![]() |
مقتطفات منـ { افعل ولا حرج } للشيخ سـلمـان
[align=justify]بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد : فقد قرأت ولله الحمد الكتاب النافع ( افعل ولا حرج ) للشيخ العلامة سلمان بن فهد العودة حفظه الله ، فوجدته أجاد وأحاط بكثير من المسائل بأسلوب بسيط وتيسير سديد ، وقد قدم لهذا الكتاب ثلاثة من العلماء وهم الشيخ عبدالله بن جبرين والشيخ عبدالله بن منيع والشيخ عبدالله بن بيه حفظهم الله وقد أثنوا على هذا الكتاب وأضافوا إليه تعليقات نفيسة بارك الله فيهم وتعلمون أن الكتاب صغير بحجمه وقراءته لا تكلف إلا ثلث ساعة تقريباً ، فأنصح الإخوة بالإطلاع عليه والإستفادة منه . وهذه مقتطفات يسيرة من الكتاب اختصرتها واقتطفتها لكم فلا تنسوني من دعواتكم : تكرار الحج : حج الفريضة واجب على كل مسلم قادر توفرت فيه الشروط بإجماع العلماء ، بل هو أحد أركان الإسلام الخمسة بالإتفاق ومن جحد وجوبه كفر إجماعاً . والتزود من النوافل خير ( ومن تطوع خيراً فإن الله شاكر عليم ) بيد أن ثمت نوافل تخص الفرد بذاته كالصلاة والصيام فهذه تعود إلى المتطوع والأغلب أن الآخرين لا يتضررون منها ولا يستفيدون منها بصفة مباشرة ، وثمت نوافل تنفع الناس كالصدقة والإحسان ، ويبقى قسم ثالث من النفل لا يتعلق بالمرء ذاته فحسب ، بل له تعلق بالآخرين بسبب المزاحمة في المكان أو في غيره ، والحج والعمرة من هذا القبيل ، فإن المشاعر محدودة ، والزمان موقوت لا يتقدم ولا يتأخر . ويعلم كل ذي لب أنه لو حج من المسلمين نسبة قليلة ممن لم يؤدوا الحج أصلاً ولتكن ( 1% ) لكان عدد الواقفين بعرفة ( 12مليون حاج ) ولما وسعهم المكان . زد على ذلك المعاناة السنوية بالإزدحام الهائل الذي يفقد الفريضة روحانيتها وقدسيتها ، ويموت المئات تحت أقدام إخوانهم وهم جميعاً متلبسون لأداء الفريضة ! ويا للحزن العميق ! فكيف يغفل المسلم القريب في هذه الديار عن الآثار الصعبة التي يحدثها تكرار الحج كل عام ، أو عاماً بعد عام على إخوانه المسلمين القادمين من بعيد ، المؤدين للفريضة ـ وليس النافلة ـ وهو لا يبالي بهم ، المهم أن يداوم على ما اعتاده من الحج ! وفي سبيل هذا العمل قد يزوّر الترخيص وربما استدان مالاً أو ترك أهله مع حاجتهم له ، أو صارت رحلة الحج عنده فسحة ومتعة وتسلية . والكثير من الناس يرددون : ماذا يضر وجودي وأنا فرد واحد ! وماذا ينفع غيابي ! وهذا منطق غريب ، يوحي باستفحال الرؤية الأنانية ، وغياب الإحساس بالمسؤولية ، ولو أن كل من قرأ هذه السطور أخذ على نفسه أن يتصدق بقيمة حجة النافلة على إخوانه المسلمين ؛ لأمكننا أن نساهم فعلياً في تخفيف الإزدحام ، وتيسير الحج . وإني أتمنى من الشيوخ الأفاضل وأخص منهم سماحة المفتي العام ؛ أن يولوا هذا الموضوع عناية خاصة ، وأن يوجهوا نداءات متكررة وقوية إلى الصالحين من أهل هذا البلد خاصة أن يوفروا على إخوانهم وأن يتصدقوا بقيمة حجهم خصوصاً وقد صدر بيان هيئة كبار العلماء أن تنظيمات الحج لا تسمح بتكراره إلا بعد خمس سنوات حرصاً على تنظيم الحج ، وربك تعالى سيكتب لهم نياتهم الصالحة ومقاصدهم الحسنة . والمشكلة الأهم ليست في حج المقتدرين الذين يترتب على حضورهم نفع متعد بعلم أو إحسان ، ولكن في حضور غيرهم ممن يرمون بأنفسهم في الزحام ، فيفترشون الطرقات ويوقعون المهالك . هذه المسألة الأولى اختصرتها واقتطفت أبرز ما فيها وقد داهمني الوقت وسأفيدكم بأكثر مسائل الكتاب غداً إن شاء الله تابعونا في هذا الموضوع مع تلخيص واقتباس من ( افعل ولا حرج ) . [/CENTER] |
بارك الله فيك
و ننتظر منك مواصلة المشوار .. وتكملة هذا الجهد الطيّب .. |
[align=justify]نتابع المشوار كما سماه الغالي الصمصام وأشكره على تشجيعه :
افعــل ولا حـــــرج من مقاصد الحج العظيمة أن يتربى الناس على ترك الترفه والتوسع في المباحات ولذا يتخفف الحاج من ثيابه ، إلا ثياب النسك . وهو تذكير بالفقر المطلق للعبد ، وخروجه من الدنيا كما دخلها أول مرة ، بما يدعوا إلى الإستعداد للقاء الله . ومن هذا الباب ـ والله أعلم ـ جاء النهي عن التطيب ، والأمر بترك الأظفار والشعر ، وتجنب الوصال الجسدي مع المرأة بالجماع ، وترك دواعيه وأسبابه من عقد النكاح فما بعده .. ومع هذا جعل الله في الحج سعة لا توجد في غيره من العبادات ، ومن هذا ما رواه البخاري ومسلم عن عبدالله بن عمرو أن رسول الله عليه الصلاة والسلام وقف في حجة الوداع بمنى للناس يسألونه ، فجاءه رجل فقال : لم أشعر ، فحلقت قبل أن أذبح ؟ فقال : " اذبح ولا حـرج " فجاء آخر فقال : لم أشعر ، فنحرت قبل أن أرمي ؟ فقال : " ارم ولا حـرج " فما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قُدّم ولا أُخر إلا قال : " افعل ولا حـرج " . وهكذا يحسن أن يكون شعار المفتي فيما لا نص فيه ، أو في جنس ما أفتى به النبي صلى الله عليه وسلم " افعل ولا حـرج " . وحتى محظورات الحج فيها توسعة ، فحلق الرأس محظور بالكتاب والسنة والإجماع ، وإذا احتاج إليه حلق وفدى ؛ كما في قصة كعب بن عجرة رضي الله عنه . وثمت أمور يتورع عنها بعض الناس ، وقد يذكرها من الفقهاء من يذكرها بدون دليل ، فالأصل التوسعة على الناس فيها . ومن ذلك : التورع عن الإتسال حال الإحرام : وقد قال أحد الصحابة : " إني اغتسلت في إحرامي في يوم واحد سبع مرات " . ومثل ذلك : شم الريحان ، والتختم ، ولبس الهميان ، والتداوي ، ودخول الحمام : قال البخاري في صحيحه : " قال ابن عباس رضي الله عنهما : يشم المحرم الريحان ، وينظر في المرآة ، ويتداوى بما يأكل الزيت والسمن " .