[ 14 ]
::: عقوبة الهاربين من المدرسة ..! :::
في الصف الثاني ثانوي لما دخلنا الفصل بعد قضاء فسحة ممتعة ، قال لي أحد الزملاء :
وشرايك نفطر برا .؟
قلت :
ما تجزم ..؟
فانطلق ليخرج من المدرسة لنفطر سويا في مطعم عُرف بجودة المأكولات ، و لما مشينا في ممرات المدرسة فإذا الوكيل و المدير عند البوابة ، و لكن هذا الأخ استمر في المشي [ واثقاً ] و نفخ صدرهـ عندهما و سلم عليهما ثم خرج ، و تبعته في ذلك الأمر و خرجت خلفه و قد أحسنَ من قال : [
قرب من الخوف تأمن ] ..!
بعدما ركبنا السيارة تشاورنا في الوجهة ، فتذكرنا أننا منذ زمن نريد شراء ملابسا معينة لا يمكن أن نجدها إلا في (
البطحاء ) فلم نجد أنسب من هذه الفرصة ، فألغيت فكرة الإفطار ، و اكتفينا بشراء عصير و فطيرة تسد خواء المعدة .. و انطلقنا إلى (
البطحاء ) و لا تخفاكم شدة الزحام و اكتضاض الناس و الإزعاج في تلك الأماكن ..
المهم أشترينا ما نحتاجه ، و لم تتسير لنا العودة إلا بعد صلاة الظهر ، فلما أقبلنا على المدرسة و الطلاب في وقت الخروج (
الطلعة ) فإذا بأحد زملاء الفصل ينقل لنا تهديدات و توعّد الوكيل لأنه قد علم بخروجنا ..!
و قصة علمه بخروجنا أنه أراد أن يكرمنا برحلةٍ إلى أحد الأماكن مع النشاط (
و ليته لم يفعل ) فجاء يسأل عنا ليُسلمنا الأوراق ، فلما سأل في الحصة الخامسة لم يجدنا ..! و سأل في السادسة فلم يجدنا ..! و جاء السابعة و لم يجدنا أيضا ..! فافتضح أمرنا ..
و ليته يعلم أن موعدنا المعتاد في الإفطار هو المطعم يومياً ، نخرج و نعود بسلام
لما كان من الغد ، استفتحنا الصباح الباكر بدعوة من الوكيل ، و كنا قد اتفقنا على الصدق ، و عدم اللف و الدوران لكي يكرمنا بالمسامحة شكراً و عرفانا لنا لصدقنا

و لكن ياللأسف خابت توقعاتنا ، فقد عوقبنا عقاباً نفسياً و جسدياً ، ثم خُتم ذلك باستدعاء ولي الأمر ، مع عدد جلدات باللي الأحمر (
ليّ الكهرب ) ..!
فقد أوقفنا في مسرح المدرسة أسبوعاً كاملاً ، و عرف الكل قصتنا و جُرمنا ، و وقعنا على التعهدات بعد تحقيق فردي طول ، فكل واحد من المجرمين

يُحقق معه بشكل خاص انفرادي ، و لا يخفاكم عبارات الشامتين و الساخرين التي لا ندري من أين تصدر ، فالكل في المدرسة ينظر إليك متضاحكا ساخراً .. ثم خُتم ذلك بست جلدات موجعات
و في تلك الأيام العصيبة طلب منا الوكيل أن نأخذ (
اللي ) الأحمر ، و الكرسي ، و نصلي في الصف الأول ..
و كان في هذا الطلب إيماء يشير إلى أننا سنُجلد بعد الصلاة (
فلكة ) أمام جموع الطلاب و المعلمين ، فوالله لم ندر ماذا قلنا في الصلاة ذلك اليوم .. و لكن كان ذلك من باب الضغط النفسي ، و لم يتم ذلك و لله الحمد ..
لازلت حتى الآن أحتفظ بهذا اللباس الذي تعرضنا لكل هذا من أجله ، فهو غالٍ لا من جهة ثمنه ، و لكن من جهة ما ترتب عليه ..
هذا الوكيل لا أريد ذكر اسمه لعدم مناسبة المقام ، و لكن يعلم الله أنه ما مر يوم إلا و ذقنا من هذا اللي الأحمر أو سمعنا منه كلمة زجر أو توجيه ، كنا نعتقد في حينها أنه قاسٍ علينا ، و لكن يعلم الله أنه من أحب من درسني إلى قلبي ، لأنني علمت منه من خلال التوجيه مع العقاب أنه ناصح يسعى للتربية ، فلم يكن كبعض الوكلاء يظنون أنهم يسوقون المواشي و لدواب ، فلا يعرفون إلا الضرب المجرد من النصح و الإرشاد و التوجيه ، و إظهار الحب و الشفقة و الرحمة ..
كم نحن بحاجة إلى أمثال هؤلاء المربين ، فبهم نأمن على أبنائنا و إخواننا ..
و يُقال في الأخوات مثل ذلك ..
دمتم بخير و على جميل الذكريات ألقاكم..