الأخ جمراوي
أولا /الشيخ عبدالعزيز الراجحي من أعلام هذا الزمان وسيرته معلومه بين أهل العلم بل إن أهل العلم يتسابقون لكي يقدم لمؤلفاتهم فهو بحق إمام حفظه الله ويعتد أهل العلم بقوله , وقد لازم شيخه ابن باز اكثرمن ثلاثين سنة وتعلم منه الكثير في الفقه والعقيدة بل ان كثيرين يقولون كأنه ابن باز اذا شرح العقيدة حفظه الله وأطال في عمره على الطاعة ومتعنا بعلمه .
ثانياً / نقلت عن العثيمين ترجيحه للقول الاول وقد وافاني احد الاحبه ببحث قيم في المسألة وذكر فيه فتاوى العثيمين وانه لايجيز الشركات المختلطة وهذه الفتاوى
الفتوى الأولى :
سئل – رحمه الله – عمن يشتري الأسهم ولا يريد الاتجار بها ، لكنه يساهم قبل التخصيص من أجل انتظار ارتفاع أسعارها .
فما رأيكم جزاكم الله خيراً ؟
الجواب :
( لابد من معرفة نوع الأسهم المراد شراؤها ، فإذا كانت أسهم بنوك ، فهي محرمة مطلقاً ، ولا يجوز لأحد أن يساهم فيها ، وأما غيرها من المساهمات فالأصل الحل ، إلى أن يقوم الدليل على أن هذه المساهمة حرام .
ومن المحرم في المساهمة أن تكون الشركة تتعامل بالربا وإن كان أصلها ليس بربوي ، مثل : أن تودع أموالها في البنوك وتأخذ عليها ربا ، أو أن تأخذ من البنوك وتدفع الربا ، فتكون عندئذٍ آكلة للربا وموكلة له ، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم ( آكل الربا وموكله ) .
فإذا علم المساهم أن الشركة تتعامل مع البنوك هذه المعاملة التي وصفت ، وقبض الربح وعلم مقدار النسبة الربوية ، فعليه إخراجها تخلصاً منها ، وإذا لم يعلم مقدار النسبة فعليه أن يتصدق بنصف الربح احتياطاً لا له ولا عليه .
فهذه هي القاعدة في المساهمات ، وهي تتلخص فيما يأتي :
أولاً : المساهمة في البنوك حرام بدون تفصيل .
ثانياً : المساهمة في غيرها ، الأصل فيها الحل ، إلا إذا علمت أنها تتعامل مع البنوك معاملة ربوية ، فإنه لا يجوز الاشتراك فيها ، وإذا كنت قد تورطت فأخرج نسبة الربا من الربح الذي أعطيته ، وإن لم تعلم النسبة فأخرج نصف الربح .
هذه هي خلاصة القول في المساهمات .أما كون الإنسان يساهم قبل التخصيص من أجل انتظار ارتفاع الأسعار ، فهذا لا بأس به ، لأنه يريد الاتجار بالسهم )). انتهـى.
ففي هذه الفتوى أكد الشيخ – رحمه الله – على تحريم المساهمة في الشركات المحرمة ولو كان إنشاؤها لغرض مباح ، وأكد أن مجرد تعامل الشركة مع البنوك معاملة محرمة فهذا كافٍ لجعل أسهم هذه الشركة حرام ، كما أكد في الشق الآخر على جواز المضاربة في الشركات ولو لم يقصد الاستثمار مع مراعاة الابتعاد عن المحرمات .
الفتوى الثانية :
وسئل – رحمه الله - : ما الحكم الشرعي في أسهم الشركات المتداولة في الأسواق ؟ وهل تجوز المتاجرة فيها ؟
الجواب :
لا أستطيع أن أجيب عن هذا السؤال ؛ لأن الشركات الموجودة في الأسواق تختلف في معاملاتها بالربا ، فإذا علمت أن هذه الشركة تتعامل بالربا ، وتوزع أرباح الربا على المساهمين ، فإنه لا يجوز الاشتراك فيها ، وإن كنت قد اشتركت ثم عرفت بعد ذلك أنها تتعامل بالربا ، فإنك تذهب إلى الإدارة وتطلب فك اشتراكك ، فإن لم تتمكن فإنك تبقى على الشركة ، ثم قدمت لك الأرباح ، وكان الكشف قد بين فيه موارد تلك الأرباح ، فإنك تأخذ الأرباح الحلال ، وتتصدق بالأرباح الحرام تخلصاً منها ، وإن كنت لا تعلم بذلك ، فإن الاحتياط أن تتصدق بنصف الربح تخلصاً منه ، والباقي لك ، لأن هذا ما في استطاعتك ، وقد قال تعالى : (( فاتقوا الله ما استطعتم )) . انتهـى.
وهنا أكد الشيخ أن مجرد معرفة أن هذه الشركة تتعامل بالربا يحرم التعامل معها ، بل ولابد عنده من فك الاشتراك ، فإذا عجزت فأخرج النسبة المحرمة ، وهنا أوجب الشيخ الخروج من هذه المساهمات ، والخروج الآن سهل ، لأن البيع والشراء متوفر عبر شاشات التداول .
الفتوى الثالثة :
وسئل أيضاً بما نصه : ما حكم المساهمة مع الشركات ؟.