وقال أيضاً : " المحرم يشم الريحان ويدخل الحمام " . والحمام هنا : ليس هو مكان قضاء الحاجة ، بل هو المكان الحار الذي يزيل الوسخ عن البدن بواسطة الحرارة ، كما يعرف اليوم بـ ( الساونا والجاكوزا ) وغيرها . فالنظافة والجمال وطيب البدن مطالب فاضلة للحاج وغيره ، إلا ما ورد النص بالنهي عنه . ومن التيسير جواز الأنساك الثلاثة : التمتع والإفراد والقران وهذا إجماع أو شبهه عند أهل العلم . والمقصود أن في الأمر سعة وعلى المفتي أن يراعي أحوال الحجاج وأن يجعل شعاره كما سبق " افعل ولا حرج " طالما أن في الأمر سعة ورخصة ، كما أن على المفتي أن يدرك اختلاف الناس وتنوع مذاهبهم ، وحملهم على قول واحد متعسر بل متعذر ، وسعة الشريعة لا تحكم بضيق هذا المذهب أو ذاك في بعض الفروع والمسائل . التيسـيـر في أركــان الحــج اتفق العلماء على أن للحج ركنين هما : الوقوف بعرفة ، والطواف ، واختلفوا في غيرهما : 1ـ الوقوف بعرفة : وهو ركن بالإجماع وهذا الركن يحصل أداؤه بلحظة ، ولو دفع قبل الغروب أجزأه عند الأئمة ، خلافاً لمالك ، والدليل حديث عروة بن مضرّس الطائي رضي الله عنه قال : أتيت رسول الله بالموقف ـ يعني بجمع ـ قلت : جئت يا رسول الله من جبل طيئ ، أكللت مطيتي وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من جبل إلا وقفت عليه ، فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله عليه الصلاة والسلام : " من أدرك معنا هذه الصلاة ، وأتى عرفات قبل ذلك ليلاً أو نهاراً ، فقد تم حجه وقضى تفثه " فهذا دليل على أن الحاج لو دفع قبل الغروب فلا شيء عليه . 2ـ طواف الإفاضة : والركن الثاني هو طواف الإفاضة ، ويسمى طواف الحج والزيارة ، وهو لا يكون إلا بعد الوقوف بعرفة والمبيت بمزدلفة . ويبدأ وقته بعد نصف الليل ( ليلة المزدلفة ) باعتبار المعذورين للدفع منها من الضعفة والنساء ومن في حكمهم أو معهم ، وهل يبدأ بعد الفجر أو بعد نصف الليل ؟ قولان للعلماء والأمر فيها واسع لعدم توفر نص في هذه الجزئية ، ويمكن تأخير الطواف ليكون هو وطواف الوداع شيئاً واحداً ؛ ليخفف المشقة عليهم ، والزحام على إخوانه ، ويسقط طواف الوداع عن الحائض ، وهي رخصة ثابتة في السنة . وهل تشترط الطهارة للطواف ؟ الجمهور يوجبونها من الحدث الأصغر والأكبر ، وأجاز أبو حنيفة الطواف على غير طهارة ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، واختار ابن تيمية وابن القيم عدم شرطية الطهارة ، وهو ما كان يفتي به الشيخ ابن عثيمين رحمه الله . وهذا يخفف على الناس في الزحام ، وصعوبة الوصول إلى أماكن الوضوء . التيسـيـر في الرمـي ومن التيسير ما يتعلق برمي الجمار ، وهو واجب عند الجمهور . 1ـ التيسير في موضع الرمي : موضع الرمي : هو مجتمع الحصى الذي تتكون فيه الجمار ، سواء الحوض أو ما يحيط به مما تكون فيه الأحجار ، والحوض لم يكن في عهد النبوة ولا الخلفاء الراشدين . وهنا يقول الإمام السرخسي الحنفي : " فإن رماها من بعيد ، فلم تقع الحصاة عند الجمرة ، فإن وقعت قريباً منها أجزأه ؛ لأن هذا القدر مما لا يتأتى التحرز عنه ، خصوصاً عند كثرة الزحام ، وإن وقعت بعيداً منها لم يجزه " وهذا كلام نفيس ؛ خصوصاً في هذه الأيام التي تحول رمي الجمار فيها إلى مشكلة عويصة ، وقلّ عام إلا ويسقط المئات تحت الأقدام صرعى وينقلون جثثاً هامدة ! وهذا عار يلحقنا جميعاً نحن المسلمين ، ويجب علينا أن نجاهد في سبيل تلافيه وتداركه ، ولست أدري كم يلزم أن يموت من المسلمين حتى نستيقظ ونتفطن ونغار على أرواحهم ، فما بال أقوام يغارون على فرعيات جرى الخلف فيها ويغمضون عن كليات جرى الجور عليها . ومقصد الرمي ظاهر كما قالت عائشة : " إنما جعل الطواف بالبيت ، وبين الصفا والمروة ، ورمي الجمار لإقامة ذكر الله " فأين من ذكر الله من هو مشغول بنفسه ، وطالب لنجاته في وسط طوفان من الناس ماجوا وهاجوا واختلطوا ، ولا حول ولا قوة إلا بالله . والتأكيد في بعض الفروع قد يسبب الوسواس ؛ فيشك الحاج هل رمى ستاً أو سبعاً ، هل سقطت في الحوض أم لا ؟ وقد أخرج النسائي وغيره عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : " رجعنا في الحجة مع النبي صلى الله عليه وسلم وبعضنا يقول : رميت بسبع حصيات ، وبعضنا يقول : رميت بست ، فلم يعب بعضهم على بعض " . 2ـ التيسير في وقت الرمي : للحاج أن يرمي ليلاً ، وهو مذهب ابن عمر ، ومذهب الحنفية ورواية عند المالكية ، وأحد القولين عند الشافعية وبه أفتى المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي برئاسة ابن باز رحمه الله حينما اشتد الزحام على الجمرات ، والدليل على ذلك ما رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل فقال : رميت بعد ما أمسيت ؟ فقال : " لا حرج " . وله أن يرمي قبل الزوال في سائر الأيام ، وهو منقول عن ابن عباس وطاوس وعطاء في رواية وطائفة من أهل العلم ومن المعاصرين : الشيخ عبدالله آل محمود ، والشيخ مصطفى الزرقاء ، وشيخنا الشيخ صالح البليهي وقواه السعدي رحمهم الله .واستدلوا بحديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله عليه الصلاة والسلام " رخص للرعاء أن يرموا بالليل ، وأي ساعة من النهار شاءوا " وله أن يؤخر رمي الجمرات عدا يوم العيد لليوم الأخير ، لحديث عاصم بن عدي أن رسول الله أرخص لرعاء الإبل في البيتوتة خارجين عن منى ، يرمون يوم النحر ، ثم يرمون الغد ومن بعد الغد ليومين ، ثم يرمون يوم النفر . فيجوز لمن كان في معنى الرعاة ؛ أن يؤخر رمي الجمرات إلى آخر يوم من أيام التشريق ، ولا يجوز له أن يؤخره إلى ما بعد يوم الثالث عشر ، والرمي في هذه الحالة أداء لا قضاء ، وأيام التشريق كاليوم الواحد . وهذا قول الشافعية والحنابلة واختاره الشنقيطي رحمهم الله . وهكذا التأخير لتجنب الزحام والمشقة والاقتتال ، فهو من أعظم المقاصد الفاضلة المعتبرة . 