحقق من الأمر..
وفعلاً ذهب لبيت صعب ووجد جعبة الدنانير في المكان الذي قال له .. ثم ذهب إلى
اليهودي وسأله إن كان صعب استلف منه دنانير فقال: نعم استلف مني عشرة دنانير
فقام عوف وردها إلى اليهودي ..ثم عاد إلى أهل صعب فسألهم ألم يحدث
في بيتكم حادث؟؟ فقالت زوجة صعب : نعم توفيت لنا هرة منذ أيام ...!))


وبعد ... هل ستزور من غيبهم الثرى من أقرباء وأحبة؟؟
أم أنك ستبخل عليهم .. وعلى نفسك ؟

ليتني أستطيع زيارة أحبتي .. وأقربائي .. هناك في المقبرة ..
ولكن هيهات ..


رحمني الله وإياكم
وعفا عني وعنكم
أختكم ياسمينه