فأجاب رحمه الله :
وضع الأسهم في الشركات فيه نظر ، لأننا سمعنا أنهم يضعون فلوسهم لدى بنوك أجنبية أو شبه أجنبية ، ويأخذون عليها أرباحاً ، وهذا من الربا ، فإن صح ذلك فإن وضع الأسهم فيها حرام ومن كبائر الذنوب ، لأن الربا من أعظم الكبائر ، أما إن كانت خالية من هذا فإن وضع الأسهم فيها حلال إذا لم يكن هناك محذور شرعي آخر )) انتهـى.
الفتوى الرابعة :
وقال حول أن تكون المساهمات في شركات لم تنشأ للربا أصلاً ، ولكن ربما يدخل في بعض معاملاتها مثل : شركة صافولا ونحوها مما وقع السؤال عنه ، فهذه الأصل فيها : جواز المساهمة لكن إذا غلب على الظن أن في بعض معاملاتها رباً فإن الورع هجرها وترك المساهمة فيها لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام )) .
فإن كان قد تورط فيها أو أبى أن يسلك سبيل الورع فساهم فإنه إذا أخذ الأرباح وعلم مقدار الربا وجب عليه التخلص منه بصرفه في أعمال خيرية من دفع حاجة فقير أو غير ذلك ، ولا ينوي بذلك التقرب إلى الله بالصدقة بها لأن الله طيب لا يقبل إلا طيباً ، ولأن ذلك لا يبرئ ذمته من إثمها ، ولكن ينوي بذلك التخلص منها ليسلم من إثمها لأنه لا سبيل له للتخلص منها إلا بذلك . وإن لم يعلم مقدار الربا فإنه يتخلص منه بصرف نصف الربح )) انتهـى.
وفي هذه الفتوى التي فرح بها المجيزون وشرقوا بها وغربوا لأنهم فهموا منها الجواز فجعلوها عمدتهم وأهملوا غيرها من فتاوى الشيخ الصريحة ومع ذلك فهي ليست حجة لهم ، بل هي عليهم . وكان يجب عليهم ما يلي :
أ- أن يفهموا منهج الشيخ الذي عرف بدقة ألفاظه وعباراته حيث قال في هذه الفتوى : بأن المساهم إذا ساهم في هذه الشركات وكان يغلب على ظنه أن فيها ربا ، فيفهم من هذا أنه لو كان متيقناً أن فيها رباً فعليه عدم الدخول .
ب- عندما طلب الشيخ من المساهم إخراج النسبة المحرمة بعد علمه بها ، هل قال له استمر في المساهمة ؟ الصحيح لا .
وهنا الفرق بين فتوى الشيخ وفتاوى من زعموا أنهم مقلديه ، فالشيخ طلب إخراج النسبة المحرمة وفك الاشتراك والتخلص من هذه المساهمة نهائياً ، وهم يقولون يخرج النسبة المحرمة ، ويستمر في أكل الربا ولا إثم عليه بل الإثم على مباشري الربا فقط .
الترجيح :
الذي يترجح لدي – والله أعلم – أن الشيخ – رحمه الله – يميل إلى التحريم لما يلي :
1- أن الفتاوى التي يذهب فيها إلى التحريم واضحة ، وبخاصة رقم (1)،(2)،(3) .
2- الفتوى التي فهم منها البعض الجواز لها عدة احتمالات ذكرتها فيما سبق ، مع أن الاحتمال الأقرب أنه رجع عنها بدليل أنها كتبت بتاريخ 21/4/1412هـ ، والمتأخر هو المقدم .
3- الشيخ عرف بعدم تساهله في أمر الربا ، بل حرم على المسلم العمل بالمؤسسات الربوية حتى لو كان سائقاً أو حارساً ، فكيف إذاً يظن به أن يجيز المحرم الصريح والربا الواضح ؟
4- أن الشيخ – رحمه الله – يمنع من كل تعامل يؤول عن طريق التحايل إلى الربا ، كمنعه – رحمه الله – بيع المرابحة للآمر بالشراء ، وما جوز بيع التورق إلا للحاجة ، فإذا كان – رحمه الله – يمنع التحايل إلى ما يؤول إلى الربا ، فكيف يجيز الدخول في شركات تتعامل بالربا صراحة ؟
5- للشيخ أقوال كثيرة في التحريم ، فكيف يليق بباحث أن يأخذ قولاً يتيماً ويروج له ، ويجعله مستنده في الإباحة للأسهم المختلطة ضارباً عرض الحائط بالأقوال الأخرى للمصدر نفسه ؟
6- لم يعرف عن الشيخ – رحمه الله – أنه قال ولو لمرة واحدة أخرجوا النسبة المحرمة ثم استمروا في هذه الشركات ، بل القول في التطهير قول محدث لم يدعُ إليه الشيخ – رحمه الله – فنسبته إلى الشيخ خطأ فادح ، فعلى من نسبه إليه أن يستغفر ويتوب ، والله أعلم .
وإني لأسأل بعد هذا التوضيح : هل عند المجيزين المعتمدين على قول الشيخ فقط استعداد للتراجع عن رأيهم بعد أن اتضح لهم بأن الأقرب أن الشيخ يميل إلى التحريم أو على الأقل له أكثر من قول ؟!
انتهى المبحث بارك الله في كاتبه ورحم الله العلاّمة محمد بن صالح العثيمين
|