صديقي العزيز يموت بين يدي !
الخامس الابتدائية ، بعد يوم دراسي حافل بالاحداث ، عدت إلى البيت وأنا أقفز كالأرنب ، الثوب متسخ ، والوجه كأنه وجه جندي أمريكي شجاع ( في الفلم فقط ) فيه ألف لطخة ولطخة ، أوقفني ذلك الشيء الذي تحرك حينما رآني ، لحقته حين هرب ، قف أيها الشقي ، أوهـ لقد دخل بين الأغصان والشوك ، الحمدلله لقد أمسكته ، فرخ عصفور صغير ، وكأي طفل في جزيرة العرب أمسكت بالفرخ وأريته أمي وأخوتي ، أول مافعلته هو أن أسميه باسم أناديه به ، وسوف أدربه أن يقف على كتفي كما في أفلام الكرتون

، تغيرت حياتي بعد ذلك اليوم ، فجلّ وقتي أقضيه مع العصفور ، أغني عليه أو احمله ، أو أشرف على رعايته ، كنت أقسو عليه كثيراً وألعب به كثيراً ، حين يأتي الغداء فإني أحمل له خبزاً قد ـ ربّص ـ بالماء ، وأقطعه له فتات صغيرة ، او اعطيه من حبات الرز حبة حبة ..
حتى أتى ذلك اليوم ...
عدت إلى البيت ، ودخلت غرفتي فإذا صديقي ـ سلمان ـ ( كما أسميته ) قد استلقى على جنبه وأخذ يفتح فمه ويغلقه ، مغمض العينين كسيراً .. ياااااااااااااااااااااااااااه كم هي لحظات مؤلمة لي وله ، أمسكت به وذهبت به تحت الصنبور ، رششت ريشه حتى ابتل ، يبدو أني زدت الطين بله !
جففته وأخذت أنظر إليه دامع العينين كسير الخاطر ، ماذا جرى لك ياصديقي ، أمرتني أمي أن أذهب إلى البقالة لأشتري أغراضاً ، رجوتها أن تصبر قليلاً فصديقي يحتاجني ، ولكن ألحت علي فذهبت ، حين عدت أخبرتني أمي أن عصفوري قد طار فجأة ... صدقتها ذلك الحين ، لكن عرفت حين كبرت أنه مات ، وأن والدتي لم تكن تريد مني حضور احتضاره .. رحمك الله ياسلمان