3ـ التيسير في الإنابة في الرمي : للضعفة والنساء أن يوكلوا غيرهم في الرمي ، ولا حرج ، قال ابن المنذر : " كل من حفظت عنه من أهل العلم يرى الرمي عن الصبي الذي لا يقدر على الرمي ، كان ابن عمر يفعل ذلك ، وبه قال عطاء والزهري ومالك والشافعي وإسحاق " . وأعجب من إخوة غيورين لا يسمحون لنسائهم بالخروج إلى السوق لحاجة ، ثم يصرون على ذهاب النساء إلى المرمى ، حيث تلتصق الأجساد ، وتطير الأغطية ، وتتهاوى الأجساد تحت الأقدام ولا حول ولا قوة إلا بالله . التيسير في التحلل والمبيت ومن ذلك : أن التحلل الأول يقع برمي جمرة العقبة ، فإذا رماها يوم العيد حل له كل شيء إلا النساء . وهذا مذهب مالك وأبي ثور وأبي يوسف وبه قال علقمة وخارجة وعطاء وهو آخر القولين لشيخنا الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمهم الله ، واستدلوا بحديث ابن عباس وعائشة ، وإن كان فيهما ضعف ، إلا أنه قد صححهما بعض المعاصرين كالشيخ الألباني رحمه الله ويشهد لهما فتاوى الصحابة . ومن الرخصة ما يتعلق بالمبيت بمنى : وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، والجمهور يرون وجوب المبيت بمنى ليالي التشريق على من قدر على ذلك ، ووجد مكاناً يليق بمثله ، لكن دلت الأدلة على سقوط المبيت عمن لم يجب مكاناً يليق به ، وليس عليه شيء ، وله أن يبيت حيث شاء في مكة أو المزدلفة أو العزيزية أو غيرها ، ولا يلزمه المبيت حيث انتهت الخيام بمنى . ومما يدل على ذلك حديث ابن عمر في الصحيحين قال : " استأذن العباس رسول الله أن يبيت بمكة ليالي منى من أجل السقاية ، فأذن له " وإذا ثبتت الرخصة في ترك المبيت بمنى لأهل السقاية ، وهم يجدون مكاناً للمبيت بمنى ، فمن باب أولى أن تثبت لمن لم يجد بمنى مكاناً يليق به . التيسير في الدماء ومن التيسير : عدم إرهاق الحجيج بكثرة الدماء ؛ فإن الفتوى أحياناً تُلزم الحاج بدم كلما ترك واجباً ، بناء على أثر ابن عباس : " من نسي من نسكه شيئا أو تركه ، فليهرق دما " وهو أثر صحيح ، ولكنه فتوى واجتهاد ، وقد كان كثير من السلف لا يلزمون به ، وقد أسقط الشارع بعض الواجبات كطواف الوداع عن الحائض ، والمبيت بمنى عن الرعاة ، ولم يلزمهم بشيء ، وهذا ثابت معروف بالسنة ، بينما في فعل المحضور ورد حديث كعب بن عجرة في الإذن بحلق الرأس مع الفدية ، ولم يثبت في السنة المرفوعة خبر في إيجاب الدم لترك الواجب ، ويمكن أن يراعى في هذا أحوال الناس . انتهت هذه المقتطفات والتلخيصات من الكتاب أسأل الله أن ينفع بهذا العمل اليسير ، وعذراً على الإطالة والمقام يستدعي ذلك لأهمية هذه المسائل والله أعلم .[/CENTER] |
اعانك الله على نشر الخير وفعله
تقبل تحياتي اخوك وحــداني |
جزاك الله خيراً.. وبارك في جهودك
|
الفاضل عمر 55 / بارك الله فيك و جزاك الله خير الجزاء على الجهد المبذول نسأل الله الكريم أن يكون ذلك في ميزان حسناتك .. أسمح لي بالمشاركة .. مقدمة معالي الشيخ عبد الله ابن بيه لكتاب "افعل ولا حرج" مشرف النافذة 29/2/1427 29/03/2006 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه مقدمة لقد اطلعت على كتاب " افعل ولا حرج " لأخينا العلامة المستبصر الدكتور: سلمان بن فهد العودة حفظه الله تعالى، وهو كتاب صغير الحجم إلا أنه مشتمل على جمل مفيدة من العلم، وبخاصة مسائل الحج والعمرة، جاء في وقته وأوانه متّسماً بالفهم والتدبر في مشكلات الحج في زمانه ومكانه. ولعمري! إنه موضوع جدير بالاهتمام، بلغ سيله الزبي وحزامه الطببيين، بعد تكرار حوادث الازدحام التي تؤدي إلى هلاك الأنفس، وتشويه صورة الإسلام، حيث يظهر معتنقوه بمظهر الفوضى، وعدم الانضباط والانتظام، ويجد أعداء الدين وهم كثر فرصة للقدح والتجريح، وكلتا الحالتين منافية لمقاصد الشرع، ومنابذة لمقتضيات العقل والطبع. وقد طلب مني التقديم لهذا العمل الذي أعتبره إنارة وإثارة؛ أما كونه إنارة فإنه ينير طريق التيسير لمريد سلوكه موضحاً بأدلته. وأما كونه إثارة فلأنه يثير لفيفاً من المسائل ينبغي أن تبحث بين الفقهاء لتحرير الفتوى فيها على ضوء الواقع طبقاً لجدلية الدليل الكلي " المقصد" والدليل الجزئي: النص وما في معناه من ظاهر أو اقتضاء أو مفهوم، حيث يتجلى فقه الفقهاء وفهم العلماء في مراعاة زوايا هذا المثلث، الذي هو: الواقع المستجد من كل جوانبه؛ وهو هنا تزايد أعداد الحجاج وضيق الرقعة الجغرافية وذهاب الأنفس شبه المطرد، وتطبيق الحكم الشرعي، الذي ينشأ عن نظرة متوازنة للكلي مع الجزئي، تضع نصب عينيها المقاصد الشرعية الأكيدة، دون أن تغيب عن بصرها وبصيرتها النصوص الجزئية لما يؤدي إلى إيجاد نسبية لاطراد المقصد وشموله. إن ذلك بعينه هو الوسطية التي لا يسع المتعاطي للفتوى إلا مراعاتها دون تقصير ولا شطط؛ فأجبت الطالب واختصرت هذه المقدمة في ثلاثة مطالب: الأول: عن مقصد التيسير في الشريعة الغراء. والثاني : توظيف اختلاف العلماء لرفع الحرج والمشقة عن الأمة وذلك معنى كون الاختلاف رحمة . والثالث : مقصد التيسير في الحج بخصوصه وفتاوى بعض العلماء. المطلب الأول: مقصد التيسير في الشريعة الغراء. اعلم وفقنا الله وإياك أن التيسير من خصائص هذه الرسالة الخاتمة؛ فقد قال سبحانه وتعالى {.. {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (157) سورة الأعراف إنها آية كريمة ترسم ملامح الرسالة من خلال صفات نبيها، وتعرّج على ما يجب له من الحقوق، وتبشر أتباعه بالصلاح والفلاح ؛ فهو جامع لوصفي الرسالة والنبوة ، وهو أمي لم يتعلم من أحد فلم يتعلم من نبي ولا عالم، وإنما علمه العليم الحكيم ، وهو مكتوب موصوف في توراة موسى وإنجيل عيسى. فهو النبي الخاتم الذي بشر به الأنبياء، وأخذ العهد عليهم بالإيمان به ونصره. ووصف بأنه يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، ويحل الطيبات، ويحرم الخبائث، ويضع عنهم الإصر والأغلال، أي التكاليف الغليظة التي كانت تكبّلهم الشرائع السابقة بها. إنه تصوير لحالة الضيق والمشقة التي