::: مقدمة :::
لقطتٌ عابرة .. و ذكريات غابرة .. لن تنساها الذاكرة ..
كم هو جميل أن يغمض الإنسان عينيه ، ليتذكر أيامه الخالية ، و إن كانت قريبة ، و يستمتع بلحظات كانت في حينها عسيرة ، أو لا طعم لها ، و لكنها تحلو مع طيف الذكريات ، و تطيب مع الأمنيات ، فيتنهد الإنسان بعمق .. عمق الشوق الذي يخالج قلبه . ليعود إلى تلك الأيام ..
بشدتها .. ببراءتها .. بلذتها التي ربما لم يكن يشعر بها في حينها ..
و من هنا دعوني أسمتع قبلكم بتدوين مواقف و ذكريات ، و سأكون هنا مركزاً على شخصيات التقيت بها ، أو حصل لي معها مواقف لن تُنسى ..
فأبدا معكم :
[ 1 ]
:::إمام المسلمين .. بين فرحتي و حسرتي :::
في صبيحة يوم الخميس ، و كان قد دعا خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز إلى صلاة الاستسقاء عموم المسلمين ، كنت حينها لم أبلغ العاشرة من عمري ، و لكنني كنت أحب الصلاة في مصلى العيد القديم مع والدي - رحمه الله - في وسط مدينة الرياض ، فطلبت من والدي أن نصلي في ذلك المصلى .. فأجاب و انطلقنا إلى وسط مدينة الرياض حيث المُصلى هناكـ ..
كان البرد قارساً شديداً ، و الناس قد لبسوا من الملابس أغلظها لتحصنهم من بأس البرد ، دخلنا المصلى ، و الناس يتوافدون ..
و بعد لحظات قدم من الجهة الشمالية من المصلي أمير الرياض .. الأمير سلمان بن عبدالعزيز ، و عن الباب رأيته وهو ينظر رجلاً كبيراً في السن ، كفيف البصر ، متواضع الملبس ، فانتظره حتى وصل إليه ، فقبل رأسه و دخلا جميعاً ..!
حينها سألت والدي - رحمه الله - من هذا ؟
فقال : هذا هو الشيخ ابن باز - رحمه الله - ..
كنت حينها صغيراً لم اكثرث بهذا الموقف ، و لكنني لم أعلم أنه سيُعلق في جدار الذاكرة ..
و ها أنا اليوم كلما مر ذكر هذا الإمام جاءت سريعاً هذه الصورة الخالدة في مخيلتي ..
و ياليتني كنت أقر قدره ، و لكنه لهو الطفولة أشغلني عن هذا ..
فما أجمل أن يستغل الإنسان تواجد الأفذاذ الذين ستعلق أسماؤهم على جبين العزة في صفحات التاريخ ، فلا تفوت على نفسك فرصة الاستفادة من العظماء ما دمت معاصراً لهم ، فوالله ما تحسرت و لا ندمت على شيء كندمي على رحيل الإمام ابن باز و أنا لم أشافهه ، و لم أتلقى منه مباشرة ، و لم أجلس عنده ..
و إنما كنت هذه الرؤية الوحيدة له ، فرحمه الله رحمةً واسعة ..
و على جميل الذكريات نلتقي ..