بريدة ستي - الفقمة العربية ..

[align=justify]

حيوان الفقمة حيوان يميل إلى الانبطاح و الكسل بطيء الحركة و ثقيل الوزن , عندما يواجهه الخطر يصدر صوتا مزعجا ينبعث من أعماقه يبعث على الإحساس بالعجز و قلة الحيلة , و مع ذلك فإن حيوان الفقمة لا يبرح مكانه و لا يكلف نفسه عناء الدفاع أو حتى مجرد التفكير بالمقاومة أو رد الاعتداء ! كما أن ذلك الصوت هو بمثابة إشارة تحدد مكانه و وسيلة فعالة يتخذها عدو لدود مثل سمك القرش للاستدلال على أرض الفريسة الساذجة التي لم و لن تتعلم من حوادث الافتراس و الاعتداء المماثلة ! كما أن حيوان الفقمة يمضي جل يومه بالنوم أو الاسترخاء على مقربة من الأمواج المتلاطمة التي تحمله و تقذفه ذات اليمين و ذات الشمال غير مبالي بهذه الوضعية ما دام أن ذلك سيضمن له مكانا جديدا على شاطئ اللامبالاة !

منذ العام 1945 و هو تاريخ تأسيس جامعة الدول العربية و القمة تلي القمة و خطابات الشجب و الاستنكار تتداول بين أيدي الزعماء على ورق لا يتجاوز حدود مكان انعقاد القمة , كم أن غالبيتها هي بمثابة تبادل المجاملات للمصالح الشخصية أو المشتركة أو أدعاء العروبة و الولاء لكسب رضا و تأييد الشعوب المغلوبة على أمرها !

لقد مر بهذه الجامعة أحداث جسام سجلها التاريخ كصفحة سوداء قاتمة كان من المفترض أن تهز كيانها و تزلزل الأرض التي تقام عليها , وكان من الواجب إزاء تلك الأحداث أن تعيد الجامعة حساباتها من جديد و أن تعيد النظر في قراراتها و أن تشعر بقدر الخطر المحدق الذي يدور من حولها , لعل ذلك أن يقلب الموازين لصالحها و يضمن لها مكاناً جديدا تستطيع من خلاله أن تبدي نوعا من فرض إرادة الممانعة و مقاومة أطماع القوى الاستعمارية بالإضافة إلى الاستقلال بالرأي و حتى مجرد القرار !

لطالما دفعت الشعوب العربية ثمنا باهظا من جراء تصرفات بعض الزعماء أو صناع القرار , و التي تتمثل بتقديم المزيد من التنازلات على حساب مصالح شعوبهم مما أفضى بدوره إلى تمزيق الجسد العربي وزرع الانقسامات بداخله فلا تكاد تجد بين الدول العربية دولة لا تعاني من مشاكل داخلية أو إقليمية فضلا عن الوضع الاقتصادي المتردي لدول تمتلك جميع المقومات الطبيعية أو البشرية !

أنكشف العالم العربي المشحون بالخلافات الحمقاء و ذلك بعد سقوط الإتحاد السوفيتي وهو المحور الذي كان يشترك مع الولايات المتحدة بالقوة العسكرية و الإستخباراتية , و الذي كان حليفا لدولة العراق و داعماً لوجيستياً لقرارات و توجهات الرئيس العراقي الراحل صدام حسين إن لم تكن التقنية السوفيتية هي سر امتلاك العراق للمفاعلات النووية التي دمرتها إسرائيل بمباركة و تأييد عربي ! و ها نحن نجني ثمار تلك الضربة باحتلال سافر على دولة كانت تمتلك قوة عسكرية ضاربة داخل منطقة منزوعة السلاح مسلوبة الإرادة بالإضافة أن جزء كبير من مدخراتها العسكرية هي من مخلفات الحروب العالمية أو المصنوعة في دول كانت أو ستكون سببا في إيجاد المزيد من القلاقل و المحن على أرضها وداخل دولها ! فأين كانت الجامعة العربية و أين دورها المنوط بها لأحتواء الأزمة و المحافظة على توازن القوى بين الدولة العربية ؟!

إن تضافر الجهود لابد و أن ينتج ولو النزر اليسير من النتائج المرضية و المقبولة إلى حد ما , و لكن أن يستمر مسلسل مصطلحات الشجب و الاستنكار و الإدانة مع أللالتزام بالمشاهدة فقط و أن نقف مكتوفي الأيدي فهذا و بلا شك سيجرئ العدو على اقتناص الفرائس العاجزة الواحدة تلو الأخرى ! و سنتذكر بعدها أن الوقت فقط كان هو العامل الرئيس و ما ينقصنا لتغيير وضعنا و قلب الكفة لصالحنا !
إننا أمام مرحلة مقبلة حرجة و خطيرة تستوجب علينا جميعا أن نصحو من هذه الغفلة و أن نعمل نحو مستقبل يضمن لنا بعد توفيق الله الأمن و الاستقرار على مستوى الدول و الأفراد كما يمنحنا رغد العيش و الحياة المفعمة بالأمل .

أبوشهد![/CENTER]