أماطتها هذه الشريعة بالسماحة واليسر. فالإصر يقول عنه النضر بن شميل هو العهد التثقيل، وكل ثقيل فهو إصر؛ لأنه يأصر صاحبه، أو يحبسه عن الحركة . أما الأغلال فجمع غُل بالضم، وهو جامعة الحديد تكون في العنق واليدين . قال مرتضى في التاج عن الأغلال: وقد تكرر ذكرها في الكتاب والسنة ويراد بها التكاليف الشاقة والأعمال المتعبة . قلت : إنه تصوير ناطق، يقدم إلى السامع صورة شخص مكبل بأغلال حديدية، وهو يحمل على كاهله حملاً ثقيلاً ينوء به. فكيف يقوم بوظيفة الاستخلاف! إلى أن امتن سبحانه وتعالى عليه برسالة النبي الخاتم عليه الصلاة والسلام فكانت كلمة " يضع " هي المفتاح لفك كبله وإماطة الحمل عن ظهره . فلا غل في الشريعة ولا إصر في الحنيفية السمحة. ليس التيسير لرفع الحرج قاعدة فقهية فقط عبر عنها الفقهاء بقولهم : المشقة تجلب التيسير . وقول الشافعي : الأمر إذا ضاق اتسع . إلى غير ذلك من العبارات التي تصب في هذا الجدول ، بل رفع الحرج والتيسير مقصد أعلى من مقاصد الشريعة، وهذه فقرات لأبي المقاصد أبي إسحاق الشاطبي رحمه الله تعالى تبين ذلك حيث يقول : " المسألة السادسة " فإن الشارع لم يقصد إلى التكليف بالشاق والإعنات فيه والدليل على ذلك أمور: أحدها : النصوص الدالة على ذلك كقوله تعالى: {... وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ } {رَبَّنا وَلاَ تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ..} وفي الحديث قال الله تعالى قد فعلت : وقد جاء { لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا } {َ يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ..} {... وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ....} {يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفًا} {... مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} وفي الحديث: بعثت بالحنفية السمحة . وحديث: ما وخيّر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين أحدهما أيسرُ من الآخر إلا اختار أيْسرهما ما لم يكن إثماً فإن كان إثماً كان أبعد الناس منه " . وإنما قال : " ما لم يكن إثماً " لأن ترك الإثم لا مشقة فيه من حيث كان مجرد ترك. إلى أشباه ذلك مما في هذا المعنى . ولو كان قاصداً للمشقة لما كان مريدًا لليسر ولا التخفيف ولكن مريداً للحرج والعسر وذلك باطل . والثاني: ما ثبت أيضاً من مشروعية الرخص، وهو أمر مقطوع به، ومما علم من دين الأمة ضرورة؛ كرخص القصر، والفطر، والجمع، وتناول المحرمات في الاضطرار ، فإن هذا نمط يدل قطعاً على مطلق رفع الحرج والمشقّة ، وكذلك ما جاء من النهي عن التعمق والتكلف والتسبب في الانقطاع عن دوام الأعمال . ولو كان الشرع قاصداً للمشقة في التكليف لما كان ثم ترخيص ولا تخفيف . وقال الشاطبي أيضاً: فالنصوص سالفة الذكر عامة في المشقّة بنوعيها الشديد والمتوسط، وإذا فرضنا أن رفع الحرج مفقود فيه صيغة عموم فإنا نستفيده من نوازل متعددة خاصة مختلفة الجهات متفقة في أصل رفع الحرج، كما إذا وجدنا التيمم شرع عند مشقة طلب الماء، والصلاة قاعداً عند مشقة طلب القيام، والقصر والفطر في السفر ، والجمع بين الصلاتين في السفر والمرض والمطر، والنقط بكلمة الكفر عن مشقة القتل . وأطال النفس قائلاً : إلى جزئيات كثيرة جداً يحصل من مجموعها قصد لرفع الحرج فإنا نحكم بمطلق رفع الحرج في الأبواب كلها عملاً بالاستقراء . وعلى هذه الشاكلة القول بالأخف. يقول الزركشي إن القول بالأخف : قد يكون بين المذاهب ، وقد يكون بين الاحتمالات المتعارضة أمارتها ،وقد صار إليه بعضهم لقوله تعالى ( ... يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } وقوله {.. وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ..} وقوله صلى الله عليه وسلم بعثت بالحنيفية السمحة " وهذا يخالف الأخذ بالأقل فإن هناك يشترط الاتفاق على الأقل ولا يشترط ذلك هاهنا وحاصله يرجع إلى أن الأصل في المضار المنع ، إذ الأخف خنهما هو ذلك. وقيل: يجب الأخذ بالأشق كما قيل هناك يجب الأخذ بالأكثر . قال الطوفي -- الترجيح عند تعارض الدليلين : الثاني : يأخذ بأشد القولين : لأن " الحق ثقيل مري وبالطل خفيف وبي " كما يروى في الأثر وفي الحكمة : إذا ترددت بين أمرين فاجتنب أقربهما من هواك. وروى الترمذي من حديث عائشة قالت : " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما خيّر عمار بين أمرين إلا اختار أشدهما". وفي لفظ: " أرشدهما" . قال الترمذي هذا حديث حسن غريب، ورواه أيضاً النسائي وابن ماجة. فثبت بهذين اللفظين للحديث أن الرشد في الأخذ بالأشد. الثالث: يأخذ بأخف القولين لعموم النصوص الدالة على التخفيف في الشريعة كقوله عز وجل : ( ... يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ ) وقوله : {.. وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ) . وقوله صلى الله عليه وسلم : " لا ضرر ولا ضرار " . وقوله صلى الله عليه وسلم : " بعثت بالحنيفية السمحة السهلة " . قال شيخنا المزني : من قواعد الشريعة أن يستدل بخفة أحد الأمرين المتعارضين على أن الصواب فيه أو كما قال . قلت : وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ما خُيِّر بين أمرين إلا اختار أيْسَرهما ما لم يكن إثماً " . قلت والفرق بينه وبين عمار فيما حكينا عنه من الأخذ بأشد الأمور : أن عماراً كان مكلفاً محتاطاً لنفسه ودينه والنبي صلى الله عليه وسلم كان مشرعاً موسعاً على الناس لئلا يحرج أمته . وقال : يسِّروا ولا تعسِّروا " . وقال لبعض أصحابه في سياق الإنكار عليه إن فيكم منفرين . قلت : وقد روي حديث عمار " أسدهما " بالسين المهملة من السداد وعليه فلا دليل فيه للشدة . وبناء على هذا المقصد رجح العلماء في قضايا الخلاف التيسير على مر الزمان