أصبحت الكرة مادة أساسية في حياة الكثير من الناس
وبدلاً أن تكون مسّلية فقد خرجت من المباح إلى الواجب أو إلى الفرض في اهتمام الكثيرين
وكان ملفتاً انتشار الهوس بكرة القدم في بلاد المسلمين في العقود الماضية التي ظهر فيها ضعف المسلمين بوضوح وتمكن أعداء الإسلام من التحكم في حياة المسلمين عبر تغيير وتبديل شرع الله بقوانين أجنبية غربية وتغيير وتبديل أنماط الحياة الفكرية والثقافية والعادات والتقاليد العربية والإسلامية بأخرى غربية
ومن الملفت أن شباب المسلمين يحفظون أسماء اللاعبين الأجانب ولا يحفظون أسماء صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم !
وقد أنفق المسلمون أموالاً طائلة على كرة القدم بدلاً من إنفاقها في سبيل الله ، وفى الإنفاق على العلماء والبحث العلمي !
وبينما تعانى بلاد إسلامية من مشاكل اقتصادية خانقة جعلت الفقر عنواناً لحياة الكثيريين من الشعب كان البذخ والإسراف في كرة القدم ولم يستثن هوس الكرة دولة عربية أو إسلاميه !!
والعجيب أن أي فوز في أي مباراة للعرب المسلمين لا يحقق لهم قوة مطلقاً أو مجداً بين الأمم لذلك كان ملفتاً مقولة اليهودي الصهيوني موشى ديان عندما سخر من مصر في هزيمة 76 وقال " أنهم شعب يتغذى كورة"
نعم فبينما كان العدو الصهيوني اليهودي يدعم قوته العسكرية الغاشمة في احتلال فلسطين كانت مصر تدعم كرة القدم ؟
ولذلك يبقى ملفتاً أن أكبر عدوين احتلا بلاد المسلمين اليهود والأمريكان لا ينتشر هوس كرة القدم عندهما فهما اهتما ببناء قوتهم العسكرية والاقتصادية وتفوقا على العرب الذين اهتموا ببناء فرق كرة القدم؟
وعقب فوز المنتخب المصري ببطولة الكرة الإفريقية خرجت الجماهير المصرية إلي الشوارع في موجة انفعال هستيرية فرحة بالنصر وتفاعلت معها الشعوب العربية تهنىْ بالانتصار في الوقت الذي فشل فيه العرب جميعاً في أكثر من 22 دولة عربية محيطة بالعدو الصهيوني أن يخترقوا حصاره حول غزة لإطعام إخوانهم وإنقاذ المرضى فضلاً عن نصرتهم بقيامهم بالفرض الشرعي بجهاد المحتل وطرده .
البعض يقول أن الشعوب تبحث عن أي نصر في ظل الإحباط المتوالي نتيجة الفقر والقهر و ضعف وانهزام الأنظمة في العالم الإسلامي أمام طغيان الغرب واليهود.!
هذا التحليل يبرز بوضوح الكبت الذي يعيشه الناس و أن الاستبداد جعل التنفيس عن المشاعر في الكرة فقط لكن ما يجب أبداً أن تسرق الكرة مشاعر الفرح بالنصر من المسلمين بهذه الطريقة ثم بعد هذا الفوز هل أكل الجائع واطمئن الخائف وانتصرنا على عدونا ؟
أبدا ًً
فالمسلم فرحه الحقيقي برضا الله و بالنصر على أعداء الله هذا هو المقام العالي للفرح، و يفرح بتفوق المسلمين في الانجازات التقنية والصناعية والعلمية فكل تفوق للمسلمين في كافة المجالات هو تفوق ونصر للمنهج الإسلامي الذي ربى وهدى وعلم ووفق هؤلاء المجتهدين والمسلم يفرح في قمع المبتدعة ونصر السنة وهداية الضالين ونشر دعوة الإسلام بالنموذج الإسلامي الحكيم كل هذه انتصارات تحقق تفوق للمسلمين في موازين القوى أمام أعدائهم والمسلمون مشاعرهم دائما طوال التاريخ بالفرح بالنصر لم تكن أبدا في اللهو أو المباح
وعندما انشغل وفرح المسلمون باللهو ضاعت منهم الأندلس وسلب منهم المجد.
ربما يقول معترض أن الفائزين في الكرة مسلمين يسجدون لله عند النصر وأنا لا انتقد اللاعبين ولكن الفهم الإسلامي أعمق من ذلك للآتي :
1- أن من أعلى أهداف العقيدة الإسلامية هي ترسيخ الولاء بين المؤمنين والبراء من الكافرين ومنظومة كرة القدم تهدف إلي سلب تلك القيمة العالية من اللاعبين.
2-الإسلام جعل فرح المسلم الأول بطاعة ربه وان كان لم يمنع فرحه بأي فوز مباح في الدنيا ولكن هل يعقل ذلك الفرح الطاغي وبلاد المسلمين محتلة في العراق وأفغانستان والشيشان والصومال وكشمير وفلسطين التي بها ثالث الحرمين المسجد الأقصى أسير بين يدي اليهود وكل يوم تراق دماء المسلمين الطاهرة من أجل دفاعهم عن بلادهم وهى دماء عزيزة عند الله .
3- ولا يخفى الحرب على الإسلام في كل مكان وهى حرب متنوعة توجب الغضب لله والحزن على ما حدث في بلاد المسلمين
وتبديل شرع الله بقوانين البشر الوضعية ونشر المنكرات في كل بلاد المسلمين
ولا يفوتنا هنا أن نذكر القائد الناصر صلاح الدين حين سأل لم لا تبتسم قال كيف أبتسم والأقصى أسير
4-على مدى تاريخ الإسلام لم يخرج المسلمون من بيوتهم رجالا ونساء وأطفالا وشيوخاً إلا دفاعاً عن بلادهم ودينهم حيث أجاز الشرع في جهاد الدفع خروج الولد بدون إذن والديه والمرأة بدون إذن زوجها هكذا صنع تاريخ العز والمجد للمسلمين ؟
أما أن يخرجوا من بيوتهم فرحين في هوس بالكرة الآن وبلاد المسلمين مستباحة لأعداء الله ومقدساتهم فهو دليل على الهوان والغفلة الشديدة وهو مخطط مدروس نفذه أعداء الإسلام بدقة في بلاد المسلمين حيث بدلوا الولاء والبراء من الإسلام وأعدائه إلي فرق الكرة ومن الفرح بالنصر على الأعداء والفرح بانتشار الإسلام إلى الفرح بالنصر في مباراة كرة
وأخيراً الفرح شعور إنساني جميل نعم نفرح بالفوز في الكرة وفى كل رياضة طالما فيما لا يغضب الله وأنا فرحت بالفوز ولكن لا أقبل أبدا سرقة هذا الشعور الطاغي من الفرح بعقولنا وما تبدعه من خير للأمة وسواعدنا وما تحققه من مجد إلى أقدامنا هو نزول مهين بالمسلمين وسرقة علنية لمشاعر خير أمة أخرجت للناس.
من موقع مصري :
ممدوح اسماعيل محام وكاتب