..
[ 13 ]
::: عالِم ربّانيٌ مظلوم بين ظهرانينا الآن :::
في عام 1414هـ كنت أذهب مع والدي إلى المسجد القريب من منزلنا لأداء صلاة الجمعة ، و كان والدي رحمه الله حريص كل الحرص على عدم تفويت صلاة الجمعة في جامع العواد بحي السلام شرقَ مدينة الرياض ..
و لكن فجأة أوقف ذلك الإمام عن الخطابة ، و أصبحنا نصلي في أي مسجد ، إن هذا الخطيب هو شيخنا الشيخ العالم عبدالرحمن بن صالح المحمود ، عالم رباني متخصص في علم المعتقد ، يُبهر إذا تحدث في أحوال الحضارات و الأمم ، و تاريخ الدول حتى لكأنه معاصر لها ، له استنباطات و تأملات في الوقائع تذهل عند سماعها ، له صولة و جولة في فضح المبتدعة و أهل الأهواء ، و تفنيد أفكارهم و كشف مؤامراتهم ..
يتحدث بهدوء لكنه يرسل الصواعق التي تُوقظ القلوب ، و تجدد الهمم ، و تشد العزائم لتنهض من جديد ، إنني حينما أقول أن هذا الشيخ عالم فأنا لا أنطلق من وجهة نظر شخصية ، بل الشيخ مشهود له بذلك ، و اسمحوا لي أن أقول أنه عرف من شبابه بأنه مبسوط العلم واسع الاطلاع ، و من لطيف ما يُذكر في هذا الباب أنني أردت تصفح مقدمة شرح العقيدة الطحاوية التي حققها الشيخان : عبدالله التركي و شعيب الأرنؤوط ، فوجدت كلاماً في المقدمة استوقني كثيراً أنقله هنا بنصه حيث قال المحققان : " و قد تفضل أخونا العالم الفاضل الدكتور عبدالرحمن بن صالح المحمود الأستاذ المساعد في قسم العقيدة و المذاهب المعاصرة في كلية أصول الدين في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، ووكيل الكلية للداراسات العليا ، فراجع الطبعة المحققة ، و زودنا بملاحظات قيمة على مواضع من التعليقات استفدنا منها في مراجعتنا لهذه الطبعة ، و إننا باسم طلاب العلم نشكر له صنيعه و نسأل الله أن يزيده من فضله ، و يوفقه لخدمة عقيدة السلف الصالح "
و الشيخ حفظه الله معرضٌ عن الظهور الإعلامي ، و يكتفي بالكتابة و التأليف ، و المشاركة في الندوات و الملتقيات و المحاضرات و المناسبات ..
و قد ظلم الإعلام هذا العَلَم ، فلم يُخدم تراثه ، و لم تفعل منتجاته مع حاجة الناس إليها ، فهو يُقدم علم المعتقد بأسلوب عصري يحاكي قضايا العصر ، و يتحدث بمصطلحاته ، محافظاً في ذلك على الجوهر و المضمون ، سائراً على أصول السلف الصالح المنتقاة من كتاب الله عزوجل و من سنة المصطفى صلى الله عليه و سلم .
و من يحضر دروسه يدرك توغله في القراءة و الاطلاع على النُسَخ و الطبعات و التفريق بينها و نقدها و ترجيح ما يحتاج إلى نظر و تأمل ، يستخدم هذا كثيراً في دروسه ..
و للشيخ في أيام الدراسة شرح للعقيدة الطحاوية يوم الإثنين بعد صلاة المغرب ، و ساعة من بعد صلاة العشاء ، و كذلك شرح للتدمرية بعد مغرب يوم الأحد و بعد صلاة العشاء أيضاً ، في جامع العواد بحي السلام شرق مدينة الرياض ، و دروسه مسجلة في موقع المسلم و في شبكة نور الإسلام ، و موقعه الشخصي ضمن مجموعة المواقع التابعة لشبكة نور الإسلام ، و له كتابات في مجلة البيان ، كان آخر ما أخرجه كتيب قليل المباني عظيم المعاني بعنوان : ظاهرة الهجوم على منهج السلف ، يناقش فيه كافة القضايا ، و قد ذيله بجميل الأرشادات و الوصايا ، و قد راق لي كثيراً فقرأته ثلاث مراتٍ و لا زلت أظن أنني أحتاج إى إعادة لقراءته ..
حفظ الله الشيخ عبدالرحمن المحمود ، و أباه ذخراً و فخراً ، و على أعداء الله سيفاً و قهراً ..