ومن صور المجاهرة بالمعاصي التي ابتلي بها بعض المسلمين :
• التخلف عن الصلاة مع الجماعة – مع القدرة عليها – فتجد أحدهم يدخل منزله والصلاة تقام فلا يلقي لها بالاً ولا يكترث ولا يسهتم بها وكأن النداء فيها لغيره من الناس و الأدهى من ذلك والأمر أن يمارس البعض مهنته من بيع أو شراء أو نحو ذلك في أثناء إقامة المسلمين لهذه الشعيرة العظيمة ولا حول ولا قوة إلا بالله . في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أخالف إلى منازل قوم لا يشهدون الصلاة فأحرق عليهم بيوتهم )) [ رواه البخاري ومسلم ] .
• ومن صور المجاهرة الدعوة إلى المعاصي والكبائر والإعلان عنها وإذاعتها كما يحصل ذلك في الإعلان عن تجارة ربوية أو المساهمة في بنك يتعامل بالربا أو مبيعات محرمة أو الدعوة إلى مشاهدة عروض غنائية أو حفلات مشتملة على الأغاني والموسيقى والطبول والمعازف ونحو ذلك .
• ومنها ما يقوم به بعض الشباب – هداهم الله- من الرفع على آلات اللهو من موسيقى أو معازف في الطرقات أو عند الإشارات أو الشواطئ وفي المنتزهات ونحو ذلك.
• ومنها ما يشاهد بين أوساط بعض الشباب المسلم من التشبه بالغرب وتقليدهم في الكلام اللباس والمركب وقصات الشعور والحركات وما شابه ذلك حتى صار بعضهم يفتخر بذلك ويتعالى به وما علم المسكين أنه بذلك دخل جحر الضب من أضيق أبوابه .. فعن أبي سعيد رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( لتتبعن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا في جحر ضب لا تبعتموهم قلنا يا رسول الله اليهود والنصارى؟ قال فمن !!)) [ رواه البخاري ومسلم ] .
• ومنها قيام بعض الكتاب والصحفيين والممثلين ومن على شاكلتهم بكتابة مقالات أو تحقيقات – إن صح التعبير – تخالف شرع الله وتناوئ دينه كالكلام في ذات الرب تعالى وتقدس أو سب الدين أو الرسول المعصوم صلى الله عليه وسلم أو الدعوة إلى مخالفة الكتاب والسنة كالدعوة إلى خروج المرأة وتحررها وخلعها جلباب حيائها وسترها وكالحديث عن حجاب المرأة على وجه التندر والسخرية أو الاستهزاء باللحية أو بتقصير الثوب أو بالسواك أو التهكم بالصالحين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر أو بالقضاة والمشايخ وطلبة العلم ونحو ذلك من صور وأشكال الاستهزاء الذي قد يصل بصاحبه إلى الكفر فلقد كفر الله تبارك وتعالى قوماً – جاهدوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم وشهدوا بعض الغزوات مع المسلمين – حينما قالوا كلاما ( انظر كشف الشبهات ص 32) هو أهون بكثير مما يفعله أو يقوله بعض الفسقة الماردين عبر بعض وسائل الإعلام المسموعة أو المرئية أو المقروءة .
• ومنها ما تقوم به بعض النساء – هداهن الله – من التبرج كالسفور عن الوجه كله أو وضع اللثام أو النقاب والبرقع بشكل ملفت للأنظار ، والخروج إلى الشوارع والطرقات والأسواق – لحاجة أحياناً ولغير حاجة أحايين – مع ما قد يصاحب ذلك من التعطر والتزين والتخنع والتميع ..
• ومنها أن يتحدث المرء أمام الملأ بما ستر الله عليه من معاص ٍ وآثام فيمسي وقد ستر الله عليه ثم يصبح مجاهراً مفتخراً بمعصيته كما جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (( .. وإن من المجاهرة أن يعمل الرجل بالليل عملاً ثم يصبح وقد ستره الله فيقول يا فلان عملت البارحة كذا وكذا وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه )) [رواه البخاري ومسلم ] .
• ولعل من أبرز ما يشاهد الآن من أنواع المجاهرة بالمعاصي ما يقوم به بعض المسلمين – هداهم الله – من وضع أجهزة استقبال القنوات الفضائية في سطوح المنازل وعلى الأسوار وفي الاستراحات والفنادق ونحوها حيث يستقبل فيها ما تبثه تلك القنوات برمته خيره وشره – إن كان فيه خير – يفعل كل ذلك بعد صدور الفتاوى الموثقة بأدلة الوحيين من قبل علماء الإسلام الأعلام وكأن لسان حال واضع هذه الأجهزة وهو يضعها في أعلى مكان مجاهراً بذلك غير مستحي ولا متورع – كأن لسان حاله – يقول : ها قد فعلت هذه المعصية فليرض من يرضى وليسخط من يسخط .
وإلى كل أولئك نقول توبوا إلى الله واستغفروه وأنيبوا إليه واعلموا أن ربكم رؤوف رحيم يقبل التوبة عن عبادة ويغفر السيئات ويتجاوز عن الخطيئات { وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [النور : 31] .
ثم إنه من قارف الذنب ووقع في المعصية ثم استتر بستر الله ولم يتبجح ويجاهر بها كان ذلك أدعى إلى التوبة وأرجى للإقلاع عن المعصية والندم على فعلها وعدم العودة إليها ومن ذلك ما جاء عن زيد بن أسلم : أن رجلاً اعترف على نفسه بالزنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (( أيها الناس قد آن لكم أن تنتهوا عن حدود الله ما أصاب من هذه القاذورات شيئاً فليستتر بستر الله .. )) [ رواه مالك] .
وفي الصحيحين عن محرز المازني – رحمه الله – قال : بينما أنا أمشي مع ابن عمر – رضي الله عنهما – آخذ بيده إذا عرض رجل فقال : كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى قال ( ابن عمر ) : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (( إن الله يدني المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره فيقول : أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا ؟ فيقول : نعم أي رب حتى إذا قرره بذنوبه ورأي في نفسه أنه هلك قال : (( سترتها عليك في الدنيا وأنا أغفرها لك اليوم فيعطي كتاب حسناته .. )) [ رواه البخاري ومسلم ] .
أسأل الله تعالى أن يهدي ضال المسلمين وأن يوفقنا لما يحب ويرضى وأن يتجاوز عنا ويغفر لنا إنه ولي ذلك والقادر عليه وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
__________________
|