إذا ظهر أن القول الراجع يؤدي إلى إعنات ومشقة وعدلوا عن القياس وخصصوا عموم النصوص فالقاعدة أن غلبة المشقة مسقطة للأمر قال عليه الصلاة والسلام : لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك " المطلب الثاني : توظيف اختلاف العلماء لرفع الحرج والمشقة عن الأمة وذلك معنى كون الاختلاف رحمة . فقد فسر الشاطبي رحمة الخلاف بقوله : إن جماعة من السلف الصالح جعلوا اختلاف الأمة في الفروع ضرباً من ضروب الرحمة ، وإذا كان من جملة الرحمة ، فلا يمكن أن يكون صاحبه خارجاً من قسم أهل الرحمة. وبيان كون الاختلاف المذكور رحمة ما روى عن القاسم بن محمد قال : لقد نفع الله باختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في العمل ، لا يعمل العامل بعلم رجل منهم إلا رأى أنه في سمعة. وعن ضمرة بن رجاء قال : اجتمع عمر بن عبد العزيز والقاسم بن محمد فجعلا يتذاكران الحديث، قال : فجعل عمر يجيء بالشيء يخالف فيه القاسم ، قال : وجعل القاسم يشق ذلك عليه حتى بين فيه ، فقال له عمر : لا تفعل فيما يسرني باختلافهم حمر النعم . وروى ابن وهب عن القاسم أيضاً ، قال : لقد أعجبني قول عمر بن عبد العزيز ؛ ما أحب أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يختلفون : لأنه لو كان قولاً واحداً لكان الناس في ضيق ، وإنهم أئمة يقتدى بهم فلو أخذ رجل بقول أحدهم كان سنة . ومعنى هذا أنهم فتحوا للناس أبواب الاجتهاد وجواز الاختلاف فيه ، لأنهم لو لم يفتحوه لكان المجتهدون في ضيق ؛ لأن مجال الاجتهاد ومجالات الظنون لا تتفق عادة – كما تقدم- فيصير أهل الاجتهاد مع تكليفهم باتباع ما غلب على ظنونهم مكلفين باتباع خلافهم، هو نوع من تكليف ما لا يطاع ، وذلك من أعظم الضيق . فوسع الله على الأمة بوجود الخلاف الفروعي. فيهم، فكان فتح باب للأمة للدخول في هذه الرحمة، فكيف لا يدخلون في قسم من رحم ربك فاختلافهم في الفروع كاتفاقهم فيها والحمد لله . قال ابن عابدين في تعليقه على قول صاحب الدّر المختار: "وعلم بأن الاختلاف من آثار الرحمة فمهما كان الاختلاف أكثر كانت الرحمة أوفر". وهذا يشير إلى الحديث المشهور على ألسنة النسا وهو اختلاف أمتي رحمة قال في المقاصد الحسنة: رواه البيهقي بسند منقطع عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به لا عذر لأحد في تركه، فإن لم يكن في كتاب الله فسنة علي، فإن لم تكن في سنة مني فما قال أصحابيـ إ، أصحابي بمنزلة النجوم في السماء، فأيما أخذتم به اهتديتم، واختلاف أصحابي لكم رحمة. وأورده ابن الحاجب في المختصر بلفظ أمتي رحمة للناس. مقال ملا عليّ القاري: إن السيوطي قال: أخرجه نصر المقدسيّ في الحجة والبيهقي في الرسالة الأشعرية بغير سنند ورواه الحليمي والقاضي حسين وإمام الحرمين وغيرهم ولعله خرّج في بعض كتب الحفاظ التي لم تصل إلينا. ونقل السيوطي عن عمر بن عبد العزيز أنه كان يقول ما سرني أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يختلفوا لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة وأخرج الخطيب أن هارون الرشيد قال لمالك بن أنس: يا أبا عبد الله نكتب هذه الكتب- يعني مؤلفات الإمام مالك- ونفرقها في آفاق الإسلام لتحمل عليها الأمة. قال: يا أمير المؤمنين إن اختلاف العلماء رحمة من الله تعالى على هذه الأمة كل يتبع ما صح عنده وكلهم على هدى وكل يريد الله تعالى، وتممه في كشف الخفاء ومزيل الإلباس . وللاختلاف أسبابه المشروعة في الفقه ولهذا اعتبر العلماء معرفة الاختلاف ضرورية للفقيه حتى يتسع صدره ونفسح أفقه. فقد قال قتادة: منن لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه للفقه. وعن هشام بن عبيد الله الرازي: من لم يعرف اختلاف الفقهاء فليس بفقيه. وعن عطاء: لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالماً باختلاف الناس. وقال يحي بن سلام: لا ينبغي لمن لا يعرف الاختلاف أن يفتي ولا يجوز لمن لا يعلم الأقاويل أن يقول: هذا أحب إليّ. إلى غير ذلك من الأقوال يراجع الشاطبي في الموافقات، فقد عد معرفة الاختلاف من المزايا التي على المجتهد أن يتصف بها. إذا تقرر ما تقدم من جواز الاختلاف بين أهل الحق فاعلم أن هذا الاختلاف قد يكون سبباً للتيسير والتسهيل والتيسير مقصد من مقاصد الشريعة بنص الكتاب والسنة كما مر عن الشاطبي وغيره. وبناء عليه يوجد في المذاهب كلها العدول عن القول الراجح إلى قول مرجوح لجل مصلحة ترجحت أو درء مفسدة أو دفع مشقة عرضت. ولهذا تقرر عند الملكية تقديم القول الضعيف الذي جرى به العمل على القول الراجح في زمن من الأزمنة وكان من الأمكنة لتبدل عرف أو عروض جلب مصلحة أو درء مفسدة فيرتبط العمل بالموجب وجوداً أو عدماً كما يقول شارح التحفة. وبنوا على ذلك مئات المسائل وقال ابن عبادين كذلك بجواز الإفتاء بالضعيف للضرورة وذكر أبياتاً في ذلك: ولا يجوز بالضعيف العمل ولا به يجاب من جا يسأل إلا لعالم له ضرورة أو من له معرفة مشهورة ومعنى ذلك من مقصد التيسير يرجح القول الضعيف فيتعين العمل له لعروض الشقة، فمعادلة المقصد الكلي بالنص الجزئي مؤثرة في الفتوى على مدار الأزمنة. يقول ابن القيم في تغيير الأحكام بتغيير الأزمة والأمكنة والأحوال: هذا فصل عظيم النفع جداً وقع بسبب الجهل به غلط عظيم على الشريعة، أوجب من الحرج والمشقة وتكليف ما لا سبيل إليه ما يعلم أن الشريعة الباهرة التي في أعلى رتب المصالح لا تأتي به فإن الشريعة مبناها وأساسها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد وهي العدل إلى الجور، وعن الرحمة إلى ضدها، وعز المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث، فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل، فالشريعة عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه وظله في أرضه وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله صلى الله عليه وسلم . وتغيّر الزمان المشار إليه هو تغير أحوال الناس ، فالحجيج الذين كانوا يُعدون بالآلاف أصحبوا يعدون بالملايين. والأنفس القليلة التي كانت تموت في موسم الحج أصحبوا تعد بالمئات ومحل الشاهد منه أن الإبقاء على الأحكام الجزئيات التي تخالف مقاصد الشريعة وتؤدي إلى مشقة وإعنات مخالف لروح الشريعة وغلط. وأي مشقة من ذهاب الأنفس في الزحام والإثخان بالجروح والآلام ألا يستحق الأمر اجتهاداً؟ قال ابن عابدين في نفس المعني: فكثير من الأحكام تختلف باختلاف الزمان لتغيّر عرف أهله، أو لحدوث ضرورة أو فساد أهل الزمان بحيث لو بقي الحكم على ما كان عليه أولاً للزم منه المشقة والضرر بالناس ، ولخالف قواعد الشريعة المبنية على التخفيف والتيسير ، ودفع الضرر والفساد لبقاء العالم على أتم نظام وأحسن الأحكام؛ ولهذا ترى مشايخ المذاهب خالفوا ما نصّ عليه المجتهد في مواضع كثيرة بناها على ما كان في زمنه لعلمهم بأنه لو كان في زمانهم لقال بما قالوا به أخذاً من قواعد مذهبه . وقال أيضاً: ثم اعلم أن كثيراً من الأحكام التي نص عليها المجتهد صاحب المذهب بناء على ما كان في عرفه وزمانه قد تغيرت بتغير الأزمان بسبب فساد أهل الزمان أو عموم الضرورة كما قدمناه. المطلب الثالث: مقصد التيسير ملحوظ في الحج بخصوصه وفتاوى بعض العلماء : 1- إن التصريح برفع الحرج من الشارع فيمن خالف أفعاله في الحج بقوله: "افعل ولا حرج" دليل ملاحظة مقصد التيسير في الحج بالإضافة إلى كونه مقصداً عاماً في كل مناحي التشريع الإسلامي بالنصوص التي ذكرناها سلفاً ، إلا أنه تجدر الإشارة إلى قوله تعالى (وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَفِي هَذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ) (الحج:78) ) ورد في سورة الحج: أن الحج من أهم موروث ملة أبينا إبراهيم. 2- إن الحج عبادة قرنت بالاستطاعة نصاً ، مع أن كل العبادات يشترط لوجوبها الاستطاعة قال تعالى: (فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران:97) ) وجاء في الحديث: "وحج البيت من استطاع إليه سبيلا". وهذه نصوص تشير إلى إرادة التيسير وعدم الإعنات. 3- إن الحج في كثير من أحكامه مبني على التخيير والتخيير أساس التيسير. فالحج وقته متسع ، فهو واجب على التراخي عند بعض العلماء كالشافعية والمغاربة من المالكية ، ويشرع فيه إحرام بواحد من ثلاثة أنساك على سبيل التخيير وهي: التمتع والقران والإفراد. وكذلك التخيير في الفدية (فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ) (البقرة:196). 4- إن بعض أفعال الحج المختلف فيها بالتقديم والتأخير؛ كالرمي ، لا يوجد بخصوصها دليل قولي من الشارع ، وإنما تدخل تحت دلالة الفعل ودلالة الفعل دلالة ضعيفة ، وإن كان مستنداً إلى قوله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم" فمعلوم أن أفعاله في الحج منها الواجب والمسنون والجائز ، فيبقى الاحتمال قائماً في تعيين أي منها ، فقد حج راكباً وهو أمر جائز ، وقد حصب وهو أمر مختلف في دلالة بين الجواز والاستحباب. وقد رتب الرمي والحلق والإفاضة وقد ثبت عنه رفع الحرج عمن خالف الترتيب وقد سمح لذوي أعذار خفيفة بترك المبيت بمنى وبجمع الرمي في يوم واحد. إلى غير ذلك من الرخص التي يشتمل عليها كتاب أخينا العلامة الدكتور سلمان العودة . وعدم وجود بيان قولي مما يقرّب المسألة من منطقة العفو لاحتمال ، أو يكون فعله محمولاً على الأفضلية ، ويرجح مذهب من أجاز الرمي في أي وقت من أيام منى للحاجة والمشقة. ولهذا ترخص العلماء في مواطن ورد فيها بيان قولي كمسألة طواف الحائض عندما أدت إلى شدة ومشقة في القرن الثامن الهجري. وهذه فتوى شيخ الإسلام ابن تيمية كما نقلها اللبدي ننقلها بكاملها مع تعليقات اللبدي لما تضمنته من معان توضح منحى التعامل مع المشقات في الحج. حيث يقول" (مسألة مهمة جداً) نبه عليها شيخ الإمام والحبر الهمام ، قدوة الأنام ، شيخ الإسلام بحر العلوم أبو العباس تقي الدين أحمد بن تيمية طيب الله ثراه وجعل الجنة مأواه ، قال رحمه الله تعالى: وقد يقع في الحج في كل عام ما يبتلى به كثير من النساء والعلماء والعوام وذلك أن المحرمة تحيض قبل طواف الإفاضة ، ويرحل الركب قبل طهورها ، ولا يمكن المقام للطواف. قال: وفي سنة سبع وسبعمائة جرى ذلك لكثير من نساء الأعيان وغيرهم؛ فمنهن من انقطع دمها يوماً أو أكثر باستعمال دواء؛ ومنهن من انقطع دمها يوماً أو أكثر بغير دواء ، فظنت أن الدم لا يعود ففعلت كالأولى، ثم عاد الدم في أيام عدتها ، ومنهن من طافت قبل انقطاعه وقبل غسلها ومنهن من سافرت مع الركب قبل الطواف وكانت قد كانت قد طافت طواف القدوم ، وسعت بعده؛ فهؤلاء أربعة أصناف؛ فلما اشتد الأمر بهن وخفن أن يحرم تزويجهن ووطء المتزوجة منهن ويرجعن بلا حج؛ وقد أتين من بلاد بعيدة وقاسين المشاق الشديدة وأنفقن الأموال كثر منهن السؤال –وقد قاربت عقولهن للزوال- هل من مخرج عن هذا الحرج، وهل مع الشدة من فرج فسألت الله التوفيق والإرشاد إلى ما فيه التيسير على العباد من مذاهب العلماء الأئمة الذين جعل اختلافهم رحمة للأمة؛ فظهر لي في الجواب والله أعلم بالصواب: أنه يجوز تقليد كل واحد من الأئمة الأربعة وأن يقلد واحداً منهم في مسألة وآخر في أخرى؛ فعلى هذا يصح حج كل منهن ، أما الأولى والثانية فعلى أحد قولين في مذهب الشافعي بناء على أن يوم النقاء طهر. قلت: وهو الصحيح من مذهبنا أيضاً ؛فقد جزم به في المنتهى والإقناع وغيرهما. قال: وأما الثالثة فعلى مذهب أبي حنيفة؛ فعنده لا يشترط للطواف طهارة حدث ولا نجس ، وهو أحد الروايتين عن أحمد. قلت: والصحيح المشهور خلافها. قال: وأما الرابعة فقد تتخرج على صحة حجها على أحد الروايتين عن مالك، وهي أن من طاف طواف القدوم وسعى بعده ورجع إلى بلده قبل طواف الإفاضة ناسياً أو جاهلاً أجزأه عن طواف الإفاضة فإن عذر الحيض أظهر من عذر الجهل والناسي. قال: وإن لم يعمل به الرواية أو لم يصح التخريج فعلى قياس أصول مذهب الشافعي أنها إذا جاوزت مكة بيوم أو أكثر بحيث لا يمكنها الرجوع إلى مكة خوفاً على نفسها أو مالها تصير كالمحصر فتتحلل كهو وتذبح شاة أو تقصر من شعرها أو تصير حلالاً أ.