مشاهدة لمشاركة منفردة
قديم(ـة) 15-06-2008, 02:23 PM   #1
قاهر الروس
عـضـو
 
صورة قاهر الروس الرمزية
 
تاريخ التسجيل: Oct 2004
البلد: عَ ـــابرٌ إِلَى الجَنة
المشاركات: 6,346
سَأَزُفُّ العَ ـزَاءَ عَلى أيَّامـِ الصِّبا !! [ توسَّدوا الحروف ]

.
.



بسم الله الرحمن الرحيم

سَأَزُفُّ العَ ـزَاءَ عَلى أيَّامـِ الصِّبا !!



حينما حللتُ ضيفاً إلى هذهـ الدنيا .. وأصبحت في عداد من يمشون حبوا .. وما أن بَدَأت تطولُ مني الخُطى . .. كنت أرى ضوء الشمس في وجهها .. وصفاء القمر يجلو قلبها ..

اعتادت الحياة علينا .. نُصبح قبل بزوغ الفجر ، وننام إذا حان للشمس غروبها .. أصبحنا حُلة أيامنا .. وزهرة الحياة التي نَعيشُها ..

كل منّا مكمل للآخر .. براءة الطفولة ضحينا بها .. إن تكدَّرت خواطرنا .. ننام وكل ما في قلوبنا قد انجلى .. عشقنا الأيام .. هي الجنة بالنسبة لنا .. العزاء والأفراح عند الكبار واحدة في نظرنا .. تجاهلنا غيرنا .. لا كأن على الأرض سوانا .. على زقزقة العصافير تفقدنا فرشنا .. وبظهور النجوم نأوي إليها .. لا شيء يفرق بيننا سوى وقت الصلاة المفروضة علينا ..

إن اصطحبها والدها فأنا محسوباً معهم وهذا حالها معنا .. لم تفارق خُطاي خُطاها .. ولم يمر يوما تفرق فيها شملنا .. هذا هو حالنا في أيام الصبا .. لأن سنّي في سنها .. ولا أحد قريب مني سواها ..

قضينا السنوات على الـ [ حبشة ، ويا حبيبة اللولو ] .. وإن طفشنا لا ملجأ لنا في اللعب سوى [ شبرا أمرا ] .

سنواتٌ تحكي قصة حياتنا .. وأماكن حنّت إلينا .. وأركانٌ اشتاقت لأصواتنا ..
كم من مرةّ ضيعنا أوقاتنا على شُرفة منازلنا .. نصعد للأعلى بعيداً عمن يُحاول مُضايقتنا .. تتعالى ضحكاتنا .. وتارة نتعارك بمعايرة بعضنا .. حياة لا نعلم أن فيها أيام للتكبد والمعاناة والشقاء .. حياة لا نرى فيها سوى السعادة والهناء ..

في وقتٍ نجدُ من يُلبي لنا طلباتنا .. ترابطت أكفنا ببعضها .. كلٌ قد رحلت منه روحه لصاحبه .. اجتمعت بجسدٍ واحد قلوبنا ..

كم من مرّة بدأت [ أتغلى ] بصوتي عليها .. وبصوتها أخرَجَت ما يُخبئه حنايا قلبي .. تسير حياتي على أمانيها .. و على آمالي تسير حياتها.. زُمَر الحب تغمر قلوبنا .. وضحكاتنا تمدُّ آمالنا .. كم تلاقت نظراتنا .. وتكلمت عيوننا أكثر من ألسنتنا ..

جعلنا حياتنا تسير على ما تُريدهـ نفوسنا .. وكتبنا السعادة التي يبحث عنها الآخرين بأيدينا .. رأينا ما لم يرهـ غيرنا .. دنيانا أصبحت ميدان سباق حياتنا .. رغُم أنها تكبرني بسنواتٍ بسيطة .. لكن قلوبنا متقاربة ..
كنا نتسابق في الصفوف الدراسية .. درجاتنا كثيراً ما تخرج متساوية .. كالقلوب متطابقة .. إن تخلفتُ يوماً عن المدرسة فضَّلت فراشُها على مدرستها .. وهكذا حالي معها ..

سارت حياتنا كلمح برق خطف أبصارنا .. سِنين طويناها .. بدأتُ أرى التغير الذي نُصب لها في بداية تفتح شبابها .. حينما نخرج للشارع كانت تُغطي وجهها .. وحينما نعود لبيتنا تكشف عن قمراً يُخفيه حجايها .. لم أرى قمراً يمشي على وجه هذهـ الأرض سواها .

يوماً نكون في بيتنا .. ويوماً بيتهم يحضننا .. وإن كان الرفض من الأهل فالسطح ينتظرنا قد شرع أبوابه لنا ..

كُنت لا أبارح ولم أفكر أن أفارق يوماً بيتنا .. ليس حبُاً لذلكـ المنزل ولكنه حباً لمن بجوارنا ..

يوماً أُسدِل الستار على حياة الصغار على ما يُقال .. هناكـَ فرضاً يجب أن تلتزم به .. ألا وهو الالتزام بحجابها .. الأمر لا بيدي لأمنعها .. أمرٌ من الله يجب أن أشجعها على ذلكـَ .

