..
[ 15 ]
::: فصل ثاني شرعي :::
لا يختلف اثنان على أن الصف الثاني ثانوي في القسم الشرعي من أكثر المراحل جدية و حيوية ، و أن طلابها حريصون جداً على التحصيل <=== إيه هين ..
في تلك الغرفة أو الفصل كانت هناك المغامرات و المهاترات ، و المهاوشات و المناوشات ، ففي الزاوية الخلفية اليمنى تجد قسم المطربين و المطبلين و (
المطهبلين ) ، و في الزاوية الخلفية اليسرى أنت في خطر إذا حضرت بعد مباراة لناديين عريقين ، فالتحليلات تمتد ثلاثة أيام ربما بلياليها ، و في المقدمة طالب واحد منصت لما يقول الأستاذ و لكن تبين بعد سؤاله أنه كان يتأمل في (
صلعة ) المدرس ..
هذا هو الفصل الذي عشنا فيه ، و أذكر يوماً أنني رفعت رأسي بعد سُباتٍ عميق ، فإذا جميع الطلاب قد خفقت رؤوسهم ، و غشاهم النعاس ، قالوا لي ذات يوم : ارفع رأسك فأنت في فصل 2/2ش ، فرفعت رأسي فإذا السقف قد امتلأ من (
العلوك ) و أكياس الشاي (
ليبتون ) تتدلى من السقف و كأنك في ( سوبر ماركت ) ، و في الفسحة يُصر فئة من الطلاب على إحضار القهوة و التمر السكري الفاخر ، و بعدما كثر أكل التمر أصبحت أرضية الفصل صالة تزلج من كثرة (
العبس ) ، و بعد اطلاع الوكيل على هذه المأساة ، قرر منع التمر ، فاستبدلها الأخوة بالكليجا ..
ما إن ينتهي الدرس حتى ينقسم الطلاب إلى قسمين : القسم الأول : يهوي برأسه إلى الطاولة يأخذ غفوة يسيرة ، و آخرون يأخذون السجاد و (
يكمخ ) كلٌ فردٍ صاحبه ، فيرد عليه صاحبه (
بلزخةٍ ) بيده أو (
بالزبيريات ) السميكة ..!
أذكر أن طالبا يُكنى بـ(
الشايب ) ، كان كثير النوم ، لا يجيد التعامل مع كل ماهو عصري و جديد - كثر خيره يوم ساق السيارة - عباسٌ هذا كان يأتي إلى المدرسة في تمام الساعة التاسعة و النصف ، ثن ينصرف إلى بيتهم في تمام الساحة الحادية عشرة ، و العجيب في الأمر ، أنا يأتي ليضع رأسه على هذه الطاولة ، أن ينطلق إلى أحد الجماعات المدرسية ، ليتناول مع المدرسين أو الطلاب القهوة الصباحية ..!
كان هذا الطالب أصغر من أحد المطبقين بسنتين
لاحظ الوكيل تأخر عباس ذات يوم <=== توه يفطن .. الرجال له شهر على هالحالة ..

فأخذ الهاتف و اتصل على منزلهم ، فردت عليه أمه و كانت عجوزاً كبيرة ، فسألها عن تأخر ابنها هذا اليوم ، فقالت :
ياوليدي الحين هو نيم بالمجلس ، و قايلن قومون الساعة 10 ، و له شهر على هالطبع يقول أنه مدرستهم به صيانة و لا يفتحونه إلا مصيفين
و ذات يوم قام أحد الأخوة بالهرب من المدرسة لشراء قطع غيار لسيارته ، و قبل دخوله إلى المدرسة اتصل على صديقه (
متعب ) للاطمئنان على الأوضاع في الفصل ، و لكن الأستاذ لمح الجوال وهو بيد (
متعب ) المنسق ، فأخذه منه ، و نظر في الاسم فإذا هو الهارب (
صالح الـ ... ) ، فسألنا المدرس : هل هذا زميلكم ..؟
قلنا نعم <=== ياحبكم للشر ..
فرد المدرس عليه بصوت خافتٍ : نعم ..؟
فقال صالح : هاه درى الوكيل عن شي .؟
قال المدرس لا ..
فقال صالح : طيب قلت للعريف يحضرن ؟؟
فقال المدرس : لا
فقال صالح : الله يلعـ ...
صالح لم يكن يعلم أن هذا الأستاذ ، و لو علم لما تجرأ أن يلعن بحضرته ، لأن هذا المدرس خلوقٌ جداً ، و تربوي عاقل ..
فكان صالح في غاية الحرج من هذا الأستاذ بعدما أخبرناه بأن الذي رد عليه هو ، و ليس صديقه متعب ..
ووصلت إليه رسالة غير مباشرة من الأستاذ ، و الأستاذ لم يقل له شيئا إطلاقاً ..
الكثير في هذه المرحلة يأتون للضحك و سد الفراغ ، و المعلمون تجاههم على نوعين :
منهم من يتشنج في تعامله ، و يكون غليظا جافياً ، و هذا لن ينجح ، فأنت أمام مراهقين لا يعون ما يفعلون ولا ما يقولون ، بل ما فكروا فيه فلن يحيدوا عنه و لم يتراجعوا ..
و القسم الثاني : يزاملنا و يُصادقنا ، و يأخذ المسألة بشيء من الأريحية و المودة مع النصح و التوجيه ..
الطالب في مثل هذه الظروف بحاجة إلى شيء واحد ..
وهو أن تشعرهـ بأنك حريصٌ عليه و إن قسوت ، و رفيقٌ به و إن جفوت ..
أترككم في رعاية الله ، و على جميل الذكرياتِ ألقاكم ..