هـ باختصار من نحو ورقتين. وقال رحمه الله تعالى في مواضع أخرى: غاية ما في الطهارة أنها شرط في الطواف ومعلوم أن كونها شرطاً في الصلاة آكد ومع ذلك تصح الصلاة بدونها مع العذر عند الأكثر وذكر كلاماً كثيراً لا يحتمله هذا المختصر. والحاصل: أنه انتصر لصحة طواف الحائض انتصاراً لا مزيد عليه، وأقام على ذلك أدلة واضحة ، وذكر أنه لا دم عليها وآخر ما قال: هذا الذي يتوجه عندي في هذه المسألة، ولضرورة الناس، واحتياجهم إليها علماً وعملاً؛ تجشمت الكلام فيها، فإني لم أجد فيها كلاماً لغيري ، والاجتهاد عند الضرورة مما أمر الله به ، فإن يكن ما قلته صواباً فهو من الله ورسوله ، وإن يكن خطأ فمني ومن الشيطان والله ورسوله بريئان منه –ملخصاً من شرح عمدة الأحكام . وعلق الزرقاني في شرحه عند قول المصنف: "وحبس الكري والولي لحيض أو نفسا قدره وقيد إن أمن بقوله –بعد نقله لأقوال مذهب مالك في اعتبار الحائض محصرة ، وأنها تظل على إحرامها: وفيه من المشقة خصوصاً على من بلادها بعيدة ما لا يخفى ، ومقتضى يسر الدين أنها إما أن تقلد ما رواه البصريون المالكية عن الإمام مالك ، من أن من طاف للقدوم وسعى ورجع لبلده قبل طواف الإفاضة جاهلاً أو ناسياً أجزأه عن طواف الإفاضة خلاف ما نقل البغداديون عنه من عدم الإجزاء وإن كان هو المذهب ولا شك أن عذر الحائض والنفساء أبلغ من عذر الجاهل والناس, وأما أبا حنيفة أن للحائض أن تطوف لأنه لا يشترط عنده في الطواف طهارة حدث وخبث وكذا هو إحدى الروايتين عن أحمد ويلزمها ذبح بدنة ويتم حجها لصحة طوافها وإن كانت تأثم عندهما أو عند أحمد فقط بدخول المسجد حائضاً. والله أعلم بالصواب . قلت: وأحوال الناس اليوم أشق وأشد من حال الحائض لذهاب الأنفس أفلا تستحق منا اجتهاداً لاختيار الأقوال الميسرة؟ بلى ؛ لقد أصبح ذلك من الواجب ؛ وهو ما نحسب أن كتاب العلامة الشيخ سلمان ينحو نحوه فجزاه الله خيراً ونفع بعلمه. ووفقنا وإياه لسداد في القول والرشاد في العمل، وهو سبحانه وتعالى ولي التوفيق والهادي بمنه وكرمه إلى سواء الطريق وكتبه عبد الله بن بيه جدة 13/02/1427 http://www.islamtoday.net/pen/show_a...195&artid=7038 [line][/line] تعليق معالي الشيخ ابن منيع على كتاب"افعل ولا حرج" مشرف النافذة 28/2/1427 28/03/2006 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله القائل ) وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(الحج: من الآية78)، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد الموصوف باليسر والتيسير, فما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثماً، والقائل « يَسِّرُوا وَلاَ تُعَسِّرُوا ، وَبَشِّرُوا وَلاَ تُنَفِّرُوا »، والقائل (افعل ولا حرج) وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلم تسليماً كثيراً، وبعد: لقد سعدت بقراءة رسالة مختصرة جليلة مفيدة بعنوان (افعل ولا حرج) في بعض مسائل وأحكام الحج لفضيلة الشيخ الجليل الدكتور/ سلمان العودة ذكر فيها مجموعة من مسائل الحج التي هي في عصورنا الحاضرة في حاجة مُلِحَّة إلى الأخذ بالتيسير والسير على منهج رسول الله صلى الله عليه وسلم: افعل ولا حرج، يسروا ولا تعسروا. من هذه المسائل مسألة إفاضة الحجاج من عرفة قبل غروب الشمس جوازاً, والبقاء في عرفة إلى غروب الشمس استحباباً, وجواز عدم المبيت بمنى ليالي أيام التشريق لمن كان له عذر, أو لم يجد مكاناً في منى يبيت فيه, وجواز الرمي – رمي الجمار أيام التشريق – قبل زوال الشمس استناداً إلى قواعد التيسير, ورفع الحرج, واتباعاً لمن كان أهلاً للاقتداء؛ كالإمامين أبي حنيفة وأحمد وقبلهما التابعيان طاووس وعكرمة وغيرهم من مجموعة من علماء سلفنا الصالح, إلى غير ذلك من المسائل التي ذكرها فضيلة الدكتور/ سلمان ورأى أن التوسع والتيسير على حجاج بيت الله في أحكامه, أمر تقتضيه قواعد التيسير ورفع الحرج لا سيما في عصرنا الحاضر الذي تكاثر فيه الحجاج, لغاية أنهم بلغوا بضع العشرة من ملايين الحجاج, وعوامل تزايدهم تتوافر وتكثر, ومواقع المناسك محدودة زماناً ومكاناً , ووسائل ترفه القادرين على الترفه والباذلين في سبيل الحصول عليه مهيئة, وعلى حساب ضعفاء الحجاج, كل ذلك يسوغ الأخذ بمبدأ التيسير والتخفيف ورفع الحرج, ما لم يشتمل ذلك على مخالفة صريحة لنص من كتاب الله أو سنة رسوله. وقد أخذ فضيلة الشيخ سلمان – جزاه الله خيراً – بهذا المبدأ فجاءت رسالته القيمة إسهاماً في التيسير على حجاج بيت الله الحرام ورفع المشقة عنهم ، وأتمنى أن فضيلته أشار إلى الازدحام الشديد في المطاف وفي المسعى, وأعطى رأيه المبارك في علاج هذا الازدحام الشديد الذي هو مقارب للمشقة في رمي الجمار. وإسهاماً مني مع فضيلته في المناداة بالتيسير ورفع المشقة والحرج فيمكننا توسيع المسعى ببناء دورين, أرضه وسقفه, حيث ارتفاع سقفه عن أرضه قرابة اثني عشر متراً, وكذلك بنار دور بين سقف أرضه وسقف السقف, وهو السطح ليكون لدينا للسعي خمسة مواقع , عرض كل موقع قرابة عشرين متراً, هذه المواقع الخمسة هي: الأرض، وما بين الأرض والسقف، والسقف، وما بين السقف والسطح، والسطح. ولا شك أن هذا توسعة مفيدة لا يترتب عليها مخالفة في زيادة عرض المسعى عما هو عليه الآن, وكذلك الأمر بالنسبة للمطاف فلئن كانت الظروف السياسية تؤثر على هدم مبنى الأتراك في الحرم الذي