..
[ 2 ]
::: اختبار القبول للصف الأول ابتدائي :::
أشار أحد أصدقاء الوالد أن يسجل ابنه الصغير - أنا - في مدرسة الإمام حفص لتحفيظ القرآن القريم ، و أعجب الوالد رحمه الله بهذا الرأي ، و ذهبت معه إلى استديو التصوير و التُقت تلك الصورة و أنا في غاية الرعب منها .. !
ثم أجرينا ما يلزم ، و ذهب إلى المدرسة للمقابلة الشخصية و التي على ضوئها يتحدد صلاحية هذا الطالب لهذه المدرسة ، لأنها مدرسة تحفيظ القرآن ..
أذكر قبل دخولي التقينا بأحد المدرسين فيها ، و أعطاني ( علك بالموز )

لازلت أذكرهـ ، وهو ربما نسي هذا الموقف ، دخلت في المدرسة التي طالما أزعجت أهلي متمنيا دخولها ، و هاهي فرحتي قد تحققت ، و أنا أتأمل في الكراسي و الفصول الخاوية ، حيث أنهم في الإجازة الصيفية ..
لم يخبرني والدي بأمر المقابلة ، دخلت على أحد المدرسين و كان ذو لحية كثةٍ بيضاء ، فسألني عن الاسم ..
ثم طب مني أن أقرأ مما أحفظ من القرآن ، فبدأت باسم الله من سورة البلد ، و كنت قد أتممت حفظها تلقيناً قبل أسبوع ، و فرحت بحفظها أشد الفرح لأنها من السور الطوال آنذاك بالنسبة لي ..
و تم القبول و لله الحمد ، و لم أخرج من هذه المدرسة إلا في نهاية الصف الثالث متوسط ، و كانت مدرسةً رائدة بحق ، يقوم عليها فضلاء الرجال ..
أذكر بعد ذلك أن بعض الأخوة ذهبوا بأولادهم للتسجيل ، و كان أحدم قد سئل عن الغرض من لبس لثوب فقال : ( عشان نروح للناس ) ، بينما أجاب الآخر ( من أجل ستر العورة ) ، فكان منطقه جميل , و رده جميل إذا ما قورن بعمرهـ ، و بعد ذلك ذهب والدي بأخي و لكنه للأسف لم يجتز هذه المقابلة ، و لست أدري هل يُعمل بها إلى الآن أم لا ..
و من هنا أشير إلى الآباء أشارة مهمة دائما ما أكررها لمن أحب فأقول :
والله إن تنشئة الابن على هذا الكتاب العظيم من خير ما يعين على صلاح الولد ، و هو ذخر و قرة عين للأب في الدنيا و الآخرة ، فالقرآن له سلطان على الأرواح ، و يحول بين العبد و بين الفجور ، و مهما ابتعد الابن فإن هناك حدوداً لا يتعداها ما دام يقرأ و يقفه و يحفظ من كلام ربه ..
بالقرآن تجد طلاقة اللسان ، و فصاحته و سلامته من العي و اللحن ، و بالقرآن تجد النباهة المتوقدة ، و العقل النير ، فلا تبخل على نفسك قبل ابنك بأن تقيمه من أول حياته على هذا الكتاب العظيم ..
و على جميل الذكريات نلتقي ..