د.الحضيف يتحدث عن العنف بين المباحث و شباب الجهاد
منقووووووووووووووووووووووووول
لم يكتو أحد بنار (العنف) كما اكتويت ..! فقدت زهرة قلبي ، و فجعتني (قبضة) العنف يوم اجتثت قسيم أحلام الطفولة.. و عبثها .. و براءتها . اغتالت آمالي .. و حزت عضدا ، طالما اتكأت عليه. فأنا منذ رحل(عبدالله) .. فؤادي هواء ..!!
حيثما التفت .. وجهه أمامي ، و صوته في أذني ..
أراه في عيون أطفاله .. في الحبر الذي أسكبه ، و قد صار بلا معنى بدونه ..!
في الكلام الذي أقوله .. و قد غدا بلا روح .. بعد أن غيبه العنف في (غيابته) ..!
و أسمعه في (عويل) قلبي المفجوع .. !
كيف (أهرب) منه .. و الشجى يبعث الشجى ..؟
كيف يهرب الإنسان من رائحة (الموت) إذ يغتال الأحلام ..
و يصادر الفرحة من عيون الأطفال ..؟!
و يوقفه على شفير المجهول .. و (التطرف) ..؟!
لم يعان أحد من (عنف) الأجهزة الأمنية .. مثلما عانينا ..!
أنا .. والدي .. إخواني ..
مارست تلك (الأجهزة) ضدنا صنوف الأذى و الإذلال النفسي والجسدي ..
و عانت أسرنا ، و أطفالنا .. تشتتا ، و ندوباً نفسية عميقة .. لم تبرح آثارها بعد ..!
تجربتنا مع الأجهزة الأمنية ، كانت استخداما مفرطا للعنف الجسدي والنفسي .. و معاملة قاسينا منها طويلا ..
و مازلنا (نصارع) تداعياتها ..!
أكره دائما.. أن أعود إلى تلك (الصفحات) من (كتاب) علاقتي بالمؤسسة الأمنية في بلدي ..! أكره ان أطل بعين (ذاكرتي) على ذلك (القاع) المملوء (عنفا) و وجعا ..
وممارسات شرخت الإنسان في داخلي ، و طال توحشها أفراد أسرتي ..!
ممارسات .. صرختُ طويلا محذرا من عواقبها ..!
لماذا أعود إليها إذن ..؟! لماذا أنكأ الجروح ..؟
لماذا أعود للصفحات .. و للقاع ، فأطلع على ممارسات (استلبت) معنى الإنسان ..؟!
أعود بعد أن تصاعدت وتيرة العنف في بلدي ..
جاءت حادثة استراحة الشفاء ، ثم الحادث الذي وقع في حي المصيف ، ليقرع اجراسا في ( قلوب ) الغيورين على هذا البلد ، قبل اسماعهم : اننا امام ممارسات غير مسبوقة ..!
لم نعتد ان تكون لغة الحوار بيننا .. هي لغة ( الرصاص ) ..!
مهما كانت الدوافع ، فان اطلاق النار.. بحجة ( الدفاع ) عن النفس .. نذير شر ..!!
ليس هناك مبررا ان تزهق روح ، او ان تسيل دماء ابناء المجتمع الواحد..المسلم ، مواطنا ، او رجل امن.. بغير وجه حق ..!
لقد تكررت حوادث العنف ، التي لا تصنف ضمن الأعمال (الإجرامية) التقليدية .. ! من نوع تلك المواجهات التي تدخل في مفهوم (العنف السياسي) . و هي تحديداً مواجهات بين جهاز المباحث ، و بين شباب الجهاد .
أريد أن أقرر ابتداء أن العنف كريه .. و أنه مرفوض أياً كان مصدره .
و أريد أن أؤكد أن أي تبرير يسوغ اللجوء إلى العنف ، في حال التباين و الاختلاف .. إنما هو تبرير يمنح (كل طرف) شرعية اللجوء للعنف .
إن سياسة (الضرب بيد من حديد) على المخالفين تجد لها (تسويغاً) شرعياً بالرد المضاد .. و من جنس العمل .. !
كما أن شعارات (الإقصاء) ، و فتاوى (التكفير) ، و إهدار دم المخالف تثير الرعب ، ليس لدى الجهات الرسمية ، و المؤسسات الأمنية فقط ، بل لدى عموم الناس ..!
لماذا العنف كريه و مرفوض .. ؟
لأن العنف (دوامة) مخيفة لا تتوقف .. تأكل الأخضر و اليابس ..!
إن عملية الإصلاح ، و التغيير الحضاري ، تتطلب وضعاً مستقراً ، يسمح للصوت العاقل أن يستمع له ، بعيداً عن ضجيج المآرب الفردية،و الأهداف الخاصة ، التي تتستر بالفوضى ،التي يصنعها العنف ..
فكم من (هوى) فردي .. ركب مطية العنف .. و ذهب ضحيته أبرياء .؟!
إن العنف الذي قد يمارسه أفراد من الأجهزة الأمنية ، ليس مسوّغاً أن يجعل البعض (العنف) منهجاً و أسلوبا في التعامل .
لقد قلت يوماً (لأحدهم) ، حينما أعاد إلى ذهني (تجربة السجن) ومعاناتها : إننا حملة رسالة ، لا وجود لـ(عقلية الثأر) ، و نزعة الانتقام في أدبياتنا .
