لقاء مع الشمري الذي دخل السجون الإسرائيلية..؛؛
 

خلف بن غنيم قاسم الرمالي الشمري، مواطن سعودي من سكان بلدة قناء الواقعة على بعد (40 كلم) إلى الشمال من حائل، شهد احتلال اليهود لفلسطين في عام النكبة. وكاد يقتل أكثر من مرة على يد جنود الاحتلال الإسرائيلي، حيث كان أسيرا لعدة سنوات في سجون الإسرائيلية مابين سجون ( نهاريا ، وحيفا ، وعكا ، والحولة ) فجميع هذه السجون دخلها المواطن خلف الرمالي ، حتى أفرج عنه، ضمن صفقة لمبادلة عدد من الأسرى اليهود الذين وقعوا في أيدي القوات العربية مقابل 10 آلاف أسير عربي.
خلف مع منتديات صدى جبة أسترجع هذه الذكريات المريرة، وهو يقلب وثائق الأسر والإفراج عنه، والأوسمة التي منحته إياها الحكومة السعودية نظير مشاركته في العمليات العسكرية للجيش السعودي في الأردن وسوريا خلال التصدي للاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية والعربية في العام 1948.

س1 : حدثنا كيف خرجت من الحدود السعودية ولماذا خرجت .. ومتى وكيف ؟

ج : خرجت من بيت والدي في صحراء النفود الكبرى ، باحثاً عن لقمة العيش لي ولأسرتي ، وكان ذلك في العام 1941م، حيث قامت بإيصال قطيع من الماشية لأحد المتعهدين من الحدود السعودية إلى مدينة الزرقاء الأردنية بالقرب من العاصمة عمان، وعند وصولي إلى هناك مكثت عند المتعهد ( تاجر أغنام ) هو شامي حوالي ثلاث أشهر حتى أصبحت وكيلاً على الأغنام ، ثم تركت شغله الأغنام واتجهت إلى السلك العسكري فتم قبولي بالجيش الأردني وبدية أتجهز لا ارتداء الزي العسكري ، فإذا بصديق لي من قبيلة الأسلم من شمر سبق وان خدم بالجيش الأردني فنصحني عن العمل بالجيش الأردني . فا ذهبت أبحث عن عمل
والتحقت بشركة للإنشاءات لمدة عامين قضيتها في الأردن، وفي عام 1943 انتقلت أعمال الشركة إلى فلسطين، فانتقلت معها، وبقيت أعمل بالشركة لأكثر من 4 سنوات . ثم بعد ذلك التحقت بالجيش الفلسطيني فتم منحي الجنسية الفلسطينية على أني فلسطيني من أهل السبع والسبع بدو رحل على مشارف الحدود الفلسطينية مع مصر ، فبعد منحي الجنسية عملت مع أحد الضباط الانجليز وحصلت على أول راتب قدره 25 قرشاً ( تساوي بالريال السعودي 5 ريالات ) .
. .
س 2 : هل لك أن تذكر لنا كيف تم اعتقالك من قبل الجيش الإسرائيلي .. ومتى ؟

ج: بدأت الحرب في عام 1948م، وانهزمت الجيوش العربية في حيفا ، ثم توجهت الناس إلى مينا عكا نظراً لوجود سور كبير يحيط بعكا المدينة ولا يوجد له ألا بابين ، وكان سور عكا سور قديم تم بناء وه على عهد الجزار وقد مضى عليه في ذلك الوقت 1800 عام . بعد ذلك حدثت مواجهة بحرية في شواطي عكا بين الجيش اليهودي والجيوش العربية ، وأخرى برية تدور رحاها في تل الفخار الذي يبعد حوالي 2 كيلوا عن عكا المدينة . فدامت المواجهات قرابة ثلاث أشهر ، بعد ذلك انتهت الذخيرة وضعفت عزيمة الجيش العربي ، وقل الطعام فبدأت بوادر الضعف تظهر على الجيوش العربية ، وقاما الجيش اليهودي بقطع المياه الصالحة للشرب على جميع المتواجدين في عكا ، فبعد أنتها الذخيرة قام كثيرون من جنود الجيش العربي برمي السلاح على الأرض نظراً لعدم وجود ذخيرة ، فأصبح السلاح عديم الفائدة .
.. الاعتقال تم بعد أن ركبت مع أشخاص من الجنسية الفلسطينية على لنش بحري متجهين إلى الحدود لبنانية ، فعندما اقتربنا من الناقورة وهي منطقة حدودية بين لبنان وفلسطين ، تمت محاصرتنا من قبل لنشات بحرية تابعة للجيش الإسرائيلي ، فتم إلقاء القبض علينا ، وكان وقتها قبل مطلع الفجر بساعات ، فقاموا بنقلنا إلى مدينة نهاريا اليهودية ، فمكثنا بسجن نهاريا أسبوع كامل ، ثم توجهوا بناء إلى سجن عكا ذلك السجن الذي أمضينا به معظم فترات اعتقالنا ، ثم نقلنا إلى سجن الحولة وهي منطقة بين بحرة لوط وطبريا ، هي قرية سورية كانت تخضع للاحتلال الإسرائيلي .
. .
س4 : كم كان عدد الأشخاص الذين اعتقلوا معك .. وهل تذكر جنسياتهم ؟ج : أنا وشخص أخر من السعودية ، وخمسة أشخاص فلسطينيين . المجموع لكلي سبعة أسراء ( الشخص السعودي أفاد العم خلف أنه من بني عطية من منطقة تبوك )
..
س5 : وما الذي حدث بعد سجن الحولة .. وكيف تمت أعادتك إلى سجون حيفا ؟
ج : الذي حدث أن الجيش السوري أنتصر على اليهود بالحولة وأخرجهم منها .. ولكن ما زلت أذكر جيداً غارات الطيران السوري على الحولة الذي كنت معتقلاً فيها ، فاليهود عندما تدق أجراس الخطر معلنتن احتمال وقوع هجوم على المنطقة ، يذهبون اليهود إلى الملاجئ ويختبئون ويتركوننا دون أي حماية من الخطر القادم .
.. وما زلت أتذكر أن اليهود يطلقون على الطائرة أسم (( أبارون ))
.. بعد أن أنتصر الجيش السوري نقلونا إلى سجن حيفا .
. .
س 6 : يقال أنك صمت شهر رمضان المبارك داخل السجن في حيفا .. حدثنا عن ذلك ؟ج : نعم حل شهر رمضان المبارك ضيفاً علينا ونحن نقبع في المعتقلات اليهودية ، فبعض الأيام تمر علينا دون سحور أو فطور ، وأيام ياتون بوجبة وسط النهار استخفافا بمشاعرنا ، وأيام يتقيدون بمواعيد الفطور والسحور .
..
س 7 : يقال أنك حفرت قبرك بيدك كيف حدث ذلك ومتى ؟

