( 4 )
على مسرح الجريمة
قبيل صلاة الفجر كان أصحابنا قد قضوا سهرتهم قريبا من مقاهي الحسين كما هو برنامجهم في قضاء لياليهم ما بين النيل ومقاهي الحسين أو الزيارة لإخوانهم السعوديين في ( العزب ) الأخرى ، صلوا صلاة الفجر وهجعوا في فرشهم وبينما النوم يداعب جفونهم الساهرة وآخرهم يحكم إغلاق باب الشقة إذ بطارق يطرق بابهم على غير العادة .
سأل صاحبنا الطارق من يكون فأجابه بأنه قصد هذه الشقة لغرض ما فتح صاحبنا الباب وإذ برجل ٍ قد أشهر سكينه ومن ثم وضعها على حلق صاحبنا وضغط عليها قليلا ليقطع أي محاولة لصاحبنا في المقاومة أو الهروب ..
تجمد الدم في عروق أخينا وتحجرت الكلمات في شفتيه فلم يكن يعرف مثل هذه التصرفات إلا حينما يقرأ رواية بوليسية أو حينما يتفرج على فيلم ٍ من أفلام الرعب والقتل .
سأل صاحبنا الرجل ماذا يريد فأجابه بألا ينبس ببنت شفه وألا يحاول المقاومة وإلا سيكون في عداد الأموات قبل أن يكمل محاولته ..
أثناء ذلك وبينما صاحبنا يرزح تحت سكين هذا المجرم دلف إلى الشقة ثلاثة رجال وامرأة تبدو فوق العشرين قليلا ً ومباشرة طلبوا من هذا الرهينة أن يحذر أصحابه من مغبة المقاومة التي سيكون ضحيتها هو . .
البقية لا زالوا في الغرفة قد خالط جفونهم النعاس إلا أن بعضهم تنبهوا لهذه الجلبة والصخب خارج غرفتهم وقبل أن يستووا جالسين إذ بالأنوار تضاء وصاحبهم يغالب البكاء ويرجوهم بكلمات متهدجة خائفة أن يكفوا عن مقاومة هؤلاء الأوغاد وأن يعطوهم ما يريدون مطاوعين مستسلمين لأن كل ما سيأخذونه منهم لا يساوي قطرة واحدة من دمه ..
نظر بعضهم إلى بعض والصمت يلف المكان ، يقطع هذا الصمت تحرك البنت المرافقة لهذه العصابة تفتش بصلف عن الأموال والأمتعة الثمينة والجوالات وأما بقية العصابة فواحد ممسك بالرهينة وقد أحكم قبضته عليه ووضع السكين على مقدمة حلقه والبقية راحوا يستهزؤون بوقاحة ببقية الإخوة المساكين الذين جاءهم الأمر على حين غرّة ..
من يدري ربما بعد أن يأخذ هؤلاء السفلة مايريدون يقدمون على قتل الرهينة الذي بين أيديهم أو ربما يقتلونهم جميعا ً ؟
فمثل هؤلاء المجرمين لا تدري إلى أي غاية يرمون ويهدفون .
بين الفينة والأخرى تأتي توسلات لهؤلاء المجرمين من بعض الإخوة والبعض الآخر انشغل بالدعاء واللجأ إلى الله والاستغفار فمن يدري ربما تكون هذه آخر لحظات الحياة ومنتهاها يقطع هذه التوسلات صفعات ولكمات يوجهها هؤلاء الأنذال لوجوه الإخوة . .
بعد فترة قصيرة طلب هؤلاء المجرمون من إخواننا أن ينقلبوا على بطونهم تهيؤا ً لإحكام ربطهم بحبال أعدوها لهذا الغرض وهنا بالفعل أيقن الإخوة أن منيتهم قربت وأنه لن تنفع التوسلات مع هؤلاء المجرمين الأقذار حاولوا بحلو الكلام ثنيهم إلا أنهم انصاعوا أمام التهديد بالسكاكين والعصي ّ الغليظة إن هم لم ينصاعوا للأوامر أن يقتلوهم واحداً واحدا ً ..
أوثقوا عليهم الحبال وربطوهم وراحوا يعيثون في ممتلكاتهم تفتيشا وبحثا وأخذوا كل ما أمامهم من أموال وجوالات إلا أنه ومع بحثهم الدقيق أعماهم الله عن أموال في شنطة صغيره قلبوها عن آخرها فلم يجدوا فيها شيئا كانت من الريالات السعودية والجنيهات المصرية قد بعثها والد أحدهم معهم للفقراء والمساكين لأمر جمعية خيريّة معروفة في القاهرة وكان المبلغ كبيرا ً إلا أن الله تعالى حفظه عن أعينهم الخبيثة . .
انتهى هؤلاء المجرمون من البحث والتمحيص والتدقيق في هذه الشقة ولم ينته بعدُ لعبهم بأعصاب رهائنهم كسؤالهم عن شعورهم لو نحروا واحداً منهم ؟
وتعمدهم توجيه بعض الصفعات أو تعمد جرهم جروحا ً غير غائرة بالسكاكين في أيديهم أو في أماكن أخرى من أجسادهم إمعانا ً في إرهابهم و تخويفهم .
بعد أن سرقوا ما سرقوا تركوا كل واحد ٍ من أصحابنا موثقا ً على سريره بإحكام وكالوا لهم الوعيد تلو الوعيد إن هم أبلغوا السلطات أنهم سيعودون إليهم بأي مكان ٍ كانوا لأنهم قد تابعوهم وعرفوا أماكن سهراتهم وأماكن الشقق التي يرتادونها من شقق الطلاب السعوديين وهنا أجابهم أصحابنا بالصمت حتى لا تتطور الأمور إلى أكبر مما آلت إليه وهنا هرب هؤلاء المجرمون بما معهم وقد تركوا في قلوب إخواننا جروحا ً غائرة إلى جانب تلك الجروح التي تركوها على أجسادهم . .
بعد ذلك لا تسل ْ عن نفسيات إخواننا المنهكة المحطمة من جراء هذا الإرهاب الذي تعرضوا له على يد هذه العصابة ولا تسل ْ عن نفسية ذلك الرهينة الذي كان أشدهم خوفا وهلعا ً لأنه أول من واجه الموقف ولأن الممارسات القذرة والمساومات كانت على رقبته ولكن الله سلم .
حاول أصحابنا بعد خروج أولئك الشرذمة التحلل من قيودهم فانحلوا بطريقة معينة وعانق بعضهم بعضا حامدين الله تعالى على نعمته بان أعتقهم من قبضة أولئك المجرمين وباركوا لبعضهم بالسلامة .
تمت الحلقة الخامسة
أما الحلقة السادسة ستكون عن البلاغ و تدخل السلطات السعوديّة ممثلة بسفارتها ومن ثم القبض على المجرمين بطريقة مذهله ثم محاكمتهم بحضور ضحاياهم والأحكام الصادرة بحقهم ثم دعوة الأمير السعودي لإخواننا وإكرامهم .
كل الود للجميع .
آخر من قام بالتعديل أسد العقيدة; بتاريخ 28-05-2008 الساعة 09:05 AM.
|