في بداية تحجبها .. كنا نخرج شيئاً يسيراً عن حدودنا ولا نُبالي .. أحياناً تصادف وقت خروجنا للمسجد وقت غسيلها لبيتهم .. فإما أن ألقي نظرة سريعة على تلك الفتحة الصغيرة من بابهم .. أو من تحت الباب بان ظلها .

حاولتُ جاهداً أن أجعل ما مضى كأن لم يكن .. غير أن القلب لم يكن بيدي .. عزمتُ وإياها على أيٌ منّا يحفظ من القرآن أكثر .. حتى بَلَغته هي كاملاً وأنا ما زلت أصارع ما تبقى لي منه ..

شاءت الأقدار أن تُصاب والدتها بمرضٍ يغيبها عنها لفترة ما يسمى تحت الحصانة .. كانت تبكي على فقدها ويتألم قلبي على بكائها .. بما أننا أهلها وأقرب مالها تربعت لتعيش بيننا ..
سعادة تغمرني تارة .. ووخزٌ يجتاح قلبي تارة أخرى .. كيف لها أن تعيش بعيداً عن أمها . . مهما كُنَّا قريبين منها فوالدتها أقرب منّا .

منذ أن تَواجَدَت معنا في كل وقتٍ أكون فيه بغرفتي يُطرق على الباب إذا حان وقت الصلاة .. أيقنتُ أنهُ اجتهاداً وحرصاً منها .. كل صباح كانت تُحضِّرُالإفطار لي كوني الوحيد الذي يخرج ,,,
في فترة عيشها معنا .. رأيت ما ملئ عيني فيها .. رأيتُ مالم أرهـ في غيرها .. على الرغم من صغر سنها .. إلا أنها لا تفوت صيام الأثنين والخميس .. وأيام الستِّ والبِيضِ .. سُنن لم أعلم أنها سنن إلا معها ..

يوماً كنتُ مُسبلاً ثوبي .. دلفتُ باب غرفتي .. رسالة أُدخِلت من تحت الباب .. كُتِبَ فيها [ كيف يرضى المرء أن يعيشُ وقد أغضبَ ربّه !! ]

كانت تُطاول الليالي تُراجع حفظها لكتاب الله .. وتهل الدموع ابتهالاً للإله .. أخرجُ وأرجعُ وهي في مصلاها .. إما راكعة أو ساجدة .. أو لكفها رافعة ..

في رمضانَ كنت إن أخرجتُ كل جهدي لا أستطيع أن أختم القرآن سوى بهذا الشهر مرتين .. فألصَقَتْ يوماً على الجدار جدول المتابعة والقراءة ، واحداً لي والآخر لها .. غير أن ما أقرأهـ بالأربعة أيام تقرأهـ هي بليلة واحدة .. ما شاء الله زادها الله إيماناً وتُقى .

رَجَعَت والدتها .. استأذَنَت منّا .. فارقت بيتنا .. وكأنه قد سقط أحد أعمدته .. بَدأتُ أذهب لزيارة والدتها كل يوم .. سوى أني بدأتُ لا أستطيع كتم البكاء وإخفاء الدموع .. على ملامح وجهها قرأت الإستسلام .. وفي دموع عينها أحسست بالأوجاع والآلام ..
قلتُ في إحدى المرات بلا مُبالاة : [ تباً لهذهـ الحياة إن كانت هذهـ نهايتها !! ]

قبضت على يدي ثم قالت والإيمان يُطمئن قلبها : { قًُل لن يُصيبنا إلا ما كتب الله لنا }
دخلتُ يوماً عليها وإذا ابنتها بجوارها .. سُرعان ما خرجت لتتيح المكان لنا .. أخبرتها إن كان الوقتُ ليس مناسباً سآتي وقتاً آخر .
لكنها قالت : كانت ابنتي تقرأ عليّ مما في قلبها .. هنا أحسستُ وكأن أحدٌ نزع مني قلبي .. دموعي فضحتني .. كيف تشجعت المسكينة لتضع عينها بعين أمها التي حُرمَت ابتسامتها !! ولطالما نخر الألم بجسدها .. ودما منهُ فؤادها .

بعدها حاولتُ الإنقطاع عنها .. إلا أنها طلبت من والدتي أن أحضُر إليها .. فسألتني هلاَّ قرأت عليّ ؟!! ثم بدأت خَجِلاً أتمتم عليها مما أحفظه .. تارة أعاود لألتقط أنفاسي .. وتارة أكفكفُ دموعي .. تارة أتمنى أن ما حل بها يكون بي نيابة عنها .. وتارة أقول يارب ضعيفة ما ذنبها .. ربما أن ما ينتابني لحظات جنونٍ فقدتُ السيطرة عليها !!

قبَّلتُ رأسها .. إن شاء الله رفعة للدرجات وتمحيصاً للسيئات .. كل ما بيدي وما أستطيع فعله تحت أمركـِ .. !!
تبسَّمَت رُغم الألم .. تبسَّمَت وكسّرت أصنام العلل .. ابتسامتها أذابت ذكرى الحزن .. سَحَبَت يدي إليها وأجلستني بجانبها .. ضايَقَت نفسها لآخذ ما يريحني على سريرها ..