ج : بعد أن قضينا شهر رمضان بسجن حيفا نقلونا إلى منطقة على حدود لبنان مع فلسطين ( لا أتذكر أسمها الآن ) فبعد وصولنا ببضع ساعات نقلونا إلى منطقة صحراوية وقالوا كل واحد يحفر حفره عميقة حتى يختفي أكثر من نص جسمه داخل الحفرة فقمنا بحفر تلك الحفر ، فبعد أن جهزت جميع الحفر ، حدث نقاش حاد فيما بينهم .. أثناء نقاشهم أتى خبر أن القائد عبد الكريم الحسيني أحد القادة في الجيش الفلسطيني قد استولى على لواء يهودي كامل بمعداته وأفراده في منطقة الوادي ، وكانت قائدة للواء الذي أسره عبد الكريم هي بنت لوزير اليهودي وتدعى ( ماري شرتوك ) فتم تأجيل التنفيذ في الإسراء العرب .
. .
س 8 : كيف عرفت فيما بعد ان الحفرة التي قمت بحفرها بيدك هي قبرك ؟
ج : أنا كنت أعرف بعض الكلمات العبرية ، فقد سمعت أحد الجنود أثناء نقاشه مع زميله يقول هؤلاء شباب في عمر الزهور ومن الخطأ أن يتم قتلهم بهذه الطريقة ، فأعرفت أن الحفرة التي أحفرها من الصباح ماهي الا قبري ، فقمت بالصلاة والدعاء ، فأستغرب العطوي زميلي وسألني فلم أخبره بما سمعت .
. .
س 9 : كيف كان تعامل الجنود الإسرائيليون معا كم وانتم داخل السجن ؟
ج : كان تعامل سيئ جداً ، حيث يقومون على أخراجنا من الصباح الباكر ويلزموننا بأعمال شاقة طول النهار دون أن يراعوا ظروفنا الصحية أو النفسية ناهيك عن الأحوال الجوية .
. .
س 10 : لحقت بك أصابه جراء انفجار احد القنابل اليدوية أثناء أعمالكم الشاقة التي تؤكل إليكم من قبل إدارة السجون الإسرائيلية .. كيف حصلت لكم هذه الإصابة وهل تم علاجكم أو عرضكم على طبيب مختص بعد الإصابة .؟ج : صحيح لحقت بي أصابه بالفخذ الأيمن ، بعد أن أخرجونا من السجن وتوجهوا بناء إلى منطقة بين عكا ونهاريا ، لتنظيف وتمشيط تلك المنطقة من بقايا وأثار الحرب التي دارت بين الجيش العربي والجيش اليهودي ، كان هناك قنبلة مزروعة ولم تنفجر بعد فأثناء عملنا بتمشيط تلك المنطقة انفجرت القنبلة فقتلة احد زملائي فلسطيني الجنسية وإصابتي بمنطقة الفخذ الأيمن . بقيت أثار هذه الإصابة حتى الآن فطوال هذه السنوات كنت أعاني من آلم هذه الإصابة . لم أعالج فبعد إصابتي تم نقلي إلى احد المعتقلات اليهودية دون أن أعالج ، فأتى الصليب الأحمر وقاما بتسجيل أسماءنا تمهيداً لتبادل الأسرى .
. .
س 11 : كيف تم الإفراج عنك .. وكيف تلقيت خبر الإفراج ؟

ج: أفرج عني في صفقة لمبادلة أكثر من 10 آلاف أسير عربي وفلسطيني، مقابل فرقة من الضباط والجنود الإسرائيليين الذين وقعوا في الأسر بأيدي الجيوش العربية، وبالفعل تمت الصفقة وسلم الأسرى العرب للحاكم العسكري الأردني عبد الله التل، ومن عمّان انتقلت إلى سوريا وهناك التحقت بالفوج السعودي المرابط بمنطقة كفر حارس .
. .
س 12 : متى رجعت إلى السعودية ؟
ج : رجعت إلى الرياض مع الجيش السعودي في عام 50 م
واستقبلنا ولي العهد آنذاك الأمير سعود بن عبد العزيز رحمه الله الذي استقبلنا بحفاوة وأثنى علينا كثيرا وامتدح جهودنا وتضحياتنا .
. .
س 13 : هل صحيح أنك أديت فريضة الحج في معية الملك عبد العزيز رحمة الله ؟
ج : نعم بعد وصولنا إلى مدينة الرياض ، انتقلنا في معية المغفور له جلالة الملك عبد العزيز إلى مكة لأداء فريضة الحج، وبعد انقضاء المناسك توجهنا إلى الطائف .
. .
س 13 : وبعد توجهكم إلى الطائف ما الذي حصل لك ؟ج: طلبت إعفائي من الخدمة في الجيش للتفرغ لأهلي .

س 14 : ما ذا فعلت عندما تم إعفاءك من الجيش السعودي .. أو ما هو أو ل عمل قمت به بعد إعفاءك من الجيش ؟
ج : اتجهت إلى حائل فعند وصولي إلى حائل اشتريت جملا هدية لأهلي وطفت مع أحد أقاربي نبحث عن مكان الأسرة، حيث كان الناس آنذاك يتنقلون من مكان إلى آخر وعندما رآني والدي أغمي عليه من شدة الفرح .
. .
س 15 : هل حصلت على عمل بعد أن تم أعفاءك من الجيش السعودي ؟ج : لا لم أحصل عمل بل بقيت أرعى الأبل فترة طويلة من الزمن ، ثم عملت حارس بأحد المدارس ببلدة قناء لمدة 23 عاماً .

للأمانة منقول..؛؛

بوركت في نقلك .. أعجبتني جدا ..

أهلا وسهلا..؛

تشرفت بردك..؛؛