إنني إذا كنت سأمارس (عنفاً ) ضد (الجهاز) الذي عمد إلى إيقاع (عنف) من أي نوع بي .. فإنني لا أحمل (رسالة) من أي نوع ، و لا أختلف عنه ، في كونه (أداة قمع) .. !
إنه من خلال القراءة العميقة .. و المحايدة ، لنمو ظاهرة العنف السياسي في بلدنا ، نستطيع أن نتلمس عدداً من الأسباب :
ـ أن سيطرة الهاجس الأمني على سلوك (المؤسسة الامنية) ، في تعاملها مع الشباب ، الذين يتبنون نزعة جهادية ، يوتر العلاقة بين الشباب ، و أفراد المباحث ..!
- رأيت اثناء - التجربة الماضية – كيف أن الإفراط في استخدام العنف ضد (الموقوفين) ، في قضايا تافهة ، مثل توزيع منشورات، أو إلقاء كلمة .. في محفل عام أو خاص .. ساهم في تحويلهم إلى (متطرفين) .. !
- يؤدي بطء الإجراءات (القضائية) إلى إطالة أمد الفترة التي يقضيها الشاب رهن الاعتقال ، مع حرمانه من رؤيةأهله ، و كثير من حقوقه .. إلى تعميق الكراهية للأجهزة الأمنية .. و السلطة القضائية . هذا الوضع يجعله تلقائياً مهيأ لتيارات الفكر (التكفيري) .. !
- أدت ممارسات الأجهزة الأمنية ، التي لا تخلو من انتهاكات لحقوق الإنسان ، إلى تشكل (صورة ذهنية) مخيفة عنها ، يجعل اللجوء إلى العنف ، حلاً مثالياً في نظر الشباب ، للإفلات من قبضتهم .. و عدم التعرض للابتلاء و التعذيب ..!
- فقد الشباب ثقتهم في حياد القضاء ، بسبب غياب الإجراءات التي تكفل للمتهم حقه في الدفاع عن نفسه . كما إن اختلاط الفكري بالأمني ، خلق حالاً من الغموض و الضبابية ، لا يمكن فيها للمتهم أن يحكم على (شفافية) الحكم و (عدالته) .. !
إن الحالة (الجزائرية) المخيفة ماثلة أمامي . إني و إن كنت أؤمن إيمانا جازما أن بعض الجهات ، في المؤسسة العسكرية هناك ، ضالعة بشكل رئيس في الممارسات الإجرامية ، و حمام الدم الذي يجري هناك .. إلا أن بعض التجاوزات لبعض شباب الجهاد ، استخدمت ذريعة لإطالة أمد الاحتراب المخيف ،الذي دمر ذلك المجتمع العربي المسلم ، و أراق دماء بريئة .
لا اظن (عاقلا) في هذا البلد ، مهما ادعى (الإخلاص) ..أو زعم (التقوى) ، يقبل أن تنتقل (الحالة الجزائرية) إلينا ..!
أتمنى أن نفكر .. جميعنا ، أن ما نحتاجه هو الخوف من الله أولا ، أن يكون أحدنا مسؤولا عن إضرام شرارة الفتنة ، و نار الاحتراب الداخلي ..
كما أتمنى أن ندرك .. جميعنا ، أن مجتمعا بلا أمن ، لايستقيم فيه الأمر لفرد .. و لا لسلطة ..!
إن نشر الخير ، و الدعوة إليه بالحسنى ، يحتاج (أمنا) ،ليقول (الداعي) كلمته ، و يستمع (المدعو) ..!
كما أن استتباب (الأمن) ، يتطلب أن تكون السلطة قادرة على زرع الثقة، من خلال التعامل الهادئ ، و بالطرق الشرعية ، و الاحترام المتبادل .. مهما كانت درجة الاختلاف ..!
لم تكن (قوة) الأجهزة الأمنية يوما .. بديلا عن الشعور بالأمن داخل النفوس ، و بالتالي المحافظة عليه ..!
و لم يكن العنف يوما .. أسلوبا صحيحا لنشر (الكلمةالطيبة) .. أو الدعوة إلى الخير .
بل إنه من السنن الثابتة أن الدعوة كثيرا ما يساء فهمها.. و لا تتمكن إلا من خلال (المجاهدة) ، و الابتلاء .. والصبر على الأذى .. من اي جهة صدر ..!
أسأل الله أن يحفظنا جميعا .. و أن يرينا الحق حقا ويرزقنا اتباعه ..
إنه ولي ذلك و القادر عليه .
د. محمد الحضيف
من موقع الوسطية
__________________
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يزال الجهاد حلوا خضرا ما قطر القطر من السماء ، وسيأتي على الناس زمان يقول فيه قراء فيهم : ليس هذا بزمان جهاد ، فمن أدرك ذلك الزمان ، فنِعم زمان جهاد ) ، قالوا : يا رسول الله أو أحد يقول ذلك ؟! ، قال : ( نعم .. من لعنه الله وملائكته والناس أجمعون ) . رواه ابن عساكر
==============================
والداي شعاع نفــع الله بكما الأسلام والمسلميـــن ...........
وبأذن الباري أني ســوف أدعوا لكما بظهر الغيب وأتمنى أن يُقبـــل الدعاء
|