،
كيف يأتي نصر الله ؟
يقول الشيخ : فمن المتفق عليه دون خلاف ولله الحمد بين المسلمين أن معنى ( إن تنصروا الله ( أي : إن عملتم بما أمركم به : نصركم الله على أعدائكم.
ومن أهم النصوص المؤيدة لهذا المعنى مما يناسب واقعنا الذي نعيشه تماما حيث وصف الدواء والعلاج معاً قوله صلى الله عليه وسلم : (إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لاينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) [ وهو مخرج في( سلسلة الأحاديث الصحيحة )
أما سبب ( مرض ) المسلمين فيقول الشيخ :
العلة كما جاء في هذا الحديث الصحيح هي إهمالهم العمل بأحكام الدين كتابا وسنة.
فقوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا تبايعتم بالعينة ) إشارة إلى نوع من المعاملات الربوية ذات التحايل على الشرع
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وأخذتم أذناب البقر ) إشارة إلى الاهتمام بأمور الدنيا والركون إليها وعدم الاهتمام بالشريعة وأحكامها،ومثله قوله صلى الله عليه وسلم : ( ورضيتم بالزرع ).
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( وتركتم الجهاد ) هو ثمرة الخلود إلى الدنيا كما في قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثاقلتم إلى الأرض أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل ( [ التوبة : 3 ]
وقوله صلى الله عليه وسلم : ( . . . سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم ) فيه إشارة صريحة إلى أن الدين الذي يجب الرجوع إليه هو الذي ذكره الله عز وجل في أكثر من آية كريمة كمثل قوله سبحانه : (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضت لكم الإسلام دينا ( [ آل عمران : 1 ]
وفي تعليق الإمام مالك المشهور على هذه الآية ما يبين المراد حيث قال رحمه الله : ( وما لم يكن يومئذ ديناً فلا يكون اليوم ديناً ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها )
أما سبب سبب سوء الواقع الذي يعيشه المسلمون اليوم فيقول الشيخ:
هو بعدهم عن الفهم الصحيح للإسلام فيما يجب على كل فرد وليس فيما يجب على بعض الأفراد فقط ، فالواجب : تصحيح العقيدة وتصحيح العبادة وتصحيح السلوك
فلذلك يجب الاعتدال بدعوة المسلمين إلى معرفة ( فقه الواقع ) وعدم إغراقهم بأخبار السياسة وتحليلات مفكري الغرب وإنما الواجب دائماً وأبداً الدندنة حول تصفية الإسلام مما علق به من شوائب ثم تربية المسلمين : جماعات وأفرادا على هذا الإسلام المصفى وربطهم بمنهج الدعوة الأصيل : الكتاب والسنة بفهم سلف الأمة .
ومن الواجب على العلماء أيضا وعلى مختلف اختصاصاتهم فضلا عن بقية الأمة أن يكونوا ممتثلين قول نبيهم صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد . . . ) [ مخرج في ( الصيحة ) ( 1083 ]
ولا يتحقق هذاالمثل النبوي العظيم بمعناه الرائع الجميل إلا بتعاون العلماء مع أفراد المجتمع تعليماً وتعلماً دعوةً وتطبيقاً .
انتهى بتصرف يسير من كتاب : سؤال و جواب حول فقه الواقع للعلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني.
،
|