..
[ 5 ]
::: مدير الغفلة و الصعوبات :::
كنوع من التشجيع ، و إعداد الصف الثاني من القياديين ، قام مشرفوا حلقاتنا - حفظهم الله - بترشيحي لإدارة رحلة تستغرق قرابة 6 إلى 7 أيام ، و الانطلاقة فجر يوم الخميس 30/6/1424هـ ، و كانت الرحلة إلى محافظة تنومة المجاورها لمحافظة النماص ، و اللي يقطنها قبيلتي : بني شهر ، و بني عمر ، في منطقة عسير ..
و لعل الإدارة كانت شرفية بالدرجة الأولى ، فقد علمت بأني رئيس بلا أوامر منذ الوهلة الأولى حينما كتبت كلمة مدير الرحلة باسمي ، و لم أكتب منها حرفاً واحداً ، و لم يكن لي فيها أي قرار ، و الله المستعان ..!
بدات الرحلة بسلام ، يُقلنا [
جمسين ] قد بلغا من الشيخوخة مبلغاً عظيما ، و كنت أنا (
مدير الرحلة ) في الصف الثاني ثانوي ، و لعل هذا مما يؤكد اختراق كل القرارات و الآراء و الأفكار التي أشارك و أدلي بها ..
و للمصداقية ، فإني رأيي كان معتبراً آنذاك ، و لكنه يُخترق أحيانا ، و أسير مقهوراً أخالف تعليمات سمو مدير الرحلة ..
انطلقنا بفضل من الله ، نطوي الأرض بهاتين البقرتين اللتين امتطيناهما ، و فجأة ، سقطت أهم وسيلة لإنجاح الرحلة [
العزبة ] ، ثم توقفنا ، و أعدنا التربيط و التضبيط ، و استأنفنا المسير ، و بعد جهد جهيد ، ووقت طويل ، وصلنا إلى منطقة (
سبت العلايا ) و هي من ديار قبيلة (
بلقرن ) و منها الشيخ عائض القرني ، و لما وصلنا فإذا الظلام دامس ، و النوم قد داهمنا من كل مكان ، و الساعة تشير إلى 12 ليلاً ، فتوجهنا إلى أحد المساجد ، و نزلنا ، و كنا قرابة العشرين فرداً ، و نمنا نوماً عميقاً بعد أكل الكيك و شرب العصائر ..
و لم نفق إلا على أصوات الأحذية تلقي على الباب ، و علينا ، و ذلك الشيخ يصرخ بنا بأعلى صوته ، و كأننا ارتكبنا الموبقات ، فكان يصرخ و يقول : (
يا قليلين الحيااااا ... تنامون في المسجد ...!!! ) ..
و طردنا من المسجد على أذان الفجر شر طردة ، و قررت القيادة الحكيمة خروج الرؤوس الكبار إلى مسجد آخر اجتناباً للفشيلة ، و أما البقية فيصلوا في هذا المسجد الذي طُردنا منه ..
ركبنا السيارة و استأنفنا المسير متوجهين بأمتعتنا و خيامنا إلى (
تنومة ) و بحمد الله و صلنا ، و نصبنا الخيام ، و سارت الرحلة بأمير يُملى عليه كحال أبو مازنٍ ما .. وهو ينفذ من غير شرط ولا قيد ، حتى جاءت محنة (
التيس ) فقد أقنع أحد الأخوة القيادات المدبرة بشراء تيس ، يبلغ من الثمن 430 ريالاً ، و قوبل هذا الاقتراح بالرفض القاطع مني ، لكني ذهبت رغماً عني معهم إلى سوق المواشي ، و اشترينا هذا التيس ..
و لما أنزل من السيارة في موقع مخيمنا ، انفلت التيس و هرب يقفز بين الجبال حرا طليقا ، و الشباب يجرونَ بحرارة و حماس خلفه يبتغونه ، و يرونه 430 تجري أمام أعينهم ، و ما أرى ذلك إلا نكالاً لأنهم جاؤوا به مغصوباً بعد معارضتي الشديدة بصفتي أمير الرحلة .. و يستاهلون ..
لكن تم القبض عليه متلبسا بمخالطة قطيع من الأغنام ..و ذُبح و طُبخ نصفه ، و أما النصف الآخر فأتلفته الشمس حينما بقي في أحد السيارات ، فكان كالجيفة نتن الرائحة .. و هذا جزاء من يُخالف أوامر أمير الرحلة ..
و أما القضية الأخرى في هذه الرحلة ، فهو ذلك الماطور الذي جلبناه من الرياض ، و أخذناهـُ سلفة من أحد الأقارب ليتمتع أعضاء الرحلة الكرام بشيء من الرفاهية و (
الدلع ) ، و لكن يا للأسف ، لما أردنا تشغيله لم يشتغل ، و كان نصف برنامج الشباب في تلك الرحلة هو (
تصليح مواطير ) و لكن في آخر ليلة قبل رحيلنا ، عمل هذا الماطور بعد معاناته الشديدة مع المرض و العبث
إن هذه الرحلات فيها تغيير للأجواء ، و تفجير للطاقات الكامنة في نفوس الشباب ، و ذلك من خلال تنوع البرامج ، و مراعاتها للميول و الاهتمامات ، و لهذا تجد من يفوز في البرنامج الرياضي ، لا يفوز في البرنامج الثقافي ، و من يفوز في البرنامج الثقافي لا يفوز في البرنامج الرياضي ، و ما ذاك ، إلا لأن ميول الأنفس تتفاوت ، و اهتماماتها تتباين ، و في هذه البرامج الترفيهية التنوع و المرعاة لكافة الاهتمامات ، و على الشباب أن يحرصوا على المشاركة في هذه البرامج ، لأنها تعتبر مجتمعات صغيرة ، يمكن من خلالها أن تتعرف على ما يصلح أن تكون له في هذا المجتمع الكبير الذي ستعايشه مُجبراً في حياتك المقبلة ..و اكتشاف الذات ، لا يكون إلا بخوض التجارب ..
كما أطاب المربين بالتنويع الكامل في رسم الخطط لهذه البرامج ، و مراعاة الفوارق الفردية ، و تفاوت الاهتمامات ، و توجيه المعوج منها ، و ثبيت المتعدل ..
لعل بعض القائمين على تلك الرحلة يقرأ هذه الكلمات .. فأقول قولة حق ، و أشهد شهادة صدق أنه قد أحسن إليَّ كثيراً
و على جميل الذكريات نلتقي ..