ثم بدأت تقول :
مهما طالت الحياة وبَعُدَ الأمل .. هناك نهاية لا نحن قومٌ لا نؤمل بالآخرة .. فما في دنيانا [ مُقبلاتٌ ] لما في الآخرة .. فهناك الحياة الحقيقة .. مذاقها حلو .. وقلوب أهلها نزع منها الغل .
سؤال هلاَّ جاوبتني عليه : هل فكرت يوماً في الزواج ؟!!

لما كانت تتكلم كنت أنظرُ لشفتيها .. كلام ينساب برقة .. وهمسٌ يسرق الأفئدة .. وعندما سألتني .. كالذي صُبّ على جسدهـ ماءاً بارداً في جوٍ قارس ..

لحظات الإحراج لا يجيد الإنسان وقتها سوى تقضيم أظافرهـ .. وتتشتت نظراته .. ثم يتعثر لسانه في كل وقتٍ يريد النطق فيه .

قلتُ : تعلمين يا خالتي كم أكرهـ الخوض في هذا الموضوع .. ولم ولن أفكر فيه الآن إلى أن يقضي الله أمراً كان مفعولاً .

اعتذرت من سؤالها الذي اعتَبَرتهُ تبجحاً منها .. غير أنها لا تعلم أني أتلذذ بكل حرف تقوله .

مرّت الأيام تتبعها أيام فوقها أيام .. ثم ذهبتًُ إليها وتربعتُ على سريرها .. كانت بأفضل حالٍ من قبل .. طال الكلام و كريم صنيعها بنا علقنا بها .. طِيَبةُ نفسها وصدقها مثالاً يُحتذى بها .

قالت لي : أريد أن أزف لكـَ البشرى بزواج ابنتي عمّا قريب !!
قلت لها : وأنا سأزف العزاء على أيام الصبا .

ثم ضحكت ضحكةً تمنيتُ سماعها .. دوّا صوتها في أرجاء منزلها .. فقالت : لا تُخفي دموعكـ لن أعتبَ عليكـ .. أم بَدأتُ تغارَ عليها .

قلتُ لها : طوبى لمن حظا بها .. وإن شاء الله أنها مع من هو أفضل مني ومن حالي ؛؛؛
وفقها الله وأسعدها دنيا وآخرة .. ولو السعادة تُباع لأشتريتها لها بحياتي وليس بغالي عليها .. لِمَ لا أحبها وقد صنَعَتهَا أمّاً صنعت الوفاء والخير والسعادة لنا !!

قالت : أظهِر حُبكـ لها في يوم زفافها .. فكم يعنيها حضوركـ في أسعد أيامها .
اعتذرت لها لإنشغالي وقت الزفاف .. فإن كنتُ في داخل البلاد فلن أتغيب عن الحضور .

فالتفتت إليَّ ببطئ شديد .. فتَمَالَكت نَفسها قائلة : أرني ابتسامتكـ في يوم زفاف أختك .. بلا حرجٍ ولا إجبار .. أنا لن أستطيع الحضور فحل محلي .

فاجأتها في يوم زفاف ابنتها .. قد لبستُ الجديد .. وتطيبتُ بأجود أنواع العود والطيب .. لبستُ مشلحي وقبلتُ جبينها ..


أيتها الخالة الحبيبة .. لا يُطاوعني قلبي أن أتخلى عن زفاف أختي التي ليست من أمي .. ها أنا بمقدمتهم وأسعدهم .

ما زالت دموعها تمر أمام عيني !!

في يَومـٍ حَانَ وقتُ زَفَافها .. هَا أنا أحثُوا التُّرَابَ عَلى أيَّامـِ الصِّبَا .

" الموضوع يعبر عن واقع بعض الشباب ليس من المهم أن يكون ينطبق على كاتبه "

كتبه على عَجَلٍ محبكم
قاهر الروس


أخيراً فما كان من صواب فمن الله وما ان من خطأ فمن نفسي والشيطان
عذراً .. فعذراً .. ثم عذراً على الإطالة وركاكة الأسلوب
دمتم بحفظ الرحمن ورعايته


.
.
__________________

إِنَّ دَمْعيْ يَحْتَضر ، وَ قَلبيْ يَنْتَظِرْ ، يَا شَاطِئَ العُمرِ اقْتَرِبْ ، فَمَا زِلْتَ بَعيدٌ بَعيدْ
رُفِعتْ الأشْرِعَة ، وَبدتْ الوُجوهـُ شَاحِبَةْ ، وَدَاعَاً لِكُلِّ قَلبٍ أحببنيْ وَأحبَبْتُهُ ..!!

يَقول الله سُبحَانَهُ [اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ ]!!
يَا رَب إِنْ ضَاقَتْ بِيَ الأرجَاءُ فـ خُذْ بِيَديْ ..!
قاهر الروس غير متصل