سطحه القباب, فيمكن أن يجعل فوق هذا المبنى جسراً معلقاً ليكون مطافاً مسانداً للمطاف, وليس في هذا إشكال من الناحية الشرعية فالحجاج والمعتمرون يطوفون في الأروقة, وفي السطح وطوافهم فيها جائز, وطوافهم في الأروقة وسطح الحرم أبعد عن الكعبة من الطواف فوق هذا الجسر المقترح. وهذا علاج للإشكال في الازدحام في الطواف, وقد تقدمت لخادم الحرمين – حفظه الله – بهذا الاقتراح, ووجّه بدراسته, والأخذ به ولعل أمر ذلك لا يطول, فالحاجة تزداد إلى حد الاضطرار, وعلى أي حال فلا أظن أن أحداً من أهل العلم سواء أكان في محيط المسئوولية أم كان في مستواها خارجاً عنها- لا أظن أحداً من هؤلاء ينكر أن الفتوى تتغير بتغير الأحوال والظروف إذا كانت محققة المقصد الشرعي غير مخالفةٍ لنص صريح. وابن القيم – رحمه الله – يؤكد في كتابه القيم (إعلام الموقعين عن رب العالمين) أن الفتوى المحققة للمصلحة شرع الله. أختم هذا التقديم لهذه الرسالة الجليلة بهذا الدعاء: اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه, وأرنا الباطل باطلاً وجنبناه، واجز اللهم أبا معاذ– سلمان العودة – خير جزاء وأتمه، واجعل هذه الرسالة في موازين حسناته، والله المستعان. أعد هذا التقديم عبد الله بن سليمان المنيع 7/2/1427هـ http://www.islamtoday.net/pen/show_a...195&artid=7034 |
|
اقتباس:
أين الصغار عن هذه الكلمات ؟؟؟؟؟؟؟ |
اخي الغالي عمر55 جعل الله هذا العمل في موازين اعمالك الصالحه.. واخي بريماكس.. جعلك الله من اصحاب الفردوس الاعلى.. اشكركم جميعا .. |
اقتباس:
كما تعلم يا عزيزي .. أنه إذا تكلم الكبار فعلى الصغار أن (يخرسو) هكذا علمتنا الحياة ! لأن غالباً حديث الصغار هو نسج من عالم السذاجة و الحُمق ! |
جزيت خيرا
|
الكتاب ممتاز جدا
كل يوم يزداد اعجابي بالشيخ سلمان فهو بحق الرجل الذي ملئ الأسماع والأبصار في هذا الزمن بغزارة مشاركاته واستنباطاته التي أذهلت كبار العلماء .. ثبته الله وحفظه |
أبو عبدالعزيز الصمصام أشكرك مرة أخرى على تشجيعك وتشريفك . أخي وحداني آمين وإياك وأشكرك على مرورك وتشريفك . أخي الفاضل مجد نت شكراً على تشريفك وتقبل التحية مني . مشرفنا وأستاذنا بريماكس لا أدري كيف أشكرك على هذه الإضافة الجميلة لكن لا أملك إلا جزاك الله خيرا . أخي الغالي وحيد المعنى وإياك وألف شكر لكـ على مرورك ودعواتك الرائع البارع أين أنت كأني أفتقدك ، صدقت أين أصحاب العقول الصغيرة ؟ الحبيب الغالي فهد بن محمد حياك الله وأهلاً ومرحباً بك أسأل الله أن يجمعنا في دار كرامته أستاذنا بريماكس شكراً مرة أخرى ، على هذا الرد القوي على صغار العقول ! أخي أبا خطاب >>>> إن لم تخنّي اللغة وإياك وشاكر لك مرورك الطيب . أخي الحجاج صدقت الشيخ سلمان ثبته الله وحفظه أعجوبة ما شاء الله . |
بقي مقدمة ابن جبرين حفظه الله للكتاب فها هي عندكم :
مقدمة سماحة الشيخ عبـدالله بـن عبـدالرحمــن بـن جــبريــن عضو الإفتاء سابقًا الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم النبيين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد: فقد سمعت هذه الرسالة الموسومة بـ«افعل ولا حرج»، بقراءة كاتبها فضيلة الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة وفقه الله ، وسرني ما تتضمنه من التسهيل والتوسعة على الحجاج؛ بحيث إن الكثير يتعرضون للزحام الشديد والمضايقات، والتي قد تؤدي إلى الوفيات، وإلى الأضرار، وإلى الصعوبة التي تشغل الحاج عن أهمية العبادة، وعن الحكمة والمصلحة التي شرعت لأجلها تلك العبادة، كما فصله الكاتب وفقه الله. وهذا ما تطمئن إليه النفس في هذه الأزمنة التي تحدث فيها الوفيات، وزهوق الأرواح المحترمة، فنوصي بالتمشي مع هذه التسهيلات، فـ«إن الدين يسر - كما قال رسول الله ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا» وعلى ما ذكر الله تعالى: { فإن مع العسر يسرا } [الشرح:5]. وقد أضفت خمسة تعليقات هي : (1) الوقوف بعرفة يجزئ أية ساعة ليلًا أو نهارًا، من طلوع الشمس إلى طلوع الفجر يوم النحر، كما يدل عليه حديث عروة بن مُضَرِّس رضي الله عنه مرفوعًا: «من أدرك معنا هذه الصلاة، وأتى عرفات قبل ذلك ليلًا أو نهارًا، فقد تم حجه وقضى تفثه». (2) نمرة داخلة في حدود عرفة، وعرفة واسعة جدًّا، وكذلك عُرنة (بالنون)، كما قال صلى الله عليه وسلم: «عرفة كلها موقف، إلا بطن عرنة». وقال صلى الله عليه وسلم: «وارفعوا عن بطن عرنة». والوادي هو المنخفض الذي نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الوقوف فيه. وتمتد عرفة شمالًا نحو خمسة كيلومترات، وكانت حدودها قديمًا إلى نخل يسمى نخل بني عامر، ولكنه زال الآن. وتمتد شرقًا إلى الجبال الشاهقة الرفيعة، وغربًا إلى الجبال أيضًا، وجنوبًا إلى الجبال المنخفضة الممتدة. (3) الاحتياط في التحلل الأول أن يكون باثنين من ثلاثة، كما ذكره الفقهاء، ومنهم الشيخ ابن باز رحمه الله في «التحقيق والإيضاح» وهو الذي يترجح لي. (4) السعي قبل الطواف جاء فيه حديث: سعيت قبل أن أطوف، قال: «لا حرج». وقد اختلف العلماء في صحته. والأقرب جواز تقديم السعي على الطواف إذا كانا في يوم واحد، حيث إن ظاهر الحديث يدل على أن السائل طاف وسعى في يوم واحد، وهو يوم النحر. (5) أرى توسعة وقت الرمي للجمرات، وأنه ضروري في هذه الأزمنة، وفي الأزمنة السابقة كان الرمي يسيرًا، ولا مشقة فيه، أما الوقت الآن فقد تغير. وأسأل الله التوفيق والهداية والقبول للمسلمين جميعًا، إنه جواد كريم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وسلم.. أملاه: عبدالله بن عبدالرحمن بن جبرين 27 / 8 / 1427هـ |
الساعة الآن +4: 01:28 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.6
Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd.