والبداية إنطلقت من هنـــــــــا :
إن الإجازات إذا تجاوزت الخمسة وأربعين يوما تنزل تقدير المعلمة السعودية من شريحة إلى الشريحة الأقل، هذا من دون استثناء الإجازات المرضية، معنى ذلك أن المعلمة في حال اقترفت الحمل بطفل فإن إجازة الأمومة التي ستحصل عليها ستنزلها من تقدير إلى التقدير الأقل منه، إلا إذا لم تأخذ إجازة أمومة لتكون المعلمة السعودية الأم: السوبر أم الأولى في العالم. وتقدم الموجهات تبريرا للقرار أن غياب المعلمة (وإن يكن مَرَضيّاً ومشروعا) يؤثر على سير المنهج. وتذيّلن ذلك بتعزية للمعلمة المنكوبة، باسم الوزارة أيضا، يوضحن فيها أن الراتب لا يتأثر، وكأن ضمير المعلمة وتقديرها لذاتها أمران ليسا محسوبين في معايير الوزارة. والمشكلة أن هذه التعزية غير واقعية أبدا، فمعلوم أن التقدير يؤثر في الراتب، وأنه حين يتدنى لأدنى مستوياته يحرم الموظف من العلاوات ويعرضه للفصل القانوني من جهة عمله، فأي تناقض هذا؟! أم أنها فردية القرارات التي تجعل كل واحد منها يدور في فلك ويتضارب مع الآخر، بدون أي خطة شاملة ولا أي أفق ينتظمها؟!
وبحسبة بسيطة يا أعزائي القراء، لو أن هناك معلمة خبرتها خمسة عشر عاما من الامتياز والتميز؛ فإنها تكفيها ثلاث إجازات أمومة لتصل إلى تقدير جيد، ثم مرضي، لتفقد حقها في الزيادة السنوية وأي مكافآت، أما الولادة الرابعة فتعني أن تكون المعلمة تحت (الخط الأحمر)..وما هي الفلسفة في ذلك؟يتناقض هذا التعميم مع كل قوانين العمل والعمال التي نعرفها، ، فما من إجازة مرضية (في لائحة العمل السعودية) تنزل تقدير الموظف، ولا تؤثر في راتبه ما لم تتجاوز تسعين يوما، وهذا ما لا تتوفر عليه إجازة الأمومة التي تتقلص كل عام لدينا وحدنا، من دون تمييز لأهمية هذا الحدث الذي تمنحه كثير من دول العالم المتحضر الاهتمام اللائق، بحيث تجعل من حق أحد الوالدين أخذ إجازات بأجزاء من الراتب أو بدون، تصل إلى سنة وسنتين (لكل طفل) من دون أن يفقد مكانه في عمله. وأيضا هذا يناقض قوانين العمل والعمال من جهة أخرى، إذ يفترض أن المدرسة مؤسسة قائمة على العمل الجماعي، المكون من شبكة موظفين، وليس من موظف فرد، فموقع الموظف ومهمته مستقلان عن ظروفه الشخصية، وهذا ما يبرر توظيف المعلمات اليوم بالعقود نيابة عن المعلمات المتغيبات في إجازات مرضية، وإذن فالموظف يغيب أو حتى يستقيل من دون أن تتأثر مهمته في المؤسسة. فما معنى تأثر المنهج بغياب المعلمة السعودية في أمومتها الأقصر في العالم بأسره؟ ويبقى المعلم الرجل بمنأى عن كل هذه التعاميم العجيبة، ومزيدا من التمييز ضد المرأة العاملة، ومرحى يا وزارة التربية والتعليم.
وما المطلوب أخيرا؟ فهمنا أن المعلمة العاقلة لن تتزوج، أو لن تنجب إن تورطت في زواج، لكن ماذا إن حصل المحظور وحملت رغم كل الاحتياطات؟(منقول بتصرف)
|